أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - الديمقراطية الجديدة( النشرة الشهرية) - الانتخابات التشريعية والرئاسية في تونس















المزيد.....


الانتخابات التشريعية والرئاسية في تونس


الديمقراطية الجديدة( النشرة الشهرية)

الحوار المتمدن-العدد: 4582 - 2014 / 9 / 22 - 15:27
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


الانتخابات التشريعية والرئاسية في تونس

ستجرى الانتخابات التشريعية في تونس يوم 26 أكتوبر على أن يتم التصريح بالنتائج الأولية يوم 30 أكتوبر وبلغ عدد القائمات المترشّحة حوالي 1400 قائمة وهو عدد غير نهائي في انتظار التثبت ثم الطعون وتمثل القائمات الحزبية 60 بالمائة و"المستقلة" 28 بالمائة و11بالمائة بالنسبة للقائمات الائتلافية وتتصدر قفصة في ترتيب الدوائر(27 في الجملة) المرتبة الأولى ب81 قائمة والمرتبة الأخيرة لتطاوين ب27 قائمة.(مع العلم أن حزب الأصالة السلفي تقدم ب4 قوائم متواجدة في القيروان وقابس ومدنين وتطاوين )
وتجدر الإشارة إلى أن معظم الأحزاب المتواجدة في التأسيسي جددت ثقتها في أغلب نوابها وهو ما قد يؤدي إلى عودة عدد كبير من الأسماء التي أثثت التأسيسي(النهضة حافظت على كل الأسماء البارزة- آفاق تونس قرر التجديد لكل نوابه- التحالف الديمقراطي والتكتل كذلك...) أما النواب الذين تخلّت عنهم أحزابهم فقد قرروا تشكيل قائمات "مستقلة" وبذلك سيتمتع رؤساء قائمات الأحزاب الكبرى بحظوظ وافرة نظرا لارتباطهم الوثيق "باللوبي المالي" من جهة ووجهاء القبائل والعشائر من جهة أخرى وفي هذا الإطار صرّح رئيس قائمة التحالف الديمقراطي في القصرين -احمد بوعزي ، استاذ جامعي-:" اعتمدنا التناصف القبلي والعشائري في ترتيب الأسماء: الأولى توزعت بين الفراشيش وماجر وأولاد سيدي تليل وهي المكونات الرئيسية للمجتمع القصريني"(الشروق 17 اوت 2014 ص 8) (هكذا يتحدث استاذ جامعي؟؟؟) أما الأحزاب الأخرى فستفوز بأكبر البقايا وستتمتع كل قائمة بدعم من المال العام يتراوح بين 6 و9 آلاف دينارا .
أما الانتخابات الرئاسية فستكون في 23 نوفمبر على أن يتم التصريح بالنتائج النهائية في 21 ديسمبر 2014 وضبط آخر أجل للدورة الثانية يوم 28 ديسمبر والملفت للانتباه هو ارتفاع عدد المترشحين المحتملين والذي بلغ عددهم ال40 رغم وجود شروط التزكية :10 نواب من التأسيسي أو 10 آلاف تزكية أو 40 من رؤساء مجالس الجماعات المحلية المنتخبة ورصد 10آلاف دينار في الخزينة العامة وسينتفع كل مترشح بمبلغ مالي قدره 79 ألف دينارا لخوض حملته الانتخابية .(الى حد الان23 مترشح رسميا)
فما هي حقيقة هذه الانتخابات التي عجزت على تنظيمها الحكومات الأربعة المتعاقبة والتي لم تر النور إلا بعد خارطة الطريق المنبثقة عن "الحوار الوطني "؟ وهل أن أوضاع الجماهير ستعرف تحسنا اثر دفن "المؤقت" الذي دام أكثر من 3 سنوات؟ وما هو الموقف من اليسار المشارك واليسار المقاطع (مع التأكيد على إن المقاطعة من منطلقات وطنية ديمقراطية لاعلاقة لها بالمقاطعة الرجعية أمثال حزب التحرير وأنصار الشريعة...)سنحاول الإجابة انطلاقا من حركة الطبقات وواقع الصراع الطبقي وتناحر الرجعيين على الكرسي بمعزل عن مصالح الشعب الكادح وتطلعاته.

المناخ الانتخابي
اتسمت فترة ما بعد الانتفاضة بصراعات محمومة صلب الكتل الرجعية بلغت عتبة الحرب الأهلية وتشغيل الجماعات الإرهابية للضغط على الخصوم ورغم الاقتتال الرجعي فان الجميع متفق على إخماد نار الانتفاضة وتهميش النضالات الشعبية بهدف إعادة الاعتبار "لهيبة" دولة الاستعمار الجديدة. وتدخلت السفارات الأوروبية والأمريكية أكثر من مرة فتقابل السبسي (النداء) مع الغنوشي (النهضة) وزار حمة الهمامي (الجبهة) السفير الأمريكي واستقبله في مقر حزبه ...وحضرت المعارضة في أكثر من حفل لتفضي كل هذه اللقاءات إلى ما سمي بالحوار الوطني والحكومة الخامسة "المحايدة"وخارطة الطريق التي لم يتم إلى حد الآن تطبيق كل بنودها.وتستّر الفاعلون في التأسيسي والحكومة بمقولة "مؤقت" لتبرير عجزهم على تحقيق بعض المطالب في حين شرّعوا نهب الخيرات وبيع المؤسسات وتزكية الزيادات في كل المواد الأساسية تقريبا.
تفطنت الجماهير إلى أن المجلس التأسيسي خدعة أوتي به لضرب مطالب الانتفاضة وان الحكومات المتتالية تعاملت مع المنصب باعتباره غنيمة مما زاد في غضب الجماهير الذي تجسد في العديد من الإضرابات والاعتصامات وعبر التصريحات في وسائل الإعلام :" عن أي نواب تتكلمون ثلاث سنوات همشنا فقرنا فقئت عيون أبنائنا ...م.ق" فقدت الثقة في السياسيين وفقد اغلب السكان في الجهة ثقتهم في الأحزاب والنواب"(-الشروق 7اوت)...
ستنطلق الحملة الانتخابية إذا في جوّ يتّسم بغضب الجماهير والشعور بالإحباط لدى شباب الانتفاضة من جهة وتناحر الأحزاب الرجعية والانتهازية من جهة أخرى.
فقد تجسّد الرفض الشعبي في مقاطعة التسجيل فرغم التمديد مرتين في الآجال فان العدد لم يتجاوز 631 ألف حسب منظمة عتيد التي تعتبر ذلك إخفاقا واضحا وبذلك يمثل العدد النهائي باحتساب المسجلين سابقا مابين 48 و50بالمائة من جملة الناخبين البالغ عددهم ما يقارب 8 ملايين هذا مع العلم أن بعض المسجلين آليا سابقا قد لا يشاركون في الاقتراع. كما عبّرت العديد من الفئات الشبابية عن نية مقاطعة هذه الانتخابات بما أن "الحسبة محسوبة واللعبة ملعوبة" حسب تعبير أحد الشبان وان التناحر صلب الأحزاب وفيما بينهم يبيّن أن الهدف هو الكرسي وليس مطالب الشعب والجهات المهمشة التي لم تصلها التنمية رغم الوعود.
المال السياسي والتخلّف العشائري
حسب الأرقام الرسمية فان التهريب أو "الكونترا" يمثل أكثر من 40 بالمائة من الاقتصاد مما يعني ان قرابة نصف الموارد المالية تذهب لأشخاص غير خاضعين للمراقبة وقد شجّع قانون المالية التكميلي التهريب ودعمه بعد ترفيعه في الأداء الجمركي فلا يعني هذا الوضع غير أمر واحد ووحيد وهو التواطؤ لان أذرع التهريب موجودة داخل الدولة ورغم احتجاج بعض الأصوات فانه من الصعب جدا آنيا مراقبة التمويل الخارجي والمتأتي من التهريب وتبييض الأموال والتجارة الموازية وستستعمل هذه الأموال المخزونة في الحملات الانتخابية وفي شراء الذمم هذا فضلا عن المال السياسي المصرّح به أو المسكوت عنه والمتأتي من سماسرة وأعراف مترشحين للانتخابات.
وقد دخل المال السياسي في لعبة الإعداد للانتخابات انطلاقا من صياغة القانون إلى تنصيب الهيأة العليا "المستقلة" والتي اتهمتها بعض الجمعيات بالتواطؤ مع أطراف سياسية مرورا بهيئات الفروع ووصولا إلى التزكية التي تحوّلت إلى "سوق ودلاّل" ومزايدات بعدد الإمضاءات (سليم الرياحي مثلا اكثر من120 ألف إمضاء – مصطفى كمال النابلي (البنك المركزي سابقا) 40 ألف إمضاء-منذر الزنايدي,تجمعي ووزير بن علي 60ألف تزكية...)
لعب المال الفاسد دوره في المعامل والمؤسسات والأحياء والأرياف ووقع إحياء العروشية لتجميع الأصوات وتنشيط المنظمات الشبابية والشعب الدستورية المنحلة والجمعيات التي يقارب عددها 17 ألف والتي تنشط قانونيا بصفة "مستقلة" لكنها منحازة في الواقع لهذا الطرف أو ذاك.كما نشط الإعلام الرسمي ومؤسسات سبر الآراء لتزيين وجه هذا الطرف وانتقاد الآخر ولا يكاد يمر يوم دون ان تتواتر فيه الأخبار عن صراعات وانشقاقات واستقالات والتراشق بالتهم وتهديدات بكشف للمستور في جل الأحزاب تقريبا ويظل الجدال العقيم بعيدا كل البعد عن مشاغل الشعب وطموحاته.
أين أبناء الشعب إذا من كل هذه الاستعدادات للانتخابات؟ يظل الشعب بدون مال فقير الحال ضحية الفكر السائد وغير منظم وبالتالي غير قادر على المواجهة المنظمة يشعر بالمرارة إزاء خيانات الأحزاب لأبسط مطالبه مثل الحق في الشغل والصحة والتعليم والتنمية...

حوار "وطني" أم نضال وطني؟
تحوّل سلمي أم تغيير ثوري؟
راح منظرو الجبهة "الشعبية" في شن حملات ضد دعاة المقاطعة واعتبر البعض إن المقاطعة انتحار وتخريب للعقول وضرب من الانعزالية الثورجية تكتفي بتسجيل الموقف والتنظير دون الفعل في الواقع ونعت البعض الآخر المقاطعين بالكائنات الفايسبوكية المعزولة عن واقع الجماهير وحاول اليسار الانتهازي تبرير المشاركة بالرجوع إلى مقولات لينين لإقناع قواعده واستنتج-في شكل فتوى- إن المشاركة في البرلمان جائزة في فترات جزر الحركة والمقاطعة ممكنة عند مدّ الحركة وتناسى إن هذا اليسار شارك في المجلس التأسيسي الذي كانت مهامه الأساسية إخماد لهيب الانتفاضة كما تناسى أن العديد من أطراف اليسار شاركت في الانتخابات تحت سلطة الجنرال ، واتهم المقاطعة جزافا باصطفافها وراء موقف حزب التحرير والإرهابيين .
لقد اعتبر هذا اليسار أن ما حصل هو "ثورة"- وهي اكبر مغالطة للشعب- وشرع في التنظير إلى أن الأوضاع تغيّرت على كل المستويات وكأن دولة الاستعمار الجديد انتهت وان الائتلاف الطبقي الحاكم تغيّر كذلك ، و قد خلط عمدا بين الدولة التي بقيت قائمة- بجيشها وبوليسها وأجهزتها القضائية والإعلامية وبنيتها التحتية والفوقية..- وبين شكل السلطة الذي تغيّر على مقياس الترويكا كما ورد ذلك في الدستور بحيث وقع اختيار النظام المزدوج برلماني رئاسي مع تقليص صلاحيات الرئيس التي اقتصرت أساسا على الدفاع والسياسة الخارجية واستحوذ البرلمان (والحكومة)على سلطة القرار بما ان الإخوان يشكلون الأغلبية ونصّبوا رئيسا اعتبره الشعب مجرد "طرطور". ويعتمد هذا اليسار على هذا الخلط لتبرير التحالفات المشبوهة والمشاركة إلى جانب أعداء الانتفاضة في "الحوار الوطني" وتزكية حكومة صندوق النقد الدولي وبحجة إزاحة الإخوان يقع التحالف مع التجمعيين في جبهة الإنقاذ كما سبق لحزب العمال ان تحالف مع الإخوان ضد بن علي .
كشفت الأحداث حقيقة هذا اليسار الانتهازي الذي عوض مواصلة "المشوار الثوري" كما يقول انخرط في الوفاق الطبقي مع أعداء الشعب (من المجلس التأسيسي إلى حكومة التكنوقراط) وعوض العمل على عزل من نهبوا خيرات البلاد واستعبدوا العباد فقد أعاد لهم الاعتبار كما سبق له أن بيّض وجه الإخوان (حركة18 أكتوبر ) . ورغم التستّر بمقولات لينين والتظاهر بالثورية فان خط هذا اليسار هو خط التحوّل السلمي و"المصالحة الوطنية" والميثاق الاجتماعي و"التعايش مع التجمعيين والنهضة"حسب قول مرشح الجبهة للرئاسة لذلك فهو ينوّه بتجربة يسار أمريكا اللاتينية و بأليندي سابقا و شافيز حاليا وما أبعد هؤلاء عن لينين الذي كشف عورة الانتهازيين وإفلاس الأممية الثانية .

مستندات المقاطعة و أبعادها
يستمد موقف المقاطعة في الظروف الحالية شرعيته من واقع التناقضات التي تشق المجتمع ووقع تحديدها بعد دراسة طبيعة المجتمع ووضع القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج وهي تناقضات موضوعية خارجة عن رغبة الأشخاص حددت الخط الاستراتيجي لمرحلة التحرر الوطني الديمقراطي بحيث لا يمكن الحديث عن تغيير ثوري وتجاوز المرحلة دون حسم المسألة الوطنية والديمقراطية وضبط طرح الديمقراطية الجديدة - الثورة الوطنية الديمقراطية ذات الأفق الاشتراكي-أعداء الشعب: البرجوازية الكمبرادورية والبيروقراطية وملاكي الأراضي الكبار وشدّد على أن التناقض مع هذا الائتلاف الطبقي الحاكم تناقض عدائي لا يمكن حسمه من خلال الحوار على عكس التناقضات التي تشق الطبقات الشعبية والتي تخضع إلى الحوار الصريح والديمقراطي لتوحيد صفوف أصدقاء الشعب.وتعتبر الانتهازية هذه الدراسات والممارسات التي تلتها ضربا من الانعزالية ومجرد تسجيل وتنظير .
كما ينطلق موقف المقاطعة من واقع حركة الطبقات ومطالب الجماهير ودرجة تطور وعيها وتجربتها في الصراع ضد أعدائها المكشوفين والمتسترين ومن مبدأ قار في قانون الصراع الطبقي ألا وهو إضعاف العدو وتفكيك صفوفه تحضيرا لإسقاطه والارتقاء بتجربة الكادحين مع توحيد القوى الثورية في خضم هذا الصراع من اجل التحرر الوطني لذلك فان كل خطوة تندرج في هذا الاتجاه هي خطوة ايجابية تساهم في تحسين أوضاع الجماهير وتقرّب ساعة الخلاص وكل تكتيك أو تحالف أو تقاطع يتعامل مع الأعداء ويعيد لهم الاعتبار أو يبيّض وجوههم و يبرّئ ساحتهم فهو تكتيك خاطئ وانتهازي ولا تدخل كلمة انتهازي هنا في باب الشتم والسب بل هي مصطلح سياسي ينطبق على قيادات الجبهة "الشعبية".
تحاول القيادات الانتهازية التستّر بمقولات ثورية أو نسخ تجارب روسيا أو فينزويلا على الواقع العربي لإقناع قواعدها بان المشاركة في التأسيسي أو البرلمان القادم سيخدم مصلحة الشعب في حين أن هذه القيادات تدرك أن مؤسسات النظام القائم وأجهزة دولة الاستعمار الجديد لن تسنّ أي قانون يخدم مصالح الشعب بل ستواصل خيارات الحكومات السابقة المملاة من قبل الدوائر الاستعمارية الجديدة وسيظل صوت هذه القيادات المتواجدة في التأسيسي لا قيمة له أي مجرد ديكور تتباهى به الرجعية وتعتبره الابن الضال وجزء من الفلكلور الديمقراطي لاغير. وهو بذلك يساهم في مساعدة النظام على الخروج من الازمة واستعادة سيطرته التي تزعزعت بفعل الانتفاضة.

تؤمن القوى الوطنية بمبدأ الاقتراع المباشر والحر حيث يكون الشعب سيد الموقف حرا في اختيار ممثليه وفي إقالتهم عند الضرورة لكن هل ان نظاما قائما على اختيارات معادية لمصالح الشعب قادر على توفير مثل هذه الظروف ؟ بالطبع لا.إن إيهام الناس بان النظام الذي يطبق -ببعض التصرف- ما يتماشى ومصالح الرساميل الأجنبية ويعمل على سن القوانين لفائدة السماسرة وكبار الإقطاعيين ويعد العدة عسكريا لمراقبة الشعب وملاحقة المناضلين يمكنه أن يمنح الأرض والحرية والكرامة الوطنية للشعب, يمثل أكبر مغالطة . لذلك فان مؤسسات النظام "المنتخبة" بصفة "شفافة " عبر انتخابات يتمّ التحكم فيها من عملية التسجيل إلى الاقتراع لن تسمح لأي كان بمعارضة دولة الكمبرادور او التشكيك في جيشها "الوطني" وبوليسها "الجمهوري" وقضائها "المستقل" وإعلامها "المحايد" ...
إن مجلس نواب الشعب- كما يدلّ عليه اسمه- يمثل اغلب الفئات الشعبية من عمال وفلاحين وموظفين وحرفيين وتجار وصناعيين وطنيين...أما البرلمان المرتقب فقد وضع له دستور وقانون انتخابي على قياس الاستقطاب الثنائي تتنافس فيه أحزاب رجعية بالأساس ومعارضة ديكور تدّعي أنها ستقوم بالدعاية الثورية في معقل الرجعية والعمالة وستستغل تناقضات الرجعية لتحوّل الإخوانجي إلى ديمقراطي والعميل إلى وطني.
لقد اختارت قيادات الجبهة "الشعبية" طريق المساومة والمصالحة مع الأعداء والتظاهر بتبني قضايا الشغالين واخترنا طريق النضال وفضح السياسات اللاوطنية والمقاومة إلى جانب أبناء الشعب الذين يتم تهميشهم .
إن طرح التحوّل السلمي والتداول على السلطة فيما بين الأحزاب الرجعية أو الاشتراكية الديمقراطية كما هو الحال في البلدان الرأسمالية طرح رجعي ولّى عهده وافتضح أمر الديمقراطية البرجوازية وديمقراطية الاستعمار الجديد أما أطروحة الصراع الطبقي والنضال الوطني فإنها أطروحة ثورية تساهم في الارتقاء بوعي الجماهير وتجربتها وتعتبر البرلمان شكلا من أشكال التسوية الوقتية بين القديم المنهار والذي لم يعد يقدر على قمع الجديد وبين الجديد الصاعد والذي لا يقدر بعد على الإطاحة بالقديم... إن تجربة التأسيسي الفاشلة والوعود الزائفة والتملق السياسي يملي
على ابسط "مواطن" رفض تزكية انتخابات يكون هدفها الأساسي إضفاء الشرعية على النظام واعتبار مؤسسات الدولة مؤسسات وطنية مستقلة لا تخضع لأوامر الدوائر الامبريالية .
ماذا تعني المقاطعة إذا ؟
إن المقاطعة مقاومة وليست مساومة إنها صمود ومواجهة وليس انتحارا أو استسلاما لخيارات الائتلاف الحاكم وبغض النظر عن حجم المقاطعة فإنها خطوة إلى الأمام لأنها تمثل الجديد وتنير طريق الثورة بدحضها لمفهوم البرلمان البرجوازي وديمقراطية الاستعمار الجديد.
لقد قاطع الناخبون عملية التسجيل وقد يقاطع آخرون- من وقع تسجيلهم آليا- وهي وإن كانت مقاطعة عفوية وسلبية فإنها تبيّن أن أكثر من نصف الناخبين فهموا بأنه لا فائدة في الانتخاب بما أن نواب الأحزاب لن يدافعوا عن مطالبهم.
تعني المقاطعة أيضا فضح حقيقة مسرحية الانتخابات في أشباه المستعمرات مهما اختلفت الأشكال ولنا بعد الانتفاضة مثال التأسيسي في تونس ومصر والجزائر حيث كانت المقاطعة جماهيرية وهي وإن استهان بها البعض واتهمها بنوع من الاستقالة والوقوف على الربوة فإنها تمثل تراكما ايجابيا في وعي الجماهير وتجربتها في رفض القوانين الموضوعة على قياس العملاء الذين يتحكمون في النتائج.
تدرّب المقاطعة الجماهير مهما كانت درجة انخراطها على نبذ الأوهام البرلمانية وأطروحة التعايش السلمي بين الشعوب المضطهدة والاستعماريين الجدد وترسم طريق الثورة- طريق النضال ضد الاستعمار وعملائه وليس نهج المساومة والتسوية والاعتراف بمؤسسات منصّبة يقتصر دورها على تزكية الخيارات اللاشعبية .
تهدف المقاطعة كذلك إلى تبيان أن البرلمان المرتقب مهما خطب فيه الانتهازيون لن يعمل على تحسين أحوال الجماهير بل هدفه الأساسي إضفاء"الشرعية القانونية "على مؤسسات لاوطنية وإضعاف حركة الجماهير وتفكيك صفوف الثوريين وعزلهم بكل الطرق بما في ذلك الاندساس و ضرب القلاع من الداخل .
إن المقاطعة هي مقاومة نزعة الإحباط التي تريد الرجعية زرعها في نفوس الناخبين من خلال إيهامهم بان لاحلّ لهم سوى المشاركة الشكلية وترقّب عطف السلطة لان السلطة -حسب زعمها - أقوى من الجميع بجيشها وبوليسها وأجهزة دولتها ومساندة الامبريالية لها ولا احد يقدر على زحزحتها أو معارضة مشاريعها النهابة وإن انتفض الشعب فان الدولة قادرة على المناورة وترميم أجهزتها-لذلك فان دور المقاطعة يكمن في تعرية سياسة التخويف والخوف والترهيب التي تسلكها الطبقات الحاكمة والتي تضع الشعب أمام خيارين :إما تزكية عملاء الماضي والعملاء الجدد الذين عاثوا في البلاد فسادا أو التعرّض إلى خطر الإرهاب الذي هوعلى الأبواب وستتحوّل تونس بذلك إلى ليبيا أو سوريا جديدة ...
تفضح المقاطعة التيارات الانتهازية التي تبرّر مشاركتها في الظروف الحالية بواقع الجزر وشراسة الهجوم الامبريالي الرجعي وهي في الحقيقة تساهم في تأبيد النظام الاستعماري الجديد وتعقد الصفقات مع السلطة على حساب مصالح الكادحين وتهاجم في الآن نفسه كل الوطنيين والديمقراطيين الذين يعارضونها وتنعتهم بالتطرف والانعزالية والإرهاب الخ من التهم من اجل تغطية مواقفها الانتهازية .
تبيّن المقاطعة أن النضال الفعلي من أجل الاستقلال والديمقراطية ومن اجل انتخابات شعبية حرة يمرّ حتما عبر المشاركة الجماهيرية الفعلية في تقرير المصير لان الجماهير تظل صانعة التاريخ وإن حاولت الأنظمة الرجعية عرقلة مسيرتها فان قلب موازين القوى لن يتم من خلال مثل هذه الانتخابات المفصّلة على قياس بعض الاحزاب بل من خلال تراكمات عدة تفضي إلى اخذ الجماهير مصيرها بيدها إلى جانب القوى الثورية المدعوة دوما إلى حسم خلافاتها لكسب ثقة الشعب الكادح .
تهدف المقاطعة كذلك الى اعادة الاعتبار لمفهوم الديمقراطية والتشديد على ان التعددية لاتعني بالضرورة ديمقراطية كما ان الديمقراطية ليست منحصرة في انتخابات وضعت لها قوانين مصلحية ضيقة لان الديمقراطية مرتبطة بالمسألة الوطنية وكلنا يعرف ان الاحزاب الفوقية لاعلاقة لها بالقضية الوطنية ولابالديمقراطية بما انها تمارس البيروقراطية وتطبّق منطق الولاءات الشخصية فتعزل من يخالفها الراي(راجع كل الانشقاقات والاستقالات التي طالت جل الاحزاب)
إن المعركة الحقيقية التي يجب خوضها هو إنجاح المقاطعة من خلال تحديد محتوى الدعاية وأشكال النضال المناسبة للطاقات وللظروف الحالية بهدف تدريب الجماهير على تنظيم صفوفها والارتقاء بتجربتها وبناء مؤسساتها على أنقاض مؤسسات الدولة المنصّبة.
إن المقاطعة لا يمكن لها أن تنجح دون إيجاد إطار مشترك بين كل القوى الثورية التي أعلنت مقاطعتها لهذه الانتخابات واختارت طريق النضال وليس نهج بيع الأوهام وإغراء الناخبين بوعود زائفة سبق وان أطلقتها خلال حملة التأسيسي ثم تنكرت لتعهداتها وقد عايش أبناء الشعب نكث السياسيين لعهودهم والتزاماتهم الأخلاقية.
خاتمة
حققت الانتفاضة تراكمات جد ايجابية ومكاسب لن تقدر السلطة القادمة على محوها بجرّة قلم مهما ناورت وتظاهرت بتحقيق "أهداف الثورة" والأكيد أنها ستضع هذه المعطيات في الحسبان وتحاول تدريجيا التراجع على كل المكاسب لكن واقع حركة الطبقات من جهة وتصدع صفوف الرجعية من جهة أخرى لن يخوّل لها التخلص بسهولة من كل التراكمات الحاصلة على مستوى الحركة الجماهيرية عموما وصلب القوى الثورية التي رغم التشرذم والتشتت ظلت متمسكة بمبدأ الصراع الطبقي والنضال الوطني.
ورغم عودة الدساترة والتجمعيين بقوة اثر إسقاط قانون الإقصاء ورغم إمكانياتهم المالية الهائلة محليا وخارجيا تظل صفوفهم مفككة تنخرهم صراعات عدة حالت دون تقدمهم ككتلة متجانسة واتضح ذلك في صفوف "النداء" الذي عجز عن عقد مؤتمره والتجأ إلى طرد بعض العناصر كما أن الحركة الدستورية تعاني هي الأخرى من خلافات حادة وتحمل معها تركة بن علي ووزرائه اما احزاب الترويكا فلن تعرف نفس النسب السابقة حتى وإن تفننت كالعادة في طرق التزوير وذلك نظرا لكل الاضرارالتي لحقت بابناء الشعب من جراء سياستها الفاشلة التي ادت الى رش اهالي سليانة ومحاكمة شباب الانتفاضة والاغتيال السياسي والارهاب...
ومهما كانت نتائج الانتخابات(وسيلعب التصويت العقاب دورا هاما) فان القانون الانتخابي سيسمح للاحزاب الكبرى-وهي احزاب رجعية- بالتواجد فأول حزب سيتحصل على 30 بالمائة على اقصى تقدير والثاني اقل الخ والاحزاب الصغرى ستغنم اكبر البقايا وستجبر الاحزاب الى تشكيل ائتلاف للحصول على الاغلبية ومن المرتقب حسب المعطيات ان تعمل الحركة الدستورية في صورة تواجدها في المجلس على تشكيل "الحزب الدستوي الموحد"كما صرح بذلك حامد القروي والتحالف مع النداء وسيعمل النداء بدوره على استمالة اليسار واحياء "الاتحاد من اجل تونس "وجبهة الانقاذ" وفي المقابل سيعمل الاخوان على ايجاد كتل جديدة على غرار الترويكا وبذلك لن يكون البرلمان متجانسا وهو ما يعني انه رغم تجاوز المرحلة الانتقالية فان السلطة تظل هشة وإذا علمنا حسب المعطيات الميدانية أن الجماهير لها مطالب عدة متراكمة لم يقع تحقيقها بحجة المرحلة الانتقالية فان المواجهات لن تعرف الهدوء.
ويطرح هذا الوضع من جديد ضرورة تأهب القوى الثورية واستعدادها لدعم التحركات المقبلة التي قد تفجّر الأوضاع الاجتماعية من جديد خاصة أن المجلس القادم ليس له أي حلّ عدا تطبيق توصيات البنك العالمي وصندوق النقد الدولي التي وردت في تقريره الأخير حول تونس (التفويت والخوصصة- الطرد والبطالة-الترفيع في الأسعار والتراجع عن المكاسب والقائمة طويلة...)
ونظرا لإمكانية حصول انفجارات وتفكك في صفوف السلطة التي لم تعد قادرة على الحكم بالطرق القديمة فان القوى الثورية المقاطعة للانتخابات مدعوة مجددا إلى فتح الحوار والتشاور حول محتوى الدعاية وتوحيد أشكال النضال والتنظيم وإيجاد أطر قارة للحوار تمهد طريق الوحدة الثورية وتوفر للشعب قيادة صامدة قادرة على إدارة الصراع الطبقي وتسليح الجماهير بطرح الديمقراطية الجديدة حتى لا تظل ضحية الوعود التي تقدمها الرجعية أو الأوهام التي تبثها القوى الانتهازية.

ملاحظة: ندعو كل القوى الثورية الى الاسراع في ايجاد اطر مشتركة تناقش محتوى "حملة الدعاية للمقاطعة" وتحدّد الشعارات واشكال النضال والتنظيم.

تونس 21 سبتمبر 2014



#الديمقراطية_الجديدة(_النشرة_الشهرية) (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - الديمقراطية الجديدة( النشرة الشهرية) - الانتخابات التشريعية والرئاسية في تونس