نبيل هلال هلال
الحوار المتمدن-العدد: 4569 - 2014 / 9 / 9 - 00:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
المقال الثالث:
لم يعرف الفقه السياسي الإسلامي قط السبيل إلى تقييد سلطات الخليفة , ولم يحدد وسيلة لمحاسبته أو عزله إن اقتضى الأمر ذلك . وكانت- ولا تزال- الممارسات السياسية تقوم على أساس تصنيف الناس إلى قُصَّر وأوصياء , أو"رعية"وراع .وانتهك الخلفاء كلهم جميعا الدستور الإسلامي الذي سنَّه النبي (صلى الله عليه وسلم) في المدينة لتنظيم شؤون"دولة "المدينة في العام الأول الهجري وهو أول ما عمله بعد وصوله إليها , وهو دستور يقر حقوق المواطنة والمساواة والعدل والحرية سابقا الغرب في صياغة أي وثيقة مماثلة. وهي حقوق لم يرعها الخلفاء بل كانوا أول من انتهكها , وصادروا الآراء وكمموا الأفواه عدا ما يسبِّح منها بحمد الخليفة وأسرته , وظلموا ولم يعدِلوا ,ونهبوا ولم يعِفُّوا , وقهروا ولم يرحموا, فرَقَعوا دنياهم بتمزيق دينهم , فلا دينهم أبقوا ولا ما رقعوا , وهذه حقائق أجْلَى من أن يُطلب لإثباتها برهان . – ملحوظة: في حديثنا كله عن الخلفاء والخلافة نستثني الخلفاء الراشدين والقليل غيرهم , وكل ما جاء في هذا الكتاب عن" الفقيه " نقصد به فقيه السلطة الذي باع دينه بدنياه , وكان في خدمة سلطانه ينطق باسمه ويحارب بسيفه ويأخذ دنانيره . ولا ينسحب كلامنا عن "الفقيه" على أي فقيه من حمَلة العلم الديني ممن نجلهم ونحترمهم .
والإسلام الذي يحكم في ظله خليفةُُ مستبد يتظاهر بتقوى الله ويبرر له فقهاؤه شرعية حكمه وظلمه للناس ونهبه أموالهم , ذلك إسلام مزعوم ما أنزل الله به من سلطان , فالإسلام الحقيقي- إسلام الله- هو الإسلام الذي تحكم فيه الأغلبية لمصلحة الأغلبية , ولا محل فيه لسلطة الفرد المتسلط الذي لا يمتثل لضوابط عدم الانفراد بالسلطة , والإسلام الحقيقي يكون المال فيه للناس ,كل الناس , ولا يباح فيه استئثار طبقة مَّا بنعيم الدنيا , بينما يُترك للفقراء - وهُم كل الأمة- نعيم الآخرة , فلا خير في خير لا يعم . وما لم يُنفض الاستبداد من على وجه الإسلام , فسيبقى هذا الدين العظيم لؤلؤة لم تُشق عنها أصدافها .
انتهى المقال الثالث ويتبعه الرابع بإذن الله من كتابنا (خرافة اسمها الخلافة - قراءة في سقوط الدولة الدينية ) لنبيل هلال هلال
#نبيل_هلال_هلال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟