|
حلم المواطنة في الشرق الاوسط
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4583 - 2014 / 9 / 23 - 10:03
المحور:
المجتمع المدني
يبدو ان الاحلام الفردية بالاخص في الشرق الاوسط المهموم، كثيرة الى حد لا يمكن تصورها، نتيجة النقص الذي يعانيه، و لم تتحقق منها حتى القليل، و مع ذلك انها في ازدياد مفرط نتيجة التطور في وسائل الاتصال و معرفة ابناءه بمستوى معيشة الغرب و بلدان المواطنة في صقاع العالم، و تتوالى تلك الاحلام مع الظروف العامة التي تتعقد من مرحلة لاخرى . ان المواطنة الحقيقية هي نتاج عمليات متعددة الاوجه، اي ثمرة دولة المواطنة نصا، و دولة المواطنة لم تؤسَس الا عند توفر تجسيد الماسسة في الحكم و ليس لمزاج الفرد اي دور في تسيير الامور العامة، كما هو حال سلطاتنا التي يكون المسؤل هو القانون و المنفذ و حالته النفسية هي المقررة و القاضية الى اقرار ما يهم الفرد او بالضد منه، و هناك تداخل و تشابك بين الظروف الشخصية من نواحيها المتعددة، اي ثقافته و مستواه العلمي و الاقتصادي و ايمانه بالقضية و خلفيته الفكرية و هنا العقيدية ايضا و التي اصبحت هي الحاسمة حتى في الامور الادارية العامة . ليس من السهل الوصول الى مرحلة تجسيد الظروف الخاصة بسيا دة المواطنة على الحياة العامة للفرد و ما يبعد الاغتراب المسبب و العامل الرئيسي في الفوضى التي يمكن ان تشوب السياسة و الادارة في اي بلد يفتقر الى ابسط مستوى للمواطنة الحقة . كيف تتوازى تجسيد المواطنة كصفة لبلد يمكن ان نسميه دولة المواطنة مع المستوى الثقافي العام المطلوب لشعبها كشرط اولي و ليس الوحيد، و هذا يمكن توفره من حاصل جمع الثقافة الفردية المتربية في بيئة تفرض الثقافة المعنية بما نتكلم بها، و يمكن ان تصبح عصارة العقل الجمعي الناتج من الثقافات الفردية المتقاربة هي الامر الحاسم، ان احس المواطن بالانتماء التام لبلده و هذا ما يدفعه الى ان يصل لحال التضحية بحياته من اجله، و يكون ذلك نتيجة ما يحمله من الثقافة و ما متوفر له من الحقوق و في المقابل ما يفرضه القانون و من ثم ضميره عليه لاداء الواجب الملقاة على عاتقه باكمل وجه . فبلداننا ليس بمقام ان نفكر بانها مقدمِة على ان نحس ان هناك اشارات في الافق تفيدنا باننا سائرون لبناء دولة المواطنة، لماذا ؟ بعد ان ذكرنا عامل الثقافة قبل السياسة و نوع ادارة البلد، يجب ان نضع امام اعيننا باننا في مرحلة لا تتسم باية ميزة دافعة نحو الانتماء، و هذه نتيجة لعدة عوامل اخرى ايضا و هي تاريخية و من مسببات الافرازات السلبية المتراكمة او المترسبة في عقليات الفرد و المجتمع و المتوارثة جيلا بعد يجل و بشكل عام، مع التعقيدات التي حصلت في العلاقات الاجتماعية، اضافة الى العامل الهام و الحاسم وهو عدم انبثاق الدول في هذه المنطقة بشكل طبيعي من رحم شعوبها و انما ولدت بعضها بعمليات قيصرية بايدي دكاترة خارجيين لم يعتمدوا على ضمان مصلحة الام و سلامتها و مستقبل المولود سلامته ، اي كان الهدف في بناء هذه الدول هو ضمان مولود يولد و يكبر ويحارب لمصلحة اخرين من اهل الدكتور الغريب و غير المنتمي الى مجتمعاتنا و لم تهمه مصالحها، و لم يكن هو ايضا من نشاة و ثقافة ارضنا، اي اليات و وسائل الولادة لم تكن محلية، اي الرسومات و الخرائط التي استندت عليها لم يكن لابناء المنطقة يد في رسمها او حتى ابداء الراي و الموقف حولها . من وجه المقارنة بين دولنا و الدول التي وصلت الى نسبة مقنعة من المواطنة لابناءها، فاننا نلمس بشكل جلي ان المواطن هناك يحس و كانه هو من شارك بولادة بلده و حتى ساعد في تربية مولوده الى حد كبير. اما نحن هنا و في هذه المنطقة لم نحس حتى بتبني البلد المولود باي شكل كان، لذلك اين تاتي الاحساس بالمواطنة في ظل مثل هذه الظروف الموضوعية، عدا الظروف الذاتية للبلد و الفرد بشكل خاص و اللذان يتحلان بصفات و يحملان من الدوافع السلبية تجاه البعض بشكل يمكن ان يتقاطعان مع البعض في نواحي عدة . ان الاحساس بالمواطنة لا يمكن ان يتم من طرف واحد، اي من الفرد و كيفما كانت سمات بلده، انه عملية متداخلة تبنى نتيجة تكاملهما اي ما يمكن ان يؤثر البلد على المواطن و العكس صحيح ايضا . اننا يجب ان ننتظر حلولا جذرية لنرى ظروفا مناسبة، و ربما تحتاج الاحساس بالمواطنة الى عمليات قيصرية تعيد كل شيء الى مكانه و تنبثق بلدان بشكل طبيعي و من عمل افراده و بشكل طوعي و من خطط و خارطة و رسم ايديهم و ليس فوقيا من قبل الاخرين . الشرق الاوسط الجديد الذي تتبناه امريكا يختلف عما نتكلم عنه نحن، ان نجحت امريكا فيما تخطط له فليس بشرط ان تكون البلدان الناشئة طبيعية المولد، و لا يُعتقد ان تضع امام ناظرها خصويات المكونات الشعبية و مصالحهم باي شكل كان الا بعد اهدافها الخاصة، لانها كما حدث من قبل انها تريد الشكل و المحتوى الذي يفيدها و يضمن لها اهدافها المستقبلية لعشرات السنين القادمة كما فعلت بريطانيا و فرنسا و ايطاليا الاستعماريين في حينه . فالمواطنة بالنسبة لابناء المنطقة يمكن ان لا تتحقق وفق ما تريده امريكا ان تمكنت من النجاح في تحقيق اهدافها الجهنمية في رسم المنطقة و ضمان مصالحها الاقتصادية و السياسية لمدة طويلة، هذا اضافة الى الظروف الذاتية لدول المنطقة و تاريخها و ما تتسم بها من المواصفات التي تبعد عنها تجسيد المواطنة الحقة، اذن الحلم بعيد ان خضعت المنطقة لمن يجبرها على السير وفق التوجهات التي تفيده،و ما تفعله امريكا في هذه المرحلة، و به تبتعد ابنائها من حلم المواطنة و بلد السلام و المؤسساتية .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خانقين دون غيرها
-
الخمول يعقد الامور اكثر
-
هل المطالبة بانبثاق دولة كوردستان، شوفينية؟
-
ما هي الحياة و كيف نفهمها
-
تركيا تلعبها على المكشوف
-
سلبية توفر الحرية لمن ينفي الحرية
-
كيف تكون اليسارية في كوردستان
-
اعتبروا من درس اسكتلندا و انكلترا يا ساسة العراق
-
تاثير الجنس على عقلية القادة الاسلاميين
-
لماذا يفرض المالكي وزيرا فاسدا على العبادي ؟
-
هل بان رد فعل ايران ازاء تحالف جدة
-
موقف تركيا من التحالف ضد داعش
-
مؤتمر باريس والاولوية السياسية بموازاة العسكرية
-
شاهدت الغريب في بلد العجائب
-
ما الحل لو لم يكن هناك البديل المناسب ؟
-
هل يمكن ان يكون العبادي منقذا لما فيه العراق ؟
-
لماذا الاخطاء المتكررة للسلطة الكوردستانية ?
-
احلال البديل المناسب اصعب من انهاء داعش
-
اين المفر من هذه المنظومات الفاسدة ؟
-
مؤتمر جدة يؤسس لمابعد داعش
المزيد.....
-
تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت
...
-
أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر
...
-
السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
-
الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم
...
-
المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي
...
-
عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع
...
-
مفوضية اللاجئين: من المتوقع عودة مليون سوري إلى بلادهم في ال
...
-
مندوب ايران بالامم المتحدة: مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري
...
-
مندوب ايران بالامم المتحدة: نطالب بانهاء الاحتلال للاراضي ال
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|