|
ألوهة المسيح وفلسفة الألوهة (1)
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 4575 - 2014 / 9 / 15 - 02:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
خير ما نبدأ به مقالنا هو الكلمة . الكلمة السحر . الكلمة الخالقة . الكلمة العقل .الكلمة الله . الكلمة المسيح . الكلمة اللوجوس : 1 في البدء كان الكلمة ، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله ( يو حنا 1/1) وكما يقول البابا شنودة الثالث : (ومن هنا كانت عبارة الكلمة تعنى عقل الله الناطق أو نطق الله العاقل. فهي تعنى العقل والنطق معًا. وهذا هو موضع الابن الثالوث القدوس. وطبيعي أن عقل الله لا ينفصل عن الله. والله وعقله كيان واحد.) (ومادام المسيح هو عقل الله الناطق، إذن فهو الله، وإذن فهو أزلي، لأن عقل الله كائن في الله منذ الأزل. وإذن فهو غير مخلوق. لأن المخلوق لم يكن موجودًا منذ خلقه. ومحال أن نقول هذا عن الله. وهل يعقل أحد أن الله مر عليه وقت كان فيه بدون عقل!؟ ثم بعد ذلك خلق لنفسه عقلًا! وبأي عقل يخلق لنفسه عقلًا؟! إن فهم الثالوث يعرفنا أزليه الأقانيم الثلاثة. وأن أقنوم الكلمة من طبيعة الله ذاته، وكائن فيه منذ الأزل.) ( كتاب لاهوت المسيح . البابا شنودة الثالث . 2 هو اللوجوس ( الكلمة ) يا لهذه الكلمة كم ستحمل من معان بحيث لن يبق شيء إلا وشملته أو كانت مصدره ، حتى الخلق تم بها :
" ١-;-فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ.٢-;-وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ، وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ.٣-;-وَقَالَ اللهُ: "لِيَكُنْ نُورٌ"، فَكَانَ نُورٌ. " التكوين 1 والكلمة هنا هي " ليكن " الأمر الإلهي المخفف . ولن ننسى أنها الله نفسه ، تمشيا مع فلسفة الالوهة التي تفضل آباء الكنيسة بها. سبق وأن كتبنا أكثر من مقال عن سفر التكوين وبينا التناقضات القائمة فيه . وأحببت أن ألفت الإنتباه هنا إلى أن الله خلق الإنسان مرتين : 26وقال الله: نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا، فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم، وعلى كل الأرض، وعلى جميع الدبابات التي تدب على الأرض 27 فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه. ذكرا وأنثى خلقهم 28 وباركهم الله وقال لهم: أثمروا واكثروا واملأوا الأرض، وأخضعوها، وتسلطوا على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى كل حيوان يدب على الأرض ( تكوين 1) كان هذا في الإصحاح الأول . حيث خلق الله الإنسان على صورته . وخلق ذكرا وأنثى وباركهما وانتهى الأمر . وبالتأكيد خلقهما بالأمر الإلهي ( كن ) أو( ليكن ) واستراح الله في اليوم السابع : 2 وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل. فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل ( تكوين 2/2 ) لكننا في هذا الإصحاح ( الثاني ) نجد خلقا لآدم وحواء وبطريقة مختلفة مما يعني أنهما ليسا الإنسانين الأولين اللذين خلقهما على صورته : 7 وجبل الرب الإله آدم ترابا من الأرض، ونفخ في أنفه نسمة حياة. فصار آدم نفسا حية 18 وقال الرب الإله: ليس جيدا أن يكون آدم وحده، فأصنع له معينا نظيره 21 فأوقع الرب الإله سباتا على آدم فنام، فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحما 22 وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة وأحضرها إلى آدم (تكوين 2) في الخلق التاني لم يخلق الله بالأمر الإلهي ( كن ) فاضطر أن يجبل ترابا ( أي أن يصنع تمثالا من الطين ) وينفخ في أنفه نسمة الحياة . واضطر أن ينوم آدم ليأخذ ضلعا من أضلاعه ليخلق حواء . خالق الكون والكائنات بكلمة يتخلى عن الكلمة دون أن نعرف لماذا ويشرع العمل بيديه وينفخ بفمه ، مما يعني أن له يدين وفماً ، وبالتالي فإن شكله إنساني وخاصة أنه خلق الإنسانيين الأولين على صورته . وكان يمكننا أن نتقبل أن يكون الله شبيها بالإنسان لو أن الآباء الكنسيون لم يقولوا لنا أن الله لا يشبهه شيء وهو خارج الزمان والمكان ، دون أن يفكروا في أنهم وضعوا الله في العدم في هذه الحال : الأزلي، المتعالي، الثابت، المنزه عن الزمان والمكان (تعني صفة الخلق أيضًا أن الله خلق الزمان والمكان، وهذا يؤدي حكمًا لكون الله هو الوحيد خارج نطاق الزمان والمكان.[16] ولكونه منزه عن الزمان فهو أزلي، لا بداية له) ( عن الموسوعة الحرة ) الكتابة والتأليف مسألة سهلة والتفلسف مسألة ممكنة وإن كانت أصعب ، خاصة حين تكون الكتابة والتفلسف موجهتان لبشر بدائيين بسطاء ، لم يكتمل وعيهم ، لنقص في معرفتهم ، فما بالنا إذا ما كانت المعرفة البشرية ناقصة حتى اليوم ، وإن حصل بعض البشر على نسبة عالية من المعرفة تؤهلهم لأن ينظروا بعين العقل ، لكل ما قدمه العقل البشري من اجتهادات معرفية . ولن يغيب عن بالنا أنه حين شرع في كتابة العهد القديم ( التوراة ) بعد السبي البابلي أو في حدود زمنه واستمرت كتابته لعدة قرون ، وحين كتبت الأناجيل أواخر القرن الأول الميلادي واستمرت كتابتها لقرابة أربعة قرون ، كان العالم يعج بمئات الآلهة إن لم يكن بآلافها ، وبمئات المعتقدات في الخلق ، من كنعانية وبابلية وفرعونية وهندوسية وصينية وإفريقية مختلفة ،وأوروبية مختلفة ،وأمريكية مختلفة . واسطورة الخلق التوراتية كانت خاصة بالقبائل العبرانية( بنواسرائيل اليهود ) التي استوطنت فلسطين . حتى في فلسطين نفسها كانت هناك آلهة أخرى ومعتقدات مختلفة ، فما بالكم ببلاد الشام كلها ( سوريا لبنان الأردن فلسطين )؟ّ! وا لمؤسف والمحزن والمفجع أن تخرج العقيدة المسيحية ومن ثم العقيدة الإسلامية من رحم هذه الأسطورة العبرانية . إذن " في البدء كانت الكلمة " ولا نعرف بأي لغة نطقها الله بالعبرية أم بالآرامية أم باليونانية ام بالهيلوغروفية أم بالسومرية أم بالبابلية ، لم يخبرنا كتبة التوراة ، ولم يخبرونا عن ماهية لغة الله ،وبالتأكيد هو حسب فهمهم يعرف اللغات كلها حتى قبل أن يخترعها البشر . بقي أن نتساءل إذا كان الكون علميا موجودا منذ حوالي 14 مليار عام ، وهذا أقل تقدير قدمه العلماء ، فلماذا تأخر الإله التوراتي كل هذا الزمن المديد ليخلق الكون والإنسان قبل قرابة ثمانية آلاف عام على أكثر تقدير ، ولن ننسى أن الإله التوراتي أغرق كل الأجيال البشرية من نسل آدم وحواء أو الإنسانيين الآخرين اللذين خلقهما على شاكلته ، كما أغرق الكائنات كلها ، في طوفان نوح ، ما عدا نوح وأولاده وزوجاتهم وما استطاعوا جمعه من كائنات . وقد أجمع المؤرخون على أن الطوفان حسب التوراة قد حدث حوالي 3000 عام ق.م. واحتاجت البشرية قرابة ألف عام لتنشيء حضارة من جديد فنصبح أمام حضارة بشرية بل وأمام بشرية عمرها قرابة أربعة آلاف عام وربما أكثر قليلا . فاي عقل بشري يمكنه أن يقتنع بهذا الكلام ؟! . تعبت . استراحة . فما زال أمامنا الكثير مما سنقولة عن ألوهة المسيح وفلسفة الألوهة ، خاصة ونحن نجتهد قدر الإمكان أن نقدم فهما جديدا للألوهة لم يطرقه العقل البشري من قبل ، استنادا إلى فهمنا بأن الالوهة ليست إلا طاقة سارية في الخلق ، لم ترسل رسلا وانبياء وآلهة ،وليس لديها جنة ونار ،ولا تحاسب ولا تعاقب ، ولن تنزل شرائع وتشريعات ،ولا تتدخل في حياتنا خيرا أو شرا ، ولا تحتاج إلى عبادة ، ولا إلى كنائس ومساجد ومعابد ، بل تحتاج إلى خالقين يبنون الحضارة الإنسانية . وآمل من متابعي أن يكونوا قد عرفوا ذلك من كتاباتي وتوسعوا في فهمي . وجزيل شكري لكل متابعي يتبع
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شاهينيات : في الخلق والخالق مرة أخرى!
-
آه على وطن !
-
التحالف بين يهوه ( الله ) والشيطان على أيوب !
-
لو أن المثقف راقصة !!* ( برسم السلطة الفلسطينية واتحاد الكتا
...
-
شاهينيات في الخلق والخالق ( وإن شئتم في المادة والطاقة )!!
-
تحولات الألوهة من الأنوثة إلى الذكورة !!
-
محمود شاهين يوقع أبناء الشيطان
-
شاهينيات : في الخلق والخالق والعقل البشري
-
ملكة السماء تعد الأديب بالنسيان
-
التحول من الدين فحسب إلى الثورة الدينية (دفاعا عن محمد ) (6
...
-
عن القتل والإكتئاب والبشر والغزاة !
-
الجميع فصاميون كما يرى العفيف الأخضر ( دفاعا عن محمد ) (5)
-
صدور رواية (أبناء الشيطان ) لمحمود شاهين
-
عقدة اوديب ( دفاعا عن محمد ) (4)
-
أبناء الشيطان (رواية قصيرة )
-
عقدة اوديب ( دفاعا عن محمد ) (3)
-
دفاعا عن محمد ( رد على العفيف الأخضر ) (2)
-
دفاعا عن محمد ! (رد على كتاب العفيف الأخضر )
-
إما أنت أو لا أحد ! ( القصيدة كاملة انطلاقا من مذهب وحدة الو
...
-
سخافات شبكة النت ..
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|