تحرير الرهائن الاتراك كيف تم؟

جليل ابراهيم الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 4583 - 2014 / 9 / 23 - 03:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

اثار موضوع اعلان اردوغان تحرير الرهائن الاتراك ال 46 لدى داعش ضمن "عملية إنقاذ سرية" نفذتها القوات الخاصة التركية تساؤلات كبيرة حول الكيفية والتوقيت.
وقبل تناول هذه التساؤلات نود ان نستذكر عملية احتجاز هؤلاء لدى داعش حيث كانوا يمثلون موظفي القنصلية التركية في الموصل وبينهم عناصر في المخابرات التركية الميت كانوا يعملون كمنسقين لجهود تركيا السرية في العراق واقليم كردستان بما فيها كركوك، وكانوا على علم بما سيحصل في الموصل واجتياح داعش لها لكنهم لم يتحركوا وان تعليمات وصلت اليهم من الحكومة للبقاء في الموصل رغم ان انباء اولى تسربت الى وسائل الاعلام عن وصول قوة من البيشمركة اليهم لانقاذهم وانقاذ الطالبات الكرديات المحاصرات لكنهم رفضوا التحرك.
الوضع في القنصلية استمر بعد وصول داعش لايام قبل الاعلان عن اخذهم الى جهة مجهولة دون تحديد، وظل ملف الرهائن طي الكتمان وبعيد عن المواقف الرسمية التركية طيلة الشهرين الماضيين ولم تعلن عنه تركيا الا عندما اضطرها التحالف الدولي ومؤتمر جدة لبيان موقفها من قرار الحرب على داعش حيث تذرعت بوجود هؤلاء الرهائن لدى داعش.
ويطغي الغموض على الموقف التركي الذي يدار بشكل ينطلق من حساسية تركيا ازاء الحركات الارهابية خوفا على وضعها الداخلي المهدد بالانفجار نتيجة تعدد ملفات الخلافات القومية والطائفية في تركيا، ولذاك اعتمدت تركيا سياسة التساهل والمراقبة ازاء نشاط تنظيم داعش وغيره على اراضيها وحدودها مع سوريا منذ انطلاق الثورة السورية بحيث تحولت تركيا الى معبر للارهابيين للوصول الى سوريا وتشكيل تنظيم جبهة النصرة وغيره الى ان حصل تمدد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق الى سوريا وابتلاعها جزء كبير من النصرة وتحولها الى داعش. ولعل تركيا طمحت في اطار التعامل مع داعش الى الحصول على تاثير كبير لها على التنظيم مما دعاها الى الابقاء على موظفيها وعناصرها المخابراتية لادارة عملياتها في العراق في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم لقيادة الوجود السني في هذه المناطق والاستمرار في احتواء وتوجيه بعض القيادات السنية التي سبق وان احتضنتها تركيا قبل دخول داعش وبالتالي ضمان مناطق نفوذ مستقبلية في المنطقة التي تضم ايضا حلفاءها الكرد من قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني وبالتالي الحد من اية تمددات لحزب العمال الكردستاني مستقبلا اضافة الى تهديد قوة كردستان سوريا الصاعدة واحتمال تشكيل اقليم كردستاني جديد على طول حدودها الجنوبية وهو ما ترغب به.
ونعود الى التساؤلات الاساسية في مقالنا هذا وهي الكيفية اولا. فالرئيس التركي رفض الافصاح عن كيفية تحرير الرهائن واكتفى بالقول أنه "لم تكن هناك أبدا مساومة من أجل المال لكن مفاوضات دبلوماسية وسياسية فقط وهذا انتصار دبلوماسي". وهي اجابة غامضة عززها بالقول ردا على سؤال بشأن احتمال أن يكون حصل تبادل لرهائن بمقاتلين من التنظيم المتطرف أجاب أردوغان "ليس مهما أن يكون حصل تبادل أو لم يحصل المهم هو أنهم عادوا ولموا شملهم مع أسرهم". اذا ما يدعى بالرهائن الاتراك لم يكن بالاساس ملف رهائن بل كان ملف اتفاقات بين طرفين الاول تركيا والثاني تنظيم داعش الذ ي قد ترغب تركيا الاخوانية ان تراه جارها الجنوبي بدل ان ترى جارا كرديا او علويا قد يخلقا لها الف مشكلة مع الوجود الكردي والعلوي في بلادها. وان تنظيم داعش كان قد احتفظ بهؤلاء لديه كضمان لالتزامات تركيا اتجاهه وهذا ما يؤكده اعتراف يونس الازبكزستاني مسؤول داعش في منطقة كوباني الذي اعتقلته وحدات حماية الشعب الكردية السورية بان هؤلاء كانوا يعاملون كضيوف وليس كرهائن.
وبخصوص التوقيت فان تركيا باتت تدرك ان الولايات المتحدة والمجتمع الدولي ماضي في قرار الحرب ضد داعش مثلما يدرك قادة داعش ذلك ايضا ولذا فان داعش في حاجة الى المزيد من التدفق البشري والاسلحة الثقيلة والمعدات لتعويض الخسائر التي يمنون بها لحد الان والتي ستاعدهم على مواجهة الحرب والاستمرار في الحفاظ على مناطقهم وهنا التقت مصلحة الطرفين في نقطة انهاء الملف هذا الذي بات يحرج تركيا ولا يمكنها الاستمرار فيه في زمن الحرب المقبلة، وان هذا التوقيت هو الانسب لاعلان عودتهم. فيما يمثل الوقت الحرج لداعش لتسوية الملف والتفرغ للحرب مقابل الحصول على كل المتطوعين الجدد المرسلين من قبل تنظيماتهم في دول العالم والموجودين في تركيا ينتظرون العبور اضافة الى الحصول على مساعد عسكرية كبيرة من تركيا تتضمن دبابات ومدفعية وعتاد وعربات وكان الشرط الضمني اجراء هذه الصفقة على ارض منطقة كوباني الستراتيجية لكسر شوكة كرد سوريا وشطر مناطقهم في سوريا الى شطرين وافشال استعداداتهم للمشاركة في حرب داعش ودفعهم الى التخلي عن جبل سنجار الذي يتواجد فيه نحو 5 الاف مقاتل من وحدات حماية الشعب بحيث تحول الجبل الى قنديل اخر تسيطر عليه وتشطر مناطق نفوذ تركيا في العراق ومحافظة نينوى الى شطرين وتحمي ظهر اقليم الحسكة السوري.
السؤال المطروح هنا هل ستستمر تركيا في دعم داعش وابقاء الممر مفتوح في تل ابيض ام انها ستنهي الامر بعد عودة ضيوفها لدى داعش وتقوم بمساعدة التحالف الدولي بتقديم المعلومات الكبيرة التي حصلت عليها لمساعدة التحالف في الحرب ضد داعش. هذا ما سيكشفه اهتمام داعش الفعلي بالسيطرة على كوباني او التراجع عنه حيث سيكون اصرارها على الحصول على كوباني يعني توقع المزيد من العلاقة مع تركيا فيما سيعني الثاني ان الملف اغلق وانهم يدركون ان تركيا ليست صديقة دائمة لاحد.

#جليل_ابراهيم_الزهيري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات