|
فاس في الموعد سياحيا ... لا أصدق ؟
عزيز باكوش
إعلامي من المغرب
(Bakouch Azziz)
الحوار المتمدن-العدد: 4577 - 2014 / 9 / 17 - 14:57
المحور:
المجتمع المدني
عزيز باكوش
من المفارقات الغريبة والعجيبة فوز مدينتين مغربيتين فاس والرباط باستضافة تظاهرة سياحية دولية بعد اختيارهما لاستضافة اجتماعها السنوي المقبل ، وذلك بعد أن حصلت المدينتين المغربيتين الرباط وفاس على 17 من أصوات أعضاء اللجنة التنفيذية للفدرالية البالغ عددهم 50 عضوا، متقدمتين بذلك على مدن تتوفر على مؤهلات سياحية كبيرة مثل روما وواشنطن ولوس أنجلس. الحدث يأتي بعد توقيع مذكرتي تفاهم مع الفدرالية الدولية للمدن السياحية، وكذا اتفاقية التعاون التي وقعها المكتب الوطني المغربي للسياحة مع المكتب السياحي لبكين" المفارقة هنا سؤالين ، الأول : كيف يستقيم هذا الاختيار الدولي مع جملة من الاختلالات التدبيرية الطافية اليوم على السطح سواء تعلق الأمر بتدبير الشأن المجالي في شقيه العمراني البيئي والمجتمعي لفضاءات العاصمة العلمية للمملكة ؟ الثاني :هل لدى المسؤولين وعي حقيقي وسياسة عملية مجدية لتجاوز هذه الاختلالات ومعالجة تداعياتها في زمن قياسي ؟ يبدو أن المشكلة جدية ، وأكبر بكثير من أن تكون حملة مساحيق وترقيعات شكلية هنا أوهناك فسواء على مستوى تدبير الفضاء العمومي و ما يعتري المدينة " فاس" من عشوائية في التعمير والبناء المسخ والتشويه للمعالم ، أم على صعيد تلك الفوضى التي تعم الأمكنة من محطات ومواقف ركن السيارات التي بلغت في محطة الرصيف بالمدينة العتيقة وحدها 30 درهما للسيارة ، في حين يتبجح الميثاق الجماعي بالتنصيص على درهمين فقط ، ويتفاقم ذلك في ظل فوضى غير مسبوقة وتواطئ مكشوف بين منتخبين وسماسرة وعرابون وما بينهما . إذ في ظل التغاضي المخدوم إزاء مجموعة من الإفرازات المجتمعية السلبية المرتبطة في الجزء الأكبر منها بالانتخابات ، و في الجزء الآخر بالهجرة القروية ، وهما آليتان أصبحتا تستبقان الزمن وبالسرعة القصوى للعودة بالمدينة العلمية إلى الزمن القروي أمام عجز مكشوف للسلطات ، دون الحسم واتخاذ سياسة واضحة إزاءهما ، لن تستقيم الأوضاع ، ولن تعرف الاختلالات مجتمعة معالجة حقيقية ، لقد بات مشهد البغال والحمير المتخلى عنها بالعشرات مشهدا مغريا للسينما يستوقف السياح الأجانب ، وهي تعرقل السير متهالكة في أكبر شوارع المدينة ،وحيث الكلاب الضالة تعبث بأكياس النفايات المكدسة والمنسية روائحها تسد الروح ، كما لو أنها من التاريخ الحضاري للمدينة، وفيما ملفوظات البناء العشوائي تتكدس في الطرقات، وتعيق السير في هذه المدارة المحدثة على عجل وتقود إلى تلك الحفرة التي دشنتها أمطار الخريف الماضي ، تتراءى مقابر إسلامية لا تحترم الكائن ميتا ، وتؤشر على احتقار حقيقي لحياته ، لتقذف بالزائرين صوب واجهات أسوار تاريخية متآكلة بحموضة التبول ، هدها الإهمال وتنقصها تلك الصيانة الاعتيادية
أما الاحتقان الذي تعرفه منظومة السير والجولان المرتبكة أصلا ، ومعضلة الباعة المستوطنين المحتلين لكل ما هو عمومي نكاية في الدولة ، وتشفيا في قوانينها ومواثيقها الجماعية ، أضف إلى ذلك المقاهي وتورطها الفاضح في الاستغلال غير القانوني للملك لجماعاتي العمومي ، حيث تتمطط الواحدة ثلاث مرات أضعاف حجمها الحقيقي على حساب الملك العمومي ، إضافة إلى استنبات عشوائيات في مواقع حساسة بالمدينة في إشارة إلى أن الاستحقاقات الانتخابية قادمة ، فهذه الارتباكات مجتمعة تشكل عنوانا كبيرا لمعضلة اسمها آفة تدبير المجال ، وشعارها العشوائية في كل شيء ورغم تطمينات المسؤولين في مجال السياحة في العاصمة العلمية بأن فاس ستكون في مستوى الحدث، ومهما تباينت الظروف أمام الفدرالية الدولية للمدن السياحية بخصوص الثقة التي وضعتها في المملكة ودعمها الواضح لترشيح المدينتين المغربيتين ، فإننا نعتقد أن هناك الكثير الكثير مما يجب القيام به اليوم والآن بفاس ، وفي زمن قياسي، حتى تستقيم الأوضاع في تجاه الارتقاء إلى مستوى هذه الثقة . إذ في الوقت الذي يشدد فيه روح التدبير للشأن المجتمعي على معيار الكفاءة كشرط ملزم لتحمل مسؤولية تدبير جماعة حضرية أو مدينة ، وفي الوقت الذي تتشدد المدنية في توفير شروط السلامة والنظافة والأمان وتفعيل القانون ..نجد أن المواطن صار الرقم الأخير في معادلة التنمية ، ليعتلي الحيوان الواجهة ، فيما طوفان الحمقى والمشردين من كل الجنسيات يغمر المدينة من أقصاها إلى أقصاها ، وتجذرت حرفة "التسول " الذي بات مؤسسة تذر الملايين خارج أية رقابة ، وفيما شوارعها وأزقتها تم تمليكها في تواطئ مكشوف من الأوصياء على الملك العام ، نبتت كالفطر عشوائيات عجلت بالسير نحو الترييف بالسرعة القصوى .هذا غيض من فيض
وسبق للزميل محمد بوهلال الإشارة إلى ما أصبحت تعانيه مدينة فاس كمدينة إسمنتية ضدا على منطق الأشياء ، حيث باتت شوارعها تعج بأعداد كبير ة من السيارات والعربات جعل حركة المرور بها تعرف اكتظاظا يعرقل حركة السير،أما حركة السير بباب الفتوح والمرينيين وساحة الرصيف ، فإن اللسان يعجزعن وصفها ، حيث يكاد سائقو السيارات الخصوصية وكذا سيارات الأجرة يختنقون داخلها ، نظرا لتكدس السيارات وحافلات النقل العمومي خاصة ، أضف إلى ذلك ماتعرفه شوارع فاس وأزقتها من استغلال بشع من طرف حراس مواقف أغلبيتهم جرفتهم الاستحقاقات الانتخابية وأغلبهم من أصحاب السوابق الذين لايتوانون في سب أصحاب السيارات الخصوصية ، والتلفظ بألفاظ نابية في حق كل من لم يؤد ثمن تعرفة الوقوف التي يسنها هؤلاء الحراس من تلقاء أنفسهم ". هؤلاء يضيف محمد بوهلال أصبحوا مستعمرين لتلك المواقف بدعوى أنهم اكتروها من الجماعة الحضرية دون أن يدلوا بوثيقة رسمية تثبت ادعاءاتهم عند حدوث نزاع بينهم وبين المواطنتين ، علما أن تلك المواقف المنتشرة في الشوارع والأزقة وبين منازل السكان لا تحمل علامة أو شارة توحي بأن المواقف مواقف تابعة للجماعة الحضرية ، بل الأدهى ، فان تعرفة وقوف السيارات في ساحة الرصيف تبلغ 30 درها لكون الساحة تمت هيكلتها ولم يعد مسموحا الوقوف بها للسيارات الخصوصية باستثناء الحافلات السياحية " إلى ذلك لم تفلح عملية إدراج الجماعة الحضرية بفاس لنقطة في جدول أعمال دورة يوليوز الماضية والمصادقة على دفتر التحملات الخاص بالتدبير المفوض بمواقف السيارات بساحة فلورنسا والسوق المركزي من تخفيف وطأة الاكتظاظ والاحتقان حيث أثارت النقطة جدلا عقيما ما بين معارض ومؤيد ، بل كانت مناسبة سانحة لتعميق جراح الأزمة ، حيث تساءل عدد من المتتبعين للشأن المحلي بفاس عن المشروع الذي كان سيقام بها، والذي أنجز في شأنه مباراة دولية بين عدد من المهندسين المغاربة والأجانب ، هذا المشروع يضيف المصدر ذاته سبق أن تفوقت في إبداع تصميمه مجموعة من المهندسين الايطاليين والمغاربة والذي كان من المقرر أن تنجزه بلدية فلورنسا بحكم التوأمة التي تجمع بينها وبين فاس وذلك ، على غرار مشروع إعادة هيكلة دار أعديل بفاس العتيقة وإعادة هيكلة أسوار شارع الرصيف ." ويدق الدكتور حسن عاطش ناقوس الخطر سيما القمة الرابعة للفيدرالية العالمية للمدن السياحية، المزمع تنظيمها قريبا بالحاضرة الإدريسية، على الأبواب ، حيث مظاهر الإهمال والتقصير في التعاطي مع الشأن المجتمعي في مختلف المجالات المدنية بارزة للعيان . إن عدم إظهار الحزم والصرامة في التعاطي مع مظاهر التشويه والمسخ التي تطال الفضاءات والأمكنة ستهدد التظاهرة الدولية لا محالة بالفشل ، حيث الفوضى تجتاح جل شوارع المدينة، بعدما هاجم الباعة المتجولون الحاضرة الإدريسية ، وأحكموا سيطرتهم المطلقة على الأماكن الحساسة وعلى شوارعها وساحاتها الرئيسية، وفي مساحات كبيرة من الملك العمومي ، مما سبب تأثيرا صادما على منظومة السير والجولان بالمدينة حيث أجبرت هذه المسلكيات غير اللائقة الراجلين على السير وسط الطريق رغم المخاطر. والنتيجة ، الازدحام المفرط وسط فوضى عارمة وأجواء مشحونة تعتري فضاءات العاصمة العلمية ومساجدها التي أصبحت أبوابها ومداخلها محاصرة، وباتت تعيش على إيقاعات مختلفة بانتشار الكبير لباعة الفواكه والخضر والملابس المستعملة ومستحضرات التجميل والجنس مجهولة المصدر، في تشويه كبير لجمالية المدينة . ويستعجل الدكتور عاطش المسؤولين بالحاضرة الإدريسية تخليص المدينة من التزايد الملحوظ في احتلال الملك العمومي من طرف الباعة المتجولين، والذي -;- يخلف استياء عميقا في نفوس ساكنة المدينة ويضر التجارة المنظمة في مقتل وتجدر الإشارة في هذا الصدد ، إلى دعوات أطلقتها منظمات وهيئات جمعوية دعت خلالها أكثر من مرة إلى إيجاد حل جذري وتحرير بعض الأماكن العمومية، مثل وسط المدينة ومحطة الحافلات عوينات الحجاج والشارع المؤدي إلى حي المرابطين وحي القدس وشارع الكرامة مونفلوري والسعادة وبندباب ...الخ بسبب الوضع الذي آلت إليه هذه الشوارع التي أغلقت بعضها في -;- وجه السيارات والمارة، حيث الأمر أصبح عاديا ومألوفا رغم العديد من الشكايات التي تطالب بإيجاد حلول لهذا التسيب. ويختم الدكتور عاطش حديثه متسائلا : هل عبر سياسة الفوضى والسيبة التي تعم كافة الجوانب التدبيرية بالعاصمة العلمية تريد الحكومة المغربية النهوض بمسلسل الإصلاح والتنمية؟ وهل بمظاهر الفوضى تعول الدولة المغربية على إنعاش الحركة السياحية وجلب الاستثمارات الأجنبية؟ وهل بنشر الأسواق العشوائية تريد توفير فرص الشغل والقضاء على معضلة البطالة؟ فاس اليوم ، في حاجة ماسة وعاجلة إلى مبادرات جريئة وشجاعة ، يقودها شباب وشابات خريجوا المدارس الوطنية والمعاهد العليا ممن أوكل إليهم تدبير شأنها العمومي والمجتمعي بعقلية مدنية حداثية ، من مهندسين و قواد مدعومين بهامش كبير للمبادرة واتخاذ القرار باستشارة مع رؤساء أقوياء غير جشعين ، تتمثل في الإقدام دون هوادة، وبسند قانوني وشعبي ، على هدم الخيام والأكشاك العشوائية ومعاقبة مقترفي المصادقة عليها ، وكنس العربات وتوابعها من أبواب المساجد والإدارات والمؤسسات الخدماتية الحيوية بالمدينة ، وهدم الدكانيات والأرصفة المضافة ليلا ، سواء بالقرب من المساجد او الشوارع المغلقة ، والتعامل بصرامة مع ذوي السوابق وعدم الانصياع إلى إملاءاتهم ، حتما بعد هذا الانجاز ، سيتنفس المواطنين الصعداء. وستحشد السلطة دعم المجتمع المدني ، وتستعيد الدولة بذلك هيبتها المفتقدة ، وعلى السلطات والمنتخبين الاستماع إلى نبض الشارع ، وتدوين ملاحظاته على أساس الاشتغال عليها في أقرب فرصة ، في إطار مقاربة تشاركية، . ذلك وحده ، نعتبره تجسيدا حقيقيا لإرادة السلطات المحلية في الاهتمام بهموم وقضايا المواطنين ، بعيدا عن أجندة الاستحقاقات ، قريبا من هموم الشعب وتفعيلا حقيقيا لمضامين الخطب الملكية المراسيم والقرارات . مع تحيات عزيز باكوش
#عزيز_باكوش (هاشتاغ)
Bakouch__Azziz#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعيين وزيرة في حكومة فالس الثانية من أصول غير فرنسية... انتص
...
-
فاس والكل في فاس 306
-
الفايسبوك العربي : من أجل مقاربة براغماتية
-
هكذا تعامل أمتعتنا بمطار محمد الخامس ؟
-
الإفلاس السياسي كما يرصده الشاعر المغربي سليمان مستعد
-
فاس والكل في فاس 305
-
نيابة فاس تحتفي بالمتفوقات والمتفوقين من تلامذتها برسم الموس
...
-
معطيات إحصائية عن نتائج الدورة العادية لامتحان نيل شهادة الب
...
-
فاس والكل في فاس 304
-
المثقف العربي .....اليوم وغدا
-
فاس والكل في فاس 303
-
في سابقة .. جمعية مدنية تدافع عن حق التلميذ في الغش
-
في الحاجة إلى الإطار القانوني لترشيد النشر الإلكتروني بالمغر
...
-
فاس والكل في فاس 302
-
الصحافة الإلكترونية : تدفق كبير في الأسماء والنطاقات ، والحا
...
-
فاس والكل في فاس 301
-
قراءة في كتاب - الإخفاق الاجتماعي بين الجنس والدين والجريمة
...
-
ضيف وموهبة برنامج إذاعي يحضن المواهب الشابة في الإبداع الادب
...
-
فاس والكل في فاس 300
-
الدين والمجتمع الدكتور إدريس مقبوب
المزيد.....
-
إعلام الاحتلال: اشتباكات واعتقالات مستمرة في الخليل ونابلس و
...
-
قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات خلال اقتحامها بلدة قفين شمال
...
-
مجزرة في بيت لاهيا وشهداء من النازحين بدير البلح وخان يونس
-
تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت
...
-
أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر
...
-
السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
-
الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم
...
-
المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي
...
-
عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|