خالد حسن يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 4572 - 2014 / 9 / 12 - 15:15
المحور:
سيرة ذاتية
يتحدر السيد أحمد سليمان عبدالله(دفله), من قبيلة الذولباهنتي الصومالية Dhulbahante والقاطنة في العديد من محافظات الصومال شمالا وجنوبا, وموطن عشيرته عبدي محمود جراد, في محافظات صول Sool و توجظير Toogdheer في الوسط الجنوبي من شمال الصومال, كما تشكل قبيلة الهبريونيس Habar Younisالاسحاقية بالقبيلة التي تنحدر منها والدته, وقد ترعرع في مدينة برعو Burco مركز محافظة توجظير.
ونال جزء من تعليمه الأساسي في مدينة برعو, ومن ثم في فترة الشباب المبكر نال تعليمه في مدينة عدن باليمن, حيث كان والده السيد سليمان عبدالله(دفله), يعمل في فترة الوجود البريطاني في مستعمرة عدن, وتخرج أحمد سليمان, في عقد الخمسينات من القرن الماضي من كلية عدن Aden College, ومن ثم تحصل على منحة دراسية في كلية ساند هورست sandhurst العسكرية في بريطانيا, والتي كانت تمنح البعثات الدراسية العسكرية لصوماليي محمياتها في شمال الصومال, وبذلك تم ظهور أول جيل من محترفي العسكرية الأكاديمية في محمياتها بالصومال.
وشهدت مسيرة الضابط أحمد سليمان عبدالله, بعد عودته من بريطانيا فترة عمل, مابين بعض محافظات الشمال والجنوب في عقد الستينيات من القرن الماضي, وأثناء تواجده بمدينة مقديشو والعمل في الجيش الصومالي في النصف الأول من عقد الستينيات, تزوج بابنة الجنرال محمد سياد بري, وهي السيدة صوبان Suuban, وتقلد أحمد سليمان, وحدة الأمن العسكري في الجيش الصومالي, وكانت بمثابة المخابرات العسكرية في تلك الفترة وهو ما مكنه وهو برتبة رائد في عام 1969 من المشاركة في الإنقلاب العسكري, والذي قاده اللواء محمد سياد بري, رئيس قيادة أركان الجيش الصومالي يومها, وتؤكد الأدبيات السياسية التاريخية, أن الرائد أحمد سليمان, قد لعب دورا محوريا في التهيئة للانقلاب الذي شارك فيه يوم 21 أكتوبر 1969 مجموعة 25 ضابط من الجيش والشرطة الصومالية, أنقلبوا على نظام الحكم المدني في الصومال بدعوى الفساد, وبذلك أصبح الضابط أحمد سليمان بعضو فيما عرف بالمجلس الأعلى لقيادة الثورة.
وفي العام 1971 تم دمج كل من جهازي الأمن في الشرطة والجيش الصومالي, وتم تأسيس خدمة الأمن الوطني NSS, والتي كانت تمثل بمنزلة جهاز الأمن السياسي الصومالي, وقد شارك يومها الاتحاد السوفيتي بتأسيسه, وكانت النواة الأولى من ضابطه هم أثنى عشر ضابط أشرف على تدريبهم جهاز المخابرات السوفيتية KGB, وذلك بدعم مباشر من السيد يوري فلاديميروفيتش أندروبوف رئيس الجهاز, ناهيك عن دعم كبير من قبل جهاز أمن المانية الاشتراكية, وكما لعب الرائد أحمد سليمان عبدالله, فيما قبل الوصول إلى السلطة بصمام أمان وواحد من العقليات الرئيسية المخططة للإنقلاب.
وأصبح مع تأسيس جهاز الأمن الصومالي, بالظهير الأساسي لرئيس المجلس الأعلى لقيادة الثورة اللواء محمد سياد بري, وأستطاع الجهاز تأمين المعلومة وكشف ما يدور خلف الكواليس ضد النظام الصومالي خلال الفترة 1971-.1990, وكان رئيس الجهاز صاحب لواء مطلق لرئيس محمد سياد بري, انطلاقا من إعتبارات عدة منها المصاهرة العائلية,الرابطة القبلية الدارودية, وقبل كل ذلك الشراكة السياسية, فالرجل كان شريكا أساسيا للرئيس في حكم الصومال وصنع القرار السياسي والأمني معا, وهو رجل ذو إمكانيات سياسية وعسكرية, بالإضافة إلى معرفته لتقاليد الصومالية الاجتماعية والتي نالها خلال تنقله في مناطق عديدة في شمال الغرب,والوسط وجنوب الصومال, وذلك في اطار عمله بالجيش في عقد الستينيات.
وفي ظل وجوده على رأس هذا الجهاز الأمني, تمكن من بناء كادر أمني صومالي رفيع المستوى في عقد السبعينيات, وكانت له قدرات أمنية عالية, بما في ذلك النشاط الخارجي في جيبوتي,إيثوبيا,إريتيريا,السودان,اليمن الجنوبي,الإمارات العربية,السعودية,لبنان,العراق,سوريا,مصر,إيطاليا,ماليزيا وغيرها, رغم تواضع إمكانيات الصومال, يوم كان الجهاز يلعب دورا بارزا في حماية المصلحة القومية الصومالية وأمن النظام السياسي في البلد, مصادره البشرية كانت متعددة المشارب الثقافية والأمنية, شباب درسوا في كل من مستعمرة عدن,,مصر,إيطاليا,الاتحاد السوفيتي,المانية الشرقية, وهو ما وفر لجهاز الأمن الصومالي الإمكانيات البشرية وتنوع المصادر والمرجعيات الأمنية.
وخلال مرحلة جبروت الجهاز في عقدي السبعينيات والثمانيات, أستطاع اتغلغل في النسيج الاجتماعي الصومالي, وهو ما عرض الصوماليين للوقوع تحت حكم نظام شمولي مطلق, لم يعرفه الصوماليين قبل حلول عام 1969, ولعب الجهاز دور الغول المهيمن على كل مؤسسات الدولة الصومالية, تحت مبرر حماية أمن الثورة-المجلس العسكري- وتمكن الجهاز من سحق رجال العهد المدني بصور شتى, أكان عبر زجهم في السجن مباشرتا أو التضييق عليهم وعلى أنصارهم, وزُجت النخبة منهم في سجن لانتا بور laanta Buur أو في ظل الإقامة الجبرية, كما حدث مع أول رئيس لصومال آدم عبدالله عثمان ورئيس البرلمان الشيخ مختار, منذ عام 1969.
وأيضا على مستوى شركاء الإنقلاب تم زج نائب رئيس مجلس قيادة الثورة اللواء جامع علي قورشيل في عام 1970 بمعسكر للجيش الصومالي في مديرية واجد Waaged بمحافظة باي Bay في الجنوب الغربي من صومال الدولة, في الحين الذي تم الزج بالعديد من أبناء قبيلته الورسنجلي-الدارود, في السجون وتعقبهم في أمنيا العاصمة مقديشو ومحافظة سناج Sanaag تحديدا بشمال شرق الصومال, وكانت المبرر لتلك الحملة قيام اللواء قورشيل وقبيلته بالإعداد لمحاولة إنقلابية ضد الثورة والنظام الذي كان جزء عضوي منه, بينما أكدت كل الوقائع والبراهين التاريخية, أن الأمر كان مجرد محاولة للخلاص من أبرز الشركاء ممثلا باللواء قورشيل, والذي كان قائد لشرطة الصومالية عشية الإنقلاب, وكواحد من أكبر الضباط رتبتا وسنا حينها, ولعب أحمد سليمان, بدور بارز في إخراج سيناريو اللواء قورشيل.
ومن المفارقة أن من أرسل للقبض عليه, هو الضابط عبدي ذيبو, والذي يعود مسقط رأسه إلى منطقة في سناج, قريبة جغرافيا من مسقط رأس اللواء قورشيل, ولكون الأخير كان برجل ليبرالي العقيدة سياسيا وبرجوازي صغير ومن أملاكه المعدودة سينما صوماليا بمدينة مقديشو, فقد كان مبرر فراقه مع الرئيس محمد سياد بري, إيديولوجي, خاصة وأن الرئيس كان يمهد لحضور دور سوفيتي قوي في الصومال والولوج لتبني العقيدة الماركسية-اللينية, وأتهم قورشيل حينها أنه كان يعد لإنقلاب عسكري تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية والمانيا الغربية.
وفي عام 1971 أستطاع جهاز الأمن الصومالي بالقبض على أبرز القيادات العسكرية في المجلس الأعلى للثورة وهم اللواء محمد جوليد عينانشي والعميد صلاد جابيري, وعدد من أنصارهم و في اطار القيام بمحاولة إنقلابية, على النظام السياسي الذي كانوا بجزء عضوي منه, وطبق عليهم الائحة الداخلية لنظام الثورة والتي تم استعارتها من تجربة أحكام الرئيس السوداني محمد جعفر النميري, مع خصومه في الحزب الشيوعي السوداني, على إثر محاولة هاشم العطا ورفاقه في عام 1971, على نظام مايو في السودان, في حين كانت المحاولة الإنقلابية الصومالية على النظام, منطلقة من أبعاد قبلية وجهوية, وهو ما عرف بتحالف تجمع قبائل الإيرير Iriir, والذي ضم قيادات من قبائل الهوييي Hawiye والاسحاق Isxaaq, ونضم من قبل الجنرالان المذكوران, إلى أن تسريبات قيادات تم زرعها أمنيا بين المجموعة الإنقلابية لعبت دورا كبيرا في إفشال المخطط الإنقلابي المرسوم.
حيث ساهم كل من العميد عبدالله محمد فاضل, وهو صومالي متحدر من أصل يمني وأم صومالية, وكان يتقلد منصب نائب رئيس هيئة الأركان في الجيش الصومالي وتم قتله في يناير 1991 من قبل الميليشيات المؤتمر الصومالي الموحد الموالية للواء محمد فارح حسن(عيديد)كعملية ثار للقادة المذكورين, بالإضافة إلى الضابط محمد جيدي, والمتحدر من قبيلة الأبجال-الهويي, وغيره ساهموا في كشف المستور من جزئيات المحاولةا الإنقلابية يومها, وأنتهى الأمر بإعدام كل من القادة عينانشي وجابيري والمقدم عبدالقادر ظيل في عام 1971, وكان الدور البارز في تتبع وكشف ذلك المخطط للعميد أحمد سليمان عبدالله, ورجاله في جهاز خدمة الأمن الوطني.
#خالد_حسن_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟