|
عن العدمية المفلسة.. وبعض من تجلياتها
مصطفى بن صالح
الحوار المتمدن-العدد: 4577 - 2014 / 9 / 17 - 15:06
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
عن العدمية المفلسة.. وبعض من تجلياتها
شيء من المقت والعدمية يغمر تلك "الأفكار" أو الصيحات التي يعبّر عنها بين الفينة والأخرى "حسن أحراث"، كأحد المهووسين بالإضرابات الطعامية وبالاعتقال السياسي، لحد عدم تصوره لأي نضال أو صراع طبقي، إلا داخل السجون، وعبر خوض الإضرابات الطعامية حتى الموت، بتوجيه من شعار "المطالب أو الشهادة" وحيث لا تخلو هذه المطالب نفسها من مطلب "إسقاط النظام"!! و"حسن أحراث" معروف لدى الأوساط الحقوقية المغربية، حيث اشتغل وما زال بإحدى إطاراتها المعروفة ـ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ـ وتحمّل المسؤولية في أجهزتها المحلية، والقيادية التنفيذية ككاتب عام لمكتبها المركزي. له تجربة نضالية في صفوف الطلبة القاعديين ومن داخل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب خلال النصف الأول من عقد الثمانينات، وهو الشيء الذي جرّه للاختطاف والاعتقال سنة 1984 بعد الانتفاضة الشبيبية والشعبية التي انطلقت شرارتها الأولى من مدينة مراكش خلال يناير 1984. وبعد انحسار مدّ الانتفاضة، الذي شمل حينها العديد من المدن كان أهمها القصر الكبير وتطوان والحسيمة والناظور..الخ أحكم النظام قبضته على كل الحركات المناضلة وطلائعها الشبابية، بأن رمى بجلهم في السجن، وبأن لاحق وحاصر ما تبقى من الطاقات المناضلة وإطاراتها التنظيمية والجماهيرية، وبالأخص الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وحركة الطلبة القاعديين، وحركة التلاميذ التقدميين وبعض من قدماء اليسار السبعيني واليسار الاتحادي..الخ نـُظمت المحاكمات، وطـُبخت الأحكام، لتبتدئ معاناة جديدة بعد الأحكام القاسية التي تلقاها الشباب، وبعد التراجعات الخطيرة التي لحقت مكتسبات المعتقلين السياسيين وعائلاتهم، كان أهمها الحرمان من متابعة الدراسة ومن الاطلاع على الإعلام ـ راديو، تلفزة، جرائد، كتب، مجلات ..الخ ـ والحرمان من الزيارة المباشرة، بالإضافة للمشاكل العادية الخاصة بالتطبيب والتغذية والإيواء والنظافة..الخ انطلق النقاش داخل مجموعة مراكش التي ضمّت حينها حوالي 45 معتقل ـ حول الصيغ الملائمة والناجعة للرد على هذا الهجوم، عبر تنظيم معركة شاملة ينخرط فيها المعتقلون وعائلاتهم وجميع الرفاق التقدميين المناضلين من أجل الحرية والديمقراطية والقضاء على الاستبداد.. خلال هذا النقاش برز "أحراث"، وذاع صيته وسط المناضلين بتشدده، وعدميته، وعدوانيته الخطيرة، تجاه أيّ من مخالفيه، سواء في الرأي أو في تدبير المعركة.. حيث كان سببا، وعاملا مؤججا للانشقاق في صفوف المعتقلين وأسرهم، وساهم بشكل خطير في نشر الاتهامات والتصنيفات وجميع أشكال التخوين في صفوف المعتقلين بناءا على موقفهم من الإضراب عن الطعام وعلى توقيته ومدّته..الخ كان هذا التقديم ضروريا لكي لا تخلط الأمور، ولكي لا يتـّهمنا أحد بالتجني أو الافتراء على معركة نعتبرها سياسية، خاضها المناضلون المعتقلون السياسيون حينها، كل بطريقته وبشكله النضالي الخاص خدمة لقضية واحدة موحدة هي قضية الديمقراطية والنضال ضد الاستبداد. حيث كانت المعارك السجنية تأخذ طابع وشكل بيانات للمعتقلين، وبيانات لعائلاتهم، وبيانات للفعاليات الحقوقية والحزبية، والنقابات والاتحادات التقدمية.. وتأخذ كذلك شكل اعتصامات، ومسيرات، وتظاهرات، وإضرابات عن الطعام محدودة ولا محدودة.. كلها معارك ساهم بها صنـّاعها والمقتنعون بها، في فضح استبدادية النظام القائم، وفي فك الحصار عن ضحايا قمعه ودمويته، من المختطفين والشهداء والمعتقلين والمتابعين والمحاصرين والمختفين..الخ سقط الشهداء وما زالوا، وسُجن المناضلون وما زالوا، وشردت الطلائع وما زالت المعركة مستمرة إلى أن يتحقق النصر وانتصار الكادحين في معركتهم من أجل الحرية والديمقراطية والاشتراكية. إلا أن الأكيد المؤكد، هو أن المعركة معركة طبقية في شكلها وجوهرها، بمعنى أن الطبقات الشعبية الكادحة المعنية بالتغيير، وفي مقدمتها وطليعتها الطبقة العاملة صاحبة الرسالة التاريخية، هي التي تخوضها بنفسها، ولن ينوب عنها أحد في هذه المهمة التاريخية، ألا وهي القيادة الواعية والمنظمة، لجميع الفئات والطبقات الاجتماعية المعارضة للبرجوازية ونظامها الرأسمالي، في معركة التحرير والتحرر السياسي والاقتصادي والاجتماعي.. فمن يبحث عن من يؤجج حركة الصراع الطبقي فلن يجده داخل السجون وسط المناضلين العزّل، بل سيجده وسط المؤسسات الإنتاجية الإستراتيجية، أو داخل قطاعات الإنتاج المهمة، أو داخل الفئات الشعبية العريضة والمهمشة في البوادي وضواحي المدن..الخ ومن يبحث كذلك عن الأشكال الراقية للتضامن مع المعتقلين السياسيين، فلا يجب أن يكون وصيّا عنهم، أو مفتيا في شؤونهم، ومحاصرا لجميع الأشكال التضامنية العديدة الأخرى معهم ومع نضالاتهم بسبب من عدم ملائمتها لهواجس "أحراث" وتطلعاته وأوهامه..الخ فلأول مرة أسمع أن هناك أشكال خاصة ومعينة، للتضامن مع المعتقلين السياسيين؟ بل وأن "أجملها" حسب "أحراث"، يجب أن تبقى خفية متوارية عن الأنظار والكاميرات وآلات التصوير، وبأن يجب أن تبقى متكتـّمة "لا تلوكها الألسن ولا تنشرها الجرائد.." وبأن تبقى بعيدة عن محترفي "التضامن وعن مختلف الدكاكين السياسية والنقابية والجمعوية..الخ إنه هراء ما بعده هراء، بل هو غباء، وقصر نظر، وفقر فكري.. بله بؤس نظري مقيت.. حين يدين المرء المتضامنين ويُشكك في نواياهم لأسباب وتقديرات لا يعرفها سوى "أحراث" هو، وفي المقابل يغض الطرف عن الصامتين والمتواطئين! فنحن بصدد الكلام والنقاش حول قضية صغيرة أو جزئية من قضايا النضال العام من أجل الحرية والديمقراطية الشاملة والطبقية ـ قضية الاعتقال السياسي والحريات الديمقراطية عامة ـ ومن أجل انتصار هذه القضية الصغيرة، أو من أجل أن تلعب دورها في الفضح والتشهير ـ وليس تأجيج حركة الصراع الطبقي كما يدعي البعض ـ تستعمل وسائل معينة لهذا الغرض كالبيانات التي تشرح للرأي العام، بمن فيهم المتعاطفين والمتضامنين المفترضين، دواعي المعارك التي تصب في هذا الاتجاه، وحيث يسعى المعنيون بالقضية وبمعاركها، لجلب أكبر عدد وأوسع قاعدة تدعمهم وتساندهم في نضالاتهم، التي يعتبرونها عن حق معركة لكل الديمقراطيين ولكل الكادحين المقصيين والمهمشين المتضررين من غياب الديمقراطية ومن سيادة نظام الاستبداد بالمغرب.. فلا داعي أمام هذا الوضع لبسط اليد وإحكام القبضة على مجموعة من المعتقلين وحسب، ليس جميعهم، وإفهامهم بأن القضية قضيتهم ولا حاجة لأصحاب الدكاكين والمناضلين "المتسكعين"، والحال أن وضع أصحاب الدكاكين وغيرهم من "الفراشة" لا يختلف في شيء، إلا في نبرة الزعيق والنقد السلفي الداعيشي الذي يمقت الكاميرا ويحارب آلة التصوير والمسرحيات و"الطبل والغيطة"..الخ إنها أخطر أشكال التعتيم والحصار والضحك على الذقون حين نبجّل "جنود الخفاء"ـ يجهلهم الجميع سوى "أحراث"ـ، ونستنكر في المقابل حملة التضامن الواسعة والمتنوعة والبعيدة عن لافتة "أنصر أخاك"، وندين المتضامنين بدعوى أنهم محترفين للتضامن، أو متسكعين، أو نقابيين أفراد، أو أصحاب انتماء سياسي أو نقابي أو جمعوي.. وإنها أخطر أنواع التمييع والبهتان وشكل من أشكال الكاريكاتور لليسراوية الصبيانية حين ينفي المرء عن نفسه صفة السياسي والجمعوي، في الوقت الذي احترف فيه "أحراث" ومنذ خروجه من السجن بداية التسعينات، التضامن مع المعتقلين، كيفما كانت تهمتهم سياسية أو جنائية، ودعم ضحايا حقوق الإنسان.. فقط. وردا على هذه العدمية وعلى الحربائية في المواقف: محترفين للتضامن إن تضامنوا، ومتواطئين مع النظام إن صمتوا!! نعلن تضامننا الفعلي والمبدئي، مع جميع المعتقلين من أجل قضايا سياسية ونضالية.. مع الدعوة لحملة تضامن واسعة من أجل إطلاق سراحهم ومن أجل فك الحصار عن نضالات أسرهم، ومن أجل تحسين أوضاعهم السجنية ومن أجل حقهم في متابعة دراستهم.. وحيث يفترض في التضامن ألا يكون مقيّدا، أو مشروطا، أو مهتمّا برفاق الدرب، أو الخط، أو الدكان، أو القيساريات، أو الرصيف حتى..الخ فالعيب ليس في الدكان، بل العيب في السلعة المعروضة، وفي زبنائها المفترضين.
#مصطفى_بن_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-على درب الشهداء..!-
-
ذكرى الشهداء وأهمية النضال القاعدي الوحدوي
-
من أجل إنقاذ حياة -مصطفى المزياني-
-
الاعتقال السياسي قضية طبقية وليس مؤامرة هوليودية
-
أخطاء ومنزلقات، في الحاجة لمن ينتقدها وليس لمن يعمل على تبيي
...
-
نشطاء العشرين.. أية مصداقية!
-
عن أية مكتسبات يتكلم الإخوة -الحقوقيون-..!
-
ضد التطبيع الحقوق_إنساني البئيس
-
عن أية ديمقراطية يتكلمون..
-
في ذكرى الشهيدين شهيدي الحركة الطلابية القاعدية وشهيدي انتفا
...
-
اليسار المغربي والانتقال إلى الهاوية
-
تزوير أم جهل بالمعطيات.!
-
وحدة النضال الطلابي مهمة غير قابلة للمزايدة
-
عن الحقوقيين بطنجة، مرة أخرى..
-
جمعيات -مناضلة- أم شاحنات لجمع النفايات؟
-
من -وحي الأحداث-.. نقد ذاتي محتشم..
-
عن معزوفة المؤامرة التي تتعرض لها الجمعية المغربية لحقوق الإ
...
-
بين تقبيل الكتف، وتقبيل اليد مسافة قصيرة، فقط..
-
في ذكرى الشهيد المعطي الذي اغتالته عصابة -العدل والإحسان-
-
من قلب الندوة الطلابية، وعلى هوامشها.. موضوعات للنقاش
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|