محمد ابداح
الحوار المتمدن-العدد: 4572 - 2014 / 9 / 12 - 00:32
المحور:
المجتمع المدني
الحدائق البشرية
تقام اليوم العديد من فعاليات معارض الأزياء والتراث الشعبي، بمعظم دول العالم، وتقام لها المناسبات والإحتفالات البهيجة، باعتبارها انعكاساً لتراث وثقافة الشعوب، وهذا أمر لاخلاف عليه، لكن صدفة وخلال بحثي عن جرائم العبودية في التاريخ، وهي بالمناسبة لاتعد ولاتحصى، وما أوردته بهذا الكتاب ليس إلا اليسير!، إكتشفت أمراً غريباً بحق!.
فهل تساءلنا يوما ماهو أصل كل تلك المعارض الخاصة بعرض الأزياء والتراث الشعبي ، فكما سبق الإشارة إلى أن أصل فكرة إنشاء وتطور مسابقات ملكات الجمال يعود إلى أسياد العبودية، فيبدو لنا أيضاً ذات الأمر أمام الحدائق البشرية الخاصة بالعبيد، أطفال ونساء ورجال وشيوخ جُلبوا من آسيا وأفريقيا وأماكن أخرى لعرضهم كحيوانات!، وقد انتشرت هذه الحدائق في القرنين التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، حيث بدأ الأمر في المكسيك عندما عُرض بعض البشر المصابين بإعاقات جسدية أو غريبة كالأحدب والأمهق (شديد البياض) والأقزام إلى جانب حيوانات الحدائق، وفي بدايات عصر النهضة امتلك كاردينال الفاتيكان هيبوليتوس ميديشي مجموعة من البشر من التتار والأفارقة ليضمها إلى الحيوانات النادرة في حديقته الخاصة!، وانتشرت الحدائق في العديد من المدن الكبرى في العالم كلندن وبرشلونة ونيويورك، باريس وهامبورغ وغيرها ، كما احتوت هذه المعارض على العديد من الأصول البشرية منها الأفارقة والأسكيمو والتتار والسورينام والهنود الأمريكان ، وقد كانت هذه الحدائق من أكثر الأماكن جذباً ودرّاً للأرباح، فعند إقامة معرض أو فتح حديقة جديدة كان يأتي آلاف الزوار، وفي عام 1831م، بلغ عدد زوار الحديقة الموجودة في باريس وحدها 34 مليون زائر(1)!!، وقد انتشرت أفكار هذا النوع من المعارض في بعض المدن اليابانية، فقد كان يتم عرض اليابانيات الجواري في أقفاص أمام الناس!!، ومع مرور الوقت شكلت تلك العادات المسيئة للأقليات المستضعفة في الأرض نواة معارض الأزياء الدولية التي نراها اليوم، فتأملوا واستمتعوا بمعارض الأزياء!!.
محمد ابداح
الهوامش
1- جورج لوكاس (العواقب الطبقية)- إ.س.ثومبسون، 1923م، لندن، بر يطانيا، وللأسف الشديد تعد المصادر والمراجع العربية التي تتناول الحقائق التاريخية لتجارة الرقيق والعبودية نادرة جداً، وربما لكون الإسلام لم يحرم العبودية أصلاً، ( المؤلف).
#محمد_ابداح (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟