|
التخوف من السعودية ام ايران في المدى البعيد
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4570 - 2014 / 9 / 10 - 20:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
نتاج و عصارة العقل الجمعي للمجتمع السعودي لم يفرز الا الغلو و التطرف بنسبة كبيرة جدا نتيجة العوامل الذاتية و الموضوعية المتوارثة من التاريخ و ما مرت بها الجزيرة العربية و اكتسبت من العادات و التقاليد الغيبية و من الافكار الميتافيزيقية و مؤثرات الجغرافيا التي تساعد على التعمق فيماوراء الطبيعة، و لم تستثمر لبناء حضارة و التقدم العلمي كرد فعل لما اثمرفي المناطق الاخرى، و كل ما افرز هو التصارع من اجل المعيشة باساليب خشنة بعيدة عن الانسانية مهما ادعى الدواعي و الدعاة الاسلامييين عكس ذلك، و لم تكن الوهابية الا اخر العنقود و تحصيل حاصل لما سبقها من الافكار و العقائد، و استجمعت القوى البدوية و العشائرية و افادت بها بناء دولة من كل تلك الاختلافات في البنية البشرية المتضادة مع بعضها للمجتمع المسماة باالسعودي كنية بمؤسسها و راس اكبر قبائلها الشرسة ، و استثمرت الدين و الفكر الاسلامي لصالح بناء هياكل الدولة و المصالح الدنيوية على عكس الادعاءات الدينية الاخروية التي يؤمن بها الشعب بشكل عام . في الجانب الاخر، ان المجتمع الايراني الحضاري المدني البنية و التاريخ و ما كان تاريخه الا دنيوي النظرة عدا ما انتابت تلك التاريخ من الشواذ هنا و هناك في فترة من الفترات، لم يستثمر الا المنتوج الحضاري المدني في بناء الدولة، الا اخيرا انعكس الى ما يشابه السعودية الشعب و اتخاذه طريق للسلطة، و لكن معتمدا على المذهب و مستغلا لها في بناء الدولة و صراعاتها المتعددة و المختلفة الاتجاهات، و لم تتدلى تلك الافكار كي تتعمق في ثنايا المجتمع بل بقت في راس الهرم السلطوي و لمصالح سياسية فقط مهما ضغطت الحكومة الاخيرة على الخروج من طور المدنية و الغوص في الميتافيزيقيا الدينية المذهبية من اجل تقوية الذات و مصارعة الضد الموجود بالمرصاد من الاقليم القريب من اجل النصر والفلاح في الصراعات الموجودة. ان الغلو و التحجر الفكري الديني المتطرف في الدولتين، السلطة هنا و المجتمع هناك لم يصل لهذا المستوى في اي وقت مضى من التاريخ الا اثناء الفتوحات الاسلامية و القتل والتشرد و السبي و السيطرة التي اكملتها الفتوحات بالسيف و الدم و حطمت الاساس الحضاري المدني البهلوي و ما قبله، و تواصلت الخلافات و حاولت كل جهة التطاول على الاخر فكريا و عقيديا و سياسيا، و بقوا على تلك الحال ليومنا هذا. التطرف الديني المتحجر الذي يشهده القليم الان هو النابع من نتاج المجتمع السعودي و التوجه السياسي السلطوي للسلطة الايرانية على حد سواء بنسبة كبيرة جدا. لو قارننا ما ينتمي اليه المجتمع الايراني و عاداته و تقاليده و التزاماته الديني المذهبي بالمجتمع السعودي لم نر الا الخلاف الواضح الصريح المطلق من العمق الفكري و التوجه المخالف للبعض من الدنيوي النظرة الى ما بعد الحياتي النظرة للمقابل، اي ما يتميز به الشعب الايراني من حبه للحياة و ما فيها و ما يؤمن بالتمتع بها مقابل الايمان بالموت و الاخرة و انتظار ساعة النهاية للمجتمع السعودي، و حتى عند المذهب الشيعي الديني ليس المهدي المنتظر الا خدعة للتمتع بالحياة و الخلاص من الماسي التي يعيش فيها المجتمع في الحياة وليس في الاخرة . ان ما تسير عليه السلطة الايرانية في هذا العصر استغلال عقلاني للمذهبية و ما يتمتع بها المذهب الشيعي من الاعتدال مقابل التطرف الذي يتمتع به المذهب السني، من اجل بيان الاخلتلاف و الاعتزاز بالذات عن طريق المذهب كوسيلة عقائدية سياسية سلطوية لايران مقابل الوسيلة السياسية السلطوية و المجتمعية للشعب السعودي الغارق في بحر الخيال وما يرسمه لنفسه من الجنة و النعيم و انقاذ الذات خياليا و من الصعوبات التي تواجهه اهل الجزيرة منذ القدم و العصور الغابرة . هذا الكلام ليس انحيازا للشعب الايراني او المذهب الشيعي على حساب الشعب السعودي و المذهب السني بقدر ماهو تحليل اجتماعي تاريخي لما هما عليه هذان الشعبان المختلفان قلبا و قالبا . الواضح في الامر ان السلطة السياسية الايرانية قادرة على استغلال المذهب الشيعي لصالحها و معها المذهب السني ايضا في الصراعات السياسة و في تداخلات المعادلات الاقليمية دون ان تتمكن السلطة السعودية استغلال المذهب الشيعي لتلك النيات السياسية في المنطقة، منذ بروز الخلافات القوية و الصراعات النارية على الملأ . ان التخوف الاكبر اليوم هو من افرازات الفكر المتطرف و الغلو الذي يحمله الشعب السعودي اكثر بكثير من ما تحمله السلطة و ليس الشعب الايراني . و عليه، ان التخوف الاكبر على مصير شعوب المنطقة هو من المذهب السني المتطرف المتخلف الاخروي اكثر من المذهب الشيعي المعتدل الدنيوي على المدى البعيد، اي الواجب هو انهاء الخطر الاكبر قبل الاخر . و ان سقطت السلطة السعودية الحالية التي لا تحمل ما يبقيها على المدى البعيد فالبديل سيكون اتعس والآتي اغبر و اشدد و اشرس، لانه يمكن ان ينبع ما يطفو من الشعب المتسم بالغلو و التطرف و الملجم لهذا النوع من السلطة هو السلطة الحالية التابع، و العكس من ذلك في المقابل فان بديل السلطة الايرانية هو الحكم المدني النابع من نخاع و صلب فكر و عقلية الشعب و ما تنتجه عصارة التاريخ و العقل الجمعي الايراني وهو الاهون ويمكن ان يكون دنيويا مدنيا علمانيا في اكثر الاحتمالات له .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من تكون القوة المهيمنة في ظل الفوضى العارمة في المنطقة
-
امام العبادي مهمة اصعب من سلفه
-
الارهاب يوثٌق المحاور و يفصلهم اكثر
-
هل من الممكن ان يعيش الشعب العراقي واقعيا
-
ما يميٌز الحكومة الجديدة
-
اللااستراتيجية اوباما هي الاستراتيجية الامريكية بعينها في ال
...
-
هل نتفائل لحال كوردستان و مستقبلها
-
كان من الاجدر ان تكون نسبة من الوزراء من الوجوه الجديدة
-
ان ارادوا للشعب الراحة و الاطمئنان
-
جهاد النكاح في تاريخ الاسلام
-
الموقف المخزي لتركيا و علاقاتها مع اقليم كوردستان
-
لماذا يتعامل اوباما مع داعش بدم بارد
-
العقل يقطع دابر داعش
-
يقفون ضد المثلية و هم يمارسونها في السعودية
-
منطقتنا و الحرب الباردة على الطريق
-
لماذا البرلمان ؟ توجهوا الى المسبب الرئيسي
-
هل يمكن تعريفه بالنسيج العراق الداخلي
-
الدور السلبي لاعلام كوردستان
-
حان الوقت للعلمانية ان تؤدي دورها في العراق
-
هل تنوي امريكا استئصال داعش
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|