فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 4568 - 2014 / 9 / 8 - 15:25
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
هنا قناة السويس
أكتبُ لكم من أرض مشروع القناة الجديدة، السبت 6 سبتمبر. هذه زيارتي الثانية، بعد الأولى مع شباب "تمرد" الواعد بتاريخ 11 أغسطس الماضي. في أقل من شهر وفّى رجالُنا الأبطال ما وعدوا به، قبل الموعد الذي ضربوه لأنفسهم. في زيارتي الأولى سألتُ العميدَ "حسن العراقي”: “متى نرى المياه؟" قال: "بعد شهرين. تعالي يوم 11 أكتوبر وخذي حفنة ماء من القناة الجديدة.” لكن تباشير المياه ظهرت قبل الموعد لأن "يوم الجيش بست ساعات"، إن افترضنا أن "يوم الحكومة بسنة"، كما يذهب الفولكلور المصري الساخر.
أتأمل الشارة المطرّزة بكلمات "الجيش المصري" على صدر بذلة اللواء "عفت أديب"، فيملؤني الفخرُ بجيش بلادي. أولئك رجالٌ نزعوا من قاموسهم كلمات لا محلّ لها في دنيا الانضباط: “تأخير، فشل، نصف نصف....” رجالٌ اعتمدوا مقولة: “Failure is NOT an Option”؛ "الإخفاق غير مطروح"، المعروفة في حقل رحلات الفضاء المكوكية.
يبتسم اللواءُ وهو يرى الانبهارَ في عيوننا، فيقول: “لقد نفذنا مشاريعَ أصعب من مشروع القناة بكثير.” هذا الجيش الباسل، مثلما يحمي ظهورنا على الجبهة، يصنع مستقبلنا ويؤمّن مستقبل أولادنا.
هذه الرمال الصفراء المشرقة مثل نُثار الذهب، لن تكون موجودةً بعد برهة قصيرة من الزمن. لهذا أجمعُ بعضَها في قنينة صغيرة. ثم أختلسُ صخرتين صغيرتين من نتاج الحفر كأنما قطعٌ من خام الألماس. الآن، أدُسُّ كنزيَ في حقيبتي لأزيّن بها بيتي، وذاكرتي. حين أعود؛ سأزيحُ قطعة الصخر الصغيرة التي انتزعتُها من "سور برلي"ن كتذكار يشهد بوجوده قبل أن يسقط وتتوحّد الألمانيتان، وأضع محلّها صخور بلادي الغالية في مكتبة "التذكارات" القيمة التي أحفظ فيها كنوزي وأسراري وتآريخَ العالم.
منذ كثير وكثير من السنوات، ظللتُ أحلُم بأن يتوحّد المصريون على حُلمٍ. مشروعٌ قومي نصطفُّ خلفه ويكون محورَ أحاديثنا ومادةَ ترقّبنا للغد. طالما حسدتُ الستينيين على اصطفافهم حول مشروع "السد العالي" الذي لم أعشه. كان المصريون من شمال مصر إلى جنوبها يتحدثون عنه، لهذا كان ذاك الجيل مثقفًا وممتلئًا لأنه كان "مشغولا" بحلم مصري. جيلي لم يعش هذه اللحظات ولا الجيل اللاحق، لهذا تفشّت الأمراضُ المجتمعية كالطائفية والتحرش والفوضى والكسل والشكلانية، لأننا "فارغون من الحلم". الآن، أصبح لنا حلمُنا الخاص، وآن لنا أن "ننشغل" بصناعة الغد الذي أثق أنه سيكون نقيًّا من تلك الأدران التي أهلكتنا، وأهلكتْ مصر.
يا جيشَ مصرَ العظيم، عِشْ أبدَ الدهر، احمِ ظهرَ مصرَ، وشيّدْ مستقبلَها، واصنعْ لنا الأمل.
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟