حنين عمر
الحوار المتمدن-العدد: 1290 - 2005 / 8 / 18 - 11:17
المحور:
حقوق الانسان
طفل صغير رث الهيئة يقف على حافة الطريق السريع ويلهو بخيط قد ربط في طرفه الحر كيسا من البلاستيك الأسود يتمايل مع الهواء...
أراقبه من نافذة السيارة بعينين متحسرتين تبحثان عن لون آخر غير السواد في "الطائرة البلاستيكية "...
أحاول أن أقنع نفسي أن نظري أصبح ضعيفا من كثرة المكوث أمام شاشة الكمبيوتر...حتى أقنعها أن كل شيء على الارض ما يزال على ما يرام وأن هناك لونا آخر غير السواد في تلك اللعبة المخيفة !!!
هل يعقل أن تتحول الطائرات الورقية الملونة الى أكياس بلاستيك في ايادي أطفال هذا الكوكب المتعفن حد الرغبة في الموت لتطهير الدنس الميكانيكي الذي أصاب مفاصل التفكير الانساني ؟؟؟
هل يعقل أن يكبر هذا الطفل سويا تماما وذاكرته مليئة بأكياس القمامة ؟؟؟
سؤال غريب طرحته على نفسي وأنا أتأمل هذا الطفل الذي لن يعرف أبدا سر علاقتي بالطائرات الورقية فهو ببساطة لم يستطع امتلاك شيء بسيط كذاك : "حزمة من عيدان الخشب و قطعة ورق ملون..."
لأن الخشب الذي كان على الارض تم استهلاكه في صناعة أثاث فاخر من طراز "لويس الشيء عشر" وفي صناعة مضارب الكريكيت في النوادي الراقية وفي صنع مشجب عملاق إسمه " القدر " نعلق عليه أنانيتنا وأخطائنا !
أما مخزون الورق فتم استهلاكه في صناعة لفائف السجائر الكوبية وفي كتابة عرائض محكمة العدل الدولية وفي تدوين الرسائل الغرامية وتغليف الهدايا بين من لا هم لهم سوى الكتابة عن النساء !!!
يا إلاهي كم أشعر بالعار لأنني أنتمي لهذا الكوكبْ...!!!
وكم أشعر بالخجل من نفسي لأني لم أستطع أن أنزل من السيارة وأن أنتزع من يده كيس البلاستيك الأسود وأمنحه بدلا عنه طائرة كبيرة من الورق...أرسم عليها بالأقلام الملونة طفولة مليئة بالفرح والبراءة بدلا عن طفولته المليئة بالأكياس البلاستيكية السوداء !!!
#حنين_عمر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟