أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - أوباما يسطو على شابلن














المزيد.....

أوباما يسطو على شابلن


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 4577 - 2014 / 9 / 17 - 21:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



عام 1921 قدم شارلي شابلن فيلمه الشهير" الصبي" وفيه يعثر رجل عاطل على طفل رضيع ملقى في الشارع، فيتولاه برعايته وعطفه. حين يبلغ الطفل سن الخامسة يصطحبه الرجل ليساعده في عمله كبائع زجاج جوال. يعمل الاثنان بالطريقة التي اخترعها شابلن: على الطفل أن يملأ جيوبه ويديه بالحجارة الصغيرة، ثم يصوب حجرا إلي زجاح إحدى النوافذ، يحطمه ويبادر بالفرار. بعدها بلحظات يطلع شابلن من الناحية الأخرى حاملا على ظهره ألواح الزجاج. يمشي متمهلا كأنه يمر بالمصادفة. أما ربة البيت التي تهشم زجاجها فإنها تقف وتتلفت حولها لعلها ترى الفاعل فلا تجده، لكنها تلمح شابلن يتهادى على الرصيف الآخر، فتشكر السماء على حظها السعيد وظهور" المنقذ" عند الحاجة. ومع أن نحو مئة عام قد انقضت على الفيلم إلا أن تأثيره مازال ممتدا ليس فقط إلي الفن بل وإلي نهج السياسة الخارجية الأمريكية. الطريقة التي أضحك بها شابلن العالم هي أن تخترع المشكلة لكي تستفيد من حلها، وهي الطريقة ذاتها التي يتبعها الرئيس الأمريكي باراك أوباما حين يصطنع تنظيما إرهابيا مثل " القاعدة "، وتنظيما آخر أشد ترويعا مثل " داعش"، ثم يمر بعد ذلك حاملا أسلحته على ظهره لينقذ العالم من المشكلة التي خلقها لينتفع بأرباحها!
أمريكا هي التي حرثت الأرض لظهور تلك التنظيمات حين شنت حربها على العراق ودمرته تمهيدا لتقسيمه، كما دمرت ليبيا، وقسمت السودان، وأشعلت الحرب في سوريا، وهدمت"الدولة" في تلك البلدان لكي تسهل عمل" داعش" وحركته، ثم مولت تلك التنظيمات الإرهابية كما فعلت من قبل مع " القاعدة" وأقامتها من عدم. والآن يتقدم الرئيس الأمريكي أوباما بمشروع " تحالف دولي لمحاربة داعش" بغطاء عربي مبديا استعداده لتوجيه الضربات الجوية إلي التنظيم في سوريا قائلا " لن أتردد في اتخاذ الإجراءات ضد داعش في سوريا والعراق". وتأتي هذه الخطوة بعد ثلاث سنوات من فشل المحاولات الأمريكية الحثيثة لإسقاط النظام السوري بحرب داخلية، ومن ثم يتحدث أوباما في الوقت ذاته عن " تصفية داعش" و" دعم المعارضة السورية المعتدلة بالسلاح". وتأتي هذه الخطوة بعد أن نضجت الأوضاع في العراق لقطف ثمار الغزو الأمريكي وتقسيمه إلي ثلاث دويلات: كوردستان في الشمال، والسنة بمحاذاة سوريا، والشيعة جنوبي العراق. من ناحية أخرى يظهر التحالف في مواجهة روسيا لتصفية حليفها السوري في الشرق الأوسط . ومن ثم فإن المستهدف ليس داعش بل سوريا والعراق أساسا وإضعاف شوكة روسيا دوليا في ظل الخلافات القائمة معها. ومع أن قرار مجلس الأمن رقم 2170 الصادر في 15 أغسطس الحالي ينص صراحة على " احترام استقلال وسيادة الدول التي تنشط داعش على أراضيها "، إلا أن أوباما يتحدث صراحة عن أنه سيوجه ضرباته حيثما يشاء مذكرا بتاريخ السياسة الأمريكية الطويل في تجاهل قرارات مجلس الأمن والاستهزاء بأية شرعية دولية مستعينا بكل الأكاذيب الممكنة عن مكافحة "الإرهاب". لقد خلقت السياسة الأمريكية كل ذلك الإرهاب ، والآن يمر باراك أوباما بالمصادفة يعبر أمام النوافذ المحطمة حاملا سلاحه على ظهره ليعرض علينا دور المنقذ ! أما نحن فعلينا أن نشكر السماء على حظنا السعيد لظهور مشروع التحالف في الوقت المناسب!
كانت طريقة الفنان العظيم شارلي شابلن هي " اصطنع المشكلة وتقدم لتربح من حلها"، بها أضحك الملايين وأسعدهم، والآن يسطو باراك أوباما على تراث شابلن مستخدما الطريقة ذاتها، لكن ليصل إلي نتيجة أخرى تماما بعيدة هذه المرة عن الضحك أوإسعاد الناس. نتيجة مشبعة بالدموع والقتلى والمزيد من التخلف الحضاري.
***
أحمد الخميسي . كاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا القومي لحقوق الإنسان المصري
- حظر الأحاديث السياسية في المدارس المصرية
- نجيب محفوظ داخل الأدب وخارجه
- محمد ناجي .. الإبداع والألم
- الحقيقة حين تكذب في مهرجان للمسرح
- مستقبل - على الريحة - !
- ضمائر على الضفة الأخرى
- العالم يسمعنا الآن ..
- حماس .. أم فلسطين ؟!
- إفطار رمضاني في معبد
- بالميرو - قصة قصيرة
- أدباء من معسكر القتلة .. على سالم ونصار عبد الله
- وحشة - قصة قصيرة
- التحرش بالنساء في مصر
- مهام صعبة أمام السيسي والمعارضة
- الثقافة والرئاسة في مصر
- البربشة الفكرية للأحزاب السياسية المصرية
- الأخلاقي وغير الأخلاقي في الفن
- تحليل المشاعر بالطريقة الأمريكية !
- أطلع لك القمر .. كل تقدمنا العلمي !


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - أوباما يسطو على شابلن