أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عفيف رحمة - جامعة دمشق والمدرسة الداعشية















المزيد.....

جامعة دمشق والمدرسة الداعشية


عفيف رحمة
باحث


الحوار المتمدن-العدد: 4572 - 2014 / 9 / 12 - 16:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نقف اليوم أما المشهد السوري بكل تداعياته لنسأل عن الأسباب التي أنتجت هذه الحالة الفريدة من ‏نوعها، من حيث التمزق المجتمعي والتراجع الفكري والإنحطاط المسلكي والأخلاقي مع ظهور ‏تنظيمات مثل القاعدة وداعش و النصرة وغيرها من المسميات التي لا يقيم أتباعها للحضارة معنى.‏

لكن لا غرابة في ذلك فعدد كبير من المثقفين الإسلاميين منهم والقوميين تفاخروا يوماً ببطولات ‏أسامة بن لادن لمجرد أنه استخدم في حديثه وخطبه وتوجيهاته مصطلحات تثير غريزة العزة القومية ‏و النشوة الدينية، كحال إستخدامه مصطلحات العداء والتحريض ضد الولايات المتحدة الأميركية ‏والغرب الكافر وووو... مصطلحات تم فيها استبدال المحتوى الطبقي والوطني التحرري بمحتوى ‏طائفي غرائزي.‏

وإن كان لمثل هذه المواقف جذوراً تربوية وثقافية واجتماعية تفسر هذا النزوع نحو فكر تحريضي ‏وتمييزي، فلا يوجد ما مبرر لجامعة دمشق أن تلعب دور المنبر لتسويق مثل هذا الفكر الإسلاموي ‏الذي حمل في بذوره منذ ولادته هول ما نراه ونعيشه اليوم من ممارسات فوق استثنائية.‏

جامعة دمشق التي تاسست عام 1934، الأقدم والأعرق بين الجامعات العربية بعد مدرسة الأزهر، ‏لم تاخذ قيادتها اي اعتبار لحقيقة الواقع الفكري والثقافي الذي هيمن على حياتها العلمية والثقافية ‏والذي لم تجرؤ يوماً على استقراء مخاطره على سوريا ومستقبل ابنائها، لان همّ "قيادتها السياسية ‏والعلمية" كان موجهاً نحو هدف آخر، إحكام القبضة على المؤسسة التعليمية لتمرير سياسة إحتكار ‏السلطة وتجريم الحق بالتفكير والإبداع الذي يتعارض مع منظومة الإستبداد سند بقائها! قيادة رغم ‏ادعائها العلمانية والتقدمية لم تعر أي اهتمام أو بالأحرى لم تجروء على ممانعة إنتشار الفكر ‏الإقصائي كيف ؟ وهي التي تمارس مختلف أشكال الإقصاء الفكري والسياسي.‏

عام 2010، قبل بدايات الأزمة الوطنية في سوريا، نشرت مجلة جامعة دمشق (الآداب والعلوم ‏الإنسانية) المجلد 26 العدد الأول+الثاني مقالة للدكتور عزت محمود فارس، من قسم‎ ‎اللغة‎ ‎العربية‎ ‎وآدابها‎ -‎كلية‎ ‎الآداب‎-‎جامعة‎ ‎الزيتونة‎ ‎الأردنية‎ ‎الخاصة، مقالة بعنوان "قراءة في العهدة العمرية" ‏عرض فيها حسب رأيه (أهمية‎ ‎العهدة‎ ‎بوصفها‎ ‎وثيقة‎ ‎متقدمة‎ ‎ومعبرة‎ ‎عن الفكر‎ ‎الإسلامي‎ ‎من‎ ‎مختلف‎ ‎الوجوه) و (سماحة الإسلام وعدله واحترامه لمعتقدات الآخرين، وتسهيل وصولهم إلى مقدساتهم ‏وممارسة شعائرهم التعبدية).‏
لكن ما هو مثير وملفت للإنتباه أنه في يونيو 2006 ظهر للدكتور رمضان إسحاق الزيان (أستاذ ‏مشارك في الحديث الشريف وعلومه - قسم الدراسات الإسلامية – جامعة الأقصى –غزة)، بحثاً في ‏مجلة الجامعة الإسلامية (سلسلة الدراسات الإسلامية) المجلد الرابع عشر- العدد الثاني، تحت عنوان ‏‏(روايات العهدة العمرية – دراسة توثيقية)، حيث خلص فيه كاتب البحث إلى عدم إمكانية إثبات ‏مصداقية أي نص للعهدة العمرية من الناحية الحديثية (نسبة للحديث الشريف) حسب مقاييس النقد ‏عند المحدثين، كما وصل الباحث بدراسته إلى: رفض نص العهدة القائم على كونه صيغة رسالة ‏موجهة إلى صفرونيوس (إسقف بيت المقدس)، لعدم ثبوته في أي مصدر معتبر من مصادر التراث ‏الإسلامي، مع ظهور علامات الوضع عليه (لأنه لا أصل له حسب رأيه)، وردِ ما سمي بالشروط ‏العمرية لضعف اسانيدها.‏

إذاً مجلة الجامعة الإسلامية تشكك بمصداقية نصوص العهدة العمرية وجامعة دمشق تؤكدها وتروج ‏لسماحتها وعدلها !!!‏

فيما يتعلق بالعهدة العمرية يميز الباحثون بين نص العهدة وشروط العهدة، لكن يمكن أن تقسم ‏النصوص المتواترة في المراجع الإسلامية المختلفة إلى ثلاث، نص العهدة (وهو ما يعتبره عدد من ‏الباحثين النص الحقيقي للعهدة العمرية) وشروط العهدة (وهي موضع إلتباس وخلاف بين الباحثين) ‏والرد (وهو نص رد نصارى مدينة أيلياء على شروط العهدة الذي يتناساه البعض لكن لا يتبرأ منه ‏أي من الباحثين).‏

أما شروط العهدة (المزلة لاهل الكتاب) فقد وردت في عدد من كتب التراث الإسلامي، مثل كتاب ‏أحكام أهل الذمة للإمام‎ ‎شمس‎ ‎الدين‎ ‎محمد‎ ‎بن‎ ‎عبد‎ ‎الله لإبن القيم الجوزية، كما وردت في تفسير إبن ‏كثيرالقرشي لسورة التوبة (رقم 9) الآية رقم 29 من كتابه البداية و النهاية، و كتاب السلوك لمعرفة ‏دول الملوك لأحمد بن علي المقريزي، وكتاب "صبح الاعشى" لأحمد بن علي القلقشندي، وكتاب ‏‏"أحكام أهل الزمة" لمحمد بن ابي بكر أيوب الزرعي، كما وردت في كتاب مجموع الفتاوى لإبن ‏تيمية ورسالة المتصوف لمحي الدين العربي إلى أحد قادة المسلمين.‏

ورغم أن بعض الباحثين يرى أن سند العهدة العمرية (شروط العهدة) ضعيف بحكم طبيعتها ‏المخالفة للعهود التي أبرمها الخلفاء الراشدين في فترة حكمهم، إلا أن إعادة طرحها بعد قرون من ‏زمن تداول نصها بالصيغة الإشكالية التي وردت بها في عدد من كتب التراث، يعيد هذه القضية إلى ‏طاولة البحث لا من حيث صحتها التاريخية بل من حيث الفكر الذي تحمله والذي يتسلح به كثيرون ‏من "أصحاب الفكر والراي الإسلامي" والذي نرى اليوم أشد تجلياته المرعبة في الممارسات السياسية ‏واحكام المحاكم الشرعية لداعش.‏

وإذا كان ما يفسر منهجياً تبني بعض المؤسسات الفكرية والتعليمية لمثل هذا الفكر والمنهج، فإن ‏محاولة إحياء نص ملتبث وخلافي للعهدة العمرية، في القرن الواحد والعشرين، في مجلة علمية ‏تصدرها جامعة دمشق يدفعنا للسؤال عن دور جامعة دمشق في تصنيع وترويج الفكر الداعشي؟! ‏كما يسمح لنا أن نبحث عن الهوية الحقيقية لمن تولى إدارة جامعة دمشق خلال عقود أربعة من حكم ‏حزب "عقائدي" لطالما رفع شعارات العلمانية والتقدمية وقضايا التحرر الوطني!!!.....‏

في البحث الذي نشرته مجلة جامعة دمشق، وبعد أن أورد كاتبه ما جاء في كتاب "تاريخ الأمم ‏والممالك" للطبري من نص يرتاح له جميع الباحين لما فيه من أمان وسماحة تتفق والأحكام ‏الإسلامية (حسب تعبير الكاتب)، وبعد أن قضم الكاتب النص الخلافي (شروط العهدة) الذي يبدأ ‏بشرط: الا يُحدِثوا في مدينتهم ولا فيما حولها ديراً ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب، ولا ‏يجدِّدوا ما خُرِّب، ولا يمنعوا كنائسهم من أن ينزلها أحدٌ من المسلمين ثلاث ليالٍ يطعمونهم، ...... ‏وينتهي بشرط : ولا يشتروا من الرقيق ما جَرَتْ عليه سهام المسلمين. فإن خالفوا شيئاً مما شرطوه ‏فلا ذمّة لهم، وقد حلّ للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق، ... ، يسرع الكاتب متباهياً ‏بسماحة الإسلام ليورد تعهداً من آهل إيلياء لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب يناقض فيه فكراً ‏ومضموناً كل ما سبق أن أورده من تبجيل للعهدة العمرية.‏

هذا التناقض في منهجية البحث لم يستوقفنا لأن الغرض ليس مناقشة وجهات النظر في سلامة ‏النصوص الإشكالية من عدم سلامتها، بل مناقشة ما سمحت جامعة دمشق بنشره لأن فيه مؤشر ‏واضح لهيمنة الفكر الديني والوهابي والقاعدي على عدد من مرافق الجامعة رغم الواجهة الحزبية ‏الصارمة والأمنية التي لم تستخدم يوماً إلا لسحق الوطنيين اصحاب الفكر التنويري و الحداثي.‏

في تحليل الكاتب لسيرة العهدة العمرية، يقول أن نصارى القدس‎ ‎وجهوا كتاباً لأمير المرمنين يقولون ‏فيه: (إنكم‎ ‎لما‎ ‎قدمتم‎ ‎علينا‎ ‎سألناكم‎ ‎الأمان‎ ‎لأنفسنا وذرارينا‎ ‎وأموالنا‎ ‎وأهل‎ ‎ملتنا،‎ ‎وشرطنا‎ ‎لكم‎ ‎ألا‎ ‎نحدث‎ ‎في‎ ‎مدينتنا‎ ‎ولا‎ ‎في‎ ‎ما‎ ‎حولها ديراً‎ ‎ولا‎ ‎كنيسةً‎ ‎ولا‎ ‎قلايةً (مسكن‎ ‎الأسقف)‏‎ ‎ولا‎ ‎صومعة‎ ‎راهب‎.‎ولا‎ ‎نجس‎ ‎منها‎ ‎ما‎ ‎كان في‎ ‎خطط‎ ‎المسلمين‎ ‎ولا‎ ‎نمنع‎ ‎كنائسنا‎ ‎أن‎ ‎ينزلها‎ ‎أحد‎ ‎من‎ ‎المسلمين‎ ‎في‎ ‎ليل‎ ‎ولا‎ ‎نهار، وأن‎ ‎توسع‎ ‎أبوابها‎ ‎للمارة‎ ‎وابن‎ ‎السبيل‎.‎وأن‎ ‎ننزل‎ ‎من‎ ‎مر‎ ‎من‎ ‎المسلمين‎ ‎ثلاث‎ ‎ليال نطعمهم،‎ ‎ولا‎ ‎نواري‎ ‎في‎ ‎كنائسنا‎ ‎ولا‎ ‎في‎ ‎منازلنا‎ ‎جاسوساً‎ ‎ولا‎ ‎نكتم‎ ‎غشاً‎ ‎للمسلمين‎ ‎ولا نعلم‎ ‎أولادنا‎ ‎القرآن،‎ ‎ولا‎ ‎نظهر‎ ‎مشركاً‎ ‎ولا‎ ‎ندعو‎ ‎إليه‎ ‎أحداً،‎ ‎ولا‎ ‎نمنع‎ ‎أحداً‎ ‎من‎ ‎ذوي قرابتنا‎ ‎الدخول‎ ‎في‎ ‎الإسلام‎ ‎إن‎ ‎أراده،‎ ‎وأن‎ ‎نوقر‎ ‎المسلمين،‎ ‎ونقوم‎ ‎لهم‎ ‎من‎ ‎مجالسنا،‎ ‎ولا نتشبه‎ ‎في‎ ‎شيء‎ ‎من‎ ‎لباسهم‎ ‎في‎ ‎قلنسوة‎ ‎ولا‎ ‎عمامة‎ ‎ولا‎ ‎نعلين‎ ‎ولا‎ ‎فرق‎ ‎شعر،‎ ‎ولا‎ ‎نتكلم بكلامهم‎ ‎ولا‎ ‎نتكنى‎ ‎بكناهم،‎ ‎ولا‎ ‎نركب‎ ‎السروج‎ ‎ولا‎ ‎نتقلد‎ ‎السيوف،‎ ‎ولا‎ ‎نتخذ‎ ‎شيئاً‎ ‎من السلاح‎ ‎ولا‎ ‎نحمله‎ ‎معنا،‎ ‎ولا‎ ‎ننقش‎ ‎على‎ ‎خواتمنا‎ ‎بالعربية،‎ ‎ولا‎ ‎نبيع‎ ‎الخمور،‎ ‎وأن‎ ‎نجز مقادم‎ ‎رؤوسنا،‎ ‎وأن‎ ‎نلزم‎ ‎زينا‎ ‎حيثما‎ ‎كنا،‎ ‎وأن‎ ‎نشد‎ ‎الزنانير‎ ‎على‎ ‎أوساطنا،‎ ‎ولا‎ ‎نظهر الصليب‎ ‎على‎ ‎كنائسنا،‎ ‎ولا‎ ‎نظهر‎ ‎صلباننا‎ ‎ولا‎ ‎كتبنا‎ ‎في‎ ‎شيء‎ ‎من‎ ‎طرق‎ ‎المسلمين‎ ‎ولا أسواقهم،‎ ‎ولا‎ ‎نضرب‎ ‎نواقيسنا‎ ‎في‎ ‎كنائسنا‎ ‎إلا‎ ‎ضرباً‎ ‎خفيفاً،‎ ‎ولا‎ ‎نرفع‎ ‎أصواتنا‎ ‎مع موتانا،‎ ‎ولا‎ ‎نتخذ‎ ‎من‎ ‎الرقيق‎ ‎ما‎ ‎جرت‎ ‎عليه‎ ‎سهام‎ ‎المسلمين،‎ ‎ولا‎ ‎نطلع‎ ‎عليهم‎ ‎في ‏منازلهم"‏‎.‎

ثم يخلص الكاتب ضمن ما خلص إليه من عظمة هذه العهدة وسماحتها وعدالتها ما يلي:‏
‏_ إن‎ ‎لفظة‎ "‎أعطى"‏‎ ‎تومئ‎ ‎إلى‎ ‎أن‎ ‎هذه‎ ‎الميزات‎ ‎التي‎ ‎قدمتها‎ ‎المعاهدة‎ ‎هي‎ ‎هبة‎ ‎ومنحة من‎ ‎أمير‎ ‎المؤمنين‎ ‎لأهل‎ ‎إيلياء،‎ ‎وليست‎ ‎حقاً‎ ‎من‎ ‎حقوقهم.‏
‏- أن‎ ‎إيلياء‎ "‎القدس‎ " ‎التي‎ ‎شرفها‎ ‎الله‎ -‎سبحانه‎ ‎وتعالى‎ - ‎بذكر‎ ‎مسجدها‎ ‎في‎ ‎قرآنه، وذكر‎ ‎مسجدها‎ ‎ينسحب‎ ‎عليها،‎ ‎وبإقامة‎ ‎رسول‎ ‎الله الصلاة‎ ‎في‎ ‎مسجدها‎ ‎الأقصى‎ ‎إماماً‎ ‎لكل‎ ‎الأنبياء،‎ ‎أصبحت‎ ‎مملوكة‎ ‎لدولة‎ ‎الإسلام‎ ‎وأن‎ ‎الإسلام‎ ‎أصبح‎ ‎وارثاً‎ ‎كذلك‎ ‎لكل‎ ‎الشرائع‎ ‎السماوية‎ ‎السابقة.‏
‏- تعد‎ ‎هذه‎ ‎الرسالة (العهدة‎ (‎وثيقة‎ ‎متقدمة‎ ‎في‎ ‎العدل‎ ‎والمساواة‎ ‎بين‎ ‎طرفي‎ ‎التعاقد، وقمة‎ ‎في‎ ‎الموضوعية‎ ‎والتجرد،‎ ‎والبعد‎ ‎عن‎ ‎الذاتية‎ ‎والنوازع‎ ‎الشخصية،‎ ‎أو الارتهان‎ ‎للشعور‎ ‎بالقوة‎ ‎وإملاء‎ ‎الشروط‎ ‎على‎ ‎الطرف‎ ‎الأضعف،‎ ‎إذ‎ ‎هدفت‎ ‎إلى تطبيق‎ ‎نظرة‎ ‎الإسلام‎ ‎وتعاليمه‎ ‎بشأن‎ ‎الفتح‎ ‎وبيان‎ ‎سماحة‎ ‎الإسلام‎ ‎أملاً‎ ‎بنشره،‎ ‎لما يرى‎ ‎الناس‎ ‎من‎ ‎جليل‎ ‎مبادئه‎ ‎وحسن‎ ‎تعامله‎ ‎مع‎ ‎غيره‎ ‎من‎ ‎أهل‎ ‎الشرائع‎ ‎الأخرى.‏

ورغم منهج التضليل الفكري الممزوج بالتعالي العقائدي الذي يمارسه الإسلاميون وبالاخص ‏الإخوانيون منهم، والذي تبناه الباحث، فإن الباحث لم يفسر لماذا يقدم قوم بالتنازل عن هويتهم ‏وحققهم وكرامتهم طوعاً إلى حدً العبودية (شرطنا لكم ....)، دون ان يلزمهم أحد على ذلك، ولم يفند ‏الباحث كيف يمكن أن يكون حق قوم بما يملكون هبة (ميزات) من شخص عبد لله وهو (الكاتب) ‏الذي يقول أن العهدة تبدأ بكلمة عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين، كما يتجاهل الكاتب كيف ‏يمكن لأمير المؤمنين وهو العادل أن يقبل بهذا التنازل من قوم ذي شأن رحبوا بقدومه ودخوله مدينة ‏المقدس من منطلق إنتمائهم إلى القبائل العربية (الإنتماء القومي).‏

أما أخطر ما طرحه الكاتب فهو شرعية إستملاك قوم لأملاك قوم آخر بذريعة ورود إسم مدينتهم ‏إيلياء القدس في القرآن، فبالقياس على ما يورده الكاتب من تبريرات لحق المسلمين في استملاك ما ‏ليس من أملاكهم لمجر ورود إسم مدينة إيلياء في القرآن، (ذكر‎ ‎مسجدها‎ ‎ينسحب‎ ‎عليها،‎ ‎وبإقامة‎ ‎رسول‎ ‎الله الصلاة‎ ‎في‎ ‎مسجدها‎ ‎الأقصى‎ ‎إماماً‎ ‎لكل‎ ‎الأنبياء،‎ ‎أصبحت‎ ‎مملوكة‎ ‎لدولة‎ ‎الإسلام...)، ألم يفكر ‏الكاتب (والمجلة التي نشرت بحثه) أن في منهجه الميكانيكي لسي فقط أنه منهج إستلابي بدوي بل ‏هو تبريرٌ لإقامة دولة إسرائيل لمجرد ورود إسم إسرائيل وقوم بني إسرائيل في القرآن ومن قبله في ‏التوراة.‏

وكما جميع المفكرين الإسلاميين والقوميين أقحم الكاتب قضية (معاملة‎ ‎الغزاة‎ ‎المحتلين في أيامنا‎ ‎هذه‎ ‎من‎ ‎حقوق‎ ‎المواطنين‎ ‎الذين‎ ‎يكونون‎ ‎تحت‎ ‎الاحتلال‎! ‎‏ على‎ ‎الرغم‎ ‎من المعاهدات‎ ‎الدولية‎ ‎وما‎ ‎يدعونه‎ ‎من‎ ‎حقوق‎ ‎الإنسان‎ !.‎‏) وكأنه لا يمكن التأكيد على صحة فكرة (عدالة وسماحة العهدة العمرية خاصة ‏والإسلام عامة) إلا بالإسقاط على قضايا معاصرة لا علاقة لها بصلب البحث، وكأنه يريد أن يقول ‏أن القضايا نسبية وعدالة الإسلام نسبية لما هو كائن في عصرنا وهذا يتناقض مع مفهوم الرسالات ‏السماوية التي يتغنى بها شريحة واسعة من المفكرين العرب والمسلمين.‏

كثيرة هي المواضيع التي رفضتها مجلات جامعة دمشق لعدم توافق مضمونها الفكري مع القيود ‏الأمنية التي تدار بها هذه الجامعة والتي لم تنتج سوى تدمير للإبداع الفكري والعلمي وإغتراب دائم ‏لشريحة واسعة من خيرة كوادرها وتحجيم ممنهج لطاقات الشباب الجامعي المرشح لتطوير المجتمع ‏السوري.‏

وإذاً كان للكاتب حقه الشخصي في التفكير والدعوة لما يعتقده صحيحاً، إلا أن مؤسسة علمية مثل ‏جامعة دمشق لا يصح لها أن ترويج في مجلاتها لمثل هذا الفكر الإقصائي التمييزي لحد العنصرية، ‏لأنه حينها لن يبقى غريباً ما تفعله داعش من ممارسات فمرجعيتها الفكرية وسندها الفقهي تغنى ‏ويتغنى به عدد لا يستهان به المفكرين والباحثين العرب والسوريين.‏



#عفيف_رحمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معضلة الوعي السياسي وإخفاقات التغيير السلمي في سوريا
- لماذا يجب رفض ترشيح سيادته
- شيوعيو الأمس فاشيو اليوم
- الإنخابات الرئاسية مقدمة لتعميق الإزمة في سوريا
- هل يحمل تحرير الراهبات مؤشراً لمحرقة جديدة
- الأزمة السورية والمسألة الوطنية
- لقاء حواري مع منتدى السلام والديمقراطية للحوار المفتوح
- سياسات متناقضة والنتيجة واحدة
- معارضة بائعة حليب - مواقف انتهازية وحسابات خاطئة
- السوريون والقفص الإيراني
- إعادة بناء الدولة السورية (1)
- المسيحيون وربيع العرب
- المقاومة والممانعة شركة مساهمة محدودة
- من فضاء الفساد السياسي إلى فضاء الوطنية السياسية
- سقوط أحزاب الأمم
- المؤشرات المبكرة للأزمة السورية
- معلولا اللغز السياسي والعسكري
- شيوعيو سوريا وفقد الرؤية الطبقية
- الشعب يريد إنهاء عصر الإستبداد!
- وقود الأزمة الوطنية في سوريا وبيئتها الحاضنة


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عفيف رحمة - جامعة دمشق والمدرسة الداعشية