|
القمص زكريا بطرس.معايير مزدوجة في تناول عقائد الاخرين دون عقيدته
طلال شاكر
الحوار المتمدن-العدد: 1290 - 2005 / 8 / 18 - 07:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في العدد 1286الصادر بتاريخ 2005-8-14 من صحيفة الحوار المتمدن الالكترونية وانا اقرا مقالة للسيد خالد السعيد حول (المصادرالقرانية 3-4 ) في مواكبة لمعالجته التي تتجسد فيها ملامح درايته المنهجية ا لظاهرة في ربط اجزاء الموضوع من خلال احساسه الواضح بقيمة هذه المعالجة وجهده الملموس فيها، وليس لدي اعتراض على الطريقة والمنهج الذي يتبعه في تناول قضية شائكة وحساسة كموضوعةالدين الاسلامي وكتابه القران فهذا شأنه وهذا اختياره الحر، لكن وقبل الدخول في صلب الموضوع الذي اسعى لمناقشتة، بودي ان اقف قليلاً عند منطلقات واقعية اجدها تحمل ممكنات مرنة توفرلي تخطي مشقة الاستغراق في غوامض الجدل في التصدي لاستحكامات عقائدية تتعلق بضمائرالناس وايمانهم ومعتقداتهم،بوجهة لااخضعها لمعايير الجدل العلمي واسسه، فمن الصعب ان تهوي منظومةايمانية كالدين والايمان تحت برهان المنطق وقوانينه، فمثلا، عندما تحاول اقناع اي جماعة لها ايمانها الخاص با لبقرة اوالفأر بخرافة معتقدهم وعدم واقعية اسسه وتاتيهم بادق البراهين عن ان هذه الفئران اوالابقار بهائم لاتستحق ولايمكن ان تكون رموزاً ايمانية، فبالتأكيد سيكو ن تعليلهم واجابتهم با ن هذه المخلوقات تسكنها ارواحاً مقدسة وهم يحترمونها ويقدسونها على هذا الاساسس، وبالطبع لايخضع ردهم لمعايير المنطق العلمي وتعليلاته وبالمقابل لا يحظى تعليلك ايضاً بدواعي قبوله منهم كمؤمنين، وهذا يتساوق مع موقف و منطوق الاديان عموماً، فهي لاتخضع لالزامية القوانين وفرضياتها المختلفة، ومفكرو الاسلام عموماً يرفضون اي مقاربة جدلية تلامس اساسيات الدين الاسلامي الله نبيه وقرانه بوصفها مقدسات لايمكن الاقتراب منها بطريقة تهز قدسيتها اوتخضعها للنقد المعرفي المفتوح ، وهي تقع خلف خط محذورملامسته، هذ الخط الاحمر مرسوم بحمرة الدم وهو يفزع وينذرمن يحاول الدنو منه، بلااستذان اواذن، وشواهد التاريخ مثقلة بالامثلة ودروسها،وكنت اتمنى واسعى ان يبقى الدين لله والارض للجميع طبعاً (الاماني جميلة)، وتنتهي حل اشكالية المقدس في تاريخنا وحاضرنا بطريقة حضارية كماحلتها اوربا منذ قرون،في فضاء الحرية والتعدية ا لمفتوح في سياق معرفي وعلمي حر،يتيح للجميع حرية الكلمة والتفكير ، كي تبقى قوة المقدس تعيش بيننا كاخر خارج الطهر المطلق، واذا تعذرعليه ذلك فليدافع عن قد سيته هذه بمنطق الحجة بالحجة والراي بالراي واذا كان هذا المقدس لايقوى في الدفاع عن نفسه وعن قدسيته الابالسيف والدم والتكفيرفي مواجهة الكلمة والقلم ، فأنه اجلاً ام عاجلاً سوف تضمحل قد سيته امام عجزه وخواءه، ربما اسرفت في مقدمتي قليلاً قبل ا نقل قلمي الى مبتغاه وهوموضوع القمص زكريا بطرس الداعية المسيحي النشط والذي يماثل في مثابرته ونشاطه الكثير من دعاتنا الاسلاميين .وهو يظهر في قناة فضائية تبث هدايتها المسيحية اسمها (الحياة ) من خلال برنامج يتعرض فيه باسلوب منهجي استقصائي لربانية الدين الاسلامي ولكتابه القران ورسوله محمد من زواية الطعن والرفض لسماوية الاسلام وكلام الله القران وله موقع على الانترنيت يحمل اسمه، والقمص بلغة الاقباط يعني القس، والذي استرعى انتباهي هواستشهاد السيد خالد السعيد باقوال وبراهين القمص زكريا لدعم معالجته حول موضوعه انف الذكروعندما راجعت موقعه على الانترنيت في الحوار المتمدن لاحظت كثافة الاقباسات والاستشهادات، عن السيد القمص لاسناد معالجاته لموضوع القران ومصادره، وحتى وضع عنوان القمص في عنوانه الالكتروني اعجابا وتقديراً له. وليس هذا موضوعي وليس لدي راي يخص اقتباسات السيد خالد السعيد فالمهم ان يستعين المرء ويتكأ على موضوعية الاقتباس ومصداقية محتواه ومصدره.وهوالذي يقررذلك، وقد حرصت على توضيح ذلك مقدما للسيد المحترم خالد السعيد حتى لااضعه في اشكالية التفسير الخاطئ لملاحظتي ، لان الاقتباسات والاستشهادات احياناً لاتقف عند مصداقية الباحث كفرد ، كوظيفة، كمصداقية، ولاتتكلف عناء مضافاً لاستقصاءات اخرى لاتحمل ضرورتها فهي تستوفي منه ماتجده متوافقاً مع متطلبات بحثها كمصدر تستعين به وليس في هذا خلل اذا كان المصدر يقع ضمن شروط المنهج العلمي . من هذا الباب صار القمص زكريا مرجعاً وربما نال اعجاب الاخرين بطريقة عرضه وغزارة المصادر التي يوظفها لخدمة غرضه فيما يخص الاسلام كدين .ان مواكبتي لشخصية القمص زكريا من خلال طروحاته حول القران والاسلام المدعومة ببراهين منطقية واستقصاءات تاريخية في نسيج منهجي محكم ، وهويتابع هدفه ويلاحقه في جوف تاريخه وبيئته وثقافته. وبهذا المعنى هو يلاحق خرافة الاخر من اجل تحطيم النسيج العقائدي لها ووضعها في دائرة انكفائها الايماني المحض هذا الايمان الذي يستثقل رد سيل الطعون الهازء بمحتوى واسس هذه العقيدة ( الخرافة)، وهويواجه خصماً لايبتغي الوصول الى الحقيقة المجردة عنه كباحث علمي محايد، بل من موقعه كقمص لديانة ومعتقد اخر، فهو يسعى الى الغاء حقيقة الاخر واقصاءها . وقد تعرض الاسلام كدين وعقيدة ،منذ ان نشأ الى تنا ول نقدي تشكيكي، من قريش وغيرها، وتحولت اسس هذا النقد الذي هورفضاً، لهذا الدين في مجرى تطوره وتحوله الى فكروثقافة لمشروع كوني، تناوءه ثقافة وفكر اخر حملته اتجاهات متناقضة، فظهر الدهريون والملاحدة والزنادقة ، وتوالت اسماء وعناوين ومفكرين وحركات ومذاهب، في هذا المنحى، الذي اختلطت فيه الغاية السياسة، مع دواعي النقد والتشكيك بهذا الدين السياسي وعقائده واسسه، ولم تكن اوربا وفاتكانها، بمعزل عن هذه الوجهة، واختلفت الغايات والدواعي وفقاً للمصلحة السياسة والعقائدية. واستفردت الغاية القائمة على اسس المعرفة والمنطق، بموقفها المنسجم والملموس من الاديان والمعتقدات بشكل عام بوصفها صناعة بشرية، وهذا الاتجاه هو ثقافة وفكر ممتد في رحاب مواقع الاديان وخاصة الكبرى منها وهو قديم قدم هذه الاديان،وقد شكل بامتداده وتواصله اسس ثقافة عالمية وجدت بوادر نهوضها وتشكلها الجديد والنوعي بعيد النهضة الاوربيية ، والموقف من الكنيسة ، الذي حظى بكيفية ناهضة استندت الى معطيات النهج العلمي وبواكير تشكله وتكامله لاحقاً بعد تطور العلوم التجريبية وتنوع المدارس الفلسفية واتجاهاتها المختلفة ، وعندما نعود الى موقع القمص زكريا بين تلك المدارس والتيارات المذكورة سنلحظه وبلاء عناء منهج متكيف مع رديف اعتقادي اخر يعاني من ذات الخلل وذات التفكك بمعايير االنقد والاستقصاء التي يستخدمها القمص وهذا هومنطوق المنهج الانتقائي بمجازيته ، وفيه تتماهى دواعي المنهج واسسه، وهدف الغاية الاخرى الرابضة في الجانب المقابل، وهي تنتظرلحظة تلاشي حقيقة الاخر او انكفائها . وحقيقة البحث النقدي وموقفه القائم على اسس المعرفة، والعلم غير معني ابداً باسقاطات الايدولوجية وغايتها بشكله المجرد، الااذا اريد تسخير منجزاته لوظيفة ايدلوجية، وهذا هو نهج القمص زكريا الذي يريد الوصول به الى غاية مجردة من دواعي العلم والمعرفة، وهو يختلف باستهدافاته عن تلك الرؤى المنهجية التي تتجاوز (ا لانا والانت) وتبحث عن حقيقة الاشياء بغض النظر عن انتمائها ، فعندما يتصدون لحقيقة الاخر لايقفون في حدود حقيتتهم المماثلة ، بل ينفذون الى جوهر الاشياء المتماثلة، والمتنافرة بمعيار منطقي واحد دون الالتفات الى لون هذه الحقيقة اوجنسها، والعلم يبقى هنا كطرف محايد ، واي اتجاه منحاز يظل خارج معياره وحقيقته، وعندما نعود الى القمص وهو يحاكي حقيقة لاتختلف من حيت تماثل نسيجها العقائدي مع مضمون حقيقتة و انتسابها الى جذر واحد وان اختلفت ظروف وارض استنباته، ولو عكسنا الامر بسناريو افتراضي في ضوء معاييرومنهج القمص زكريا نفسه لمعاينة حققيقته من زاوية مماثلة كما هويفعل مع حقيقة الاخر فاننا سنحظى بأستنتا ج متقارب يفضي الى احالة الحقيقتين الى مجرد خرافتين، وعندما نستتبع منهج القمص زكريا بخطواته ونتواجه مع حقيقته، فهل يتوافق محتواها مع منطق العلم وقواننينه ونحظى بسكينة الجواب الشافي؟؟، بان السيد المسيح ولد دون ان تتزوج امه اوانه تكلم في المهد وهورضيعاً وان ا باه هوالله ،وان لمسة يديه كانت تشفي الابرص والاعمى والمريض وان رغيفاً واحداً من بركاته يشبع العشرات وان حياته كانت سلسلة من المعجزات، ولكن هذه المعجزات توقفت وتلاشت عندما وقع السيد المسيح في قبضة اعدائه ،وهو يواجه شراسة تعذيبهم لروحه وجسده وهو يستغيث من وطاة الالم وشدته كاي بشرأضناه ثقل الالم والعذاب دون ان يحظى بمعجزة مطلوبة وملحة تنجيه من محنته في ظرف يستغيث به نبي الله من جوراعدائه وقسوتهم عليه ،باستثناء معجزة التشبيه كما يعتقد بها المسلمون والرفع الى السماء كما يرويها المسيحيون دون ان تحظى هذه المعجزات بمعرفة ظرف وقوعها او امكانية الاحساس بها، ان تشابك هذه الاجابات في نسيجها الميثيولوجي لاتحظى بامكانية قبولها وفقا لمنهج وجدل القمص زكريا بطرس والعلم غير معني بروايات ًلاتخضع لسياقات العلوم التجربية وقوانينها ايا كانت منزلتها وقدسيتها عند مريديها، من هذا المنطلق يواجه منهج القمص زكريا فقدان ا لتلازم بين موضوعية النهج وعلميته ومصداقية هدفه . ان الوصول الى ا قصاء حقيقة الاخر من خلال وسائل منهجية ولكن بمعايير مزدوجة, كمن يستخدم بندقيتة للدفاع عن نفسه او قتل الاخر بلاسبب، والمعايير المزدوجة هي منهج المستبدين ،وثقافة المعرفيين المتأدلجين الذين يستخدمون منجزات العلوم وتطبيقاتها ضد خصومهم من موقع عقائدي وليس علمي ،والطبع يستثنون خلل منطلقاتهم، وموقف القمص زكريا ورؤيته لاتقع خارج هذا المنطق والسياق . ( لاتنه عن خلق وتوافق على مثله)، مع اعتذاري للشاعر لتصرفي بمفرداته، من هذا المنطلق وكما قلت انفاً ان الاديان كمعتقدات لاتخضع لمنطق العلوم لانها تجسيدات ايمانية، وان بقائها ضمن هذا النطاق كانسان وضمير مع ربه الذي يعتقد به وتحل مسألة الوصاية القسرية عليه من الاخرين . ولااجد في محاولات الاخرين ومنهجية القمص زكريا تملك جدواها الافي اطار البحث التجريد ي الذي يقف عند الغاية العلمية بدون هدف سياسي او اواعتقادي، وهذا لايعني الوقوف السلبي ضد استخدامات الدين وتأويلات الفكر الديني ما يتعارض مع حرية الانسان واختياراته الشخصية ،ان بقاء الدين كاخر ضمن الكل سيجعله عاملا فعالا في التنوع الثقافي،واذا اراد له مريدوه ومستخدموه كسياق ووجهة ان يكون فيها كلياً سوف يسقطونه في دائرة الكل المطلق و سوف يحولوه الى مستبد رغم عنه،وتجربة الكنائس والدين في الغرب والعالم الاخر وكيف تحول الدين فيها الى اخر يحظى بالاحترام والتفاعل مع المجتمع دون ان يكفر الاخر اويضطهده وفعلاً هم يطبقون منطوق قراننا وايته ( لكم دينكم ولي دين).وياليت يتعظ اولئك المتنطعون والنصيون...من الاسلامويين وغيرهم..
#طلال_شاكر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في ضوء محاورة الدكتور كاظم حبيب لمقالتي رؤية مختلفة واجتهاد
...
-
متى تستبدل اتجاهك الخاطئ يافيصل القاسم باتجاه صحيح
-
نساؤهم ونساؤنا
-
هذه مسودة الدستور وهذا بلاؤها مالعمل؟
-
قرار لمجلس الوزراء العراقي يعين فيه يوماً للشهيد العراقي
-
الدكتور كاظم حبيب في حواره على موقع ايلاف وفي الحوار المتمدن
...
-
فيصل القاسم يصر على اتجاهه المعاكس
-
هل الملكية التي حكمت العراق كانت نظاماً معتدلا خسرناه
-
شخصية عبد الكريم قاسم بين هوى الراي وموضوعية التحليل
-
لسنا صيادو طرائد نازفة؟ تعقيب وراي في مقالة الدكتور النابلسي
...
-
الهوية العراقية بين عسر التكوين وصراع البقاء
-
وقفة ورأي في مقالة الارهاب السني والارهاب الشيعي - الدكتور ع
...
-
الذكرى الثانية والاربعون لانتفاضة 3تموز دروس وعبر
-
لالاياسيادة رئيس الوزراء العراقي فهذا ليس من مهامك
-
من أجل مفاهيم تكرس الوحدة وتهزم الانقسام
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|