حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 4580 - 2014 / 9 / 20 - 14:51
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
أن يرى الانسان نفسه, كما هو, أمر يتطلب طاقة كبيرة. بيير داكو
* * *
من يحب شخصية مريضة؟
من لا يستطيع أن يحب أفراد أسرته_ كيف له ان يحب الغرباء؟
_ الحب الذاتي, محبة النفس عتبة دونها ظلمات الخوف والجهل والجشع والحقد ومختلف ضروب الأهواء غير العقلانية.
من لم يتوصل بعد إلى محبة نفسه وفهمها_ هل يمكنه أن يحب آخر؟!
من يجاهرون بخيانة أل (الشريك) الجنسي والعاطفي ( مع عقد زواج أو بدونه), ألا نوجد جميعا تحت عتبة الحب؟!
* * *
لا أدعي من الخبرة والمعرفة ما يتجاوز تجربتي الشخصية.
متأخرا جدا فهمت وعرفت صعوبة الحب! على العكس تماما من سهولة الصراع والقتال والتنافس_ وبقية تعبيرات الغرائز الأولية والخوف.
_ أحبوا أعدائكم!
وصية السيد المسيح_ من يقدرون على تحقيقها!
_ أنت الطريق!
العبارة البوذية الجوهرية_ هل هي بسيطة؟
_ لا تهدي من أحببت_ إن الله يهدي من يشاء.
القرآن الكريم.
* * *
من النادر أن يخلو أي سلوك من حكم قيمة_ بشكل ضمني على الأقل.
مع ذلك يتكرر التأكيد أنه( رأي خارج أحكام القيمة)وقد وقعت في هذا الغلط مرات, أظنني أفهم الآن السبب: التهرب من المسؤولية الشخصية.
ولا علاقة له بموقف الحياد الذي يتطلب درجات عليا في المعرفة والأخلاق, أو الموضوعية التي تتحقق دوما بعد النضج العاطفي والعقلي.
ثمة خلط شائع بين حكم القيمة والحكم الأخلاقي على السلوك الشخصي المحض. إذا أخطأ معي طبيب, ثم علمت أن شكاوى متكررة عليه _ قد أغفر له, بسبب ماضيه الصعب أو ظرفه المأساوي الراهن, لكنني لن أدعوك للمعالجة عنده, ولا أظنني أكررها.
* * *
يقف حلم التسيب الطفولي( من الأنماط الأولية)_ أن يكون المرء غير مسؤول عن أفعاله وفكره ومشاعره, وبنفس الحالة يمتلك المعرفة الكلية والمقدرة الكلية! هي حالة جنون العظمة التي تحمي الرضيع مع تعلمه المشي والاعتماد على الذات من أهوال الخارج الحقيقية في تلك المرحلة. فقط الأب والأم الشبيهين بالآلهة وكليي القدرة والمعرفة يقدمون الحماية الضرورية. حلم التسيب يقف خلف الكثير من العبارات التي تعشقها العقول والنفوس الكسولة: البيضة أم الدجاجة, الشكل أم المضمون, الصدق أم التكيف, .. وغيرها كثير ولا مجال لحصره_ لكن له دلالة أساسية العدمية المطلقة: لا يوجد معنى ولا قيمة _ باستثناء الفقاعة النرجسية( نفسها فقاعة الانكار) التي تحمي وتخنق الصغير.ة. داخلها.
* * *
أعتقد أن الواقع والحقائق كلها نسبية_ لكن وجودها الفعلي ,القابل للمقاربة المعرفية, خارج مجال الشك.
وهنا المعضلة الكبرى للعقل والمنطق وللعاطفة ايضا. ندرك الأشياء عبر عدة محاور ومستويات دفعة واحدة وبسرعة تفوق الفهم. على سبيل المثال:
كل يوم نعيشه عبر ثلاث منظورات على الأقل ومختلفة تماما_ غلى درجة التناقض. 1_ اليوم قبل أن يصل 2 _ اليوم بعدما صار جزءا من الماضي 3- الآن_ هنا هذا اليوم.
ربما في المثال التالي تتضح قوة النموذج الأخلاقي المشترك_ أشدد على كلمة مشترك الذي تتفق عليه مختلف الأديان والفلسفات( الصدق, الصبر, التأني,..). قصة لروائية كندية( أتوود) كما أتذكرها من الترجمة. تعرض علاقة بين رجل في الخمسين وفتاة في العشرين من خمسة منظورات:
_ كما يراها الرجل بحفاوة وفخر.
_ كما تراها أم الفتاة بخجل وإنكار.
_كما تراها زوجة الرجل بغضب وتقزز.
كما تراها الفتاة تجربة مفعمة بالخبرة الجديدة والمشاعر.
- أخيرا كما يمكن أن يراها قارئ_ كاتب, الحاجة والتوق الانسانيين في غموضهما الذي يمزج القبح بالروعة عبر حدث واحد وسلوك واحد.
* * *
حياتنا تشبه لعبة شطرنج. كل حركة تتضمن الدور بأكمله, يمكن التعويض بحدود_ نفس الدرجة والنسبة, تربط كل نقلة بالتي سبقتها والتي تليها أيضا.
العلاقة بالشريك_ الخصم, تختصر الحياة الاجتماعية بتركيز عال.
الحقيقة تشبه الفرق بين مستوى اللاعبين.....سوف تظهر وتتكشف بالتدريج لا حقا_ ويقتصر ما نستطيع عمله على التأجيل أو التأثير الشكلي بكيفية ظهورها ووقته...... ربما.
الحاجة المزدوجة, للشرطين المتناقضين في الحياة دوما: الاثارة والأمان_ وعدم إمكانية أي تسوية أو جمع بينهما إلا بعد عتبة مرتفعة من التوتر والتعقيد....تبرر حلم التسيب الطفولي ربما.
* * *
عودة إلى الأمام_ السؤال الأساسي.
الحب مركب من جزئين ومستويين_ يتساويان بالأهمية في دورهما بنجاح العلاقة أو فشلها.
_ درجة التوافق بين الفردين( كلاهما ود نصفه الثاني..), وهذا الشرط المبدئي والبدائي يمثل العتبة والمدخل لعلاقة سعيدة. في اعتقادي الشخصي كإمكانية واستعداد فطريين: نصف رجال العالم على الأقل - كما نساؤه فوق مستوى العتبة. وبتعبير أوضح: عزلة ووحدة امرأة أو رجل عاطفيا,دلالة على نقص في درجة النضج العاطفي.
_ الحب قرار عقلي واضح, يتاسس على مشاعر وأحاسيس تتصل بالعاطفة الفردية المتصلة بالوراثة مع التجربة والخبرة. ويتحقق بالاستمرار والنجاح كفعل من أفعال الارادة الحرة( سمته القدرة على الالتزام بالوعد_ بتعبير نيتشه), التي يدركها المرء بعد تجاوز طفاليته فقط_ النرجسية والغرور,كذلك بعدحيازته الشعورية للايمان العقلي العميق.
هذا المركب الجميل والساحر الذي رسمته مختلف الآداب والفنون كما حاولت شرحه الفسفات وبقية علوم الانسان
* * *
الحب العاطفي الناضج: علاقة تدمج أطوار_ حالات العاطفة السابقة للفرد, بصيغة ملائمة عبر شخصيته الحالية....خصوصا الحب الأخوي بعد تجاوز التنافس والغيظ, الذي يتمثل بشكل خارجي واجتماعي في علاقات الصداقة, ليكون في مستوى_ مؤهل عاطفيا وفكريا كطرف لعلاقة تمتلك أسس النجاح ومقوماته في الحاضر والمستقبل.
وهذا معيار وشرط مزدوج, إذ يتعذر أن تنجح علاقة اجتماعية أحد طرفيها ما يزال قاصرا عقليا أو عاطفيا.
* * *
الذين نحبهم
الذين علقنا حياتنا على عودتهم
الذين يحبون المريض والخائف
الذين أحبوا الغريب
لاخوف عليهم ولا هم يحزنون.
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟