عمرو عبد الرحمن
الحوار المتمدن-العدد: 4571 - 2014 / 9 / 11 - 09:16
المحور:
المجتمع المدني
بحث للخبير الاستراتيجي/ د. علاء سعد
المقدمة: إن المعرفة , هي أساس بناء الحضارة فالمعرفة هي ّ النور الذي يسمح لنا بإدراك القيم وبالقيم نستطيع بناء الحضارة , والتاريخ يؤكد لنا ذلك مع كل الحضارات بداية من قيام أول دولة في التاريخ علي أرض تامري , وحتي تاريخ اليوم مع الحضارات في العصر الحديث.
وبناء علي هذا الأساس المعرفي , إستطاع الإنسان في العصر الحديث أن يؤسس للحضارة المعرفية إن جاز لنا التعبير , وخصوصا في مجال الدراسات الأمنية والإستراتيجية , الأمر الذي يمكن ان نقول معه , ان زمن العلم الموروث قد إنتهي , واصبحت المعرفة متاحة للجميع.
لم يعد العلم حكرا علي أحد , ولا يستطيع نظام مهما أوتي من قوة أن يعرف أو حتي يحدد للناس ماذا تعرف وماذا لا تعرف , ولا يوجد فيما يخص الأهداف القومية , ونظرية الأمن بجميع تعريفاتها بل وجميع تفاصيلها الدقيقة ما يمكن أن يطلق عليه أسرارا مطلقة , فأسرار اليوم , هي حقائق الغد , وهي التاريخ لما بعد الغد.
الأهداف
أولا : إختيار التعريفات المناسبة.
ثانيا: الربط بين مفهوم الأمن القومي , والمواطن الإستراتيجي.
ثالثا : عرض المشكلة.
رابعا : النتائج والتوصيات
خامسا : الخاتمة
تعريف الأمن القومي
توجد تعريفات كثيرة جدا للأمن القومي , للدرجة التي قد نصل بها إلي أن التعريف في حد ذاته أصبح نسبيا وتحتمه ضرورات الواقع ومتطلبات البقاء للدولة , ونذكر علي سبيل المثال بعض التعريفات
هو عبارة عن مصالح معظم الدول وما تتخذه الدول من إجراءات لحماية هذه المصالح.
هو جوهر المصالح القومية الحيوية للدولة.
حماية الدولة ضد جميع الأخطار الداخلية والخارجية.
ومع تطور العلوم الإجتماعية , برز مفهوم الأمن القومي الشامل , ونذكر علي سبيل المثال تعريف
US national security is the ability of national institutions to prevent adversaries from using force to harm Americans´-or-their national interests and the confidence of Americans in this capability.
الأمن القومي الأمريكي , هو قدرة المؤسسات القومية علي منع الخصوم من إستخدام القوة لإيذاء الأمريكان أو مصالحهم القومية وثقة الأمريكان بهذه القدرة.
في التعريف السابق حدد سام سي ساركيزيان , عنصرين كمكون رئيس لتعريف الأمن القومي الأمريكي العنصر الأول هو القدرة , قدرة المؤسسات القومية , والثاني وهو الأهم , هو ثقة المواطنين في هذه القدرة.
تعريف المواطن الإستراتيجي
الباحث تعرف علي إصطلاح المواطن الإستراتيجي في الدورة , وظن الباحث لوهلة أن الإصطلاح يخص الدورة وأنه لم يستخدم من قبل , وعلية تم البحث علي جوجل وكانت أول نتائج البحث هو تعريف كامل لدور المواطن الإستراتيجي علي موقع يوميات الأمن الواقعي Journal of Physical Security (JPS))
ويورد الموقع تعريفا للمواطن الإستراتيجي علي أنه ذلك المواطن الذي يرتبط مباشرة , مع البنية التحتية أو المصادر الحرجة أو يكون علي مقربة منهاوالذي يستطيع ان يخفض أو يمنع الضرر الذي يقع علي الأرواح والممتلكات نتيجة أي إعتداء.
إننا لو قمنا بالربط بين التعريفين السابقين لكلا من موضوع البحث نستطيع أن نقول أن نظرية الأمن القومي للدولة لا يمكن أن تتحقق من دون تحقيق الترابط اللازم بين النظرية والمعرفة والثقة.
فلكي تستطيع دولة ما الحفاظ علي امنها القومي لابد لها من نظرية أمن , ترتبط إرتباطا وثيقا بواقع التحديات , هذه النظرية تؤسس لدي جموع الناس معرفيا , يساعد في تحقيقها أجهزة الدولة المتعددة كل في مجالة , وينخرط المواطنين في منظومتها , كل حسب موقعه , بما يضمن الثقة ثقة المواطنين في أن الدولة تستطيع أداء مسئولياتها تجاه المجتمع.
المشكلة
بعد أن إنتهينا من وضع التعريفات لكل من الأمن القومي , والمواطن الإستراتيجي , يمكننا أن نبدأ بتوصيف المشكلة من واقع ما يحدث في الشارع المصري.
كلنا نذكر الشعار والصورة والتاريخ جيدا , الجيش والشعب إيد واحدة , ذلك الشعار الذي خرج علي ألسنة الجماهير الغاضبة في الثامن والعشرين من يناير , وخرج الشعار صادما للتيارات التي ارادت ان تصنع حالة من الشقاق بين عناصر الدولة , الشعب والجيش , وخصوصا بعد خروج جهاز الشرطة بكامل قوته من الساحة , وذلك الشعور الرهيب لدي الناس بأن هنالك نصرا قد حدث , وان مكاسبهم من الثورة تحقق جزء كبير منها بخروج نظام مبارك وعصاه الغليظة من معادلة الوطن.
ومع مرور الأيام , ومع رغبة قواتنا المسلحة في إعادة الجهاز الشرطي إلي مسئولياته , تم صناعة شعار جديد ظهر جليا في الثلاثين من يونيو , وإن كان تم التحضير له منذ أحداث الإتحادية , الجيش والشعب والشرطة إيد واحدة , شعارا مرتبا يعبر عن الواقع وعن الدور , وبمرور الأيام وبعد أحداث فض الإعتصامين , تغير الشعار وتم طباعته علي سيارات الشرطة معلنا برمزية عنت للبعض الكثير , وأهملها الأكثرين , وكان الشعار الجديد "الجيش والشرطة والشعب" كما لو كان إعلانا عن غيرة الشرطة من الدور الرئيس في حماية الأمن وحماية الوطن , وقد أعطي البعض لهذه الغيرة سببا في خروجه , لكن الأمر أعمق من ذلك بكثير.
ففي حوار لي مع أحد ضباط الشرطة (كم يمكن أن يذهلك ما يمكن أن تعرفه) , قال لي نصا , أن المواطنين يؤيدون الشرطة في كل ما تفعلة لدرجة أن أحد أبناء التيار الإسلامي ذهب إليه في مقر عملة ورفض الخروج حتي يتم البت في أمر والده وهو من قيادات التيار الإسلامي وينتمي لعائلة الزمر)
أربعة جمل فقط لا غير , جعلت الباحث يفكر فيما نحن فاعلون وقفز في رأسي التاريخ ملوحا بهراوة الحقيقة علي رأسي في سؤال لا يعرف إجابته كثيرون.
بافيلك موروزوف
هو صبي في الثالثة عشر من عمرة , إسمه بافيل تورفوميتش موزوروف تعود أحداث القصة إلي عام 1932 حينما قام بالإبلاغ عن والدة لنظام ستالين الحديدي , مما أدي إلي إعدام والده رميا بالرصاص علي يد فرق إعدام ستالين , مما دفع عائلته إلي قتل الصبي الصغير , هذه القصة علي قدر انها حدثت في قرية صغيرة جدا ولا يوجد بها إلا الفلاحين إلا انها صدمت الثقافة الروسية في مقتل , فقد يتفهم المجتمع هذا الموقف من صديق أو جار أو حتي قريب , لكنه لايمكن ان يقبله من إبن لوالده , والمشكلة الأقوي هنا , يمكن صياغتها في سؤال بلاغي
هل ترضي أن يكون بافيلك موزوروف إبنا لك!.
صياغة المشكلة:
أولا :إن جهاز الشرطة قد فهم الرسالة من شعار الشعب والجيش إيد واحدة خطأ, في خضم صراع العودة وإثبات الوجود , مما سيؤدي في نهاية الأمر إلي عمل تجاوزات , يتم الأن إستغلالها والقفز عليها لصناعة محتوي إعلامي موضوعي يتم تسويقه للجماهير عن عودة النظام الشرطي لجبروته في الظلم والفشل. الأمر الذي سيؤدي في نهاية المطاف كماأدي من قبل إلي خلق حالة من المد الثوري الثالث.
ثانيا : إن دور المواطن الإستراتيجي , ليس دورا يمكن أن نحصره في عملية الوشاية بأقرب المقربين كدليل علي حسن النوايا والوطنية , وهو لا يمكن حصره في منظور هو أقرب بجمع المعلومات , فمن تقدموا علينا في هذه العلوم الإجتماعية صنعوا له أدوارا وصلت لحد الوقاية ومنع التهديدات والمخاطر التي يتعرض لها الوطن.
ثالثا : تظل مشكلة الشفافية , وإعتبار المواطن شيئا يستخدم في الدعاية الإنتخابية ويتم الإهتمام به في فترة الإنتخابات نمطا لا يتغير , فمن قوائم الزيت والسكر , إلي قوائم الرضا يترنح المواطن حائرا تعصره تحديات لا يشعر بها أحد ولا يملك أحدا ما أن يواجهها.
الحلول المقترحة :
لابد من تبني برامج علاج نفسية لضباط الشرطة وخصوصا الذين تعرضوا للإحباط والإكتئاب الناتج عن أحداث يناير.
لابد من خلق حالة من الثقة في قدرات الدولة علي إحداث فارق في حياة المواطن , فهذه الثقة كما أسلفنا في تعريف الأمن القومي هي عنصر أساسي لتحقيق النظرية علي أرض الواقع.
تبني برامج تدريبية لجهاز الشرطة , لتحسين طرق جمع المعلومات , وكذلك تطوير برامج تحليل المعلومات وإستخدامها بطريقة علمية.
التصدي لحملات التشوية لجهاز الشرطة عن طريق تتبع حقائق الأخبار التي تنشر , وتفنيدها , وشرحها للرأي العام مهما كانت تبدو ضئيلة وغير مؤثرة , (مثال مقتل مواطن علي يد أمين شرطة في أحد الأقسام – سحل وتعذيب – الخ) فكما قلنا أن هذه الأحداث تستخدم إعلاميا من جديد وكما أستخدمت من قبل ونجحت في يناير , ومع ثبات نفس العقليات وأنماط العمل ستكون النتائج واحدة.
الخاتمة
إن الدول لا تستطيع أن تحافظ علي وجودها من دون أن تحافظ علي قيمها , فالقيم هي التي تبني الحضارة فهي التي تعطينا السبب لكي نعيش.
***يقول تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ{56} مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ{57} الذاريات.
=ورقة بحثية من إعداد/
علاء الدين محمد سعد يوسف
خبير وإستشاري نظم المعلومات
كاتب وباحث في العلوم الإستراتيجية والأمن القومي
مدير عام شركة نافي ورلد إيجيبت ( شركة دولية متخصصة في نظم المعلومات)
#عمرو_عبد_الرحمن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟