كوسلا ابشن
الحوار المتمدن-العدد: 4576 - 2014 / 9 / 16 - 20:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تدخل النظام الاستعماري الفرنسي في المروك بدعوى من النظام الاستطاني العروبي وعلى رئسه حفيظ العلوي لحمايته من الثورة التحررية الامازيغية التي حاصرت معقله الاخير مدينة افاس . بموافقة الدول الاستعمارية على حماية فرنسا للنظام العلوي الاستطاني في المروك , مقابل موافقة فرنسا على السماح لاسبانيا لاحتلال القسم الشمالي للمروك ( منطقة الريف ) والموافقة كذلك على التدخل البريطاني في مصر وكذا التنازل للالمان عن جزء من اراضي الكونغو تبلغ مساحته 275 الف كيلومتر مربع .
وقعت معاهدة الحماية في 30 مارس 1912 , تعهدت فرنسا بموجبها حماية النظام الاستطاني والقضاء على الثورة التحررية الامازيغية وتوحيد المروك تحت السلطة الاستطانية وتكوين ابناء اعيان الاستطان العروبي في المدارس الفرنسية لتجهيزهم للسيطرة على حكم المروك لما بعد الحماية , وفي المقابل لفرنسا الحق المطلق في تسيير شؤون الدولة و استغلال الثورات الطبيعية ومصادرة اراضي الاهالي .
اتمام المهمة الفرنسية بتنفيذها لمعاهدة فاس في القضاء على التهديد الذي كان سينهي الحكم الاستطاني العروبي , هذا التهديد الذي كان يمثله الجيش الثوري التحرري الامازيغي , وتوحيد البلد الامازيغي تحت سيطرة الدولة الاستعمارية ومصادرة اراضي ايمازيغن وثرواتهم الطبيعية واخضاعهم للجلاد الاستعماري , بالاضافة للتغيرات الدولية التي طرأت بعد الحرب العالمية الثانية بظهور المعسكر الاشتراكي كطرف في الصراع الدولي ومساندته لقوى التحرر الوطني التي كبدت فرنسا خسائر كبير في الارواح والعتاد , بالاضافة الى بروز قوة اقتصادية جديدة تقود النظام الامبريالي العالمي الجديد , امريكا , وتغلغل رأسمال هذه الاخيرة في الاقتصادي المروكي واصبح ينافس الرأسمال الفرنسي , هذه العوامل ادت الى التفكير في تغيير العلاقات المتبادلة بين فرنسا والمخزن العروبي والحفاظ على مصالح الدولة الفرنسية ونفوذها في المنطقة وذلك بالغاء اتفاقية الحماية واستبدالها بالظهير العروبي ( اتفاقية اكس ليبان ) الضامن الاساسي في حماية هذه المصالح والامتيازات , وعلى هذا الاساس استدعي الى باريس سنة 1950 ممثل الاستطان العروبي محمد الخامس لمناقشة مشروع جديد لترتيب العلاقات بين الطرفين على اسس جديدة , مهدت للظهير العروبي المعروف باتفاقية اكس ليبان التي اطلقت المفاوضات في غشت 1955 بين الوفد الامبريالية الفرنسية والوفد الاستطاني العروبي الخائن وعلى رأسه المهدي بن بركة وعبد الرحيم بوعبيد ومحمد اليزيدي وعمر بن عبد الجليل ومبارك البكاي , حول شروط الغاء الحماية والعلاقات المستقبلية بين الطرفين , وفي سبتمبر من نفس السنة اجتمع في مدغشقر وفد فرنسي مع بيادقه العروبيين من ممثلي الجماعات الاستطانية ( الاستقلال و الشورى والاستقلال ) وكذا صنمهم الروحي المحافظ على سيطرتهم , محمد الخامس لمناقشة حيثيات الظهير العروبي , الذي سيوقعه هذا الاخير بتاريخ 2 مارس 1956 بفرنسا ونفس الظهير سيوقع مع الطرف الاسباني في مدريد بتاريخ 2 ابريل من نفس السنة .
الظهير العروبي سيدشن لمرحلة تبادل الادوار بين الانظمة الاستعمارية والاعتراف المتبادل بينها , اعترافا بالخدمات الجليلة التي قدمتها فرنسا للمخزن الاستطاني العروبي لحمايته من الثورة المسلحة الامازيغية وكذا المساعدة على ارساخ هياكل الدولة الحديثة وتكوينه للكوادر السياسية والادارية من ابناء العشائر العروبية , سيمتثل الاستعمار الاستطاني العروبي لاوامر سيده الفرنسي بالتبعية السياسية والاقتصادية والثقافية , و سيتكفل المخزن التبعي بمراعات وحماية سيطرة الشركات الفرنسية على اهم فروع الاقتصاد المروكي , وهيمنة اللغة الفرنسية في المواقع الاقتصادية وانتهاج اساليب التعليم الفرنسي , ومن جهتها ستعترف فرنسا بالاستعمار الاستطاني الجديد وتدافع عن سياسته في المحافل الدولية وتتنازل عن مؤسساتها الصناعية في المروك للسلالات الاستطانية العروبية , الفئة الكومبرادورية التي ترعرعت في كنف النظام الرأسمال الفرنسي , كما سيسمح لهذه الفئة بمصادرة اجود اراضي القبائل الامازيغية التي كانت صدرت من قبل في طرف المستوطنين الفرنسيين , الكومبرادور الاستطاني سيدخل البلد في ازمات سسيو- اقتصادية وفوضى في الانتاج والتسيير , من نتائجه ازدياد العاطلين وارتفاع في اسعار المواد الغذائية الضرورية وانخفض مستوى المعيشة وتجويع الشعب وتقتيله الممنهج .
الظهير العروبي سيبدأ بنوده الاولى بتصفية قادة الكفاح المسلح الامازيغي وعلى رأسها اغتيال قائد جيش التحرير في الشمال عباس لمساعدي بامر من المهدي بن بركة عضو جماعة ( الاستقلال ) المنتمي للسلطة الاستطانية المكونة من 9 وزراء من حزبه و7 اخرين من المنتمين للادارة الفرنسية السابقة يرأسها البكاي الظابط العسكري السابق في الجيش الفرنسي . جنازة قائد الكفاح المسلح عباس لمساعدي التي شارك فيها الاف من ايمازيغن تحولت الى مظاهرة احتجاجية قومعت بوحشية باستعمل الرصاص , وبما ان الظهير العروبي يستهدف الوجود الامازيغي , ستقترف السلطة الاستطانية مجازر عرقية في الجنوب الشرقي لقمع انتفاضة الاهالي , الا ان فشلها في اتمام مشروعها العرقي الابادي , ستستبدل الحكومة المشتركة , بحكومة كل اعضائها من جماعة ( الاستقلال ) وحدها بتاريخ 12 ماي 1958 , لتباشر مهمتها العرقية في ابادة الشعب الامازيغي واستطان بلده ونهب ثرواته وخيراته , بارتكاب ابشع مذبحة في تاريخ المروك المعاصر, اشهر قليلة من تعيين محمد الخامس المقيم العام الاستعماري لحكومة جماعة ( الاستقلال ) ستدشن هذه الاخيرة مهامها بحملة عسكرية يقودها الفاشي الحسن الثاني , جند لها 20 الف جندي وطائرات حربية فرنسية بالون العلوي , يقودها طيارون فرنسيون , استهدفوا القرى والاسواق المقتظة بالناس بقنابل النابلم المحرمة دوليا , الجيش العروبي المتوحش كان يقتل وينكل بالجثث , وصلت به وحشيته الى بقر بطون النساء الحوامل , والتسلية بالبشر بوضع القنابل في جيوب جلالب المدنيين وتفجيرها عن بعد , والفاشي الحسن يراقب عملية التطهير العرقي من مروحته الخاصة , ابادة عرقية اقترفتها ايدي ابناء ( خير امة اخرجت للناس ) , قتل فيها اكثر من 8 الاف امازيغي وعشرات الالاف من الجرحى والمعتقلين وضحايا التعذيب والاغتصاب , زيادة على تخريب المنطقة من تدمير المنازل وحرق المزارع والمحاصل الفلاحية ومصادرة اراضي الجماعات والخواص واصبحت في ملكية ال علوي وغيرهم من سلالات ال ,( خرج للعلن مؤخرا خبر ملكية ابن عبد الله ال علوي لالاف الهكتارات في اقليم ايت ناظور ؟؟؟؟؟ ). التطهير العرقي , جريمة ضد الانسانية بكل المقايس سكت عنها المجتمع الدولي و تستر فرنسا عنها لا يحتاج للنقاش باعتبارها الطرف مشارك فيها بالتخطيط والتطبيق , و امتثالها لاعلان الظهير العروبي الهادف للتخلص من الشعب الاصلي واحتلال ارضه وتقسيم ثرواته بين الاستعمارالفرنسي الراحل والاقلية الاستطانية العروبية التابعة لسيدها الخارجي .
اذا كان الظهير المنظم لسير العدالة بالقبائل ذات الاعراف الامازيغية , الذي سمته الحركة الاستطانية العروبية ب (الظهير البربري ) , الصادر بتاريخ 16 ماي 1930 وثيقة فرنسية محضة لم يأخذ برأي ولم يستشارفيها ايمازيغن , فان الظهير العروبي هو وثيقة مشتركة بين ( التحالف ) الاستعماري الفرنسي والاستطاني العروبي تم اعلانها في اكس ليبان غشت 1955 و وقعها محمد الخامس في سان دونيس مارس 1956 , هذه الوثيقة المشؤومة التي ستأسس لمجتمع التمييز العرقي ( المغرب لنا وليس لغيرنا , حسب علال الفاسي ) , المجتمع الذي عمل العرقيون المستوطنون من نخبة خريجي المدارس الفرنسية والفقهية لتعميقه وهيكلته بتقسيم المروك الى قسمين , المروك النافع والمروك غير النافع , مروك الهيمنة العروبية ومروك الساكنة الامازيغية , التقسيم الابارتهايدي للنظام العرقي العروبي الذي سيدخل حيز التنفيذ بالاقصاء والتهميش السوسيو- اقتصادي والسياسي لايمازيغن في بلدهم , والاستبداد السياسي والتهجير القسري لايمازيغن من موطنهم الاصلي .
اعلان الظهير العروبي المشترك سيفرز الدولة الكولونيالية العروبية وسن قوانينها الابارتهايدية في فرض هوية الكولونيالي الثقافية واللغوية واقصاء الهوية الطبيعية للارض و الشعب الاصلي وتدمير للنظم العرفية الامازيغية في التنظيم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وتفكيك المجتمع الامازيغي لتسهيل عملية الانصهار والذوبان وبالقانون الابارتهايدي حرم ايمازيغن من حقوقهم الثقافية واللغوية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية . المستفيد الوحيد من الظهير العروبي هي النخبة الكولونيالية العروبية , في تولي المناصب السياسية والمواقع الاقتصادية المهمة بعد تشكيل الدولة العروبية فوق التراب الامازيغي والاستحواذ على مخلفات فرنسا الاقتصادية ومصادرة اراضي الامازيغ في ملكية الجماعات او الافراد, السياسة مصادرة اراضي القبائل الامازيغية منتهجة حتى اليوم . انسحاب فرنسا في الوقت المناسب سيزيد من ثروة الفئة الخيانية العروبية , بعد ان استفادت من الوجود الاستعماري الفرنسي المباشر الذي ادى الى تشكلها كفئة اجتماعية في كنف النظام الاستغلالي الفرنسي , وهذه الفئة ستستكمل دورها الاستغلالي والقهري للشعب الامازيغي المقهور والمستغل والمظلوم , كما ستقوم بدورها الكلبوي في حرسة مصالح سيدها الفرنسي ووالي نعمتها على احسن وجه من التبعية الاقتصادية و السياسية والثقافية واللغوية الى يومنا هذا , فاغلبية المحتلين للمناصب السياسية والاقتصادية في دولة الظهير العروبي من ابناء فرنسا العروبيون , خريجي البعثات الفرنسية بالمروك وجامعاتها بفرنسا وواريثي سارق ثروات الشعب الامازيغي و موقعي الظهير العروبي , من ال العلوي وال الفاسي وال اليزيدي والقائمة طويلة , زمرة كولونيالية اللاوطنية تتحكم في ثروات البلد تنهب وتستغل الكادحين وتجني الارباح الطائلة, وبانتسابها اللاوطني تهرب سنويا ملايين الدولارات الى الخارج سواء للادخار في الابناك الاوروبية او للاستثمار الاخارجي , خوفا من احتمال قيام الثورة التحررية الامازيغية القادمة , الخائن الاستطاني يضطهد الامازيغ وينهب ثرواتهم وينعم في خيراتهم والشعب المحلي يذوب ببطئ تحت وطئة الفقر والاوبئة والامية والذل اليومي تحت حصار الاقصاء والتهميش والاستبداد الاستعماري , الاضطهاد القومي والتهميش السوسيو- اقتصاديي والاقصاء السياسي والثقافي , الحرمان من جميع الحقوق التي تكفلها المواثق الدولية من افرازات الظهير العروبي المسمى اعلان اكس ليبان المشؤوم الذي خلق دولة عرقية عروبية اللاشرعية في ارض ايمازيغن .
#كوسلا_ابشن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟