|
انتصار المقاومة غير المسبوق في غزة : مدخلات بدون مخرجات
عليان عليان
الحوار المتمدن-العدد: 4569 - 2014 / 9 / 9 - 11:27
المحور:
القضية الفلسطينية
من حق شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة ، وفي الضفة الغربية ، و في مناطق 1948 ، وفي دول الطوق والشتات ، ومعه جميع أبناء الأمة العربية ، أن يحتفلوا بالنصر الذي حققته فصائل المقاومة على العدو الصهيوني ، بقتالها الأسطوري على مدى 51 يوماً ، والذي أذهل العدو الصهيوني ، ودفع مختلف مستوياته الامنية والسياسية والإعلامية للاعتراف بفشل الحرب العدوانية على قطاع غزة ، في تحقيق أي من أهدافها. من حق الشعب العربي الفلسطيني ، أن يحتفل بالنصر التكتيكي ، لعدة اعتبارات أبرزها : أولاً : لأن المقاومة الفلسطينية ، أذاقت العدو العدو طعم الهزيمة المرة بصواريخها المصنعة محلياً ، والمتطورة المقدمة لها من أطراف حلف المقاومة ( سوريا ، إيران ، حزب الله ) التي دكت القدس وتل أبيب وحيفا ونهاريا ونتانيا والخضيرة وبئر السبع وديمونة ،وجميع المغتصبات في فلسطين المحتلة . ثانياً : لأن المقاومة نقلت من اللحظة الأولى المعركة إلى داخل مناطق العدو الصهيوني ، سواء عبر صواريخها أو عبر الإنزال خلف خطوط العدو من خلال الأنفاق الهجومية والإستراتيجية ، وأجبرت خمسة ملايين إسرائيلي على المبيت في الملاجيء على مدى 51 يوماً ، وفرضت على المستوطنين في جميع المستوطنات المحيطة بقطاع غزة مغادرة هذه المستوطنات ، ناهيك أن صواريخ المقاومة عزلت الكيان الصهيوني عن العالم أكثر من مرة ، جراء القصف المتكرر لمطار بن غوريون. ثالثاً : لإن المقاومة كما حزب الله ، في انتصاره في حرب تموز 2006 - وعلى حد تعبير أحد قادة المقاومة - " حطمت نظرية الأمن القومي الإسرائيلي القائمة على التفوق النوعي ، وبقاء العمق الاسرائيلي الديمغرافي والاقتصادي آمن أثناء الحروب وأن تكون الحرب خاطفة ، وأن تتحكم إسرائيل بالمعركة ومساحتها ، غير أن المقاومة أخذت المبادرة وشرعت بتحطيم كل هذه العناصر السابقة". رابعاً : لأن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة – ورغم الخلل في موازين القوى -خلقت توازناً للرعب ، كسر مفاعيل الردع الإسرائيلي ، وذلك من خلال الاستمرار في القصف المطرد لمواقع العدو الديمغرافية والاقتصادية في أرجاء فلسطين المحتلة كافة ، محدثة خسائر كبيرة في صفوف جيش العدو وفي اقتصاده . خامساً : لأن المقاومة نجحت منذ اللحظة الأولى للعدوان الإسرائيلي الذي أطلق عليه العدو مسمى " الجرف الصامد " في إفشال عامل المفاجأة العسكري الإسرائيلي ، وتمكنت من موقعها الدفاعي الهجومي ، من إذهال العدو بمفاجآتها العسكرية الصاروخية والقتالية خلف خطوطه العسكرية ، ما يعني أن المقاومة رغم حالة الهدنة والهدوء النسبية على خطوط القتال منذ عام 2012 ، إلا أنها كانت تعمل بصمت ، وتراكم من خبراتها التدريبية والقتالية والتسليحية ، استعداداً لمثل هذه المنازلة وغيرها مع العدو الصهيوني . سادساً : ولأن المقاومة أفشلت رهانات كل من المجتمع الدولي والنظام العربي الرسمي على تصفية المقاومة الفلسطينية ، بعد أن منحا العدو الصهيوني الوقت الكافي لذلك ، ولأن المقاومة سددت ضربة قاضية لهذه الرهانات بعد أن أفشلت أهداف العدو في تجريد المقاومة من سلاحها ، وفي تدمير سلاحها الصاروخي وتدمير منظومة أنفاقها. لقد باتت مستويات العدو السياسية والإعلامية تعترف بفشل حرب " الجرف الصامد " في تحقيق أي من أهدافها ، ما دفع البرلمان الإسرائيلي " الكنيست " لتشكيل لجنة للتحقيق في أسباب الفشل ، في حين ذهبت العديد من الأوساط الإعلامية إلى حد الاعتراف بنصر المقاومة وهزيمة ( إسرائيل ) في هذه الحرب ، ولم يغير من واقع صورة الهزيمة ما يردده نتنياهو ما بين الفينة والأخرى ، بأنه دمر 30 في المائة من الأنفاق ، ونسبة كبيرة من مخازن الصواريخ ، في محاولة بائسة منه للتحايل على الرأي العام الإسرائيلي . لكن هذه الصورة الوردية للانتصار ، الذي يعود في جوهره للصمود الأسطوري الذي أبداه الشعب الفلسطيني في القطاع الأشم ، ولقدرته الهائلة على الصبر والتحمل ( ما يزيد عن 2200 شهيد وعن عشرة آلاف جريح )... هذه الصورة أجهضت جراء ثلاث حقائق صعبة ومؤلمة ، جعلت انتصارات المقاومة مجرد مدخلات بدون مخرجات. الحقيقة الأولى : أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي صاغته المخابرات المصرية ووافقت عليه فصائل المقاومة مضطرة – والماء يملأ أفواهها – لم يرتق لمستوى الانتصارات والإنجازات العسكرية سالفة الذكر ، ولم يرق لمستوى صمود الأهل وتضحياتهم في قطاع غزة. فهذا الاتفاق رغم أنه نص على فتح المعابر لإدخال المساعدات ومواد الاعمار وعلى السماح للصيد بعمق ستة أميال بحرية ، إلا أنه أجل التفاوض والبت في القضايا الرئيسية ، ليصار إلى التفاوض عليها بعد شهر من تاريخ وقف إطلاق النار ( المطار ، الميناء ، عمق الصيد البحري بمسافة 12 ميلاً ، إلغاء المنطقة العازلة في الشريط الزراعي الشرقي لقطاع غزة والمتاخم لمناطق 1948 ، الممر الآمن بين الضفة والقطاع ، وإطلاق سراح أسرى صفقة شاليط ، وإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين القدامى قبل اتفاقات أوسلو ... ألخ . وتأجيل التفاوض على القضايا الرئيسية – من واقع الخبرة في مفاوضات أوسلو وأخواتها على مدى 21 يوماً – يعني تأجيلها إلى الأبد ، وفي الذاكرة كيف تم تأجيل التفاوض على قضايا " الاستيطان والقدس واللاجئين " ، التي ظلت دون حل حتى اللحظة الراهنة ، ونراها تحسم يومياً لصالح العدو الصهيوني ، من خلال التهويد المطرد للقدس والاستيطان المطرد ، ومصادرة الأرض في عموم الأراضي المحتلة ، ومن خلال الرفض المستمر للتعاطي مع حق العودة للاجئين الفلسطينيين وفقاً للقرار الأممي رقم 194 باعتباره خطاً أحمر . وبدون الخوض في تفاصيل وقف إطلاق النار الحالي ، يمكن القول من واقع المقارنة بين اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2012 وبين اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2014 ، بأن الاتفاق الأخير يشكل خطوة للوراء عن الاتفاق الأول . فعلى سبيل المثال لا الحصر : = مبادرة 2014 تربط وتشترط الاستمرار في فتح المعابر ، بين قطاع غزة والكيان الصهيوني ، باستقرار الأوضاع الأمنية على الأرض " أي بوقف المقاومة" وبوسع( إسرائيل ) أن تفتعل أي حادث يبرر وقف التسهيلات ، بينما شرط " استقرار الأوضاع الأمنية " لم يرد في مبادرة 2012 . = مبادرة 2014 نصت على وقف استهداف المدنيين ، ما يعني السماح للعدو الصهيوني باستهداف رجال وكوادر وقادة المقاومة ، بينما مبادرة 2012 نصت على وقف استهداف الأشخاص " سواء كانوا مدنيين أو عسكريين " . = مبادرة 2012 نصت على وقف الأعمال العدائية من قبل الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني في البر والبحر والجو ، بينما مبادرة 2014 أضافت " عبارة وقف الأعمال العدائية تحت الأرض " والمقصود بهذه الإضافة الأنفاق الحربية الفلسطينية... مع ضرورة الإشارة هنا أن تضمين المبادرة عبارة " وقف الأعمال العدائية " من قبل الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني ، يعني المساواة بين الاحتلال والمقاومة ، من زاوية توصيف المقاومة ضد الاحتلال بأنها أعمال عدائية . الحقيقة الثانية : أن فريق أوسلو هو من تسيد مفاوضات وقف إطلاق النار معيداً الاعتبار للمفاوضات العبثية ، وذلك من خلال ما يلي : 1-اشتراط النظام المصري أن يترأس الوفد الفلسطيني في مفاوضات وقف إطلاق النار قيادي أوسلوي من السلطة الفلسطينية ، حيث تم تعيين عضو اللجنة المركزية لحركة فتح رئيساً للوفد هو عزام الأحمد . 2-اشتراط أن يكون المرابطين على معبر رفح من الجانب الفلسطيني من حرس الرئاسة في السلطة الفلسطينية. 3-أن رئيس السلطة الفلسطينية هو من أعلن وقف إطلاق النار من جانب المقاومة في قطاع غزة ، رغم عدم وجود أي علاقة له بها ، ورغم رفضه وكل الملتزمين بخطه السياسي لنهج الكفاح المسلح. 4- من خلال تضمين الديباجة في المبادرة ، عبارة متعلقة "بالالتزام بتحقيق ما يسمى بالسلام بالمنطقة " ، دون الإتيان على مرجعية الشرعية الدولية ، بما يعني تدشين الطريق أمام رئيس السلطة الفلسطينية للعودة إلى المفاوضات العبثية . وتحت غطاء مبادرة المخابرات المصرية ، باشرت قيادة السلطة الفلسطينية فتح الطريق الاستكشافية للعودة للمفاوضات العبثية ، من خلال إرسالها فريق إلى واشنطن ، مهمته التباحث مع الإدارة الأمريكية ، بشأن وضع جدول زمني للمفاوضات لتحقيق الانسحاب الإسرائيلي من الأراض المحتلة. الحقيقة الثالثة : أن القيادة البرغماتية المتنفذة الرعناء لحركة حماس في قطر نسبت النصر الذي حققته المقاومة ، في عامله الخارجي ، لكل من القاعدة الأمريكية المتقدمة في الخليح العربي ( قطر ) وللقاعدة الأمريكية الأطلسية المتقدمة في الشرق الأوسسط ، وحليف ( إسرائيل ) الإستراتيجي ( نظام أردوغان في تركيا ) أي أنها نسبت النصر لعدوي المقاومة وثقافتها. لقد تجاهلت هذه القيادة الأخوانية، حقيقة جوهرية ، وهي أن انتصار المقاومة في عامله الموضوعي يعود لحلف المقاومة بحلقاته الثلاث ( سوريا ، إيران ، حزب الله ). وهذا التجاهل والإنكار لدور حلف المقاومة ، سهل مهمة القوى المتآمرة في النظام العربي الرسمي ، في منع المقاومة من تحقيق إنجازات سياسية ترقى لمستوى الإنجازات الميدانية ، وشكل ضربة في الصميم لكتائب القسام التي تعرف وتعترف بحقيقة الحلفاء الذين زودوها ، وزودوا بقية فصائل المقاومة بكل ما يلزمهم من صواريخ وعتاد عسكري وموقف سياسي . وكان يفترض ببقية الفصائل الفلسطينية ، التي ثمنت دور حلف المقاومة في صنع الانتصار ، أن تتصدى سياسياً لهذا التزييف الرجعي ، الذي تمارسه القيادة المتنفذة في حماس ، وأن تعلن بوضوح – كما أعلنت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – عن الدور المركزي لكل من سوريا وإيران وحزب الله في صنع الانتصار.
#عليان_عليان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المقاومة الفلسطينية كسرت أحادية الردع الإسرائيلي ، وأدخلت ال
...
-
مبادرة النظام المصري لوقف إطلاق النار كتبت بأيدي صهيونية
-
المقاومة الفسطينية تربك حسابات العدو ، وباتت يدها هي العليا
-
انتخاب (إسرائيل) نائباً لرئيس مكافحة الاستعمار فضيحة دولية و
...
-
مصر تكبر ببرنامج حمدين صباحي وتصغر بالمشير السيسي
-
في الذكرى أل (66) للنكبة : المؤامرة الصهيو أميركية مستمرة عل
...
-
اتفاق حمص : إنجاز استراتيجي لسوريا على طريق دحر الإرهاب
-
التمويل الأجنبي والتطبيع صنوان في خدمة المشروع الصهيو أميركي
...
-
الوفاء للأسرى بالتمسك بنهج المقاومة وبالثوابت التي اعتقلوا م
...
-
ثقافة الوحدة أداة استراتيجيه لهزيمة المشروع الطائفي الصهيو أ
...
-
دروس التكتيك في جنيف (2) : الوفد السوري نموذجاً
-
جنيف (2) : محطة لإدارة الصراع مع القوى المتآمرة على سوريا
-
العرب المسيحيون في مواجهة الإرهاب التكفيري
-
بعد فشل مشروعها التآمري على سوريا.. السعودية تلقي بثقلها في
...
-
سيناريوهات جنيف -2- السوري في ضوء المتغيرات السياسية والعسكر
...
-
كيري وأولوية الجانب الأمني (لإسرائيل) في خطته المنحازة لها
-
الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة (5 +1 ) إنجاز استراتيجي لإي
...
-
في مواجهة المبررات المتهافتة للاستمرار في المفاوضات
-
في ذكرى وعد بلفور : نحو إستراتيجية تحدد بوضوح معسكر الأعداء
-
حذار من النهج النيوليبرالي ومن أدوات العولمة القاتلة
المزيد.....
-
بيونسيه تتوج مسيرتها بجائزة طال انتظارها ونانسي عجرم تطوي صف
...
-
فرنسا: هل ينجو بايرو من حجب الثقة؟
-
أمريكا - إسرائيل: أي حدود للتحالف بين ترامب ونتنياهو؟
-
بعد تبرعه بـ 100 مليار دولار للأعمال الخيرية، هل يترك بيل غي
...
-
شتاينماير يطالب من الرياض بإطلاق الرهائن وبتطبيق حل الدولتين
...
-
-مازلت متعطشا-.. نوير مستمر في حراسة عرين بايرن ميونيخ
-
ترامب يعلن رغبة بلاده في الحصول على المعادن من أوكرانيا مقاب
...
-
-زومبي من أجناس متعددة-.. زاخاروفا تعلق على عدم قدرة أوروبا
...
-
رئيس البرلمان البولندي يدعو أوروبا لتقليص الاعتماد على الولا
...
-
بيسكوف: لا يوجد أي تقدم في عملية تنظيم لقاء بوتين وترامب
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|