أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد تومة - طريق الحقيقة رقم 19















المزيد.....



طريق الحقيقة رقم 19


محمد تومة

الحوار المتمدن-العدد: 1287 - 2005 / 8 / 15 - 11:24
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


طريق الحقيقة رقم -19-
1- شعارها الثقافي الاستراتيجي:
1- لا أحد يملك الحقيقة.
2- أنا أبحث عن الحقيقة.
3- أنا أملك جزءاً من الحقيقة ومن حقي أن أعبر عنها.
2- شعارها السياسي التكتيكي: الديمقراطية للعربي والفارسي والتركي، والحرية للكردي.
3- أيديولوجيتها: سياسة غصن الزيتون، وفلسفة حقوق الإنسان.
4- شعارها الاقتصادي الاستراتيجي: مجتمع الإبداع والرخاء والعدل.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - -
عنوان الحلقة.. (( الإنسان والعقل ))
- - - - - - - - - - - - - - - - - - -
المقدمة.
1- الرأي الآخر في وضع العقل في الشرق الأوسط تشخيصهم والحلول المطروحة.
2- رأي طريق الحقيقة في العقل للشرق الأوسط وسيكولوجية الخوف.
أ- الخوف من الحرق في نار جهنم والخطوط الحمراء وسيكولوجية الخوف.
ب- الخوف من نار المخابرات في هذه الدنيا وسيكولوجية الخوف.
3- العقل والكبت السياسي - والكبت الجنسي – ونتائجه - والإرهاب في الشرق الأوسط.
أ?- العقل والسيكولوجية الاجتماعية.
ب?- ظاهرة سيكولوجية سياسية وظاهرة الإرهاب.
ت?- الكبت الجنسي السيكولوجي وآثاره المدمرة على الأجيال الشابة والمجتمعات في الخليج.
ث?- الصراع بين الأيديولوجية والتاريخ في علاقة الرجل بالمرأة في الشرق الأوسط.
ج?- العامل التاريخي وحكمه في هذه القواعد والشروط الأيديولوجية.
4- رأي طريق الحقيقة ودراسة أسباب الأزمات وظاهرة الإرهاب في الشرق الأوسط.
1- الأزمة الاجتماعية.
2- الأزمة البيئية.
5- رأي طريق الحقيقة ومشروع الحل.
1- الحل الوطني والإقليمي.
2- الحل الأممي.
6- مؤتمر اللصوص الأذكياء وحلولهم للأزمتين.
7- نقدم مشروعنا للحل وفق هذه الظروف الموضوعية والمستجدات التاريخية.
8- مسؤولية الغرب في ظاهرة الإرهاب.
9- تغيير ميثاق الأمم المتحدة.
10- كلمة ختامية من طريق الحقيقة.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - -
المقدمة:
أربع كلمات لا بد من وعيها, وهي عنوان هذه الحلقة:
1- الإنسان -2- العقل -3- الشرق الأوسط (الأرض) -4- العالم المتغير والإرهاب.
الإنسان: ويا لها من كلمة عظيمة، كل ما نراه ونملكه بين أيدينا من أدوات ونستخدم في عملية الإنتاج وفي تأمين الراحة لنا هي من إبداع عقل الإنسان وصنع عضلاته. لقد خلق الله الإنسان في أحسن تقويم من وجهة نظر الفلسفة الروحية. ولتطور المادة لنفسها بفعل تفاعلاتها الكيماوية ليصل شكل الإنسان إلى ما عليه نحن اليوم من وجهة نظر الفلسفة المادية. فسواء أكانت الحقيقة في وجهة نظر الفلسفة الروحية أو المادية في خلق الإنسان، المهم نحن الآن نحمل صفة الإنسان، ونحن البشر سادة الأرض ولهذا الكوكب الجميل الرائع، ونحن البشر نعد أنفسنا من صنف الكائنات الحية الراقية. يعيش على سطح كوكب الأرض كائنان حيّان: هما الإنسان والحيوان وهما مشتركان فيزيولوجياً ولكنهما يفترقان عقلياً. والحيوان أيضاً له عقل ولكن عقل الحيوان لا يملك آلية الوعي. وعقل الإنسان يملك آلية الوعي. إذاً الإنسان يختلف عن الحيوان بعقله الواعي ، كونه يتصرف مع الواقع الاجتماعي المادي والطبيعي وفق قيم أخلاقية ومثل عليا. والحيوان كونه لا يملك عقلاً واعياً، وبالتالي لا وجود لتصرفه مع الواقع الاجتماعي المادي والطبيعي وفق قيم. فهو يتصرف مع الواقع وفق غرائزه.
هناك إشكالية تاريخية في موضوع القيم والمثل العليا بين التيارين الفلسفيين الروحي والمادي. هذه الإشكالية عندما تتحول إلى المجال السياسي تخلق صراعاً دموياً كان ولا يزال. فلكلٍ من أصحاب الفلسفتين وجهة نظرها في موضوع القيم والمثل العليا التي يجب أن تسود في المجتمع والسياسة والثقافة التي يتغذى بها الناس. وكل تيار يعتقد أنه يملك الحقيقة المطلقة، ويعتقد في تحقيق قيمها ومثلها العليا فيها خيراً لبني البشر في هذه الدنيا. فالتيار الروحي يعتبر أن هذه القيم والمثل العليا أنزلت ولمرة واحدة وإلى الأبد للبشر بواسطة الأنبياء في كتب أربعة وهي الزبور والتوراة والإنجيل والقرآن وهنا التيار الروحي يلغي الشرط التاريخي والعلمي والتطور التاريخي. فسواء أعشنا في عهد حليب الناقة وخبز الجلة والركب على الحمار والفيل أم عشنا في عهد الذرة والإلكترون والخلوي فالقيم والمثل العليا لا تتغير.
أما التيار الفلسفي المادي العلمي يعتبر الشرط التاريخي شرط أساسي في إعطاء القيمة لهذه القيم والمثل العليا سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو أخلاقية أو حقوقية أو عقائدية الخ... كل شيء قابل للتطور والتغيير ليس هناك شيء مقدس لا مادي ولا روحي. ومن هنا بدأت الإشكالية والصراع الدموي الذي نراه ونلمسه اليوم على الساحة العالمية والذي نتجت عنها ظاهرة الإرهاب. هذه الظاهرة الخطيرة التي بدأت تحصد أرواح بني البشر الأبرياء. والتي أساسها خلاف أيديولوجي واختلاف فلسفي لم تحسم في الشرق الأوسط وفق منهج الحوار الحر فتحولت إلى صراع دموي. عند التحول إلى السياسة. ومع اختفاء الحوار الحر في مجتمعات الشرق الأوسط بعقول حرة ونتيجة للكبت السياسي والعقائدي الذي يتعرض له العقل في الشرق الأوسط والذي يعيش بين نارين نار جهنم في الآخرة ونار المخابرات في هذه الدنيا. وحرمان العقل من تقرير مصيره وباختيار حر عن قناعة. كان هذا الانفجار الذي نلمسه ونلمس نتائجه الخطيرة على الناس الأبرياء، بدأت تتوسع لتشمل كل المجتمعات في الشرق والغرب. إن اختفاء الحوار الحر للعقل الحر خلق عزلة بين بني البشر في مجتمعات الشرق الأوسط هذه العزلة جعلت كل إنسان يتمسك برأيه على أنه الحقيقة المطلقة. وكل مخالف لرأيه على أنه كافر من وجهة نظر الروحاني وخائناً وعميلاً للإمبريالية والصهيونية من وجهة نظر القومي العشائري ومستغلاً برجوازياً من وجهة نظر الماركسي. إن هذه الحرب المعلنة للتصنيف والتشهير بالآخر. وزع الإنسان في الشرق الأوسط بين كافر وخائن وبرجوازي مستغل ولم يبق إنسان شريف في هذه الأوطان يحب وطنه ويحب شعبه. وهذا الوضع قد جعل قبول الآخر المختلف معه سواء أكان دينياً أو قومياً أو طبقياً أو ليبرالياً أمراً مستحيلاً. ولدى انتقال هذه الأيديولوجيات إلى طرح نفسها كمشروع سياسي للمطالبة بالسلطة لم يكن أمام تلك الأيديولوجيات سوى العنف سواء أكان في مرحلة الصراع من أجل الحصول على السلطة أم في مرحلة الاحتفاظ بالسلطة. وفي كلتا الحالتين إن مبدأ تصفية الآخر بالعنف هو المنهج الوحيد الملائم أمام تلك الأيديولوجيات. ولهذا تحظى منطقة الشرق الأوسط بأقوى الأجهزة الأمنية في العالم. والإنسان في الشرق الأوسط يحترق بنارين منذ قرن كامل نار عقائدية وهي نار جهنم التي يبشر بها الناس وتخويفهم بها كل يوم خمس مرات. ونار مادية وهي نار المخابرات فوق رؤوسهم مع كل لحظة تمر في حياتهم. إن هاتين النارين جردتا الإنسان من كل قيمه الإنسانية ومثله العليا المبنية على قناعة العقل الإنساني وحرية الاختيار. وتحول الإنسان في الشرق الأوسط إلى حيوان غرائزي واستفاقت فيه كل الغرائز الحيوانية الوحشية والتي بدأنا نسمع أفعالها ونتائجها على شاشات التلفزة ساعة بساعة.
إن من يقرأ الآيات الكريمة الواردة في القرآن الكريم وما يدعو إليها من قيم ومثل عليا وما يجري في الواقع العملي من الممارسات باسم الإسلام وبعد مرور ألف وأربعمائة عام منذ ظهور الإسلام في الشرق الأوسط . وألفي عام من ظهور المسيحية وكل المبادئ والقيم والمثل العليا في الأديان السماوية تدعو إلى المحبة والاحترام المتبادل والحفاظ على الحياة واحترام حقوق الآخر وهذا ما يتمسك به عامة الشعب. ولكن المشكلة تبدأ عندما تتحول هذه القيم والمثل العليا إلى السياسة فالسياسة تفسد كل هذه القيم والمثل العليا ويبدأ بخار المال في إفساد كل العقول ويتم نسيان كل هذه القيم والمثل العليا وحالما يستولي أصحاب إحدى الأيديولوجيات الدينية أو القومية أو الاشتراكية هذه الإيديولوجيات المطلقة التي تنكر الآخر يبدأ بخار المال بتخدير عقول أصحابها وينسون كل القيم والمثل العليا التي كانوا ينادون بها أثناء فترة المعارضة ولا يتبقى سوى بخار المال يخدر عقولهم. فأمام شهوة المال وامتلاك القصور والمزارع والسيارات الفاخرة والنساء الجميلات تنتهي سلطة القيم والمثل العليا لتبدأ سلطة بخار المال. فيظهر أصحاب هذه الأيديولوجيات بتسميات مختلفة فالتيار الديني يسمي نفسه بأمير المؤمنين والتيار الأيديولوجي القومي يسمي نفسه بالأب القائد والتيار الأيديولوجي الاشتراكي يسمي نفسه بأبو الفقراء. فتقوم سلطتهم بآليتين:
1- المثقفون الانتهازيون لإقناع الناس بسلطة الأمير أو الأب القائد أو أب الفقراء.
2- بواسطة أجهزة أمنية مخابراتية بكافة فروعها وأفرادها وكيانها.
إن مهمة المثقفين الانتهازيين هي تخدير عقول الناس ليجعلهم فاقدي الوعي ويجعلهم يحلمون بتحقيق تلك القيم والمثل العليا التي يحتويها جوهر الدين والقومية والاشتراكية. ويقبلون بالسلطة السياسية عليهم. ولكن في الحقيقة إن تلك القيم والمثل العليا التي يقرأها الناس في الكتب الدينية والقومية والاشتراكية لا تصمد أمام بخار المال. إن غريزة الملكية في الإنسان تحتل المرتبة الثانية بعد غريزة الحياة ولا يمكن ضبط هذه الغريزة إلا بواسطة نظام سياسي ديمقراطي. إن كل الممارسات التاريخية السياسية لهذه الأيديولوجيات الثلاث الدينية والقومية والاشتراكية لم تمارس على أساس تحقيق تلك القيم والمثل الأيديولوجية على الإطلاق. لم يكن هناك سوى بخار المال الذي يصيب عقول أصحاب السلطة وبهذا المال يعيشون ليالي الملاح وفي قصورهم آلاف من الخدم والحشم يخدمهم وآلاف من المخابرات تحميهم وآلاف من النساء الجميلات بين يديهم. أما ما كان ينشره المثقفون الانتهازيون المشتركون مع أصحاب السلطة في جريمة اغتصاب المال العام سواء أكانوا متدينين مشايخ وملالي وأئمة أو علمانيين قوميين واشتراكيين فلم تكن سوى نفاق في نفاق. إن الصراع الحقيقي الذي كان يجري وراء جعجعة هذا الكلام هو الصراع على نهب المال العام باسم الدين أو القومية أو الاشتراكية. أما مهمة المخابرات فتكمن في إجبار الناس على الطاعة بالعصا. فالذين لم يتمكن المثقفون الانتهازيون من تخدير عقولهم ويتمردون يأتي دور المخابرات بتسليط نارهم على من لم يطع. وبين نار المثقفين (الثقافي والعقائدي) ونار المخابرات المادي عاش جسد وعقل الإنسان الشرق أوسطي في أممه الأربعة محطماً ومخدراً فقد إنسانيته وكرامته وسلبت حريته وتحول إلى إنسان إرهابي. وسيستمر بخار المال ليسيطر على عقول رجال السلطة سواء أكانوا متدينين أم علمانيين ولا مكان لحكم القيم والمثل العليا في الكتب الدينية أو الدنيوية بين الناس. إن جميع مشاكل وقضايا وحياة الإنسان العربي والفارسي والتركي والكردي ماضياً وحاضراً ومستقبلاً تكمن في عقدة واحدة وهذه العقدة هي القضية الكردية. إن القضية الكردية هي البقرة الحلوب لبخار المال إقليمياً ودولياً لأصحاب السلطة، أما الشعوب فلا نصيب لهم في حليب هذه البقرة. وما دامت هذه العقدة باقية ولم تفك سيكون الوضع هكذا.
لا حياة إنسانية كريمة للإنسان العربي والفارسي والتركي إلا بفك هذه العقدة ولا تزول سلطة بخار المال ونتائجه إلا بفك العقدة. ولا مجال للتكلم عن القيم الإنسانية النبيلة كالحرية والمساواة والعدالة وحياة آمنة متحررة من الخوف من نار جهنم ونار المخابرات إلا بفك هذه العقدة. لا الأيديولوجية الدينية ولا القومية ولا الاشتراكية تستطيع أن تفك هذه العقدة. لا تفك هذه العقدة إلا بالديمقراطية وتطبيق منهجها في السلطة ولهذا طريق الحقيقة وضعت وفق رؤيتها الاستراتيجية شعارها:
الديمقراطية للعربي والفارسي والتركي والحرية للكردي.
لقد تحول إنساننا الشرق أوسطي إلى حيوان غرائزي ولم يعد في مجتمعاتنا أثراً للقيم والمثل الإنسانية النبيلة التي نادت بها الكتب السماوية وجوهر القومية والاشتراكية ولم يسيطر على عقول الناس سوى بخار المال. ترى ما الذي جعل الإنسان أن ينزل إلى درجة الحيوان وأن يتجرد من كافة قيمه الإنسانية ليرتكب هذه الأعمال الوحشية التي نراها ونسمعها على شاشات التلفزة من قتل للأبرياء باسم المقاومة؟ هذا ما سنبينه في رأينا لطريق الحل ومشروع الحل.
لقد كتبنا عن الإنسان والعقل والآن نريد أن نبين أهمية الأرض بالنسبة للإنسان.
إن أهمية الأرض تأتي من أهمية حياة الإنسان، فالإنسان كائن حي ولكي يستمر في الحياة لا بد من أن يأكل ويلبس ويسكن ويقتني حاجيات. كل هذه المتطلبات الحيوية بالنسبة للإنسان الحي لا تهبط من السماء بل يجب إنتاجها من الأرض، لهذا جاء دور كلمة الشرق الأوسط من حيث الأهمية في حياة الإنسان الشرق أوسطي.
إن عملية الإنتاج تحتاج إلى عنصرين هامين هما:
1- العقل الغني. -2- والأرض الغنية.
العقل الغني يعني الغني بالعلم. والأرض الغنية تعني الغنية بالثروة. إن العقل الغني بالعلم يأتي بالدرجة الأولى لأنه مهما تكن الأرض غنية بثرواتها إذا لم يكن هناك عقل غني بالعلم ستبقى كل ثروات الأرض مدفونة وستكون هذه الثروات بدون فائدة للإنسان. وسيعيش الإنسان على هذه الأرض بما تجود عليه الطبيعة. ولكن المشكلة لا تنتهي بامتلاك العقل الغني بالعلم والأرض الغنية بالثروات وكلا العاملين نملكهما نحن في الشرق الأوسط. والمشكلة تكمن في خلق مناخ خاص كي يستطيع هذا العقل الغني بالعلم لأن ينتقل إلى مرحلة الإبداع. هذا المناخ هو الذي نفتقده في الشرق الأوسط نحن البشر الذين نسكن هنا بقومياتنا الأربع: العربية والفارسية والتركية والكردية، والشعوب المتعايشة معها. نتيجة لوقوع العقل المبدع الغني بالعلم بين نارين: نار العقيدة - نار جهنم، ونار المخابرات المسلطة على عقول الناس من الأيديولوجية الدينية والقومية والاشتراكية. فتوقف العقل الإبداعي عن الإنتاج. والذي بقي منه حياً هرب من الشرق الأوسط بحثاً عن مكان آمن لينجو بحياته. لقد ذهبوا ولن يعودوا ما دام هناك النارين مشتعلتين في الشرق الأوسط، لقد خسر نتيجة هذه النارين إنسان الشرق الأوسط الحياة في الدنيا والآخرة. فلا هو عاش في هذه الدنيا عزيزاً وكريماً ومرفهاً ولا نعرف من يغادر إلى الدار الآخرة ماذا سيكون نصيبه هناك أنار جهنم أم برد وسلام الجنة والفوز بالحوريات؟. فمنذ مئات آلاف السنين منذ أن ظهر الإنسان على سطح هذا الكوكب لم يعد أحد من الذين غادروا إلى الدار الآخرة ليخبرنا بالخبر اليقين عن مكانهم في جهنم أم في الجنة. ولحين حدوث المعجزة وعودة أحدهم لا نملك سوى رفع أيدينا إلى السماء وندعو الله سبحانه وتعالى فهو صاحب الحساب في دار الآخرة لأن يكون نصيبنا في الجنة لأننا في هذه الدنيا وأطفالنا قد ذقنا من نار جهنم ومن نار مشايخنا وملالينا وأئمتنا ونار المخابرات القومية والاشتراكية! ولنأت أخيراً إلى الكلمة الأخيرة في عنوان حلقتنا وهو العالم المتغير وظهور ظاهرة الإرهاب. وكيف يمارس الإنسان حياته مع هذا العالم المتغير؟ وكيف نفهم هذا العالم المتغير للتعامل معه؟ هذا ما سنشرحه بالتفصيل لاحقاً حسب وجهة نظرنا وطريق الحل.
والآن وبناءاً على شعاراتنا في طريق الحقيقة. من أن لا أحد يملك الحقيقة. ونظراً لأهمية الموضوع وخطورته رأينا أن نقدم للقراء الكرام قبل تقديم آرائنا آراء أكبر عدد ممكن من المفكرين والباحثين عن الحقيقة ووجهة نظرهم في الحل. ولنقرأ ما كتبه الآخرون عن موضوع العقل والإنسان والحلول في الشرق الأوسط.
1- الرأي الآخر في وضع العقل في الشرق الأوسط تشخيصهم والحلول المطروحة:
1- الكاتب جمال عجلوني:
المصدر: جريدة المحرر العدد 480 كانون الثاني 2005م
www.almoharrer.net/news.asp?m=212&n=8
عنوان المقال: ((من أجل إصلاح سياسي في الوطن العربي )).
مقتطفات من مقال الكاتب:
يقول الكاتب في العقل العربي: (( إن استسهال الحلول وترييح العقل من عناء تفكيك المشكلة أدخلانا في دوامة تاريخية أدت إلى أكبر عملية غسل للدماغ العربي عبر التاريخ بحيث أصبح عاجزاً عن ممارسة دوره في التحليل ومناقشة الظواهر واستنباط الحلول، وبحيث أصبحت حركة العقل العربي مثقلة بالثوابت «الدينية» و«القومية» وتشكل ظاهرة فريدة يتفرد بها المجتمع العربي الإسلامي، وهي أن يُقاد الأحياء من قبور الميتين، وأن الحي ليس له دور سوى تلقي التعليمات من القبور.. )).
ويتابع الكاتب ويقول: (( إن استلاب حق الآخر في إبداء الرأي في «الدولة الأموية» وما قبلها وما بعدها ليس له علاقة بـ«مؤامرة خارجية» ومهازل «دويلات الطوائف» في الأندلس وحروب «داحس والغبراء» وحروب الإلغاء الداخلية على مرّ التاريخ ذهب ضحيتها صفوة مفكري وعلماء الأمة. وعلى الدوام كان السيف هو الحاكم والعقل هو المحكوم )).
ويقول الكاتب عن الممارسة التاريخي للعقل العربي الإسلامي: (( وهذا ليس مردّه إلى «مؤامرة» بل مرده إلى ثقافة العنف التي أفرزتها الصحراء نتيجة الحاجة «البقاء للأقوى» في ظرف مناخي ومجتمعي قاس، أدى إلى تناحر القبائل على الماء والكلأ )).
ويصف الحالة التي عاشها العقل العربي الإسلامي طوال تاريخه السياسي والاجتماعي ويقول: (( وطالما أن مؤسسات (الرب) (من «الأرباب» التي اتخذوها من دون الله) الذي يزعم أنه خليفة الله على الأرض سواء أكان (حاكماً) أم (رب أسرة) أم (رب عمل) أو حتى على مستوى المواطن العادي الذي يمارس القهر على أهل بيته، فإن ذلك يعني حرية التعبير مصادرة سواء في البيت في الجامع أو في الشارع، وما على المواطن إلا الطاعة وسماع الخطب والمواعظ، وفي أغلب الأحيان من رجال جهلة!. )).
..........................
2- الكاتب عرفان صديق كريم:
المصدر: جريدة الاتجاه الآخر. العدد 202 التاريخ 8/1/2005
www.alitijahalakhar.com/archive/202/the_opinion.htm#okirasariaa
عنوان المقال: (( مأزق الإسلام السياسي )).
مقتطفات من المقال:
يقول الكاتب عن بروز الأفكار السلفية في العراق: (( والاجواء الكئيبة التي صنعها البعث للمواطنين، جعلت الافكار السلفية تنشط وتترعرع في المجتمع العراقي، خاصة بعد ان سحق البعث بالحديد والنار كل الحركات التقدمية، واصبحت الساحة مفتوحة امام الحركات الإسلامية، التي وجدت بيئة صالحة لنشر افكارها. ))، (( رفع الإسلاميون عدة شعارات، لعل ابرزها هو: (الإسلام هو الحل) والحقيقة ان هذا الشعار جميل، يخلب لب العامة والخاصة في مجتمعاتنا، ونحن في اغلبينا متدينون بطبعنا، نحب الله ورسوله، ونؤمن ان الله هو ملاذنا الاخير في مواجهة الظلم والقهر الذي نعانيه على ايدي حكامنا الظلمة، وعلى ايدي المفسدين الذين يستغلون شعوبهم، ويكسبون كل مباهج الدنيا على حسابهم، لكن المشكلة ان العامة لا يعلمون ان الكثير من هؤلاء يرفعون هذا الشعار الخلاب ليخدروهم، وهم يسرقون كدهم وعرقهم، او هم يتآمرون للوصول الى السلطة، ليتحكموا في مقدراتهم ورزقهم، والأهم رقابهم وحياتهم نفسها.
ان محمداً جاء رحمة للبشر، فصار اتباعه يعتبرونه رحمة لجماعة معينة من البشر.))
ويقول الكاتب: (( لذلك لا عجب ان رأيت شخصاً خارجا لتوه من صلاة المسجد، وهو يرمق فتاة حسناء بنظراته وينسى نفسه ولو للحظات، فهو يعاني من كبت بسبب حشو دماغه بالمحاذير من آلاف الامور، ولا يستطيع من ناحية اخرى تجاهل النداء الداخلي في نفسه حول حاجاته العاطفية. لذلك ترى هذا المواطن حائراً غير مستقر نفسياً )).
ويقول الكاتب عن الواعظين والطغاة: ((الواقع ان الوعاظ والطغاة من نوع واحد، هؤلاء يظلمون الناس باقوالهم واولئك يظلمون الناس بافعالهم.))
ويقول الكاتب كلمات هامة عن وضع العقل العربي الإسلامي: (( والاشكالية الكبرى في تاريخ المسلمين انهم مزجوا بين بعض القواعد والتوجيهات القرآنية على المستوى الاخلاقي بالحياة، واعتبروا ان ما حدث في القرن السابع الميلادي، هو آخر اتصال للسماء بالارض، وان السماء قالت كلمتها النهائية للبشر، بمعنى ان التاريخ توقف في القرن السابع، ولا يجب على أي انسان ان يجتهد، بل ان يرجع الى بطون الكتب القديمة، ليحل مشاكل القرن الحادي والعشرين!! )).
ثم يبرز الكاتب الشرط التاريخي ودوره في قهم الواقع المتغير، ويقول: (( وهذا الخلط خطير جدا، لانه يخلط ما بين القرآن، الذي جاء لاناس معينين، في بيئة معينة، ليحل لهم مشاكلهم في ذلك الوقت، ونسوا ان هذا وقتي وزمني ويجب ألا نخضع له ابدا، لانهم كانت لهم معاملاتهم المتوافقة مع زمانهم، فمثلاً: لو ان هذا القرآن اعطى المرأة الحرية وساواها بالرجل، ما آمن به احد وقتها. )).
ويقول الكاتب عن رؤيته: (( ان شعار (الإسلام هو الحل) اتخذ كاداة دينية لتحقيق مآرب سياسية، ليس لها صلة بالدين كواقع معايش، والتيار الديني يتجه الى كهف الماضي بحثاً عن المستقبل، فاصبح المسلمون يعيشون الحاضر وكانه فترة عابرة، لا يتقيدون بها جدياً. لقد تم تحويل لغة الفقهاء البائدة تاريخياً الى احكام قطعية، لا تقبل الجدل)).
ويتابع عن أزمة العقل العربي الإسلامي ويقول: (( لقد تفجرت ازمة الابداع الفكري في المجتمع الإسلامي بسبب القناعة الخاطئة، بأن السلف لم يترك للخلف شيئاً لانه افضل منه )).
وأخيراً يأتي الكاتب في نهاية مقاله ويطرح الحل للخروج من هذا الواقع ويقول: (( والحل: هو عدم تكفير الآخر وابعاده، بل يجب ان نراه كما هو، لا كما نود ان نراه، حتى نتمكن من ان نخبر سلوكه ونعرف مراميه، فلو نظرت الى الساحة السياسية اليوم، ستجد ان الخطاب النضالي الايديولوجي هو المسيطر على الساحة، وعندما نحاول فهم هذا الخطاب نجد انه قائم على تمجيد الذات، منطلقاً من نرجسيته الدينية (نحن خير امة اخرجت للناس) )). ويضيف أيضاً (( كما ان يلصق كل الرذائل بالآخر (المسيحي واليهودي)، فأميركا واسرائيل هما سبب تخلفنا التكنولوجي والاقتصادي، وسبب الزيادة السكانية، وسبب الامية والجهل، وسبب البطالة.. الخ )).
والحل عند الكاتب هو التخلص من نرجسيتنا ونقد الذات ويقول: (( لا بد لنا من ان نتخلص من نرجسيتنا الدينية، ومن عقدة الاضطهاد، ولا بد ان نعترف بضعفنا، وهواننا على الناس، لانه بدون هذا النقد الذاتي لن نتقدم قيد انملة )).
والحل الثاني من وجهة نظر الكاتب: (( ان المجتمع المدني لن يقام، ولن ندخل عالم الحداثة دون حدوث قطيعة معرفية مع رؤى وافكار العصور الوسطى، نحن قوم لا زلنا نحاول ان نجد حلولاً لمشاكلنا باستفتاء الاموات، ولذلك نحن قوم نعيش باجسادنا في القرن الحادي والعشرين، ولكن من الناحية الفكرية في عالم آخر يبعد عنا مئات السنين، وما دمنا لم نحدث هذه القطيعة، فلا امل لنا في أي تحديث. )).
..........................

3- الكاتب سيار الجميل:
المصدر: جريدة الاتجاه الآخر. العدد 220 تاريخ 21/5/2005
www.alitijahalakhar.com/archive/220/the_opinion.htm# okirasariaa0
عنوان المقال: (( العرب في سجن مؤبد )).
مقتطفات من المقال:
يقول الكاتب عن عقل العرب المسجون إلى الأبد ويسأل في البداية: (( متى يهندسون تفكيرهم وزمنهم ومصيرهم!؟؟ )).
ثم يكتب عن وضع العرب ومكانتهم في هذا العالم اليوم ويقول: (( نحن والعالم: الماضوية والمستقبلية ))، (( كنت قد وعدت وقت ذاك قرائي الاعزاء ان أحدثهم بها وخصوصا عن معاناة مجتمعاتنا ودولنا على حد سواء من سطوة الماضي السياسي ورهبة التوحّش ونزعة الحنين العاطفي إلى كل قديم أو التشّبث بجملة هائلة من المواريث التي لم يعد لها أي نفع في مثل هذا العصر ومن دون الالتفات إلى كنه هذا العصر والمشاركة فيه من خلال ما يمكن تقديمه من منتجات حيوية والتوّغل في صنعه بعيدا عن مستهلكاته )). (( ان الماضوية التي كنت وغيري قد نّبهنا إلى مخاطرها، فإنها تعني ـ باختصار ـ: العيش على أوهام ينفيها العقل نفيا قاطعا، وان التفكير في سجن الماضي المؤبد ما هو إلا مرض استعصى طويلاً على الحكماء والفلاسفة وكل المصلحين الحقيقيين الذين استطاعوا تشخيص أعراضه بكل شجاعة وتوصيف ))، (( فالماضي لا يطعمنا ولا يسقينا حتى وإن كان السابقون أكثر منّا فضيلة وأرسخ منّا قيما.. وأخصب منّا عمالقة )).
ويسأل الكاتب ويقول: (( فهل تشبّث الغرب (والعالم من ورائه) بالمعاصرة أهم؟؟.. أم هل أن تشبّث العرب (والمسلمين معهم) بالماضي أهم؟؟ )) ويتابع الكاتب (( والفرق بين الماضي والتاريخ كبير جداً! ناهيكم عن أن تصنيف العقلاء واضح لكل الدنيا، إذ لا يمكن أن نفّضل من يعيش في سجن ماضوي مؤبد بذاك الذي اكتسح العالم كله بمعاصرته ورؤيويته ومنتجاته وبات العالم كله لا يستطيع الحياة من دونه أبداً )).
ويقول الكاتب عن الزمن (التاريخ) وعقل العرب ومن يشاركهم بالثقافة والرؤيا: (( إن الزمن تافه في عرف العرب ومن يشاركهم تفكيرهم والتحسس بالزمن هو الذي يدفع الإنسان وبالتالي المجتمع إلى ان يشعر بأنه صاحب ارادة لتحطيم القيود التي تكبله في سجنه المؤّبد الذي وجد نفسه فيه منذ ازمان مضت.. ان التفكير إذا بقي مصفدا بالأغلال هو الآخر سيخلف أجيالاً كاملة لا تعرف طريقها نحو الأفضل.. )).
ويسأل الكاتب عن وضع العقل وهو مسجون: (( فما الذي يشحذ التفكير إذا بقي مسجوناً داخل صندوق مغلق من دون أن يستعيد التفكير على نحو جديد كي ينحو نحو الحرية.. )) ويضيف الكاتب (( إن الحرية لا يمكن تحقيقها في المجتمع إن لم يحققها الإنسان في ذاته بتغيير تفكيره كي ينطلق باتجاهات مختلفة لا يخشى أية سلطات على عقله ومشاعره.. )). ويقول الكاتب عن الماضي العربي: (( إن من أشد مصائب العرب أنهم يعشقون ماضيهم ويهيمون بماضويتهم، ولكنهم لا يفقهون شيئا عن تاريخهم ولم يستفيدوا أبداً من تجارب تاريخهم..)). (( فإن العرب بشكل خاص ومن يشاركهم تفكيرهم وتقاليدهم باقون في معبد الماضي، يتهجدون في جنباته ويتعبدون رموزه ضمن تقاليدهم وأعرافهم )). (( ولكن التفكير العربي قد انقلب على عقبيه انقلاباً مريعاً في الخمسين سنة المنصرمة إذ غدا العرب مستعدون للبقاء في سجنهم المؤّبد ولا يعرفون غير ماضيهم التليد، وإذا ما سألتهم عن المستقبل، أجابوا بالتواكل وان ذلك ليس من اختصاصهم أبداً..)).
وأخيراً يوجز الكاتب مقاله بالتالي: (( لعل من أقسى السيناريوهات التي علمونا إياها في المدارس منذ عشرات السنين : محاربة العادات والتقاليد البالية وهي عبارات قرأناها منذ صغرنا، ومن غدر الزمن أن تغدو اليوم تلك العادات والتقاليد (البالية) أصيلة يفخر الناس بها وبممارستها وتتشّبث الحكومات في حمايتها بقوانين تحت ذرائع الأصالة والتراث.. )). (( ومن تحت شقوق هذا الباب هبت علينا كل القيم السقيمة وابتلينا بكل ما جعلنا نتأخر في سلم الأولويات.. لقد خسرنا زماننا الثمين، وخسرنا أكثر من جيل بدا اليوم عقيماً ليس في عاداته وتقاليده حسب، بل حتى في تفكيره وثقافته )).
..........................
4- الكاتب سليمان مصالحة:
المصدر: جريدة الاتجاه الآخر العدد 220 التاريخ 21/5/2005
www.alitijahalakhar.com/archive/220/reklam.htm
عنوان المقال: (( لماذا الهوس العربي والعنف )).
مقتطفات من المقال:
يقول الكاتب: (( أبدأ أوّلاً فأقول، إنّني لا أدّعي هنا في هذه المقالة أنّني أملك الحقيقة كلّها. ))، ويبدأ الكاتب بطرح الموضوع ويؤكد على الوجهان لهذا الهوس العربي بالعنف ويقول: (( والوجهان اللّذان أعنيهما هما: وجه له علاقة بطبيعة وتركيبة المجتمع العربي، ووجه آخر يتعلّق بالجانب الثّقافي الّذي يتأسّس عليه هذا المجتمع )). (( أمّا فيما يتعلّق بالتّركيبة المجتمعيّة، فما من شكّ في أنّنا نحن العرب لم نعرف طوال تاريخنا القديم والمعاصر معنى (الدّولة) بما يعنيه هذا المصطلح. جميعنا نعرف نعرف ما كانت عليه حال العرب في الجاهليّة من تناحر قبلي ووقعات اشتهرت لاحقاً بمصطلح (أيّام العرب)، وهي أيّام لا زالت قائمة إلى يومنا هذا. )). (( والأمر الأبرز في ما يتعلّق بهذا الجانب هو أنّه ما من شكّ في أنّ القبيلة في المجتمع العربي ماضياً وحاضراً كانت ولا تزال هي الوحدة السّياسيّة الّتي شكّلت المجال الّذي يتحرّك فيه الفرد العربي اجتماعيّاً وسياسيّاً. )). (( وليست العلاقات الّتي تُقام بين القبائل العربيّة سوى شكل آخر من أشكال العلاقات الد?لوماسيّة بين الدّول المختلفة. وهي دول قد تتكاتل في فترة معيّنة ثمّ ما تلبث أن تتقاتل، لأسباب كثيرة، كما هي الحال على مرّ التّاريخ.)).
ترى هل الإسلام غير وضع العرب هذا؟ يقول الكاتب: (( وحتّى الإسلام الّذي يدّعي كثيرون أنّه هدف إلى توحيد القبائل العربيّة، لم يكن كذلك بأيّ حال. فلم يأت الإسلام من أجل صهر العرب في أتون مدنيّة عربيّة، وإنّما جاء لتوحيد بطون وأفخاذ قريش الّتي تشتّتت وتضعضع نفوذها في جزيرة العرب )). ثم يتابع الكاتب ويقول: (( ليس هذا فحسب، بل إنّ الإسلام قد بنى أيديولوجيّته على الأيديولوجيّة القبليّة ذاتها الّتي سادت في الجاهليّة: (خياركم في الجاهليّة خياركم في الإسلام) ، مكرّساً هذا المبدأ بإضافة تنويعة جديدة عليه من مثل (إذا فقهوا). غير أنّ المبدأ القبلي هو ذاته لم يتغيّر.)). ويضيف الكاتب: (( وهكذا صارت مسألة النّسب في الخلافة الإسلاميّة هي المبدأ الّذي تنبنى عليه الخلافة. لقد وسّع الإسلام النّموذج القبلي إلى (أمّة) في مقابل سائر القبائل، أي شعوب العالم الأخرى. ولذلك وبعد أن قويت شوكة الإسلام فقد قام بملاحقة سائر الملل والشّعوب إلى عقر دارها في عصر الفتوحات، وهي فتوحات على أيّ حال لا تختلف بشيء عن عصر الاستعمار الأوروبي ))، (( والحقيقة الّتي لا بدّ من طرحها هنا هي أنّ الإسلام، في جوهره، ليس سوى تحويل للنّعرة القبليّة المتفشّية بين العرب إلى نعرة عربيّة موحّدة بلباس أيديولوجي إسلامي من جهة، و تحويل الغزوات المتبادلة بين القبائل العربيّة إلى اتّحاد قبلي يغزو سائر الشّعوب المحيطة ببلاد العرب من جهة أخرى، وهذا ما حدث فعلاً. )). ويضيف الكاتب: (( وما النّظرة المتفشّية بين الإسلامويين اليوم إلى عصر الرّاشدين وكأنّه العصر الذّهبي للإسلام سوى شعار باطل لا يستند إلى أيّ حقائق تاريخيّة. يكفي أن نعرض خبراً واحداً عن هذا الماضي الذّهبي الّذي يتشدّق به الإسلامويّون، وهو مجرّد خبر واحد عن مقتل الخليفة عثمان بن عفّان، وهو خير مثال على ما آل إليه التّاريخ العربي على مرّ التّاريخ. فلنقرأ معاً بتمعّن ما رواه لنا الطّبري في الجزء الرّابع من تاريخه: (وأمّا عمرو بن الحمق فوثب على عثمان، فجلس على صدره وبه رمقٌ، فطعنه تسع طعنات. قال عمرو: فأمّا ثلاث منهنّ فإنّي طعنتهنّ إيّاه للّه، وأمّا ستّ فإنّي طعنتهنّ إيّاه لما كان في صدري عليه). )). (( وبقي عثمان ثلاثة أيّام دون أن يدفن )) ويقول الكاتب: (( فهل هذا هو العصر (الذّهبي) الّذي يتشدّق به الإسلامويّون؟)). ثم يتابع الكاتب: (( فإن كان هذا الماضي، على ما فيه من عنف، هو ذروة ما يصبو إليه العربي المسلم، فما شأنه إذن بالمستقبل وما فيه من علوم واكتشافات وتطوّرات على جميع الأصعدة؟ )).
ثم يكتشف الكاتب الحقيقة ويقولها بصراحة: (( الحقيقة يجب أن تُقال على الملأ، إذ يبدو أنّ هذه العصور (الذّهبيّة) الموهومة، وتلك الممارسات العربيّة لم يطرأ عليها أيّ تغيير منذ ذلك الحين وحتّى الآن. والحقيقة المرّة أيضاً هي أنّ الإسلامويّين يعتاشون على الأميّة المتفشّية في صفوف عامّة الشّعوب العربيّة. إنّهم يعتاشون على جهل الشّعوب العربيّة الّتي لا تقرأ هذا التّراث الدّموي، وإن قرأته فهي لا تفهمه، وإن لم تفهم ما تقرأ فإنّها تخجل أن تسأل، وإن سألت فليس لديها من تسأل سوى فقهاء الظّلام هؤلاء الّذين يزيّنون لها هذا التّاريخ. )). ثم يأتي الكاتب ليكتب عن الوجه الآخر للعنف وهو الموروث الثقافي: (( والوجه الآخر للعنف العربي، كما أراه، له علاقة وثيقة بالموروث الأدبي، والشّعر الجاهلي وشبيه الجاهلي بصورة خاصّة، هذا الموروث الّذي تتربّى عليه الأجيال العربيّة من المحيط إلى الخليج. إنّه تراث من شعر الحرب والقتل والسّحل والسّيوف والخيول وقطع الرّؤوس، إذ أنّ (السّيف أصدق إنباءً من الكتب)، إلى آخر القائمة من هذه (الدّرر) الّتي عاثت فساداً بذهنيّة العرب طوال قرون.)). (( إنّها، إذن، الذّهنيّة ذاتها منذ عصر الجاهليّة وحتّى عصرنا هذا، لم يتغيّر في هذه الذّهنيّة شيء طوال كلّ هذه القرون.)). (( وبكلمات أخرى، يمكن القول إنّ الأصوليّة العربيّة تنهلُ من موردين، مورد ديني ومورد ثقافي، وكلاهما يربّي الأجيال على العنف القبلي وعلى العنصريّة تجاه الآخرين كلّ الآخرين. بل ويجعل من كلّ هذا التّراث العنيف ومن هذه العنصريّة قيمة حضاريّة يتفاخر بها. بالإضافة إلى ذلك، وبسبب الأميّة المتفشّية في صفوف الجماهير العربيّة منذ القدم، فقد تجذّر الإنسان العربي على مرّ التّاريخ في حالة بشريّة يمكن أن نطلق عليها حالة الإنسان السّماعي، بدلاً من أن يتحوّل مع الطّفرة التّربويّة والعلميّة المعاصرة إلى حالة الإنسان القارئ، أي إلى حالة الإنسان الواعي. )).
وأخيراً يأتي إلى نهاية مقاله ويكتب الخلاصة ويقول: (( وخلاصة القول، نحن في حال من (الشّيزوفرينيا) الحضاريّة. فمن جهة نحن في حال طفوليّة حضاريّاً من ناحية الإبداعات المعرفيّة في جميع المجالات واللّغوية على وجه الخصوص، ومن جهة أخرى نحن في حال من الشّيخوخة النّفسيّة نعيش على أمجاد ماضٍ متخيّل، نسمع به ولا نقرؤه. وفوق كلّ ذلك لا نملك ألسنة نتحدّث بها، إذ قامت السّلطات السّياسيّة والدّينيّة والاجتماعيّة وعلى مرّ العصور العربيّة بقطع ألسنة العرب. وبذلك صار العنف هو السّبيل الوحيد للتّعبير العربي والإسلامي عن الذّات.))
- - - - - - - - - - - - - - - - - - -
لقد كتب الكتاب الذين قدمنا أفكارهم عن الماضي كثيراً، لكن ماذا عن الإنسان الحاضر الذي نعايشه نحن الأحياء في الشرق الأوسط ساعة بساعة والأخبار التي تنقلها وسائل الإعلام عن العنف.
وهنا أردنا في النهاية أن نقدم فتوى أمير المؤمنين في بلاد الرافدين أبو مصعب الزرقاوي الذي يريد السلطة.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - -
5- فتوى أمير المؤمنين أبو مصعب الزرقاوي في العنف وقطع الرؤوس:
المصدر جريدة الاتجاه الآخر. العدد 220 21/5/2005
www.alitijahalakhar.com/archive/220/news.htm# dfg
عنوان المقال: (( الزرقاوي يبرر دينياً قتل العراقيين )).
مقتطفات من الفتوى:
يقول الخبر عن الزرقاوي الآتي: (( برر زعيم تنظيم القاعدة في العراق أبو مصعب الزرقاوي في شريط صوتي بث الأربعاء عبر شبكة الإنترنت، دينياً الهجمات الانتحارية في العراق التي يصاب فيها مدنيون عراقيون باعتبار أن دفع (الضرر العام) مقدم على دفع (الضرر الخاص).)). ويقول أيضاً: (( لعلمي أن المجاهدين لا يقدمون على مثل هذه العمليات إلا وضوابط الشرع وأحكامه تحكمهم )). ويقول أيضاً: (( أن (مشروعية رمي الكفار بكل ما نملك من سلاح (..) وإذا ترتب على ذلك قتل المتمترس بينهم من المسلمين (..) فذلك جائز شرعا (..) إذا كانت المصلحة ضرورية أي لا يحصل قتل الكفار إلا بقتل المتمترس).)) ويضيف: (( وانتقى الزرقاوي للتدليل على رأيه الكثير مما اعتبره أدلة شرعية وأقوال فقهاء ومراجع دينية. واعتبر في هذا السياق أن (حفظ الدين مقدم على حفظ النفس (..) وغيرها من الضروريات (..) في نظر الشرع) وذلك باعتبار أن (الفتنة أشد من القتل) )). ويتابع الزرقاوي: (( وأن (قتل المتمترس أقل مضرة من شيوع الكفر). واعتبر أن القتلى من العراقيين المدنيين (شهداء) وقال إنه (إذا قتل المتمترسون كانوا شهداء).)).
- - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وهكذا يطمئن الزرقاوي الثمانية ملايين من العراقيين الذين اشتركوا في الانتخابات هم متمترسون خلف العدو وحسب رأيه وهم مرشحون للقتل لأنهم متمترسون بالكفار. وكذلك جميع أفراد الشرطة والجيش مع كامل عائلاتهم وأولادهم كونهم متمترسون بالكفار وإنهم مهددين للدين، ومع ذلك يطمئنهم بأنه سيكون نصيبهم الجنة وهذا الوضع في العراق يذكرنا بمحاكمات الخلخالي في إيران الذي كان يرسل أناساً إلى الجنة وآخرين إلى جهنم.
ونحن لا نملك في طريق الحقيقة قوة سوى الدعاء لله سبحانه وتعالى ونقول: ليكن الله في عون الشعب الإيراني والعراقي من هذه الفتاوي الكارثية.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - -
2- رأي طريق الحقيقة في العقل للشرق الأوسط وسيكولوجية الخوف:
العقل في الشرق الأوسط يقع بين نارين:
1- نار جهنم التي يذكرنا بها الشيخ والملا والإمام منذ ألف وأربعمائة عام.
2- نار المخابرات المسلطة علينا كل يوم وكل لحظة منذ مئة عام.
ونحن نكتب عن العقل في الشرق الأوسط والإنسان الذي يملك العقل الذي يميزه عن الحيوان، لا بد لنا أن نسأل في البداية السؤال الآتي: هل فعلاً وعلى أرض الواقع ومن خلال الممارسة الإنسانية نحن البشر في الشرق الأوسط نملك عقلاً، وافترقنا عن الحيوان الغرائزي وتحولنا إلى الإنسان المالك للعقل والعقل القيمي؟ وإذا كان لنا عقل قيمي، فلماذا تَََجمد هذا العقل في الشرق الأوسط وتخلف عن الإبداع؟ وللإجابة عن هذه الأسئلة تكون كالآتي:
يتعرض عقل الإنسان في الشرق الأوسط لمخافتين اثنتين وهما:
1- الخوف من الحرق في نار جهنم إذا تجاوز الخطوط الحمراء.
2- الخوف من نار المخابرات لرئيس العشيرة إذا تجاوز الخطوط الحمراء لعادات وتقاليد العشيرة.
أ- الخوف من الحرق في نار جهنم والخطوط الحمراء وسيكولوجية الخوف:
إن قصة الإنسان وعقله في الشرق الأوسط والخوف من نار جهنم تشبه قصة تلك المرأة القروية مع الدجاجة.. وإليكم هذه القصة:
إمرأة قروية طلب منها زوجها الفلاح الذي يذهب باكراً إلى فلاحة أرضه أن تحضر له طبخة عليها دجاجة. فكان أمام المرأة مشكلتين: 1- الإمساك بالدجاجة -2- ذبح الدجاجة. فالمشكلة الأولى حلتها المرأة بأن استعانت بأحد أولاد الحي لإمساك الدجاجة المطلوبة. أما المشكلة الثانية ولحين وصول القصاب وضعت المرأة رأس الدجاجة تحت جناحيها وخاطبت الدجاجة وقالت لها: أيتها الدجاجة أغمضي عينيك وإياك أن تتحركي إن أمامك واد عميق فيه كل أنواع الثعابين وإلى جانبك الأيمن واد عميق فيه كل أنواع الثعالب وإلى جانبك الأيسر واد فيه كل أنواع الطيور الجارحة ووراءك واد عميق مشتعلة فيه النيران وصدقت الدجاجة ولم تتحرك حتى جاء القصاب حيث أمسك بالدجاجة وذبحها. وتحولت الدجاجة المسكينة إلى وليمة.
وهكذا حال الإنسان وعقله في الشرق الأوسط منذ ألف وأربعمائة عام يتعرض عقله للخوف في كل يوم خمس مرات وعندما نقول الشرق الأوسط نعني الإنسان العربي والفارسي والتركي والكردي والشعوب الأخرى المتعايشة معها. ففي كل يوم فرض على الإنسان المسلم على أن يذهب إلى الجامع فجراً وظهراً وعصراً ومساءاً وعشاءاً ليسمع إلى مواعظ الشيخ والملا والإمام ليقول له يا أيها الإنسان إياك أن تكذب وأن تسرق وإياك أن تنسى ذكر الله وإياك أن تترك صلاتك وإياك أن لا تتلو آيات القرآن الخ... من هذه المواعظ منذ ألف وأربعمائة عام. وفي كل مرة يختتم الإمام مواعظه بالإنذار من نسيان محاربة الكفار لإعلاء كلمة الله وإلا سيكون هناك يوم حساب ويوم الحساب يعني أنك ستحرق في نار جهنم في دار الآخرة الأبدية. وهكذا يكون هاجس الخوف والحرق في نار جهنم في الآخرة يسيطر على عقل الإنسان في الشرق الأوسط طوال حياته في هذه الدنيا. والبديل للحرق في نار جهنم هو البرد والسلام في الجنة التي تجري من تحتها الأنهار وفيها الحوريات الجميلات. فأيها الإنسان أنت مختار بأعمالك في هذه الدنيا بين أن تختار الحرق في نار جهنم في الآخرة أو التمتع بالبرد والسلام والحوريات الجميلات في الجنة. وهكذا يجاهد الإنسان الشرق أوسطي طوال حياته في هذه الدنيا ويحرص في كل يوم أن ينفذ كل كلمة من مواعظ الإمام. وكل ما يشغل عقله هو مواعظ الإمام لأنه هو المثقف الوحيد المعتمد لعمامته وذقنه ومسبحته وجلبابه وهو الذي يفهم القرآن كلام الله وكلام الله مقدس وكما أن مواعظ الإمام من القرآن الكريم فكل ما يقوله الإمام أو الشيخ أو الملا فهو صدق ومقدس ولا شيء يشغل عقل الإنسان في الشرق الأوسط سوى ما يقوله الإمام منذ ألف وأربعمائة عام.
أما العالم وقوانينه بكافة فروعه واختصاصاته الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية والالكترونية الخ... فلا ينفع الإنسان كل ما يشغل عقل الإنسان إما الجنة وأما جهنم. لقد أصيب إنسان الشرق الأوسط وعقله بعمى الألوان ولم يعد يعرف من الألوان سوى لونين: إما أبيض وإما أسود.
نار جهنم وتجميد العقل في الشرق الأوسط والخطوط الحمراء:
يولد جيل بعد جيل يكبر ويعيش ويموت ويرحل إلى دار الآخرة. ولا أحد يعرف من هم الذين ذهبوا إلى الجنة ومن هم الذين ذهبوا إلى جهنم. ولو خطر في بال أحد أن يسأل الإمام أو الشيخ أو الملا هذا السؤال فتكون تهمته الكفر وجزاؤه القتل لأن ذلك يعتبر من الخطوط الحمراء. هذه هي المعالجة الوحيدة للعقل الذي يتجرأ ويسأل مثل هذا السؤال.
إن مثل تلك الأسئلة من المحرمات وهكذا استطاع مثقفونا الإمام والشيخ والملا أن يجعلوا العقل الإنساني في الشرق الأوسط أن ينام في سبات أبدي منذ ألف وأربعمائة عام وتم تربية الأجيال المتعاقبة على ذلك. وإنساننا وعقله ليس له خيار فإما أن يقبل ما يلقنه له الشيخ والإمام على أنها الحقيقة. وإما أن يقتل. هذا ما يشغل عقل الإنسان العربي والفارسي والتركي والكردي منذ ألف وأربعمائة عام. لا حل عندنا في الشرق الأوسط سوى القتل وقطع الرؤوس أوالقبول. كل ثقافتنا مركبة من ثقافة القتل وقطع الرؤوس أو هكذا فهمنا الشيخ والملا والإمام. من اجتهاداتهم للدين.
هناك خطوط حمراء أمام العقل مهما تغير الزمن والتاريخ والعالم والعلم. فلا يجب أن يسأل العقل بأسئلة متجاوزاً الخطوط الحمراء. فإذا سأل أحد الإمام ما دام يعرف كل شيء وقال فلان مات هل سيكون نصيبه الجنة أم جهنم؟ فلا حل عند الإمام سوى الفتوى بقطع رأسه. لقد سأل طالب في عام 1958م وهو في الصف التاسع سؤالاً لأستاذ الديانة في مدينة حلب في ثانوية بني حمدان وجرى المشهد كالآتي:
أستاذ الديانة وهو يلقي درسه للطلاب ويشرح ويقول: أيها الطلاب انظروا لما أمامكم وما بين أيديكم فلكل شيء صانع خالق. فالطاولة والكرسي والباب صنعها النجار والشباك الحديدي صنعه الحداد...الخ وهكذا فلكل شيء خالق والكون خلقه الله والإنسان خلقه الله فلا يمكن أن يكون هناك شيء بدون خالق. وبناءاً على هذه القاعدة التي ذكرها الأستاذ للطلاب تجرأ أحد الطلاب وقال للأستاذ: إنك تقول لكل شيء خالق فمن خلق الله؟ فاصفر الأستاذ واسود وجهه وخرج من الصف وغادر المدرسة. ثم جاء أمين السر واعتقد أن الطلاب تصرفوا بموقف غير لائق مع الأستاذ وأنزل عليهم شرشحة وبهدلة قياماً وقعوداً بدون أن يعرف السبب.
وهاهو السؤال يطرح نفسه بعد مرور هذه السنين ولربما قد طرح مثل هذا السؤال الذي يتجاوز الخطوط الحمراء منذ قرون من قبل الآخرين ولكن تم قتلهم بتهمة الكفر، ولكن وبالرغم من هذه العقوبات الأمنية ترى هل سيموت هذا السؤال في عقل الإنسان ما دام يولد ومعه عقل؟ سؤال لا بد من الإجابة عليه ونتركه للتاريخ؟
ترى إلى متى سيظل هاجس الخوف من الحرق في نار جهنم وخطوطه الحمراء ليسيطر على عقول أبناء شعوبنا في الشرق الأوسط؟
ب- الخوف من نار المخابرات في هذه الدنيا وسيكولوجية الخوف:
ربما يمكن للإنسان تحمل خوف الحرق في نار جهنم في دار الآخرة ولا يستطيع أحد أن يتأكد وينقل لنا الخبر اليقين بذلك. وكما جرى للذين ماتوا منذ مئات آلاف السنين. إن ذلك يعود للإيمان بالغيب. ولكن نار المخابرات تحرق كل إنسان في الأمم الأربعة العربية والفارسية والتركية والكردية والشعوب المتعايشة معهم. في كل يوم يمر منذ مائة عام ومنذ انتهاء الحرب العالمية الأولى والثانية وبعد قيام سلطات سياسية اتخذت اسم دولة ولكنها بعيدة كل البعد عن مفهوم الدولة كما بينا في الحلقة رقم (18) من طريق الحقيقة.
كل إنسان في الأمم الأربعة معرض للحرق بنار المخابرات.. حياته، عرضه، ماله، وكرامته الإنسانية، وحريته، كل ذلك مباح لنار المخابرات. ليس هناك دستور أو قانون يحميه من الحرق بهذه النار ولا حاجة لتخيل ذلك بالغيب ويمكن السؤال من أي إنسان قد مر بمحرقة نار المخابرات هذا إذا خرج من هذه المحرقة حياً. فالناس يتداولون قصص غريبة وعجيبة. عن هذه النار هذه المحرقة. فهذا يشكو من تكسير في أضلاعه. وذاك يشكو عن ارتجاج في دماغه. وهذا يشكو من انتهاك لعرضه أمام عينيه. والآخر يشكو من أمراض خطيرة أصابته من هذه المحرقة ولم يستطع كل أطباء المنطقة من مداواة جرحه. وتلك حرقت أعضائها الجنسية بالنار. وقصص استعمال الكهرباء والخراطيم والحرب النفسية لها أول وليس لها آخر. فلو سألت عن السبب في كل ذلك سترى أن كل تلك الأعمال ليست سوى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. فلو سألت إنساناً عربياً أو تركياً أو فارسياً لوجدت أن ذنبه يريد الديمقراطية. ولو سألت إنساناً كردياً لوجدت أن السبب يريد أن يبقى كردياً. ويريد الديمقراطية وحقوق المواطنة المتساوية. وإن سألت كاتباً أو مفكراً اكتوى بنار المخابرات لوجدت أنه يريد أن يعبر بآرائه في مصير وطنه.كل هذه المخالفات التي بسببها حرقوا بالنار تقع ضمن حقوق الإنسان والتي لا يمكن لأي دستور أو قانون حضاري أن ينكرها سوى قانون ودستور العشيرة. إن فلسفة دولة العشيرة القومية تقوم على السلطة الأبوية باعتبار أن الليلة الأولى هي لرئيس العشيرة. والعشيرة تنقسم بدورها إلى أفراد وفروع. ولكل فروع وأفراد جهازها المخابراتي. والكل له نفس الثقافة والعادات والتقاليد وكلهم في خدمة استمرار سلطة العشيرة, إن مهمة المخابرات هي المحافظة على استمرار نظام العشيرة وثقافتها وكل عقل ينفتح ويتأثر بروح العصر ويطالب بتغيير نظام العشيرة. يتم تحطيمه والقضاء عليه بطرق مختلفة وتسليط النار عليه.
وكما للتيار الديني وثقافته تهمته الجاهزة والصالحة لكل زمان ومكان. وكذلك تكون التهم جاهزة في نظام العشيرة المخابراتي عميلاً للإمبريالية والصهيونية وإنفصالي يريد اقتطاع جزء من أرض العشيرة وضمها لغير العشيرة. أو خطر على أمن العشيرة إلى آخر من هذه التهم الصالحة لكل زمان ومكان.
وهكذا يتم تحطيم العقل في الشرق الأوسط بأممه الأربعة بواسطة تسليط هاتين النارين نار جهنم ونار المخابرات.
ولهذا تجمد عقل الإنسان في الشرق الأوسط وابتعد عن عملية الإبداع فلو أجرينا إحصاءاً واطلعنا على سجلات الاختراع في الأمم الأربعة في الشرق الأوسط لوجدنا جميع السجلات في الأمم الأربعة صفراً. وكل ما نستهلكه في حياتنا اليومية من تكنيك مستورد بدءاً من المسمار وحتى الطائرة. وستظل هذه الأمم تسير في ركب الحضارة الإنسانية والتاريخ العالمي يعيش عالة على الأمم الأخرى ما دام هناك هذين النارين مسلطاً على رقاب شعوب المنطقة.
3- العقل والكبت السياسي - والكبت الجنسي – ونتائجه - والإرهاب في الشرق الأوسط:
أ- العقل والسيكولوجية الاجتماعية:
يعيش الإنسان بعقله وسيكولوجيته المكبوتة في الشرق الأوسط بعربه وفرسه وتركه وكرده في أوطان وفي ظل نظم سياسية يعتبر كل إنسان وعقله فرد في قطيع من الغنم كل ما يملكه من مال ونفس وعقل وحياته هو ملك للراعي يتصرف بها كيفما يشاء. الأوطان وشعوبها يحكمها إما راعي السلالة أو عسكري فظ اغتصب السلطة لا يفهم شيئاً من السياسة إلا أن يقف الآخر أمامه بالاستعداد ويقدم له التحية والطاعة والولاء ويسمعه تحية بالروح بالدم نفديك يا زعيم. أو يحكمه أمير المؤمنين ويعتبر نفسه وكيل الله في الأرض وكل من يخرج عن طاعته الراعية لا بد أن يكون كافراً. يعتمد الراعي بشرعيته للسلطة على الآية الكريمة التي وردت في القرآن من سورة النساء آية رقم 58 (( يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )) أو رئيس قومي يعتبر كل ما في الوطن من بشر ومال وحلال هو ملك للعشيرة والتي هو زعيمها معتمداً على شرعيته للسلطة في حق رئيس العشيرة بالليلة الأولى التي تمنحه عادات وتقاليد العشيرة وثقافتها السياسية. وبذلك يعتبر نفسه هو الأب القائد وكل من في العشيرة هم أبناءه وهم قاصرون لا يفهمون شيئاً ولا يستطيعون تدبير أمورهم ولذلك فهم بحاجة لأب يرعاهم. إن مفهوم حق تقرير المصير في الوطن أمر شاذ في ثقافة العشيرة وكتب العشيرة التي خلفها لنا الأموات.
إن نظام تداول السلطة عن طريق الانتخاب التعددي والحر غريبة عن ثقافة كتب العشيرة، وكتب أمير المؤمنين. إنه يعتبر نظام مستورد صدره لنا الكفار وعملاء الإمبريالية والصهيونية بغية الإخلال بميراثنا الثقافي العشائري الأصيل. إن هذه الممارسة السياسية والعقائدية التي مورست خلال القرن العشرين بكامله بعد أن تحررت المنطقة من الاستعمار الغربي أدت إلى حرمان كل مواطن من الأمم الأربعة من حق تقرير المصير عن طريق الانتخاب. وقد ترك ذلك أثراً كبيراً في سيكولوجية كل فرد سواء أكان يعيش في الدول العربية أو تركيا أو إيران.
لقد عاش المواطن في هذه الأوطان حالة سيكولوجية محبطة. هناك مثل يقول: ليس بالخبز وحده يعيش الإنسان. وللدلالة على ذلك نقول: هناك ظاهرتان يمكن الوقوف عليهما ودراستهما بعمق من الناحية النفسية:
1- ظاهرة سيكولوجية سياسية ونتيجتها الإرهاب.
2- ظاهرة سيكولوجية جنسية ونتيجتها الانحراف الأخلاقي.
ب- ظاهرة سيكولوجية سياسية وظاهرة الإرهاب:
لدى دراسة ظاهرة الإرهاب التي حدثت في 11 أيلول في نيويورك وواشنطن نرى أن الذين اشتركوا في هذه العملية ونفذوها جميعهم تقريباً من شباب دول الخليج.
فالعقل والمال الخليجي هما العنصران اللذان خططا لهذه العملية الإرهابية الكبيرة وبهذا الحجم. أما من لف حولهم من الدول الأخرى جاء دورهم في المرتبة الثانية. لأنه لولا المال الخليجي والعقل الخليجي لما استطاع الآخرون من الدول الفقيرة التي لا يستطيع فيها الإنسان من الحصول على كسرة خبز. فالمال والخبز متوفر في الخليج. فما الذي دفع هؤلاء الشباب للقيام بهذه العملية الكبيرة والعمليات الأخرى الإرهابية التي تبعتها؟
فلا بد أن تكون وراء هذه الأعمال دوافع أخرى ونداء نفسي باطني مكبوت لم يرّ النور ولم يرّ أي منبر لتعبر عن ذاتها. ولم يكن أمام هذا الإنسان الذي يعاني من نداء باطني سياسي مكبوت سوى التعبير بهذا الشكل الإرهابي ليعبر عن ذاته ليدمر نفسه ويدمر الآخرين معه، لقد سدت كافة منابر التعبير عن الذات في وجه هؤلاء الشباب وحرمانهم من حق تقرير المصير في المشاركة السياسية في أوطانهم بسبب حكم السلالات العائلية. وحكم زعماء العشيرة. لقد خنقت النداءات الباطنية للشاب الخليجي، وتم تنفيذها خلال قرن كامل من الزمان بواسطة مصدرين:
1- ثقافة كتب الأموات. والتي سميت بالتراث الأصيل.
2- عصا العشيرة التي كانت فوق رؤوسهم خلال قرن كامل بواسطة أجهزة سميت بالمخابرات.
وهنا لا بد أن نعترف بعد هذا الشرح بحقيقة هذا المثل (( بأنه ليس بالخبز وحده يعيش الإنسان )) فلو كان هؤلاء الشباب جيلاً بعد جيل شاركوا في الحياة السياسية ضمن مجتمع مدني وبكل مؤسساته واستطاعوا أن يعبروا عن آرائهم في تقرير مصيرهم ومصير وطنهم. وشاركوا في عملية تداول السلطة وعدم حرمانهم من أن يأخذوا أي مكان وفق كفاءاتهم. ولكن حكم السلالات العشائرية التي اعتبرت هذه الأوطان الخليجية ملكاً لهم. حرمت هؤلاء الشباب من ممارسة حقهم في تقرير مصيرهم. وكانت النتيجة ظهور ظاهرة الإرهاب. وبدأ العالم كله يعاني منه ليس الشباب الذين قاموا بهذه العملية الإرهابية. ومثيلاتها في مدريد ولندن وفي الشرق الأوسط وهم شباب طائشون وجهلة ومجرمون مجردين من المشاعر الإنسانية ولا يريدون أن يعيشوا حياتهم في هذه الدنيا. وليسوا هم جائعون ولصوص وقطاع طرق. بل المجرم الرئيسي والسبب للإرهاب هو الأنظمة السياسية للسلالة العائلية التي حكمت ولا زالت كل منطقة الخليج والذين دعموا هذه السلالات والنظم السياسية وعقائدها وثقافتها من القوى الغربية العظمى وتحديداً أمريكا وإنكلترا بغية استخدامها تكتيكياً ضد الشيوعية وبالرغم من تجاوز التاريخ ومنطق العصر لهذه النظم السياسية وثقافتها القائمة على حكم السلالة العشائرية. هذه النظم السياسية العشائرية الدينية والقومية وثقافتها كانت كابوساً مرعباً تجشم فوق صدور الأجيال الشابة خلال قرن كامل ولم يستطع أي شاب أن يتنفس وأن يستنشق نسمة هواء حرة ونقية. وتكدس هذا الكبت النفسي في قرارة نفسه وتحولت إلى نار متأججة تماماً كما يحدث في الطبيعة، والنار المشتعلة في باطنه وحالما ترى منفذاً يقذف بغضبه فيدمر كل ما يصادفه. وهذا ما حدث من بركان في نيويورك وواشنطن ومدريد ولندن. إن ما حدث كان نتيجة وليس سبباً. ولا يمكن لهذه النار أن تنطفئ وستظل تقذف بغضبها على العالم اليوم ما لم يعالج السبب الذي يولد هذا البركان. فهل يدرك العقلاء السبب ويعالجوا المشكلة من السبب؟. بدلاً من الجري وراء النتيجة والاعتماد على الإجراءات الأمنية التي لا تطفئ النار المتأججة في الأعماق ولا أحد يمكن أن يتنبأ بأي مكان سوف يحدث الإنفجار الآخر. ومما لا شك فيه أن الغرب بصورة عامة وأمريكا بصورة خاصة يتحملون مسؤولية تاريخية عما حدث وما سيحدث. فالغرب وأمريكا ولسياسة تكتيكية وغاية براغماتية بدعمهم ورعايتهم لهذه الأنظمة القائمة على السلالة. والأسلوب العشائري القومي سياسياً وعسكرياً ودبلوماسياً كان السبب وراء عدم تحول هذه الأنظمة والمجتمعات من نظم ومجتمعات قبلية وعشائرية إلى مجتمعات مدنية ولم تنشر فيها أي ثقافة ديمقراطية. ولم تحترم فيها أي حقوق إنسانية للفرد. ولم تستخدم أي المناهج الديمقراطية لتداول السلطة.
فالمشرق العربي بأكمله موزعة شؤونها السياسية على السلالات. وأيديولوجيتها مأخوذة من كتب الأموات. والمغرب العربي – التوزيع السياسي موزع فيها وفق الآلية العشائرية . فالزعماء الملهمون وقواد الضرورة. وإن سموا أنفسهم جمهوريين فهم ليسوا سوى رؤساء عشائر وكما يورث زعيم العشيرة الرئاسة إلى ابنه كذلك يورث أبناء الزعماء الملهمين وقواد الضرورة السلطة إلى أبنائهم. لقد حشد أمراء المؤمنين للسلالات كل الشيوخ والملالي والأئمة ووضع كافة وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية تحت تصرفهم. ليقنعوا الناس بأن الله أمرنا بأن نطيع الله ورسوله وأولي الأمر. وإذا خالف أحد من المواطنين أمرهم وسلطانهم يعني أنه رفض أمر الله. عند ذلك يعتبر هؤلاء الرافضون كفاراً ومخالفين لرأي الجماعة فتتولى المخابرات أمرهم والنتيجة معروفة. ومن وراء قيام هذا الوضع السياسي خلال قرن كامل، بدأ هؤلاء الأمراء وأولي الأمر ينهبون المال العام خلال قرن كامل. فظهرت قصور فخمة ومزارع خضراء ورساميل هائلة في البنوك الأجنبية. وظهر من بين هؤلاء الأمراء وأولي الأمر أثرياء احتلوا المراتب المتقدمة من بين أثرياء العالم. وبدؤوا يعيشون خلف الستار حياة ألف ليلة وليلة. ولا أحد يستطيع أن يحاسبهم ويقول لهم من أين لك هذا؟ وهذا يعتبر من الخطوط الحمراء. لأنهم مقدسون. ولأنهم أولي الأمر. كل هذا حدث على مسمع ومرأى الأجيال المتعاقبة الذين ولدوا وعاشوا وماتوا ولم يروا أي تغيير كما كان في عهد آبائهم وفي حاضرهم وسيورثون هذا إلى أبنائهم. ولهذا طفح الكيل. وبدأ جيل القرن الحادي والعشرين يتململ لينفجر بعد الظروف الموضوعية. والتطور التاريخي الذي حصل على النطاق العالمي وتحول الكون برمته إلى قرية كونية. بدأ هذا الجيل يسأل ويقول إلى متى سيدوم هذا الحال؟ وبدأ الناس يطالبون بالتغيير ولكن لا حياة لمن تنادي. ولم يجدوا الجواب سوى مزيداً من الإجراءات الأمنية ومزيداً من عنف الدولة الإرهابي. فلم يعد هناك أي مجال أمام هذا الجيل للاحتمال النفسي. ولاحتمال حرارة النار المشتعلة في داخله. فكان لا بد من الانفجار والظهور إلى السطح. فكانت ظاهرة الإرهاب. هذه الظاهرة التي تحولت من القتل التقليدي للجنود والمسلحين في ساحات القتال والجبهات إلى قتل الناس الأبرياء وقطع رؤوس المسالمين وبفتاوى دينية وتحت مصطلح المتمترسون بين الكفار.
إن هذه الظاهرة قائمة على الانتقام وهي مستمدة ثقافتها من العقلية العشائرية. إن اتهام الناس بالكفر والخيانة والعمالة الخ... ثقافة بربرية وحشية لا يمكن للبشرية المتطورة ومنطق العصر أن يقبلها.
إن القضاء هي الجهة المخولة لمحاكمة الناس بموجب قوانين مستمدة من دستور ترسمه الشعوب من أجل تنظيم أمورهم الدنيوية محددة فيها قواعد أخلاقية وحقوقية الفردية والجماعية والوطنية وما هو محظور وما هو مقبول بعد أن حظي هذا الدستور بموافقة الأكثرية ومعارضة الأقلية. لم تعد البشرية تقبل أن تنتهك حرية الإنسان وزهق روحه وحرمانه من حقوقه الوطنية إلا بموجب دستور مؤسس على مبادئ حقوق الإنسان كونه إنسان بصرف النظر عن دينه وقوميته وجنسه ولونه وحزبيته. فإذا كنا اليوم قد فقدنا الأمن والسلام والاستقرار العالمي بين بني البشر فسبب ذلك يعود إلى السياسات التي مورست خلال القرن العشرين ووفق ثقافة الأيديولوجيات التي تغذي عقل الإنسان من كتب الأموات. فإذا كنا نريد أن نحيا حياة إنسانية مبنية على الأمن والسلام والاستقرار والمحبة واحترام الآخر فالحل يكمن في التخلي عن تلك السياسات والأيديولوجيات القديمة المبنية على العنصرية والتفرقة والحقد والكراهية للآخر. والعقلية العشائرية سواء أكان إقليمياً أو دولياً.
ت- الكبت الجنسي السيكولوجي وآثاره المدمرة على الأجيال الشابة والمجتمعات في الخليج:
انقسم الإنسان إلى جنسين منذ ظهوره على سطح كوكب الأرض والجنسان هما: الذكر والأنثى. وكل نوع يتميز عن الآخر بخلق صفة فيزيولوجية تختلف عن الآخر وبحاجة للآخر:
خلق الذكر قاسياً وخلقت الأنثى ناعمة
خلق الذكر موجباً وخلقت الأنثى سالباً
الذكر بحاجة للأنثى والأنثى بحاجة للذكر
ويستمر النوع نتيجة للاتصال الجنسي بين الذكر والأنثى. كما يولد النور من الموجب والسالب.
لا حياة بدون ذكر ولا حياة بدون أنثى
للذكر قلب ومشاعر ونداء باطني جنسي للأنثى.
والأنثى لها قلب ومشاعر ونداء باطني جنسي للرجل.
وهنا يدخل عامل الحرية. وحرية الاختيار. والكرامة الإنسانية في علاقتهما ببعضهما الذكر بالأنثى. لقد تم تنظيم العلاقة بين الذكر والأنثى في الشرق الأوسط في الأمم الأربعة العربية والفارسية والتركية والكردية. وفق الأيديولوجية الإسلامية التي ظهرت منذ ألف وأربعمائة سنة ولا زالت. تنظم هذه العلاقة وفق هذه الأيديولوجية حتى الآن، لقد استبعد الشرط التاريخي في تنظيم هذه العلاقة. إن الأيديولوجية الإسلامية انبثقت من واقع اجتماعي عشائري وقبلي. له عاداته وتقاليده ونظرته للمرأة والرجل وعلاقتهما. وانتقلت تلك العادات والتقاليد إلى الأيديولوجية الإسلامية. وتبنت هذه الأيديولوجية هذه العادات والتقاليد العشائرية منذ ذلك التاريخ وحتى الآن تنظم علاقة الرجل بالمرأة. لقد أضافت عليها الأيديولوجية الإسلامية قواعد جديدة في المظهر أما الجوهر فيبقى عشائرياً وانتقلت العادات والتقاليد العشائرية العربية التي كانت سائدة في الجزيرة العربية عن طريق الفتوحات الإسلامية إلى القوميات الأخرى في الشرق الأوسط الفارسية والتركية والكردية وفرضت عليهم. ولذلك نرى أن المرأة والرجل الفارسي والتركي والكردي خاضعين لنفس العادات والتقاليد التي كانت سائدة في الجزيرة العربية. ومنها علاقة الرجل والمرأة قلبهما ومشاعرهما واختيارهما لبعضهما البعض. واختيار الزواج لإنشاء أسرة كلها لنفس القواعد. فكيف يمكن معالجة قضية علاقة الرجل بالمرأة في الشرق الأوسط. وكيف يمكن التعامل بهذه العلاقة وفق المبادئ الأيديولوجية الإسلامية. مع استبعاد الشرط التاريخي؟
ث- الصراع بين الأيديولوجية والتاريخ في علاقة الرجل بالمرأة في الشرق الأوسط:
لقد فرضت الأيديولوجية الإسلامية شروطاً وقيوداً على الرجل والمرأة بحيث أي اختراق لهذه القيود والشروط يتعرض الرجل والمرأة لنارين:
1- نار الحرق في نار جهنم في الأخرة.
2- ونار القتل وفق العادات والتقاليد العشائرية باسم غسل العار والناموس في هذه الدنيا.
ولهذا تعرضت المرأة الأنثى إلى أقسى أنواع الوحشية البربرية منذ ألف وأربعمائة عام في الأمم الأربعة ولا زالت مهما تغير الزمن والتاريخ. ولكون جسم المرأة عامل مثير للرجل وغريزته الجنسية. أبدعت الأيديولوجية الإسلامية أشكال عديدة من الألبسة التي تلف بها المرأة جسدها كي تمنع الرجل من مشاهدة جسدها. كالعباءة والملحفة والبرقع ...الخ من الأشكال. ولكن الرجل بحاجة إلى أنثى كي يتزوجها لتأسيس أسرة وإنجاب الأولاد. فكيف لرجل أن يتزوج امرأة بدون أن يراها وتراه. وهنا تقوم أم الرجل بهذه المهمة، فتقوم الأم بالطرق على الأبواب، وتقول: هل عندكم بنات للخطبة؟ فإن قالوا نعم تدخل الأم إلى البيت وترى البنت، وتتكلم معها وتفحص منطقها. ولكن هذا لا يكفي، فإن أعجبت الأم بالبنت ومنطقها، تطلب من أهلها بأن تذهب معها إلى الحمام كي تستطيع الأم فحص جسدها. وعندها سيكون القرار النهائي. وبعد أن يتم الفحص منطقياً وجسدياً. تأتي المرحلة الأصعب على الرجل. يأتي دور المهر ((المقدم والمأخر)) والشبكة وتكاليف العرس وتأمين المسكن الشرعي وقيمة الهدايا ...الخ
وهنا تتدخل العادات والتقاليد العشائرية في الموضوع. فلا بد من أن يكون المهر والشبكة والعرس والهدايا بمقام العائلة.. وهكذا تمت وتتم حتى الآن العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة. منذ ألف وأربعمائة عام من عمر الأيديولوجية الإسلامية في الشرق الأوسط. وها نحن في بداية القرن الحادي والعشرين ونعيش في عالم تاريخي متطور وصغير بحيث أصبح العالم كله قرية صغيرة. كل هذا الشرط التاريخي لا مكان له ولا اعتبار له في التدخل في هذه العلاقة. وأي تغيير أو اختراق لهذا الشرط الأيديولوجي والعشائري يكون إما الحرق بنار جهنم في الدار الآخرة أو الحرق بنار العشيرة في هذه الدنيا.
لقد تم حشد هائل من شيوخ الدين والأئمة الذين نراهم ونسمعهم على شاشات التلفزة وهم يوجهون الناس ويحثون الناس بالتمسك بهذه القواعد والشروط والعادات والتقاليد العشائرية. هذا من الناحية الأيديولوجية.
ج- العامل التاريخي وحكمه في هذه القواعد والشروط الأيديولوجية:
ليست الظاهرة الإرهابية التي خرجت من الخليج هي الظاهرة الوحيدة. بل هناك ظواهر اجتماعية أخرى ظهرت, وبدأت ترسل بظلامها على المجتمع الخليجي بأكمله. لقد دخل المجتمع الخليجي بأكمله في أزمة اجتماعية عميقة. وبدأ القديم الذي بني على الأيديولوجية الإسلامية تحت مطرقة التاريخ المطالبة بالتغيير والتلاؤم مع روح العصر ومن هذه الظواهر:
1- ظاهرة هروب الشبان الخليجيين للبحث عن الجنس في أماكن أخرى.
2- ظاهرة اختطاف الغلمان للممارسة الجنسية.
3- ظهور عامل الإثارة الإعلامية وتأثيرها النفسي على الشباب الخليجي.
4- ظاهرة العنوسة بين الفتيات الخليجيات.
5- ظاهرة زواج المسيار كحل لمشكلة العنوسة.
6- ظاهرة انتقال المال الخليجي نحو بناء الفنادق للسياحة الجنسية.
1- ظاهرة هروب الشبان الخليجيين للبحث عن الجنس في أماكن أخرى:
منذ عشر سنوات لاحظ أحد كتاب طريق الحقيقة وهو كشاهد تاريخي أثناء نزوله في فندق بدمشق أن جماعة من الشباب الخليجيين نزلوا بالفندق وتم تسجيلهم في الفندق على أساس أنهم من نزلاء الفندق. وبعد ذلك قادهم أحد الأشخاص من الفندق مع حقائبهم إلى خارج الفندق. فسأل الكاتب أحد خدام الفندق: لماذا لم يتركوا حقائبهم في الفندق، ولماذا ذهبوا ما دام أنهم صاروا من نزلاء الفندق. فابتسم الخادم وأجاب وقال يا أخي الكريم: إن هؤلاء الشبان هم من شباب الخليج. وإن الذي قادهم هو سمسار. وإن هذا السمسار موجود في كل فندق. وهو الدليل الذي سيأخذهم إلى بيوت الدعارة الموزعة بين دمشق وبيروت. فالشبان الخليجيون لم يأتوا إلى هنا من أجل السياحة والعمل. بل جاؤوا ليبحثوا عن الجنس. وسأل الكاتب: ألا يوجد هناك في الخليج نساء، فمثلما يوجد عندنا نساء. كذلك يوجد هناك نساء. فلماذا يأتون إلى هنا.؟ وأجاب الخادم: إن الرجال هناك ممنوع عليهم رؤية المرأة بموجب القيود الأيديولوجية الإسلامية التي وضعت منذ ألف وأربعمائة عام. ولا يمكن لأحد أن يخترقها، وإلا سيكون جزاؤه القتل. كل تلك القيود والشروط مذكورة في كتب الأموات، والأموات ماتوا ولم يتخيل هؤلاء الكتاب أنه سيأتي يوم يتطور التاريخ ويخلق وضعاً جديداً بجانبيه المادي والروحي معاً. وبقيت تلك القيود والشروط باقية ومقدسة ولم يجد هؤلاء الشباب أمامهم سوى الهجرة والانتقال إلى خارج أوطانهم للبحث عن المرأة ليلبوا نداء قلوبهم ومشاعرهم وباطنهم.
إن الشاب الخليجي يملك المال ولا يملك المرأة. ونحن هنا لا نملك المال ونملك النساء. وبين امتلاك الشباب الخليجي المال وامتلاكنا النساء ضاعت كرامة المرأة وإنسانيتها وتحولت إلى سلعة تباع وتشترى. وتحولت إلى عاهرة.
إلى متى سيدوم هذا الوضع؟ ومن سيحل المشكلة؟ وكم سيستغرق الوقت؟ أسئلة نتركها للكتاب وأهل السياسة والمفكرون الاقتصاديون وللمستقبل؟
إن الرجل والمرأة والأسرة الخليجية بكاملها بدأت تصاب بأمراض خطيرة، ولا زالت تعالج قضية علاقة الرجل بالمرة. وبناء العلاقات الاجتماعية الأسروية وفق ثقافة كتب الأموات وعادات وتقاليد العشيرة.
2- ظاهرة اختطاف الغلمان للممارسة الجنسية:
وهي من إحدى الأمراض الخطيرة في المجتمع الخليجي. ظاهرة اختطاف الغلمان بغية الممارسة الجنسية.
هناك الكثير من العمال والموظفين الأجانب الذين ذهبوا للخليج للعمل. يشكون من الخوف على أولادهم الصغار الذين يرسلونهم للمدارس. لأن ظاهرة اختطاف أولادهم للممارسة الجنسية أصبحت مشكلة هناك. ترى أليس من حقنا أن نسأل لماذا ظهرت هذه الظاهرة الخطيرة هناك، وبالرغم من وجود الكعبة المشرفة وهي قبلة الملايين من المسلمين في العالم. وبوجود هذا الحشد الهائل من المشايخ والملالي والأئمة الذين يلقون بمواعظهم على الناس وكل منابر التعبير تحت تصرفهم. إنهم يكررون في كل يوم ما كتب في كتب الأموات من قواعد أخلاقية وقيم ومثل اجتماعية منذ ألف وأربعمائة عام، فلماذا لم يتأثر الناس بهذه المواعظ؟! ترى لماذا يهاجر الشباب الخليجي إلى الخارج للبحث عن النساء؟ ولماذا اختطاف الغلمان للممارسة الجنسية؟
قضايا وأسئلة نطرحها لأصحاب كتب الأموات ونسألهم إذا كان بإمكانهم أن يجدوا حلولاً لهذه القضايا والمشاكل التاريخية التي ظهرت وفق ثقافة كتب الأموات؟
3- ظهور عامل الإثارة الإعلامية وتأثيرها النفسي على المرأة والرجل:
لقد حرمت كتب الأموات على الرجل أن يرى جسم المرأة. وأبدعت أشكال عديدة لتغطية جسم المرأة. كل ذلك أبدعتها فلسفة هذه الكتب حباً بالمرأة وحفاظاً عليها من وحشٍ اسمه الرجل. فهل لا يزال هؤلاء المثقفون بهذه الكتب القديمة يعتقدون بأنهم وبهذه الأشكال خلقوا الحب والحفاظ على المرأة. لنرى:
لقد تطور التاريخ بجانبه المادي وأبدع الإنسان لنفسه وسائل إعلامية لم تخطر على البال. وما كان أن يخطر على البال عندما ظهرت وكتبت تلك الكتب للأموات. وباختراع الأقمار الصناعية والتلفزيون، ودخول التلفزيون إلى كل بيت فوق الكرة الأرضية. وأصبح من غير الممكن الاستغناء عنه . بدأ هذا الإعلام ينشر صورة المرأة وهي عارية ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد. بل هي تمارس الجنس مع الرجل.. ومما لا شك فيه أن تلك المشاهد والممارسة الجنسية ستترك أثراً نفسياً كبيراً في نفسية الرجل والمرأة والناس في مجتمعات الشرق الأوسط المحافظة والمكبوتة جنسياً. وسيكون عاملاً مثيراً سيؤدي بالرجل والمرأة إلى انتهاكات خطيرة لتلك المحرمات.
والسؤال: هل يمكن معالجة هذه القضية وفق ثقافة كتب الأموات.
أم تحتاج هذه القضية لحلها وفق ثقافة كتب الأحياء؟
العامل الحضاري المثير الثاني للمنجزات الحضارية وتأثيرها النفسي:
يجري الآن وبوجود المال في الخليج إنشاء فنادق فخمة من الدرجة الأولى مجهزة بكل وسائل الراحة وأحواض السباحة. لقد نشرت إحدى القنوات التلفزيونية مقابلة مع إمرأة خليجية بعد افتتاح الفندق برأيها بهذا الفندق.. فأجابت المرأة بما يلي:
(( كم يحز في نفسي وأنا إمرأة خليجية أن يقام هذا الفندق فوق أرض آبائي وأجدادي فتأتي المرأة الأجنبية على بعد آلاف الكيلومترات لتسبح في مياهها، وأنا المرأة الخليجية محرم علي أن أسبح وأستمتع بمياهها؟ )) وكلنا نعلم بأن القيود والشروط المذكورة في كتب الأموات تمنع على المرأة أن تلبس المايو وأن تكشف عن جسدها. والسباحة لا يمكن أن تتم بالعباءة والملحفة والبرقع وسيكون مشهداً مضحكاً ومبكياً في نفس الوقت. وهكذا تمضي الأيام والتاريخ يتطور والرجل والمرأة يعيشان مقيدان بثقافة كتب الأموات.
4- ظاهرة العنوسة بين الفتيات الخليجيات:
إذا كان محرم على الرجل أن يلتقي بالمرأة بحيث يمكنه من اختيار نصفه الثاني، هذا الرجل ذو القلب الذي يحب والمشاعر التي يتحسس بها. وحب القلب وإحساسه يحملانه إلى إيقاظ ندائه الباطني الجنسي نحوها. عندها يتعلق الرجل بتلك المرأة ويحاول المستحيل للفوز بها لينشئ معها أسرة وسيظل مخلصاً لها لأنه اختارها وفق إرادته الحرة.
وبنفس الوقت المرأة هي أيضاً لها قلب تحب وأحاسيس تشعر بها ويشدها للرجل ثم يأتي دور النداء الجنسي الباطني. فتكوين الأسرة إذاً يمر طريقها عبر القلبين والإحساسين ثم يكتمل بالاتصال الجنسي. هذه هي المراحل والمبادئ العلمية التي يمر بها إنشاء الأسرة.
أما المراحل والمبادئ الأيديولوجية فيكون كالآتي:
لا مكان ولا دور للقلب ولا للأحاسيس في هذه العملية التي تسبق تأسيس الأسرة. فعندما لا يكون هناك دور للقلب والمشاعر والأحاسيس. ولم يتبق سوى دور الجنس. فتتحول هذه العلاقة بين الرجل والمرأة إلى ممارسة حيوانية والممارسة الحيوانية تخلق أسرة حيوانية.
إن منع مشاهدة الرجل للمرأة، ومشاهدة المرأة للرجل، وإهمال دور القلب والمشاعر والأحاسيس احتراماً لقيم ومبادئ وقيود أيديولوجية، وإلى الممارسة الجنسية مباشرة، أمر خطير جداً سيترك آثاراً سلبية على المرأة بصورة أكثر. ولنبحث عن الحقيقة في الواقع المعاش لنرى فيما إذا استطاعت كتب الأموات وقيودها وشروطها الأيديولوجية استطاعت أن تحافظ على المرأة. إن وسائل الإعلام والباحثين الاجتماعيين يتكلمون ويكتبون عن ظاهرة كثرة العنوسة بين الفتيات الخليجيات وبشكل مخيف، بدأ يؤرق الآباء والأمهات ويبدو أن القضية وصلت إلى درجة مخيفة، بحيث لم يعد هناك بيت إلا وفيه خمس بنات أو أكثر من العانسات اللاتي تجاوزهن قطار العمر والزمن.
لقد اجتهد المشايخ في كتب الأموات ولم يجدوا فيها حلاً لمشكلة العوانس سوى زواج المسيار.
فما هو زواج المسيار كحل لمشكلة العنوسة؟
5- ظاهرة زواج المسيار كحل لمشكلة العنوسة في الخليج:
فما هو زواج المسيار؟
لم تجاوب طريق الحقيقة على هذا السؤال. وتركت الجواب للكاتب سعيد الحسينة الذي نقل إلينا خبر هذا الزواج:
-----------------------------

الكاتب سعيد الحسينة:
المصدر: جريدة الاتجاه الآخر. العدد 228 التاريخ 16/7/2005م
www.alitijahalakhar.com/archive/228/out_of_theway.htm#top0
عنوان المقال: (( زواج المسيار..وملابساته ))
مقتطفات من المقال:
يقول الكاتب في مقدمة مقاله مايلي: (( إذا كنت متعبا في حياتك العائلية، أو لا تملك المهر الذي يسمح لك بالزواج، فزواج المسيار هو الحل... اتصل على الارقام التالية، لعل الله يوفقك ويرزقك بزوجة تعوضك عن حياتك الشقية، وهذا مقابل 5000 ريال للبكر و3000 ريال للثيب. هذا ما تضمنته مجموعة من (البروشورات) تم توزيعها على سكان إحدى المدن السعودية، حيث تفاجؤوا بهذه الإعلانات التي تم وضعها على سياراتهم وفي مواقع عملهم، وأخرى تم تسليمها لهم باليد عقب انتهائهم من أداء الصلاة، تدعوهم إلى توديع حياة العزوبية الشقية وبدء حياة سعيدة جديدة بزواج المسيار.)).
بعد هذه المقدمة عن زواج المسيار يفتتح الكاتب مقاله بالكلمات التالية عن زواج المسيار: (( عفواً... سأنام مع ابنتك )).
ثم يشرح الكاتب زواج المسيار وتاريخها ويقول: (( انتشرت في السنوات الخمس الأخيرة ظاهرة زواج المسيار بشكل واسع في معظم الدول الخليجية ولا سيما المملكة السعودية.)). (( فبعد زواج المتعة والزواج العرفي والسري والزواج على بيتها، وكلها ظواهر لزيجات عرفت طريقها إلى أوساط بعض المجتمعات العربية ))، (( أطل زواج المسيار على المجتمع السعودي وذلك لعدة أسباب لعل أبرزها زيادة نسبة العنوسة فيه وارتفاع قيمة المهور. فيأتي زواج المسيار الحل السحري ولا سيما أنه شرعي بحسب الكثير من الفتاوى الدينية الصادرة بشأنه )). ويقول الكاتب عن الاختلاف في زواج المسيار عن الأخرى: (( ويختلف هذا الزواج عن زواج المتعة والزواج المؤقت حيث أنه زواج تام تتوافر فيه أركان العقد الشرعي، من إيجاب وقبول وشهود وولي فهو زواج موثق.))، ولكن ما الفرق إذا؟ يقول الكاتب: (( كل ما يقتضيه هو اشتراط الزوج أن تقر الزوجة بأنها لن تطالبه بالحقوق المتعلقة بذمة الرجل، كزوج لها، فمثلاً لو كان متزوجاً بأخرى لا يعلمها، ولا يطلقها، ولا يلتزم بالنفقة عليها، أو توفير المسكن المناسب لها. وهي في هذه الحالة تكون في بيت أبيها، وتتزوج في بيت أبيها، الذي يوافق على ذلك، وعندما يمر الزوج بالقرية أو المدينة التي تقيم فيها هذه الزوجة يكون من حقه الإقامة معها ومعاشرتها خلال الفترة التي يمكثها في هذا البلد ولا يحق للمرأة – الزوجة - أن تشترط عليه أن يعيش معها أو أن تتساوى مع الزوجة الأخرى. وعليه فهو زواج (نهاري)، يعاشرها نهاراً ويعود الى زوجته ليلاً.)) ويقدم الكاتب صورة ومشهد عن هذا الزواج ويقول: (( يقرع الزوج الباب ويدخل على أهل البيت ويلقي السلام عليهم قبل أن يدخل هو وزوجته غرفة نومهم قائلاً عن أذنكم سأضاجع ابنتكم ومن ثم أذهب )).
ثم يذكر لنا الكاتب أسباب ظهور هذا الزواج ويورد لنا الأسباب التالية:
1- رغبة الرجال في المتعة.
2- عنوسة المرأة أو طلاقها أو حاجتها إلى الأطفال.
3- عدم رغبة الرجال في تحمل المسؤولية، أو عدم قدرتهم على ذلك.
4- غلاء المهور وارتفاع تكاليف المعيشة.
5- رغبة الرجل في التغيير.
6- رفض الزوجة الأولى لفكرة التعدد.
7- رغبة بعض الفتيات في عدم الارتباط الكامل بزوج.
8- عدم استقرار الرجل في مكان واحد بسبب العمل.
ويختتم الكاتب مقاله بقوله: (( ويقال إنه تم ابتداع هذا الزواج لمعالجة العنوسة في بعض المجتمعات والحد من القضايا الاجتماعية التي أصبحت تظهر على السطح )). (( ويبقى هل سيحل هذا الزواج مشكلة العنوسة؟ أم أنه مجرد قفزة في فضاء المجهول غير محسوبة النتائج غير مأمونة العواقب؟ الأيام وحدها ستجيب عن هذه التساؤلات. ))
.....................
هذا ما كتبه لنا الكاتب عن زواج المسيار وترك للقارئ أن يحلل ما كتبه عن زواج المسيار، ولم نعلق على ما كتبه الكاتب وكل ما نريد أن نكتبه عن هذا الزواج كما نقله لنا الكاتب هو الآتي:
فلنتصور أيها القارئ الكريم أن أباً له خمس أو ست عانسات وتم زواجهن بزواج المسيار، وبموجب شروط هذا الزواج أن تبقى البنت أو الزوجة في بيت أبيها. فلنتصور أن هذا الأب المسكين يستقبل زوج البنت الأولى لمعاشرة ابنته، ثم يودعه ويستقبل زوج الثانية والثالثة والرابعة والخامسة ويودعهم. وهذا يكون شغل الأب الشاغل يومياً استقبال أزواج بناته ووداعهم على الرحب والسعة. ونقول أيها القارئ الكريم، هل هناك جهنم أكثر حرارة من هذه الجهنم؟ ترى ماذا سيكون وقع هذا الزواج على سيكولوجية الآباء والأمهات. هذا الحل الذي رأوه لنا المشايخ والملالي لمشكلة العنوسة من كتب الأموات والذين أداروا ظهرهم لقراءة التاريخ ولكل المستجدات التاريخية. بقي علينا أن نقول ونوجه نداءنا إلى الحكومات في دول الخليج والشرق الأوسط برمته. أكثروا من بناء مستشفيات المجانين لأن شعوبنا كلها ستصاب بالجنون إذا بقي الموضوع هكذا، ولم يدوم وقت طويل سيكون هناك حشود هائلة بانتظار أن يدخلوا تلك المستشفيات. ولنوجه كلامنا لمشايخنا وملالينا وأئمتنا الكرام ونقول لهم إن هذه المشاكل والقضايا الاجتماعية لا تحل بثقافة كتب الأموات ولا تستطيع الأيديولوجيات أن تحل مثل هذه القضايا الاجتماعية. ولا تحل المشاكل الاجتماعية إلا بعدة عوامل:
1- الحرية وكيف نفهمها وفق الشرط التاريخي وليس الأيديولوجي.
2- الاقتصاد.
3- العلم.
وطريق الحقيقة سوف تبدي برأيها وتطرح حلها لكل المشاكل والقضايا التي تجابه الإنسان المعاصر وذلك وفق قراءتها للتاريخ المعاش وذلك في نهاية الحلقة تحت بند رأي طريق الحقيقة في الحل.
6- ظاهرة انتقال المال الخليجي نحو بناء الفنادق للسياحة الجنسية:
المال كل شيء في حياة الإنسان. بالمال يؤمن الإنسان المأكل والملبس والمسكن ويؤمن الحاجيات. المال وحش كاسر إن لم تروضه يقطعك إرباً إرباً. وإذا عرفت كيف تروضه يتحول إلى خادم مطيع. المال يجعل من الإنسان سيداً. والمال يجعل من الإنسان عبداً. بالمال يصبح الإنسان غنياً. وبالمال يصبح فقيراً. بالمال يعيش الإنسان كريماً عزيزاً. وبالمال يجعل الإنسان ذليلاً وحقيراً يفقد كرامته الإنسانية. يعيش ستة مليارات من سكان الكرة الأرضية في ظل حالتين:
1- المال العلمي.
2- المال الأيديولوجي.
وتبعاً لذلك انقسم العالم البشري إلى قسمين:
1- العالم المتقدم وهو يعيش في ظل المال العلمي.
2- والعالم الثاني المتخلف وهو يعيش في ظل المال الأيديولوجي.
المال العلمي ينقل بمجتمعاته من الإنتاج الطبيعي إلى مجتمعات الإنتاج الصناعي.
والمال الأيديولوجي لا زال يعيش على إنتاج المجتمعات الطبيعية.
المال العلمي يخلق العقول المبدعة الفيزيائيين والكيميائيين والالكترونيين والمهندسيين.
والمال الأيديولوجي يخلق الكهنة والشيوخ والملالي والأئمة.
الفيزيائيون والكيميائيون والالكترونيون والمهندسون يصنعون لنا السيارات والطيارات والالكترون.
والكهنة والشيوخ والملالي والأئمة يصنعون لنا الكلام، ولا شيء سوى الكلام.
والسيارة والطائرة والجرار والإلكترون يزيدون لنا من إنتاج المأكل والملبس والمسكن والحاجيات كي ننعم بـهذه الدنيا.
والكهنة والشيوخ والأئمة يطلبون منا أن نشد الأحزمة على البطون وأن نجوع أنفسنا في هذه الدنيا كي ننعم بدار الآخرة.
هذا مختصر في تعريف المال...
أما المال الخليجي وهو مصنف ضمن فئة المال الأيديولوجي وفي العالم المتخلف لنرى كيف يعيش الآن:
لقد وهب الله جغرافية الخليج الصحراوية ثروة النفط وخلال القرن العشرين ومع امتداد الاستعمار الغربي المرافق بالعلم. تم تفجير آبار النفط. ومع تفجير آبار النفط بدأ المال ينساب إلى منطقة الجزيرة العربية. وتوزع هذا المال وتم السيطرة عليه من قبل السلالات العشائرية، هذه السلالات العشائرية توزعت كيانات سياسية ملكية وإماراتية وراثية. لقد تعرض هذا المال لأخطار كثيرة منها داخلية ومنها خارجية والأخطار التي جابهته من الداخل:
1- التيار القومي بقيادة جمال عبد الناصر.
2- التيار القومي بقيادة صدام حسين.
3- التيار الاشتراكي بقيادة خالد بكداش.
أما الأخطار التي جابهته من الخارج:
1- تدخل الاتحاد السوفيتي في أفغانستان.
2- التحدي المذهبي الشيعي بعد استلام الخميني السلطة في إيران والتحالف بين المال الخليجي والتيار القومي صدام حسين.
ثم ظهرت تحديات داخلية أخرى وبدأت مرحلة أخرى في حياة المال الخليجي وهي:
1- انهيار الاتحاد السوفيتي واستلام الطالبان السلطة في أفغانستان وتشكيل إمارة إسلامية.
2- غزو التيار القومي بقيادة صدام حسين للكويت وتهديده الخليج.
3- انقسام المال الخليجي الأيديولوجي إلى قسمين: قسم رسمي وقسم معارض بقيادة أسامة بن لادن ومطالبته بالسلطة.
4- حدوث أحداث 11 أيلول في نيويورك وواشنطن وما تلتها من أحداث.
5- التدخل الغربي بقيادة أمريكا وإنهاء الإمارة الإسلامية في أفغانستان وإنهاء التيار القومي في العراق.
6- توسع ظاهرة الإرهاب في العالم وتورط المال الخليجي في هذا الإرهاب. وبدأت المصادرة في البنوك الغربية.
لقد استطاع المال الخليجي حتى الآن أن يتغلب على كل هذه التحديات وذلك بالشكل التالي:
لقد كان التخطيط من العقل العلمي الغربي وأما الدفع فكان من المال الخليجي. والآن وبعد انتهاء هذه التحديات والحروب الطاحنة بدأت مرحلة جديدة في حياة المال الخليجي.
إن ظهور الإرهاب في الجزيرة العربية وانتقاله إلى مدن الغرب... بدأ يهدد المجتمعات الغربية. حيث بدأ الغرب يسحب دعمه وحمايته للمال الخليجي. وبدأت رسائل الإنذار تصدر في الغرب من مصادرة المال الخليجي في بنوكهم. وبدأ الغرب يطالب المجتمعات الخليجية بالتحديث. إن هذه المجتمعات التي أقيمت في ظل المال الأيديولوجي من الصعب تغييرها إلا بالإطاحة بكل النظام السلالي في الخليج. وهذا غير ممكن إلا بتدخل خارجي..
ولم يبق أمام المال الخليجي سوى حل واحد وهو أن يقوم هو بهذه المهمة. إن أمام المال الخليجي الأيديولوجي جدار سياسي سميك عمره قرن كامل وجدار أيديولوجي عمره ألف وأربعمائة عام. ولهذا بدأ المال مرحلة تدمير الذات الأيديولوجية أولاً ثم يأتي بعدها مرحلة تدمير الذات السياسي.
والخطوة الأولى لمرحلة التدمير الذاتي الأيديولوجي بدأ. وها هو المال الخليجي يعود من الغرب بعد غياب طويل ليبدأ انطلاقته في تدمير الذات الأيديولوجي بإنشاء فنادق من الدرجة الأولى. يساعده في ذلك التهديد الذي يتلقاه من الغرب. وانهيار الاتحاد السوفيتي وظهور تجارة الرقيق الأبيض في دول تلك الإمبراطورية السوفيتية السابقة. وبظهور تجارة الرقيق الأبيض ظهرت معها تجارة مربحة تجاوز التراليون من الدولارات. إن هذه التراليونات من الدولارات مادة شهية للمال الخليجي. فإذا كان الجدار الأيديولوجي هو العائق في سبيل كسبها فالمال لن يتوانى في تحطيم أية جدران أمام شهوة الربح. أمام المال الخليجي مجتمعات قديمة لم يجر فيها أي تحديث. ولم يدخل فيها أية ثقافة ديمقراطية والتي هي روح العصر. وأمام المال الخليجي عدة عقبات:
1- عقبات اجتماعية لازالت هذه المجتمعات محكومة بعادات وتقاليد وقيود عشائرية منذ ألف وأربعمائة عام.
2- وتحديات سياسية متمثلة في حكم السلالات العشائرية وأسلوبها في تداول السلطة.
3- تأسيس السوق الرأسمالي لتداول الرأس مال.
4- حرق الأجيال الجديدة بالعادات والتقاليد والقيود العشائرية والأيديولوجية.
5- مشكلة هجرة الشباب الذكور إلى الخارج للبحث عن المرأة. ومشكلة زيادة نسبة الأنثى العوانس بشكل بات يهددان الأسرة في الخليج.
لقد اختار المال الخليجي طريقة بناء الفنادق الفخمة للسياحة الجنسية كحل للدخول إلى مجتمع الحداثة. وبدأ بإنشاء فنادق ممتازة وتم خلق بيئة اصطناعية فيها كل الشروط للراحة. وجلب أثرياء العالم. بالإضافة إلى الأثرياء المحليين.
ترى هل ما نقوله مجرد تخيل ولا وجود له على أرض الواقع؟
- - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وللإجابة نورد هنا مقال للكاتب فؤاد حميدي.
المصدر: جريدة الاتجاه الآخر العدد 228 التاريخ 16/7/2005م
عنوان المقال: (( ظاهرة تفشي موجة الدعارة )).
يقول الكاتب: (( مجلة ( آلتين أولوق ) التركية المحافظة نشرت تحقيقاً بصدد الموضوع قالت فيه: إن موجة الدعارة التي غطت وجه الكرة الأرضية عامة في الأعوام الأخيرة. بدءاً من آسيا وحتى أوروبا قد بلغت إلى أبعاداً هائلة من الخطورة إلى درجة لا يتقبلها العقل.)).
ويقول الكاتب: (( بالنسبة لذلك التاريخ فبلغ صداه إلى مستوى ناقوس الخطر. وأخذت تنال من كرامة النساء البالغات والفتيات اليافعات على حدٍ سواء. وعلى وجه المعمورة بصورة عامة وتجرح مشاعرهن الإنسانية النبيلة إلى حد لا يصح السكوت عنه طويلاً)).
ثم يتابع الكاتب ويقول: (( على أثر انهيار النظام الشيوعي وما نجم عن ذلك من تداعيات اقتصادية وسياسية قد دفع بآلاف النساء وغالبيتهم العظمى دون الثامنة عشر من العمر الالتحاق بسوق الدعارة الذي يدر بلايين الدولارات على المتعاملين به.. وغالبية الفتيات القادمات من دول الاتحاد السوفيتي السابقة هن من روسيا وجيكيا ورومانيا وبلغارية والمجر )).
(( أما في ميامي مدينة الاصطياف والاستجمام أو الفساد الجنسي بتعبير أصح فثمة ألوف من الفتيات الشابات من أصل كولومبي ومن نكاراغوا وكوبا في موقع الفريسة في أيدي تجار الرقيق الأبيض وتحت رحمتهم )).
(( ومن الجانب الآخر يقوم كل عام حوالي مئة ألف رجل من الأثرياء الألمان بزيارة لتايلاند في إطار السياحة الجنسية. حيث تدفع الفتيات البالغات ما بين 14 – 15 عاماً من العمر على ممارسة البغاء تحت الضغط والإكراه والحاجة إلى المادة)).
ويقول الكاتب عن الخليج بعد أن دخل في سوق السياحة الجنسية وتجارة الرقيق الأبيض: (( كما أن هناك طائرات تشارتر تجلب المئات من الحسناوات الروسيات إلى إمارة دبي أسبوعياً حيث يمارسن الدعارة )).
(( وحسب ما ورد في هذا التقرير أيضاً بأن مدينتي بومباي وفاس هما المحطتان الرئيسيتان للرجال القادمين من الأراضي السعودية سعياً وراء الجنس )).
ويكتب الكاتب عن الضرر الذي بدأ يلحق بالأسرة في تركيا التي انتشرت فيها هذه التجارة بشكل واسع ويقول: (( لقد تطرقت المجلة في سياق تقريرها عن وضع انتشار البغاء على الصعيد العالمي. على ما هو عليه الحال في تركيا كذلك إذ جاء في التحقيق المذكور. بأن نسبة الطلاق في منطقة البحر الأسود من الأراضي التركية. قد ازداد بنسبة عشرين بالمائة بالقياس إلى الأعوام السابقة. كما جاء في التقرير أيضاً بأنه لم يكن موجوداً ولا فندق واحد في بلدة هوبا قبل ثلاث أعوام أما اليوم فقد تم إنشاء العديد من الفنادق فيها والكثير منها مرتع خصب لمزاولة البغاء )). (( وأضافت المجلة بأن كثير من أولئك الرجال الذين كانوا يزهون بتعليق السلاسل الذهبية الرفيعة في أعناقهم حتى الأمس القريب عادوا الآن يبيعونها في سوق الذهب فيحولونها إلى العملة النقدية في سبيل الفاتنات الروسيات الوافدات للاصطياف في منتجعات تلك الربوع )).
وماذا عن الرجال في تركيا والخليج العربي يقول الكاتب: (( وعلى لسان سائحة روسية تدعى إيرانيا وهي خريجة جامعية. نحن نحلب الرجال الترك بكل ما يملكونه من ثروة مادية كحلب الأبقار؟!. وبالنسبة للرجل الخليجي وخاصة الكويتي الباحث عن الملذات الجنسية الراقية فإن الخدمة وصلت إلى بلاده دون تجشمه عناء السفر إلى الخارج حيث يأتي الوسيط إليه ويتم الاتفاق معه على الثمن ويعرج الكويتي على إحدى المصارف في الكويت ويودع مبلغاً من المال باسم الغانية المطلوبة ثم يقوم بفتح الهاتف إلى صاحب الجهة المسوقة سواء أكان شخصياً أو عبر المترجم فيقول له هالو.. بنجور ميسيو فلان. صديقك الشخص الفلاني وياك من الكويت. أود أن أخبركم. بأنه قد تم إيداع كذا من المبلغ في المصرف الفلاني في الكويت باسم السيدة فلانة العاملة عندكم. وتحت رقم الحساب كذا. وعليه تبعثها إلى طرفنا لمدة كذا من الأيام.)).
وعندئذ بعد أن يتم التأكد من إيداع المبلغ: (( ترى السيدة المدعوة تهبط من الطائرة في الكويت في الموعد المطلوب تلبية للطلب)). - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وهكذا بدأ المال الخليجي رحلة العودة من أوروبا إلى الخليج لبناء الفنادق للسياحة الجنسية تلبية لهذه التجارة المربحة بالبلايين من الدولارات، فهل يستطيع أي جدار سياسي أو أيديولوجي أن يوقفها؟
وهكذا بدأت مطرقة المال الخليجي. وبالتخطيط بالعقل الغربي لهدم الجدران في الشرق الأوسط الأيديولوجي والسياسي والاجتماعي العشائري. كما هدم جدار برلين الأيديولوجي في الغرب. وكما حجزت كوبا وحجزت الصين وكل التجارب السابقة تبرهن أنه لا يستطيع أي جدار أن يقف في وجه المال لا السياسي ولا العقائدي الأيديولوجي ولا العشائري..
إن تعليق طريق الحقيقة على هذه التجارة المربحة للمال تقول:
بين المال ومتعة الرجال ستضيع كرامة المرأة الإنسانية وتتحول إلى إنسانة فقط للمتعة الجنسية. وستطير كافة أحلامها الإنسانية في الأسرة وإنجاب الأولاد والسكن المستقر وامتلاك الأدوات العصرية وحياة الأصدقاء والأهل والأقرباء. وسيضيع كل ذلك من حياتها ولن يبق سوى حديث الجنس والمتعة والمال.
ترى هل يدرك العقلاء الخطر المحدق بالمجتمع الخليجي ومجتمع الشرق الأوسطي بأكمله من خطر المال الخليجي. ولا نعتقد بأن المال الخليجي سيتوقف في بناء الفنادق للسياحة الجنسية في الخليج فقط. بل سوف يمتد إلى كافة الشرق الأوسط.
إن الحلول لمشكلة الشباب الذكر والأنثى لا يمكن أن تحل بهذه الطرق، ولا يمكن لكتب الأموات أن تجد حلولاً لهذه المشاكل التي يجابهها جيل الشباب. بل الحلول تكون في كتب الأحياء، ولكي تظهر كتب الأحياء هذه لا بد من مناخ الحرية أولاً. عندها سيكون لكل المشاكل والقضايا التي تجابه الأجيال حلول بما يتلاءم مع روح العصر مع الاحتفاظ بكرامة الأجيال الإنسانية من الجنسين الذكر والأنثى.
ولنا أفكار للحلول سنوردها في الأخير في مشروع طرح الحل.
4- رأي طريق الحقيقة ودراسة أسباب الأزمات وظاهرة الإرهاب في الشرق الأوسط:
لقد أوردنا آراء وأفكار بعض المفكرين في الأزمات وطرح حلولهم في المقدمة، وها نحن نقدم رأي طريق الحقيقة في هذه الأزمات وأسبابها وظاهرة الإرهاب:
لقد دخلت البشرية بستة ملياراتها مع بداية القرن الحادي والعشرين في مرحلة أزمة قاتلة.
تجابه البشرية أزمتين قاتلتين:
1- الأزمة الاجتماعية، وظاهرتها القاتلة الإرهاب.
2- الأزمة البيئية، وظاهرتها القاتلة تخريب البيئة الطبيعية للإنسان.
1- الأزمة الاجتماعية:
وبالرغم من التطور الحضاري الهائل الذي حصل، ولكن لم يتم ذلك بشكل متكافئ.. فتقدمت شعوب ومجتمعات، وتخلفت أخرى لأسباب كثيرة. لم تعالج هذه الشعوب بالعقل بل عولجت أسباب تخلفها بالأيديولوجيات القديمة. إن البشرية الآن تمر بفترة أزمة اجتماعية خطيرة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً. إن التفاوت الطبقي والتفاوت المعيشي والاضطهاد السياسي والتحجر العقلي بالأيديولوجيات يشمل ثلاثة أرباع الكرة الأرضية. إن هذا التفاوت والاختلاف قد أفرز ظاهرة خطيرة جداً وهي ظاهرة الإرهاب بدأ يصيب ضررها كل المجتمعات المتقدمة والمتخلفة على السواء. ولا يمكن التكهن بنتائجها. فإذا كان ضررها اليوم قتل بضعة آلاف من الناس الأبرياء، فقد يكون غداً محو سكان مدينة كاملة من الوجود.
لقد انتهت الحرب التقليدية التي كانت تجري بين الجيوش على ساحات القتال والجبهات. وبدأت حرباً لم يعد ينفع فيها لا الدبابة ولا الطائرة ولا الصواريخ. لقد تحول الإنسان ذاته إلى الدبابة والطائرة والمدفع وتلك هي المشكلة المعقدة التي ظهرت. إن طرح سياسات خاطئة في التعامل مع هذه الظاهرة قد يؤدي إلى كوارث مرعبة. إن التعامل مع هذه الظاهرة بمنطق الإجراءات الأمنية تؤدي إلى نتائج عكسية. فلا بد من إجراءات عملية وعقلية للتعامل مع هذه الظاهرة. والمنطق العملي والواقعي والعقلي يقول إن القضاء على هذه الظاهرة يقتضي دارسة الأسباب التي أدت إلى ظهور هذه الظاهرة.
وطريق الحقيقة تبين الأسباب التي أدت إلى ظهور هذه الظاهرة هي الأسباب الرئيسية التالية:
1- أسباب سياسية.
2- أسباب عقائدية أيديولوجية.
3- أسباب اجتماعية.
4- التفاوت الطبقي.
5- اضطهاد المرأة في المجتمعات المتخلفة وفقدان حريتها.
2- الأزمة البيئية:
لقد فجر عقل الإنسان ثورة معرفية وثورة علمية وتكنولوجية هائلة ومع تفجير هذه الثورات بدأ هجومه على الطبيعة لم يسبق له مثيل في تاريخ الإنسان منذ أن وجد على سطح هذا الكوكب.
إن إقامة مصانع كيميائية عملاقة واستخدام الطاقة الحاصلة من حرق البترول وضخ دخانها نحو السماء. وإقامة مدن واسعة وتسليط مجاريها على مياه الأنهار والبحار بما تحمله هذه المياه من سموم تلوث المياه وتقتل الحيوانات. إن كل ذلك جرى ويجري بدون حساب. الحساب الوحيد الذي فكر به الإنسان هو مزيداً من الإنتاج نحو مزيد من الربح. أما حياة الإنسان والحيوان والنبات فلا وجود لها في حساب الرأسمال المتوحش. ونتيجة لذلك فلا أحد يستطيع أن يتنبأ ما تنتظره البشرية بستة ملياراتها من تخريب قوانين البيئة الطبيعية.
إذاً هناك أزمتان:
1- أزمة اجتماعية.
2- أزمة بيئية.
ترى.. ما سبب ظهور هاتين الأزمتين وما هي نتائجها على المجتمعات البشرية؟ ولماذا ظهرت ظاهرة الإرهاب من المجتمعات المتخلفة؟
إن طريق الحقيقة لها وجهة نظرها في هذه الأزمة والظاهرة وتطرح رأيها للمفكرين والسياسيين علها قد تنفعهم لدى معالجة هذه الظاهرة الإرهابية.
وطريق الحقيقة تقول:
إن أزمتنا الاجتماعية سواء أكانت سياسية أم اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية تكمن في عدم فهمنا لمقولتين فلسفيتين لدى رسم السياسات المستقبلية في العالم الثالث المتخلف وهما:
1- الوجود الاجتماعي المادي المتحرك (( الاقتصاد )).
2- والوجود الاجتماعي الروحي المتحول عنه (( الفكر)).
ففي العالم المتخلف ونحن في الشرق الأوسط من هذا العالم، يتحرك الوجود الاجتماعي المادي ويبقى الوجود الاجتماعي الروحي ثابتاً.
ترى لماذا يتحرك الوجود الاجتماعي المادي ويبقى الوجود الروحي ثابتاً؟
والسبب هو ثقافي عقائدي وسياسي..
ففي الغرب المتقدم يقرؤون التاريخ ويفهمونه وفق ثقافة كتب الأحياء. وكتب الأحياء يؤلفها الناس الذين يعيشون في هذا التطور التاريخي وهم يتحسسونها ويلمسون كل أدواتها. ويدركون السيكولوجية الاجتماعية الآن. وبالتالي ما يطلبه الناس الأحياء، وما هي طموحاتهم وأهدافهم. وبما أن كتب الأحياء تهمل العقائد الجامدة التي ظهرت لوجود اجتماعي مادي قد فات ومات. وبالتالي يضعون أفكارهم الاستراتيجية أمام السياسيون لرسم أهدافهم وسياساتهم على هذا الأساس. ولهذا ها هم اليوم متقدمين ويتقدمون يوماً بعد يوم.
أما نحن في العالم المتخلف فنقرأ التاريخ الآن وفق ثقافة كتب الأموات ووفق عقائد وأيديولوجيات ظهرت لوجود اجتماعي مادي قد انتهى وجوده.
إن شعوب العالم المتخلف يعيشون مع تاريخهم اليوم ومع كل أدواته بإحساسهم. ولكن بعقولهم يعيشون بثقافة كتب الأموات. ولهذا إن الناس الذين يعيشون اليوم في العالم المتخلف مع تاريخهم الآن لا يفهمون هذا التاريخ. ويعتبرون أن كل شيء جديد قد ظهر وكل تغيير في سيكولوجية الناس الاجتماعية ليست سوى بدعة وكفر وإضعاف للإيمان الروحي. ولذلك هم لم يعد أمامهم سوى التعامل مع التاريخ إلا بالإرهاب، ونتيجة لذلك يزداد التخلف يوماً بعد يوم. إن السبب الثقافي الذي يسيطر على عقول أبناء العالم الثالث جيلاً بعد جيل هو خلو برامجنا التعليمية وكتبنا الثقافية وأبحاثنا الاجتماعية العلمية من هذين المصطلحين وعدم تدريسهما في مدارسنا وفي جامعاتنا للأجيال المتوالدة. ولهذا قد ترك وعياً ثقيلاً على التاريخ يتوارثه جيلاً بعد جيل. ولهذا تجمدت عقول الناس في العالم الثالث، فبدلاً من أن يكون هذا العقل نعمة لنا تحول إلى نقمة علينا. ونعتقد بأننا شعوب العالم المتخلف لا يمكننا أن نغادر حياة الجهل والتخلف الحضاري والسياسي ما لم ندرك بعقولنا هذين المصطلحين بعمق ونجعلهما مادة أساسية في برامجنا التعليمية لنثقف بها أجيالنا. فلنحاول فهم هذين المصطلحين.
إننا في طريق الحقيقة نقدم فهمنا لهذين المصطلحين والعلاقة الأبدية بينهما ونترك البحث عن الحقيقة لآراء غيرنا ليقدموها علنا نصل إلى الحقيقة. ولنبدأ في الشرح ونقول:
لا إنسان بدون تاريخ، ولا تاريخ بدون إنسان حي.
الإنسان يصنع التاريخ. وبنفس الوقت يصنع نفسه وفق هذا التاريخ الذي صنعه. لقد بدأ الإنسان يصنع التاريخ منذ أن غادر حياة القطيع الحيواني واكتمل عقله الواعي ومنذ ذلك الزمان كان الإنسان التاريخي يعيش مع وجودين وهما:
1- وجود اجتماعي مادي (اقتصاد).
2- الوجود الاجتماعي الروحي (الفكر).
وسيظل يعيش إلى الأبد مع هذين الوجودين ما دام هناك إنسان يصنع التاريخ. وما دام الأمر هكذا، ألا يتطلب الأمر منا أن نعي هذين الوجودين ما داما سيرافقاننا اليوم وغداً وفي المستقبل.
إن الإنسان الحي يتغذى بغذائين وهما: غذاء المعدة – وغذاء العقل. ولكونه إنسان حي لا يستطيع أن يعيش بدون هذين الغذائين.
يؤمن الإنسان غذاؤه الأول من الوجود الاجتماعي المادي (الاقتصاد).
ويؤمن الإنسان غذاؤه الثاني من الوجود الاجتماعي الروحي (الفكر).
والعقل الإنساني هو القاسم المشترك لهذين الوجودين.
إن عقل الإنسان يلعب دور المايسترو في فرقة موسيقية كبيرة. وينظم انبعاث الأنغام من الآلات الموسيقية المختلفة. فكلما كان هذا العقل سليماً ومعافاً ومتحرراً من الخوف والحاجة كان هذا العقل مبدعاً وكان انبعاث الأصوات الموسيقية رائعاً تدخل الفرح والبهجة إلى النفوس والسمع. أما إذا كان هذا العقل مريضاً وخائفاً وجائعاً فلا بد أن تكون النتيجة هو انبعاث أصوات موسيقية تشبه صوت الحمار تزعج النفس وتصرع الآذان. إن عقلاً إنسانياً سليماً ومبدعاً، يعني أنه يعيش في وجود اجتماعي مادي متطور وسليم.
ومادام الأمر هكذا وبهذه الأهمية، ترى ما سبب تخلف وجودنا الاجتماعي المادي. الذي يجعل عقلنا جامداً وغير مبدعاً... وبدأ يصدر أصواتاً موسيقية تزعج العالم أجمع الذي تحول إلى قرية كونية؟
ونحن نقول قولنا في الحقيقة، والحقيقة تكمن في ما يلي:
1- كتب الأموات التي يدرسوننا إياها الشيخ والملا والإمام.
2- ثقافة العشيرة والقبيلة التي نتمسك بها باسم الأصالة ونحن نعيش في القرن الحادي والعشرين.
إن هذين العاملين الثقافيين في وجودنا الاجتماعي الروحي والمسيطر على وجودنا الاجتماعي المادي هما السبب في كل ما نعانيه اليوم من تخلف. وتتعامل أجيالنا الشابة مع التاريخ بالإرهاب الذي بدأ العالم يعاني منه. ترى.. هل نكون قد ظلمنا في حكمنا على هذين الوجودين بتحميل المسؤولية الكاملة عليهما ونحن نبحث عن الحقيقة؟ ولنتابع البحث عن الحقيقة:
ثقافة كتب الأموات التي يدرسوننا إياها الشيخ والإمام والملا:
ولنعود مرة ثانية إلى المصطلحين الفلسفيين الوجود الاجتماعي المادي الاقتصادي والوجود الاجتماعي الروحي الفكري ونتعمق فيهم أكثر:
الوجود الاجتماعي المادي يعني الاقتصاد، والوجود الاقتصادي يعني الزراعة والصناعة والتجارة.
والزراعة والصناعة والتجارة في كل زمان لها أدواتها الإنتاجية ووسائلها أي أنها متحركة.
ولكل وجود مادي اجتماعي له وجود اجتماعي روحي.
فكتب الأموات سواء أكانت دينية أو دنيوية والتي لا زلنا نحتفظ بها وندرسها للأجيال المتعاقبة والمتلاحقة هي نفس الكتب التي ظهرت وألغيت لوجود اجتماعي مادي قد انتهى منذ ألف وأربعمائة عام. فعندما ظهرت تلك الكتب كانت أدوات زراعتنا في ذلك الزمان قائمة على طاقة الحيوان كالحمار والبغل والبقرة وكان غذاؤهم حليب الناقة والتمر ومسكنهم كانت خياماً ومساكن مبنية من الطين وسقوف خشبية ووسائل مواصلات تعتمد على طاقة الحيوان. ولباسهم كان من إنتاج المغزل اليدوي، وتجارتهم كانت قائمة على التبادل العيني.
أما من الناحية الاجتماعية فكانت مشاكلهم وقضاياهم في ذلك الزمن متوافقة مع هذا الوجود الاجتماعي المادي.
وعلاقتهم مع المرأة والتي هي نصف المجتمع نابعة عن هذا الوجود الاجتماعي المادي. وبالتالي إن كتب ذلك الزمان قد عالجت تلك العلاقات والمشاكل والقضايا وفق وجودهم الاجتماعي المادي في ذلك الزمن. ثم تطور الزمن ومر وتطور التاريخ الذي يصنعه كل جيل حي. ومع هذا التطور كان لكل مرحلة تاريخية كتبها التي تعبر عن تلك القضايا والمشاكل والعلاقات. ويهمل الجيل اللاحق كتب الجيل السابق ويضعه في متاحف التاريخ. ولهذا نرى أنه من المستحيل إرجاع أي وجود اجتماعي مادي إلى الوراء. إن من يقرأ الآن تلك الكتب القديمة التي يلقنوننا إياها الملا والشيخ والإمام نرى أن الحصان والجمل والبغل والحمار والبقرة لهم مكانة هامة في تلك الكتب القديمة وكانوا على حق لأنه كان من المستحيل في ذلك الزمن أن يعيش الإنسان بدونهم فقد كانت تمدهم بالطاقة والغذاء. وبنفس الوقت كان من المستحيل على أصحاب هذه الكتب القديمة أن يدركوا بعد ألف وأربعمائة عام من التاريخ مشاكل وقضايا وسيكولوجية إنسان القرن الحادي والعشرين. ولهذا لم نقرأ في تلك الكتب أسماء السيارة والطيارة والقطار والخلوي والباخرة والكمبيوتر والتلفزيون. ولم نقرأ أسماء أدوات الزراعة كالجرار والحصادة ولم نقرأ في تلك الكتب أسماء أدوات الحرب الآن مثل الدبابة والمدفعية والصاروخ وحاملات الطائرات والخ... ولم نقرأ في تلك الكتب أخبار بورصات المال.. ولم نقرأ في تلك الكتب عن مشاهدة جسم المرأة وهي عارية وتمارس الجنس مع الرجل في التلفزيون وتبث هذه الصور بواسطة الأقمار الصناعية إلى العالم أجمع. ولم نقرأ عن النساء وهنَّ يمارسن الرقص ويشربن الخمر مع الرجال. وهن مشتركات في فرقة رقص وغناء على طريقة الفيديو كليب.
ومما لا شك فيه إن كل هذه الأدوات والأشياء وهذه الممارسات التي نراها اليوم في وجودنا الاجتماعي المادي والتي لم نقرأها في كتب الأموات ستخلق مع إنسان اليوم (الذكر أو الأنثى) سيكولوجية اجتماعية تختلف كلياً عن سيكولوجية ذاك الزمن.
والسؤال الذي لا بد منه: كيف يمكن معالجة قضايا ومشاكل وسيكولوجية إنسان اليوم بثقافة هذه الكتب. التي يدرسوننا إياها الشيخ والملا والإمام كل يوم خمس مرات؟ والمصيبة التي نعيشها نحن الأحياء اليوم نعتبر الشيوخ والملالي والأئمة أن كل كلمة في تلك الكتب مقدسة وغير قابلة للنقاش والاجتهاد. والنقاش والاجتهاد محصور بالملالي والمشايخ والأئمة. ولكي تكون مجتهداً ومناقشاً في هذه الكتب عليك بتوفير الشروط التالية: يجب أن يكون لك عمامة كبيرة، وأن يكون لك ذقناً طويلاً وجلباب أبيض ومسبحة طويلة بالإضافة إلى الطقوس. فمهما يكن علمك وشهادتك ووعيك فلا قيمة لذلك، ويجب أن تقبل بكل ما يقوله الشيخ والملا والإمام على أنها الحقيقة. فإذا لم تكن تلك الشروط متوفرة فيك، فستكون كافراً وملحداً تستحق القتل.
وهنا أصحاب ثقافة كتب الأموات أمام إحدى الحلين في تعاملهم مع التاريخ:
1- الحل الأول: إما أن تقوموا بتحطيم كل التكنيك الذي أبدعه العقل البشري من الكفار سواء أكان تكنيكاً إعلامياً أو ترفيهياً أو تكنيكاً إنتاجياً بغية المحافظة على القيم والمثل الاجتماعية العليا التي كان الناس يؤمنون بها منذ ألف وأربعمائة عام والسيكولوجية الاجتماعية. ثم نرجع إلى المحراث الخشبي والمنجل ومطرقة الحداد وإلى ركوب البغل والحمار والحصان والجمل وإلى قصص الحكواتي عن عنتر وعبلة وأبي قيس الهلالي وأحاديث النانة (التيته) وإلى السكن في الأكواخ والخيم. وإلى شرب حليب الناقة وأكل التمر وإلى حجاب الشيخ والإمام لشفاء أمراضنا وإلى ضوء الفانوس والسراج. ثم نحرق كل كتبنا الفلسفية والعلمية التي تعطي المعرفة. وإلى لف المرأة بالعباءة والملحفة والبرقع لعله يرضى علينا الله ويدخلنا الجنة ونتجنب نار جهنم. ونلقن أجيالنا مزيداً من ثقافة كتب الأموات الذين يعيشون في القرن الحادي والعشرين.
2- الحل الثاني: وإما أن نترك العقل الإنساني كي يبدع ما يشاء ويؤلف ما يشاء من الكتب العلمية الجديدة مع مرور كل يوم جديد. ونترك الحلول للقضايا والمشاكل التي تظهر مع كل جيل لكتاب ومفكري ذلك الجيل الحي.
وإن العلماء والمفكرون الأحياء هم أدرى من الأموات بما يعانيه الجيل الحي، لقد مارس الأموات حريتهم الاجتماعية والإنتاجية والفكرية والثقافية وفق ما كانوا يعيشونها في وجودهم الاجتماعي المادي في ذلك الزمن وكان لهم كتبهم بأفكارها وحلولها بذلك الوجود الاجتماعي. وبموتهم ماتت معهم كتبهم ووجودهم الاجتماعي المادي والروحي معاً.
أما أن يكون لنا مرشدين ومعلمين لكتبهم ونحن نعيش في القرن الحادي والعشرين فتلك هي المصيبة الكبرى التي حلت بنا في الشرق الأوسط. بأممه الأربعة ولا زلنا نخض الماء بالماء ولا نحصل على الزبدة.
إن مصيبتنا في الشرق الأوسط بأممه الأربعة لم ندرك قيمة قراءة التاريخ، هذا التاريخ المتحرك بجانبيه المادي والروحي. الذي يصنعه الإنسان الحي ذاته. فكل جيل إنساني حي يصنع تاريخه ويصنع ذاته. وما دام هو من يصنع تاريخه وهو يدرك كيف صنع تاريخه وما نتج عنه من مشاكل وقضايا وتناقضات وهو بالذات يعرف كيف يعالج تلك القضايا والمشاكل والتناقضات بمقياس الحاضر الحي الذي يعيشه، أما أن يحل هذه المشاكل والقضايا والتناقضات بمقياس الماضي، فتلك هي المصيبة الكبرى التي حلت بنا وأصبح الإرهاب يسيطر على عقولنا. ولا نعرف كيف نخرج منه.
إن الأمم الأربعة العربية والفارسية والتركية والكردية في الشرق الأوسط تعيش حالة تراجيدية وكوميدية مضحكة ومبكية الآن. وهم في بداية القرن الحادي والعشرين، وإننا نلقن ثقافة كتب الأموات وندرسها لأجيالنا الحية ونحرق كتب الأحياء. و نمنع نشرها خوفاً من الحقيقة.
إن قراءتنا للتاريخ في الأمم الأربعة هي واحدة. وهي أننا نعتقد بأن التاريخ ثابت خلق لمرة واحدة بوجوده الاجتماعي المادي ووجوده الاجتماعي الروحي وسيستمر إلى الأبد. وإن لعمري كان ذلك نهاية التاريخ..!!
كل منابر التعبير في الجوامع والمدارس والجامعات والإعلام المقروء والمسموع والمرئي مسموح للتعبير لأصحاب ثقافة كتب الأموات وآرائهم في كيف نعيش الآن مع بعضنا البعض بقيم ومثل عليا ووفق ما ورد في كتب الأموات.
إننا نقتل المؤلفون والكتاب الأحياء ونحرق كتبهم أو ندخلهم السجون المظلمة العفنة عشرات السنين لا يخرجون منها إلا موتى أو كسحين أو مصابين بأمراض خطيرة. نتهم كل المفكرون والكتاب الأحياء والذين يبحثون عن الحقيقة لكشفها وقولها لينيروا درب شعوبهم وهم سائرون نحو المستقبل، بالكفر والزندقة والخيانة والعمالة والانفصالية والخطر على أمن الدولة الخ...
نقتل العقل الحي المستنير والمبدع ونحي العقل الميت والنتيجة التي حصلنا عليها حتى نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين هو الجهل والتخلف السياسي والاقتصادي والاجتماعي والحضاري. وظاهرة الإرهاب وأصبحنا عالة على العالم المتحضر. لقد تسببت ثقافة كتب الأموات التي ظهرت بوجود اجتماعي مادي منذ ألف وأربعمائة عام لنا وأصابت مجتمعاتنا بأمراض خطيرة لا يمكن معالجتها إلا بثقافة كتب الأحياء، ومن أشد هذه الأمراض، نورد هنا ثلاثة أمراض خطيرة ونرى نتائجها على مستقبل الأجيال القادمة وهي:
1- السيكولوجية السياسية المكبوتة.
2- السيكولوجية الجنسية المكبوتة.
3- سيكولوجية الخوف من المستقبل.
وظهرت نتائج خطيرة من هذه العوامل الثلاثة وهي ما كتبت عنها والآن نوجزها مختصراً:
1- السيكولوجية السياسية المكبوتة - نتيجتها الإرهاب.
2- السيكولوجية الجنسية المكبوتة – نتيجتها هجرة الشباب للبحث عن الجنس والعنوسة.
3- سيكولوجية الخوف من المستقبل ونتيجتها الإصابة بأمراض نفسية.
5- رأي طريق الحقيقة ومشروع الحل:
تجابه البشرية بستة ملياراتها مع بداية القرن الحادي والعشرين أزمتان كما بينا سابقاً وهما:
1- الأزمة الاجتماعية وأخطر ما في هذه الأزمة ظاهرة الإرهاب. الذي بدأ يفتك بأرواح الألوف من الناس الأبرياء.
2- والأزمة البيئية وربما تكون أخطر من الأزمة الاجتماعية، قد تقضي على الجنس البشري بأكمله على سطح هذا الكوكب. وهناك دلائل كثيرة ومؤشرات تدق ناقوس الخطر.
ترى ما هو الحل لمجابهة هاتين الأزمتين؟
إذاً البشرية بأكملها في ورطة...
ونحن في طريق الحقيقة غير متشائمين بل متفائلون للمستقبل..
هناك حلّين للأزمة الاجتماعية والبيئية:
1- حل وطني وإقليمي.
2- وحل أممي.
إن الحل الوطني والإقليمي مستحيل! ولا يرجى منه خيراً..
والحل الأممي هو الاستراتيجية الصائبة أمام البشرية لحل الأزمتين.
ترى لماذا الحل الإقليمي والوطني مستحيل؟ والحل الأممي صائب؟!
فلا بد من توضيح ذلك كي يحظى بقناعة الناس...
1- الجواب عن السؤال: لماذا الحل الوطني والإقليمي مستحيلاً وهو الآتي:
يحكم الآن مصير البشرية نوعان من اللصوص:
1- لص إرهابي.
2- لص ظريف.
الحل الوطني والإقليمي يحكمه اللصوص الإرهابيون.
أما الحل الأممي يحكمه اللصوص الظرفاء.
والحل يكمن في إزالة حكم اللصوص الإرهابيون والظرفاء من مصير البشرية. إن إزالة حكم اللصوص الإرهابيين أمر مستحيل في الحلول الوطنية والإقليمية. ويمكن إزالة اللصوص الظرفاء في الحل الأممي.
وقد يسأل سائلاً ما هو البديل لحكم اللصوص؟ ونحن نقول البديل هو حكم إرادة الشعوب في تقرير مصيرها.
ولكن كيف ذلك؟ وكيف يمكن تحقيقه؟ هذا ما نريد شرحه وطرح مشروعنا للحل.
ترى ما هو الفرق بين حكم اللصوص وإرادة الشعوب. فلا بد أولاً من تعريف اللص الإرهابي واللص الظريف.. ولكن لا بد أولاً من تعريف اللص سواء أكان إرهابياً أو ظريفاً.
اللص: حرامي والحرامي يعني إنسان طفيلي يعيش على سرقة مال الغير. واللص يأتي ويسرق خلسة أو علناً، وبهذا المال يأكل ويلبس ويسكن ويشتري سيارة وكل ما أبدعه العقل البشري من تكنيك من أجل الراحة والرفاهية.
اللص الإرهابي: يأخذ مال الآخر علناً وبالإرهاب.
أما اللص الظريف: فيأخذ مالك خلسة بدون أن تشعر به.
اللص الإرهابي لص فظ يتكلم معك بحذائه.
واللص الظريف يأتي إليك مبتسماً ويلاطفك ويعطيك كلاماً معسولاً تشعر وكأنك تقابل ملاكاً.
واللص الإرهابي لا يأخذ منك مالك فقط بل كل ما تملكه من مالك وعرضك ولسانك وعقلك وعقارك وأرضك وروحك هي ملك للص الإرهابي، لا خيار أمامك في معارضته، إما القبول وإما تسليط نار المخابرات عليك. فيحرقك حرقاً ويحولك إلى رماد.
ترى كيف تم حتى الآن معالجة الأزمتين الاجتماعية والبيئية من قبل اللصوص وفق الحل الوطني والإقليمي؟
1- الحل الوطني والإقليمي:
الحل الوطني:
بين فينة وأخرى نسمع في دول العالم الثالث أن مجلس الوزراء اجتمع. وتدارس الوضع المعاشي والاجتماعي في الوطن واتخذ قرارات هامة ثم يطلع الوزير المختص على الناس فيقول للناس لقد تم تدارس الوضع في مجلس الوزراء واتخذت القرارات اللازمة لحل المشكلة فتمضي أيام وأشهر وسنين وتزداد المشكلة تعقيداً، فإذا كان الناس يشكون من انقطاع الكهرباء أو الماء أو تزفيت الشارع أو فقدان الغاز أو غير ذلك.. يقول لك الوزير كل ذلك تم تداركه واتخذت فيه القرارات والأمور جارية لحل هذه المشاكل والقضايا. وإذا كان الموظفون يحتاجون إلى زيادة رواتبهم فيقول لك الوزير: ها هو مجلس الوزراء اتخذ قراراً بزيادة نسبة 20% من الرواتب، وفي اليوم التالي مباشرة تزداد ارتفاع الأسعار بنسبة 40% أي يضعون في جيوب الموظفين 20% ويأخذون من الجيب الثاني 40%. وهكذا تسير الأمور وسارت منذ قرن كامل. إن الشيء الوحيد الذي يشغل البال في دول لصوص الإرهاب هو الحفاظ على السلطة، لسرقة المال العام وعلى عينك يا تاجر تعمر القصور الفخمة وتنشئ المزارع الخضراء وتودع المبالغ الهائلة في البنوك الأجنبية.
وتبقى الأزمة الاجتماعية والبيئية وتزداد أكثر يوماً بعد يوم.
الحل الإقليمي:
نسمع بين الفينة والأخرى أيضاً اجتماعاً بين دولتين جارتين أو مؤتمراً إقليمياً بين أكثر من دولتين، لحل الأزمة الاجتماعية والبيئية، ثم يأتي نهاية الاجتماع أو المؤتمر ببيان فيه وعود وأحلام بحل الأزمتين وتمضي الأيام والأشهر والسنين وتدوم الأزمتين ويستمر سلب المال العام من قبل اللصوص الإرهابيين.
لقد أبدع اللصوص الإرهابيون إبداعاً جديداً بأن غيروا لباسهم العلماني وألبسوا أنفسهم اللباس الإسلامي، ثم بدؤوا يعقدون المؤتمرات باسم المؤتمر الإسلامي. أو باسم مؤتمر الوحدة الإسلامية. بغية حل الأزمتين الاجتماعية والبيئية إقليمياً. ثم تكون النتيجة هي إصدار بيانات وقرارات غايتها خداع الشعوب وتضليلهم. وتبقى سرقة المال العام من قبل اللصوص الإرهابيين مستمرة. وتبقى الأزمتان الاجتماعية والبيئية مستمرة.
وهكذا يكون الحل الوطني والإقليمي سواء أكانت علمانياً أو إسلامياً أمراً مستحيلاً وذلك للأسباب التالية:
إن القرش الحرام الذي سرقوه اللصوص الإرهابيين والذين استولوا على السلطة السياسية وتغذوا بهذا القرش الحرام. وربوا أولادهم بهذا القرش الحرام. وعمروا قصوراً وأنشؤوا مزارعاً وأودعوا أموالاً هائلة في البنوك الأجنبية. وتحميهم أجهزة أمنية هائلة. وكل ذلك يجعل من حل الأزمتين الاجتماعية والبيئية وطنياً وإقليمياً أمراً مستحيلاً.
والحل يكمن في الحل الأممي:
2- الحل الأممي:
لقد قلنا إن العالم اليوم يحكمها لصان: لص إرهاربي وطني وإقليمي ولص ظريف أممي. واللصوص الاثنين جوهرهما واحد وهو سرقة المال، ولكن يختلفان في شكلهما ووعيهما.
اللص الوطني والإقليمي لص غبي. واللص الأممي لص ذكي.
واللص الذكي يحكم اللص الغبي.
واللص الذي يهيمن على العالم بيده مفاتيح الحل والربط. مصدر رزقه في سرقة المال هو اللص الغبي المستلم مصير الوطني والإقليمي. ليس هناك لص وطني وإقليمي في العالم الثالث وصل إلى السلطة إلا وأخذ الضوء الأخضر من اللص الذكي المهيمن على العالم. وسيبقى اللص الوطني والإقليمي في مركزه ليسرق ما دام هو مطيعاً لأوامر اللص الظريف. وحالما يتمرد على معلمه يبدأ المعلم بإزالته من الوجود. يختلف اللص الذكي في أسلوب حكمه لشعبه فهو لص ذكي ويحترم إرادة شعبه، ولا يستلم السلطة إلا بإرادة شعبه، ويحرص كل الحرص على حرية شعبه ويقدم لشعبه كل الضمانات الاجتماعية ولا يقبل لأي فرد من مجتمعه أن يقول آخ ويشكو من ألم. ويحرص كل الحرص على حرية التعبير لشعبه مهما يكن نوعها، ولكن من أين يأتي بكل هذا المال ليقدم كل هذه الضمانات لشعبه؟ وهنا يكمن السر.
فاللص الغبي الذي عينه ووصله إلى السلطة هو مصدر المال، فيتقاسم اللصان الغبي والذكي في سرقة المال العام في العالم الثالث، اللص الغبي يعمر فيه قصوراً ومزارع ويمارس الجنس مع النساء الجميلات في قصوره ومزارعه، واللص الظريف يبيع منتجات الشركات الرأسمالية العملاقة في سوق اللص الغبي الذي يسيطر عليه ويحصل منه على المواد الخام لتغذية الآلة الصناعية في سوقه. ويقدم اللص الذكي للغبي بنوكه ليؤمن فيه ماله المسروق، وبهذا المال يقدم الضمانات الاجتماعية لشعبه، وهكذا يتم سرقة المال العام في العالم الثالث المتخلف، ويتم التنسيق من وراء ظهر الشعوب بين اللصوص الأذكياء في العالم المتقدم واللصوص الأغبياء في العالم المتخلف. لقد تم سرقة المال العام بأكمله من العالم المتخلف وساد الفقر والجهل والتخلف الاجتماعي والثقافي وضاعت الكرامة الإنسانية من الرجل والمرأة. ولم يبق أمام الأجيال الأحياء سوى الإرهاب. ليقتلوا أنفسهم ويقتلوا الأبرياء في العالمين المتقدم والمتخلف على السواء. لقد تحولت شعوب العالم المتقدمة والمتخلفة ضحية لسرقة المال العام من قبل اللصوص الأغبياء والأذكياء معاً.
6- مؤتمر اللصوص الأذكياء وحلولهم للأزمتين:
وللصوص الأذكياء أيضاً مؤتمراتهم لمحاولة خداع الرأي العام العالمي والتستر على لصوصيتهم. ونحن هنا ننقل إلى القراء الكرام أخبار المؤتمر الأخير للصوص الظرفاء وقراراتهم التي اتخذوها ونترك التحليل والتعليق وكشف الحقيقة للقراء الكرام:
لقد انعقد مؤخراً اجتماع اللصوص الظرفاء الثمانية الكبار الذين يقفون في قمة التطور الحضاري الاقتصادي الآن في العالم في اسكوتلندا بتاريخ 2005م وكانت النتيجة كما يقول المثل الدارج: (( تمخض الجبل فولد فأراً )) والقرارات التي اتخذوها ونشرتها وسائل الإعلام هي:
1- تخصيص مبلغ 50 مليار دولار لمساعدة الدول الفقيرة لحل الأزمة الاجتماعية.
2- مكافحة مرض الإيدز.
3- دراسة الوسائل لإزالة الضرر الذي لحق بالبيئة، لحل الأزمة البيئية، وفي الوقت الذي تم اتخاذ القرارات في المؤتمر وحتى قبل أن تعلن للملأ سبقت مطرقة الإرهاب إعلان المؤتمر لقراراته وضربت ضربتها المدوية في لندن لتهز ليس فقط تلك المدينة التي لها باع طويل في رسم السياسات العالمية، وما لحق بالشعوب من تخلف حضاري ولها باع طويل في رسم الخارطة السياسية في العالم. وخلطت الحابل بالنابل وسمحت لشعوب المنطقة بالتمتع بالسيادة السياسية على الأرض وحرمت شعوباً بأكملها ووزعت أرضها على الغير وحولتهم إلى عبيد مستعمرين بغية بقاء التوتر سائداً بين هذه الشعوب للاستفادة منها لاحقاً، لقد نسي الغرب الاستعماري حكمهم الاستعماري للشرق وأفريقيا وأمريكا.
لقد مارسوا الظلم والقهر والإكراه وسلب مال هذه الشعوب ثم رحلوا وتم تكليف تلاميذهم الذين تحولوا إلى لصوص أغبياء ليكملوا البقية الباقية على هذه الشعوب.
إن غايتنا في هذه المقدمة ليس محاكمة التاريخ، لأن ذلك مستحيل ولا فائدة منه، ولا يحل أزمتنا الاجتماعية والبيئية التي نعاني منها اليوم. ولا نستطيع أن نحمل المسؤولية لما نعانيه اليوم من التخلف والإرهاب للساسة الغربيين اليوم بما ارتكبه آباؤهم وأجدادهم الاستعماريون من المظالم والقهر والنهب والسلب لأموال الشعوب الفقيرة. ولا لآبائنا وأجدادنا الأغبياء. إن آباء وأجداد الساسة الغربيين اليوم وآباؤنا وأجدادنا نحن في الشرق قد ماتوا ولن يعودوا. إن الذي حصل تاريخياً من التخلف لنا والتقدم لهم قد خلق ظاهرة الإرهاب، ونحن نتحمل مسؤولية هذه الظاهرة بنسبة تسعون بالمئة. والغرب بنسبة عشر بالمئة. والسبب في توزيع هذه النسبة هي الآتي:
أ?- إن آباء وأجداد الغربيون من المفكرون والفلاسفة كانوا أذكياء وكان اجتهادهم وتفسيرهم للواقع التاريخي المعاش من كتب الأحياء.
ب?- ونحن آبائنا وأجدادنا من الأدباء والمفكرون والفلاسفة كان اجتهادهم وأفكارهم وتفسيرهم للواقع التاريخي المعاش من كتب الأموات الذين سبقوهم.
فكانت النتيجة تقدمهم وتخلفنا.. والطبيعة لا تتحمل الفراغ، فكان عندنا فراغ فجاؤوا هم وملؤوا الفراغ. وهذه قاعدة علمية ولا يمكن لأي أحد أن ينكرها أو يناقضها. هذا هو التحليل التاريخي للوجود الاجتماعي المادي والوجود الاجتماعي الروحي.
أما وجودنا الاجتماعي المادي والروحي ونحن في بداية القرن الحادي والعشرين هو كالآتي:
هناك أشياء وأدوات كثيرة قد تغيرت. وهناك أيضاً مفاهيم ومصطلحات وعقائد ونظريات قد ماتت ولا يمكن إحياؤها. لقد تحولت الكرة الأرضية إلى قرية كونية صغيرة ولم يعد التقسيم الجغرافي موجوداً إلا في مخيلة الناس المصابين بالأمراض النفسية. أو الناس الذين ارتبطت مصالحهم الشخصية بذلك التقسيم القديم. إن مفهوم الشرق والغرب والشمال والجنوب قد انتهى. إن مفهوم هذا أبيض وذاك أسود وهذا أسمر وذاك أصفر قد انتهى ومات. وإن مفهوم هذا رجل وتلك إمرأة قد انتهى. لا فضل لأبيض على أسود ولا أصفر على أسمر ولا رجل على إمرأة، كلهم متساوون في الحقوق الإنسانية. وإن مفهوم هذا مسيحي وذاك مسلم وهذا بوذي وذاك يزيدي الخ... قد مات وانتهى. وإن مفهوم هذا عربي وذاك تركي وآخر فرنسي وإنكليزي وذاك كردي...الخ قد مات وانتهى. والبديل لكل هذه المفاهيم هو الإنسان الكوني العالمي، كل إنسان في هذه الكونية له حق وعليه واجبات لم يعد للدساتير والقوانين والعقائد والنظريات التي تمنح الحقوق على أساس اللون أو الدين أو المذهب أو العرق له قيمة. كلها ماتت. وإن من يتمسك بها ينطح رأسه بالجبل. لم يعد هناك أمام البشرية حل لحل الأزمات الاجتماعية والبيئية إلا حل واحد وهو الحل الأممي المبني على المساواة في الحقوق والواجبات ضمن هذه القرية الكونية. ولكي يكون هناك عدل فلا بد أن يكون لسكان هذه القرية الكونية نظام حقوقي واحد على أساس إنساني وجميع النظم الحقوقية السابقة التي كانت مبنية على الدين أو المذهب أو القومية أو العرق أو اللون أو الجنس ماتت ولم يعد لها وجود ولا تخلق العدل والمساواة في الحقوق. ولا تخلق الأمن والسلم والاستقرار بين الناس. ولكي يكون هناك نظام حقوقي إنساني لا بد أن يكون هناك نظام سياسي واحد يراعي هذه الحقوق، وهو النظام الديمقراطي. إن جميع الأيديولوجيات الدينية والقومية والاشتراكية قد ماتت وإن التمسك بها يعني التمسك بالتناحر وفقدان الأمن والسلام بين بني البشر.
أما المال العام الذي هو كد وثروة الشعوب فلا يمكن ضبطها إلا في ظل النظام السياسي الديمقراطي والمنهج الديمقراطي في تداول السلطة. ولا يمكن التخلص من سلطة اللصوص الإرهابيين والظرفاء إلا بالمنهج الديمقراطي في تداول السلطة.
وعندما يتم ذلك ستدخل البشرية مرحلة جديدة من الحياة الإنسانية على أساس العدل والمساواة في الحقوق والواجبات في هذه القرية الكونية، وسيكرس كل المال العام لخدمة رفاهية وتطوير الشعوب بدلاً من رفاهية اللصوص. لقد حدثت تغييرات جذرية في هذه القرية الكونية ولم يعد هناك جزء أو كل. إن أي أزمة أو مرض يصيب الجزء سينتقل إلى الكل. إن ملايين من الآسيويين والأفريقيين هاجروا إلى الغرب وامتزجوا بالمجتمعات الغربية واستوطنوا هناك وأخذوا حق الجنسية والمواطنة. وبالمقابل يأتي مئات الألوف من السواح والخبراء الغربيون يأتون يومياً إلى الشرق وأفريقيا سواء أكانوا سواح لمشاهدة الطبيعة أو سواح السياحة الجنسية. وهذا يعني أن أي تفجير لقنبلة سواء أكانت قنبلة عادية أو كيماوية أو بيولوجية وفي أي مكان من العالم سيقضي على أرواح مئات الألوف من البشر من مختلف الجنسيات والألوان والعقائد والأيديولوجيات. ولهذا نرى أن المال الذي تم سرقته من قبل اللصوص الإرهابيين والظرفاء ورفاهيتهم ليس مقدساً أكثر من أرواح المئات والألوف من الأبرياء الذين يموتون ولا ذنب لهم ولا علاقة لهم بالسياسة. فلماذا تتم التضحية بحياتهم من أجل رفاهية وسعادة هؤلاء اللصوص وبناءاً على ما قدمناه من شرح وتوضيح وتشخيص للأمراض التي أصابت البشرية من السياسة التي مارسها هؤلاء اللصوص.
7- نقدم مشروعنا للحل وفق هذه الظروف الموضوعية والمستجدات التاريخية:
ونرى أن المشروع الأممي هو الطرح الصائب في حل هذه الأزمات ويتضمن مشروعنا للحل الأممي البنود التالية:
1- إن هيئة الأمم المتحدة وهو المكان المناسب لحل كافة القضايا القديمة المتراكمة والمستجدة التي تهدد الأمن والسلام والاستقرار العالمي.
2- يحتاج هذا الحل إلى توفير العوامل التالية:
أ?- توفير النية في إيجاد الحلول بهدف تحقيق الأمن والسلام والاستقرار بين الشعوب.
ب?- توفير النية في الحرص على سلامة البيئة.
ت?- التخلي عن السياسات البراغماتية التي تتحكم بها القوى الاقتصادية الكبرى وتبني الموقف المبدئي بدلاً من ذلك.
ث?- الاحتفاظ بهيكلية الأمم المتحدة مع تغيير ميثاقها الذي وضع في القرن العشرين والذي تجاوزه الزمن والذي لا يتلاءم مع المستجدات التاريخية وبالتالي يسبب هذا الميثاق تعقيد القضايا بدلاً من حلها.
والتغيير الذي نراه مناسباً لهذا الميثاق هو الآتي:
1- الالتزام المبدئي بحق تقرير المصير للفرد والشعوب وعدم خضوعه للبراغماتية للقوى الكبرى في حل كافة قضايا الأفراد والشعوب التي لم يسمح لها في تقرير مصيرها ولا زالت تخضع للاستعمار وهذه الشعوب هي:
الشعب الفلسطيني – الشعب الكردي – الشعب الكشميري – الشعب الشيشاني – الشعب العربي في تركيا وإيران – الشعب الأمازيغي في الجزائر.
2- منح حقوق المواطنة المتساوية والثقافية لكل الأقليات حيث ما وجدت والمساواة في الحقوق والواجبات في كل مجالات الحياة.
3- حرية الاختيار والممارسة للدين والمذهب والحزب والعقيدة وحرية التعبير.
4- طرد كل الحكومات التي لم تنتخب من قبل شعوبها على أساس الثقافة والآلية الديمقراطية والتعددية.
5- لا يجوز قبول أي دولة في الأمم المتحدة ما لم تكن السلطة السياسية منتخبة من الشعب وذات دستور دائم حظي بموافقة الشعب ووفق مبادئ حقوق الإنسان.
6- التزام بفلسفة حقوق الإنسان في الحقوق والواجبات كشرط ملزم لكافة الحكومات التي تريد الانضمام إلى الأمم المتحدة.
7- تدمير كافة الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية ذات التدمير الشامل ومنع أية دولة من إنتاجها.
8- عدم التمييز بين الرجل والمرأة في منح الحقوق والواجبات ومساواتها التامة مع الرجل في كل نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية.
هذه هي البنود الثمانية التي نراها ضرورية وهامة والباب مفتوح لإضافة ما يراه الخبراء القانونيين والساسة بما يخدم الأمن والسلام والعدل العالمي. والسؤال الذي يمكن أن يسأل: ترى هل ما نطرحه من مشروع للحل موضوعي وعملي وشامل وعادل يمكن تحقيقه أم طوباوي لا يمكن تحقيقه؟ ونترك الحرية لكل الباحثين والمفكرين عن الحقيقة كي يدلوا بآرائهم سواء أكان سلباً أم إيجاباً. ونحن في طريق الحقيقة بما أننا لا نملك الحقيقة الكاملة فقط نريد أن ندلي برأينا كوننا جزء من هذا العالم.
ولنوضح رأينا أكثر معتمدين على ما جرى في نيويورك وواشنطن ومدريد وفي الشيشان ولندن والعراق ومصر والسعودية والأماكن الأخرى من قتل الأبرياء، لا يشك أحداً في أن كل هذه الأعمال هي إرهابية ومدانة لا يمكن لأي إنسان ذو ضمير حي أن يقبلها. وليس هنا تكمن المشكلة، بل تكمن المشكلة في السؤال التالي: من الذي تسبب في ظهور هذه الظاهرة الإرهابية، ومن يتحمل مسؤوليتها كي يقدم للعدالة ويحاكم؟
ليس المهم أن نعتقل الناس بتقديمهم إلى العدالة.. بل المهم أن نسأل لماذا ارتكبوا هذه الأعمال الإرهابية؟. ومن هم الذين خلقوا هذه الظاهرة؟ ترى من هم المجرمون الذين تسببوا بقتل كل هؤلاء الأبرياء في الأماكن المذكورة؟. هل هم الإرهابيون الذين نفذوا هذه الجريمة؟. أم الذين خلقوا هؤلاء الإرهابيون؟. ونحن نقول إن المسؤولية تقع على السياسات الغير عادلة والتي مارسها اللصوص الإرهابيون واللصوص الظرفاء على السواء. فإذا كنا قد خرجنا عن المألوف وسميناهم باللصوص لأن قلبنا محروق على كل قطرة دم أسيلت من الناس الذين قتلوا من الأبرياء الذين لا ذنب لهم وأصبحوا ضحية لهؤلاء اللصوص الذين لا هم لهم سوى سرقة المال العام من أجل رفاهيتهم الشخصية على حساب تدمير الشعوب بأكملها. ونحن الشعوب في الشرق الأوسط وخاصة النخبة المثقفة تتحمل نصف المسؤولية عما حدث ويحدث وذلك وفق العوامل التالية:
1- إن ثقافتنا التي ربينا أجيالنا عليها هي ثقافة كتب الأموات ولم ندرك قيمة الشرط التاريخي ولم نتعلم من كتب الأحياء، بل قتلنا الأحياء وكتبهم للحفاظ على كتب الأموات.
2- لم نستوعب الثقافة الديمقراطية ولم نستوعب المنهج الديمقراطي في تداول السلطة السياسية ولم ندرك أن الثقافة الديمقراطية والمنهج الديمقراطي في السياسة هي الوحيدة التي يمكن أن تخلصنا من الجهل والفقر والذل والخوف من المستقبل ومن حكم اللصوص. ويخلصنا من الحاضر المأزوم ويجعلنا نفهم قيمة العلم.
3- لقد اتخذنا الأيديولوجيات الدينية والقومية والماركسية كصنم للعبادة وكانت النتيجة بناء إنسان قاسي وإرهابي يعتبر كل مخالف لرأيه ولا يخضع لإرادته كافراً وخائناً وبرجوازي مستغل. وكانت النتيجة لهذه الثقافة أجيالاً إرهابية سواء أكانوا في السلطة أم في المعارضة، لم نفهم سوى لغة الإرهاب للتفاهم مع بعضنا البعض. لقد فقدت لغة الحوار والتوافق بيننا بل السائد هو شريعة الغاب. هذه الأيديولوجيات خلقت لدينا إنساناً مكبوتاً سيكولوجياً سياسياً وغرائزياً وفكرياً لا يستطيع أن يعبر عنها. هذه الحالة النفسية انقلبت إلى نار يغلي في داخله الحقد والكراهية للآخر ولا أحد يستطيع أن يتنبأ في أي مكان وفي أي زمان أن ينفجر ليحرق الأخضر واليابس.
8- مسؤولية الغرب في ظاهرة الإرهاب:
أما مسؤولية الغرب بصورة عامة وأمريكا وإنكلترا وفرنسا بصورة خاصة تكون كالآتي: إن السياسة البراغماتية التي اتبعها الغرب في التعامل مع الشرق الأوسط هي التي أنتجت الإرهاب في الشرق الأوسط. إن استخدام الأيديولوجية الدينية والقومية في الشرق الأوسط ضد الأيديولوجية الماركسية كتكتيك مرحلي كان خطئاً تاريخياً في البعد الاستراتيجي. وهذا ما نرى اليوم نتائجه في العالم. إن هذه السياسة البراغماتية التي اتبعها الغرب في الممارسة السياسية الخارجية في الشرق الأوسط خلال القرن العشرين في دعم زعماء وحكومات مستمدة شرعيتها من تلك الأيديولوجيات والسكوت عن انتهاكاتها الخطيرة لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط لغاية براغماتية في سبيل استخدام أسواق هذه الحكومات والزعماء كسوق لبيع منتوجاتهم وللحصول على المواد الخام. على حساب المبادئ والقيم والمثل الإنسانية العليا التي تحافظ على حياة الإنسان وكرامته.
هذه السياسة البراغماتية هي المسؤولة عن قتل الآلاف من الأبرياء في نيويورك وواشنطن ومدريد ولندن والشيشان والعراق والسعودية والحبل على الجرار.
إن هذه السياسة البراغماتية، على حساب المبادئ الإنسانية حرمت الشعوب المذكورة أعلاه من حق تقرير المصير، وتركتها تحت نير الاستعمار لتذبح وتدمر خلال قرن كامل. إذاً نحن أمام معضلة تاريخية ساهمنا نحن الاثنين في الشرق والغرب في خلقها.
وما هو الحل؟:
إن الحل لا يكون في محاكمة التاريخ ولا نستطيع ذلك ولا فائدة من ذلك، لا نستطيع نحن في الشرق الأوسط أن نحيي أجدادنا وآباؤنا الأموات. ولا الساسة الأحياء في الغرب يستطيعون فعل ذلك. ولنسألهم ونقول لهم: لماذا ورثتم لنا هذا الإرث الثقيل؟
لا نريد نحن في الشرق الأوسط أن نتعامل مع هذا الميراث الثقيل بعقلية عشائرية وقبلية القائمة على الانتقام. لأن ذلك لا ينفع وسيزيد المشكلة مأساة فوق مأساة. لا يمكن أن نقول لجورج بوش وطوني بلير وجاك شيراك إننا سنقتلكم لأنكم استعمرتم أوطاننا ونهبتم أموالنا وقتلتم أجدادنا. لأن الذين قتلوا آباءنا وأجدادنا ونهبوا أموالنا قد ماتوا ولن يعودوا. وإن الذين قُتلوا من آبائنا وأجدادنا ونُهبت أموالهم هم أيضاً ماتوا ولن يعودوا. إن جورج بوش وطوني بلير وجاك شيراك وكل زعماء الغرب الأحياء هم رموز سياسية في أوطان شعوب الغرب. وأوطان الغرب أصبحت ملأى بالملايين من الآسيويين والأفريقيين من المسلمين والبوذيين واليزيديين وكل الأديان الأخرى، وهم يتمتعون بكامل حقوقهم الإنسانية وحقوق المواطنة على قدم المساواة مع أبناء شعوبهم ولا فرق بين دين وآخر وأسود وأبيض عندهم. لكل منهم معابدهم وطقوسهم. هؤلاء الزعماء والسياسيون الأحياء يقدمون لأهلنا المهاجرين كل الرعاية والأمان. والكل حصل على الجنسية وولد منهم أجيالاً وعاشوا هناك وتعلموا ثقافتهم ولا يمكن فصلهم.
إن أي عملية قتل إرهابية هناك يعني قتل الكل. ولا تحل المشكلة. إن الحل هو ترك الماضي التاريخي وراءنا بكل ميراثه الثقيل. وترك العقلية العشائرية القائمة على الانتقام - وترك العقلية الإرهابية - وهذا لا يعني الاستسلام للواقع الظالم وعدم المطالبة بتحقيق العدل والانطلاق نحو المستقبل. ولهذا نحن في طريق الحقيقة نطرح مشروعنا للحل، هدفها الوحيد هو تحقيق العدل. وشرحنا كل المخاطر في عدم تحقيق العدل. وحذرنا من السلوك الخاطئ في معالجة القضايا التي نجابهها اليوم. إن مسؤوليتنا مشتركة فيما حدث في الماضي. وإن لتصحيح ما نتج مما ورثناه سيكون مشتركاً. إنه وضع معقد، إن أي خطأ في الممارسة سيجر على البشرية مآسي وكوارث لا يمكن التحكم بنتائجها. ولهذا رأينا في طريق الحقيقة الحل الأممي. وعن طريق تطوير هيئة الأمم المتحدة، عن طريق تعديل ميثاقها ووضع شروط الانتساب وترك الأمر لكل دولة أن توفر لنفسها تلك الشروط. ترى هل هذا الحل عملي وموضوعي يمكن تحقيقه ويؤمن الأمن والسلم والاستقرار.؟ وإن طريق الحقيقة تقول نعم، إنه يمكن تحقيق ذلك، وذلك وفق البيان التالي:
1- إن أي دولة في هذا العصر وفي هذا الزمان ومع بداية القرن الحادي والعشرين لا تستطيع أن تعيش بدون تواصل مع العالم. إن الاقتصاد وهو العامل المحرك لكل المجتمعات، إن أي دولة لا تستطيع أن تعيش بدون عملية التبادل التجاري مع العالم. وعملية التواصل مع العالم تمر عبر مؤسسات الأمم المتحدة البرية والبحرية والجوية. فإذا حرمت أي دولة من هذه المؤسسات التي تنظم عملية التواصل التجاري مع العالم عبر هذه المؤسسات. إن هذه الدولة لا يمكن أن تستمر في الحياة مطلقاً. ولنتصور أن لا دولة في العالم تستقبل في مطاراتها وموانئها وطرقها الدولة المارقة. وبالعكس لا ترسل أي دولة إلى تلك الدولة المارقة أية وسائل وبضائع.
2- الاعتراف الدبلوماسي:
لا يجوز الاعتراف بأي دولة مارقة ما لم تلتزم بميثاق الأمم المتحدة الجديد وتتبادل معها التمثيل الدبلوماسي ما لم تكن هذه الدولة مأخوذة شرعيتها من الشعب الذي تمثله وفق المنهج الديمقراطي. إن هذه الدولة المارقة وإن قامت لا تستطيع أن تعيش وتستمر في الحياة لعام واحد.
3- إن العالم المتحضر سيكسب كثيراً من الأموال الذي هو بحاجة إليها لمحاربة الأمراض الخطيرة التي بدأت تهدد الإنسان. ومكافحة الفقر والآثار المدمرة التي تركها التقدم الحضاري للبيئة.
4- الحفاظ على أرواح الآلاف من الجنود الذين يرسلون إلى ساحات القتال للجري وراء الإرهابيين.
5- إن كافة النظم السياسية الديكتاتورية والاستبدادية المختلفة الأشكال والألوان وأيديولوجياتها ستختنق، ولا يمكن أن تستمر في الوجود. وحتى القوى السياسية المعارضة التي اتخذت أسلوب الإرهاب والتي تفكر في السلطة سوف تنقلب بنفسها إلى الديمقراطية لأنها تعلم مسبقاً حتى وإن استلمت السلطة فلا مستقبل لها وسيكون مصيرها كسابقتها.
إن هذا الحل هو الحل العلمي والموضوعي ويمكن تحقيقه ولا يحتاج إلى شيء سوى شرط واحد هو التخلي عن السياسة البراغماتية التي تتبعها القوى المسيطرة على الأمم المتحدة، والمشروع لا يمكن أن يفشل إلا في حالة واحدة وهو تعامل هذه القوى الكبرى في التعامل مع الدولة المارقة لغاية براغماتية. والسياسة البراغماتية تعني قتل المزيد من الأبرياء في العالم المتمدن والمتخلف. ولهذا نضع البشرية أمام إحدى أمرين:
1- إما المبدئية وحياة إنسانية كريمة للكل على أساس العدل والقضاء على ظاهرة الإرهاب.
2- وإما البراغماتية وقتل الألوف اليوم والملايين غداً من الأبرياء في سبيل سرقة المال العام. واستمرار ظاهرة الإرهاب.
إن السياسة البراغماتية هي أخطر من السياسة الإرهابية. فإذا كانت السياسة الإرهابية قد قتلت بضعة آلاف في نيويورك وواشنطن ومدريد وروسيا ولندن والعراق والسعودية. فإن السياسة البراغماتية قد قتلت شعوباً بأكملها ومسحتها من الخارطة البشرية الإنسانية والسياسية.
إن ما فعلته السياسة البراغماتية الغربية مع الشعب الفلسطيني والكردي والشيشاني والكشميري والأمازيغي والآشوري والكلداني والعربي في إيران وتركيا والأماكن الأخرى في أفريقيا وشتانا ما بين قتل بضعة آلاف بالعمل الإرهابي وما بين قتل شعوب بأكملها بملايينها بالسياسة البراغماتية الغربية. ولو سألنا سؤالاً ترى ما الحكمة من بقاء الشعب الفلسطيني والكردي والشيشاني والكشميري والأمازيغي وغيرهم من الشعوب ونحن ندخل القرن الحادي والعشري وهم محرومون من حق تقرير مصيرهم ومعرضين في كل يوم للذبح والقتل وإرهاب الدولة المنظم؟ وما فائدة السلم والأمن العالمي والاستقرار من حرمان هذه الشعوب من هذا الحق؟ هل هناك عاقل في الدنيا يقول ما الحكمة من ذلك؟
أليس كل ذلك سوى سياسة براغماتية خطيرة، تريد تلك القوى المهيمنة على مصير الكرة الأرضية أن تتمتع بها على حساب تدمير تلك الشعوب، وليكن الإرهاب يقتل الألوف من الناس الأبرياء. ثم نأتي ونتباكى ونستنكر هذا العمل الإرهابي. أليس السياسة البراغماتية هي التي يجب أن تدان وتستنكر ونتخلص منها في سبيل تحقيق العدل بين بني البشر؟ فلماذا ناس أحرار وناس عبيد؟ لماذا ناس يحق لهم أن يأكلوا ويلبسوا ويسكنوا؟ وناس محرومين من ذلك؟ إن الأمم المتحدة التي رفعت علم مئة وسبعون دولة تستطيع أن ترفع بضعة أعلام أخرى، وتحظى البشرية بالأمن والسلام والاستقرار، ونوفر أرواح الألوف وربما الملايين من الناس الأبرياء الذين يقتلون في سبيل هذه السياسة البراغماتية. لا يمكن محاربة ظاهرة الإرهاب وهي ظالمة بالإرهاب وبالقوة والإكراه. بل يحارب الإرهاب والظلم والقهر والإكراه بالعدل. وعندما نتخلص من السياسة البراغماتية وينوب عنها السياسة المبدئية عندها يتحقق العدل. ونتخلص من الإرهاب.
إن الذين يحلمون بعالم خالي من الإرهاب. ويتمتع بالأمن والسلام والاستقرار بدون التخلي عن السياسة البراغماتية السائدة في العلاقات الدولية والأمم المتحدة هم واهمون. حتى وإن ملكوا كل التكنولوجيا العصرية. وإن كانوا يملكون كل علوم الدنيا. إن القوة لا تقتل الإرهاب, بل العدل والحق والحقيقة والمبادئ والقيم الإنسانية هي التي تقتل الإرهاب. أما أن يكون الإنسان وكرامته ومستقبله وحياته سلعة في سوق السياسة البراغماتية من الدول المؤلفة للأمم المتحدة فتلك هي المصيبة الكبرى لهذا العصر وللقرن الحادي والعشرين.
9- تغيير ميثاق الأمم المتحدة:
إن الأمم المتحدة التي تشكلت على أثر الحرب العالمية الأولى والثانية في القرن العشرين لم تعد تنفع القرن الحادي والعشرين, فإذا لم يتغير ميثاقها وشروط القبول فيها ستتسبب للبشرية بويلات وكوارث مرعبة. فهل يدرك المسيطرون على هذا السوق التجاري فيغيرون ميثاقها ويتخلصون من السياسة البراغماتية قبل فوات الأوان؟ هل يدرك المثقفون والمفكرون والفلاسفة الأحياء أن البشرية بستة ملياراتها يسيرون نحو المصير المجهول؟ فيصرخون في وجه الظالمين سواء أكانوا إقليميين أو عالميين، ويكتبون بأقلامهم لكف الظلم والقهر والمتاجرة بحياة الشعوب والأوطان.. وضد السياسة البراغماتية التي لم تجلب لنا سوى الكوارث ووضع سياسة على أساس المبادئ والقيم الإنسانية العليا.
وأخيراً نقدم الاقتراح الأخير في مشروعنا للحل وهو:
1- دعوة مجلس الأمن للانعقاد واتخاذ القرار اللازم بالتغيير.
2- تشكيل لجان حقوقية وقانونية لوضع ميثاق جديد للأمم المتحدة وفق ما بيناه بما يؤمن الأمن والسلم الدولي وتحقيق العدل والمساواة بين بني البشر.
3- تجميد عضوية كافة الدول ذات النظم الشمولية والغير ديمقراطية.
4- طرح الميثاق الجديد على المجلس العمومي لاتخاذ القرار مع حرمان أية دولة على التصويت أو المناقشة للميثاق ما لم تكن ديمقراطية.

10- كلمة ختامية من طريق الحقيقة:
أخي الإنسان في كل مكان من الكرة الأرضية، لا يهمني قوميتك ولونك ودينك وجنسك، تهمني إنسانيتك، وكوني إنسان عربي مسلم كما لك عقيدة ودين تؤمن به وأنا أيضاً لي عقيدة ودين أؤمن به.
لقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)).
إننا نرى الحقيقة في هذه الآية الكريمة. ولكن قبل أن نبدي رأينا وشرحنا لهذه الآية الكريمة، نود أن نقدم رأي غيرنا في تفسير هذه الآية، لنرى كيف تم تفسيرها من قبل أهل العلم اللاهوتي..
لقد ورد تفسير هذه الآية الكريمة في كتاب صفوة التفاسير ( الجزء الثاني، ص70 ) للمؤلف محمد علي الصابوني.. الأستاذ بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية – مكة المكرمة – جامعة الملك عبد العزيز. حيث جاء التفسير (( أي لا يزيل نعمته عن قوم ولا يسلبهم إياها إلا إذا بدلوا أحوالهم الجميلة بأحوال قبيحة، وهذه من سنن الله الاجتماعية أنه تعالى لا يبدل ما بقوم من عافية ونعمة، وأمن وعزة إلا إذا كفروا تلك النعم وارتكبوا المعاصي )).
ونحن نقدم في طريق الحقيقة التفسير التاريخي الآتي:
تتكون حياة الإنسان والمجتمعات في كل زمان ومكان من وجودين: وجود اجتماعي مادي (اقتصادي) ووجود اجتماعي روحي (فكري). ومن هذا الوجود الاجتماعي المادي يكون كل متطلباته الحياتية ومن هذا الوجود الاجتماعي ينشأ عنه وجود اجتماعي روحي يعبر عن هذا الوجود. وإن هذين الوجودين خاضعين للشرط التاريخي. أي أن الوجود الاجتماعي المادي يتغير في كل مرحلة تاريخية ويغير معه وجوده الاجتماعي الروحي. فإذا لم تكن هكذا. فهذا يعني أن التاريخ ثابت وخاضع للسكون وهذا مخالف للواقع العلمي الملموس والمحسوس. إن هذه الحركة في الوجود الاجتماعي المادي لا يمكن وقفها ولا يمكن أن تكون ثابتة. إن السكون يعني نهاية التاريخ، وهذا أمر مستحيل حدوثه. لقد خلق الله الكون المادي ووضع فيه الحركة وهي حركة مطلقة وأبدية للمادة، وفي الحركة بركة أي كلما تحرك الوجود الاجتماعي المادي ينتج عنه حالة مادية جديدة أرقى من السابق, بأدواتها وإنتاجها. ولا يمكن للبشرية أن ترجع إلى الحالة السابقة بوجودها الاجتماعي المادي والروحي. فإذا كنا نعاني اليوم من وجود اجتماعي مادي متخلف بأدواته وإنتاجه عن الآخرين يعود سبب ذلك لأننا لم نغير وجودنا الاجتماعي الروحي. أي لم نغير ما في أنفسنا. إن الفرق بيننا نحن المتخلفون والمتقدمون أننا لم نفسر ونفهم الآية الكريمة. فهم فهموها وفسروها بما تقصده الآية الكريمة فغيروا ما بأنفسهم أي وعيهم الاجتماعي الروحي. وفازوا بوجودهم الاجتماعي المادي المتطور وبدلوا حالهم القبيح بحالة جميلة. ونحن لم نغير ما بأنفسنا أي وجودنا الاجتماعي الروحي. وكان تفسيرنا خاطئاً، فها هي حياة الجهل والتخلف الحضاري والفقر تنخر عظامنا وانقلبت حياتنا إلى قبيح، وها نحن بحاجة إلى العالم المتقدم في كل شيء، بدءاً من المسمار وحتى الطائرة. إننا نفهم الدين على أنه طقوس وعبادات وقراءة الآيات والمسبحة والعمامة والجلباب. إن الله سبحانه وتعالى الذي خلق الكون الحي والجماد ليس بحاجة إلى طقوسنا وعباداتنا له. ولا إلى تطويل ذقوننا ولبس الجلابيب. إن الله خلق الأرض وخلق الإنسان عليها وخلق معه على سطح هذه الأرض كل ما يشتهيه الإنسان في البر والبحر والجو. وخلق الإنسان ومعه العقل وميزه عن الحيوان بعقله ليعيش حياة إنسانية كريمة. لقد جعل الله الإنسان يصنع التاريخ وبنفس الوقت يصنع نفسه. وما التاريخ إلا وجود الاجتماعي المادي والروحي.
والتاريخ مراحل ولكل مرحلة تاريخية وجودها الاجتماعي المادي والروحي. وإنسانه الجديد. فإذا كنا اليوم نشكو من واقعنا القبيح لأننا تمسكنا بالكتب الروحية القديمة التي ظهرت بوجود اجتماعي مادي قد انتهى منذ ألف وأربعمائة عام. فإذا كنا نريد أن نكون أقوياء فما علينا إلا أن نغير وجودنا الاجتماعي المادي والروحي على السواء. وهذا غير ممكن ما لم نغير وجودنا الاجتماعي الروحي كما أمرنا الله به. وإذا استمرينا على تفسير الواقع الموضوعي لوجودنا الاجتماعي المادي وتعاملنا معه وفق ثقافة كتب الأموات فإننا سنضيع في مجاهل الصحراء وبين كثبان الرمال المتحركة. أو نضيع في مجاهل البحر الهائج الأمواج ولا خلاص لنا إلا بالهلاك، إن كل المصائب التي تصيبنا في الشرق الأوسط بأممنا الأربعة هو اعتمادنا على تفسير وجودنا الاجتماعي المادي الآن من كتب الأموات.
وندائي الأخير: لكم أيها الأخ العربي والفارسي والتركي والكردي، وأقول لكم إن كنتم تريدون الحياة الإنسانية الكريمة والتطور والتقدم افهموا وجودكم الاجتماعي المادي والروحي من كتب علمائكم ومفكريكم الأحياء. وإن أصريتم على تفسيرها بكتب الأموات وتعاملتم مع الواقع الحي فإن نصيحتي الأخيرة لكم، احفروا قبوركم سلفاً وإقرؤوا الفاتحة على أرواحكم لأن التاريخ لم يعد يستطيع أن يتحملنا أكثر ما تحمله خلال القرن العشرين.
لقد حرمنا من نعمة العيش والحياة الإنسانية الكريمة وأطفالنا وعشنا في هذه الدنيا بين نارين، نار جهنم ونار المخابرات ولا نعلم إذا كان نصيبنا ونصيب أطفالنا في الدار الآخرة نار جهنم، أم برد وسلام الجنة. ولم يعد أحد منذ مئات آلاف السنين ليخبرنا بذلك وحتى نرحل لا نملك سوى الدعاء إلى الله سبحانه وتعالى أن لا يحرمنا من برد وسلام الجنة والحوريات.
لقد فقدنا الأمل في الحلول الوطنية والإقليمية. بقي علينا أن نعقد آمالنا في حياة إنسانية كريمة في هذه الدنيا من المشروع الأممي الذي طرحناه. ونحن بانتظار الفرج. ترى هل يتحقق حلمنا في هذه الدنيا؟
والسلام على من اتبع الهدى... ودمتم..
حلب في----------------------محمد تومة
5/8/2005--------------------أبو إلياس



#محمد_تومة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طريق الحقيقة رقم 18
- موضوع الحلقة: طريق الحقيقة حول الرد على ثلاث رسائل: 1- رسالة ...
- محكمة طريق الحقيقة............ للفكر السياسي والثقافي في الش ...
- الشرق الأوسط حبلى بمولود جديد. والصراع على الهوية والثقافة.
- طريق الحقيقة رقم 15
- طريق الحقيقة رقم 13


المزيد.....




- السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات ...
- علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
- ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
- مصادر مثالية للبروتين النباتي
- هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل ...
- الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
- سوريا وغاز قطر
- الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع ...
- مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو ...
- مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد تومة - طريق الحقيقة رقم 19