أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الربضي - بوح في جدليات – 7 – أبي أنا ذاهب.














المزيد.....

بوح في جدليات – 7 – أبي أنا ذاهب.


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4563 - 2014 / 9 / 3 - 02:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


دخل إلى الغرفة ِ حيث كان أبوه، لم يلقي سلاما ً لكن ابتدره باندفاع الكلمات:

- أبي أنا ذاهب.
- إلى أين؟ الآن و في هذه الساعة؟

- نعم، لقد أصبحت الحياة رتيبة ً مملة، لم أعد أحتمل ُ ثقل الروتين.
- فلنتحدث، اجلس.

- لا لقد اتخذت ُ قراري، لن أبقى أكثر، كل دقيقة ٍ تقتل شبابي.
- الساعة متأخرة و أنت مضطرب المشاعر فلنتحدث في الصباح.

- لن يمر صباح ٌ و أنا في هذا البيت، أحبك أبي لكن وداعا ً.

خرج مثل العاصفة، تاركا ً أباه في ذهول، حمل على كتفه شنطة ً صغيرة، فيها ما يلزمه، و نقودا ً وفرها طيلة السنة الماضية منذ أن عقد العزم على الخروج، مضى في طريقه نحو المرفأ، سيجدُ سفينة ً هناك و سيقلع حتى لو إلى بلاد الواق واق، أي مكان ٍ جيد ما عدا هنا، تقتله العادة و تذبحه الرتابة و ترقصُ على خمدِ وهج الحياة ِ فيه شماتة ُ الزمن.

أسرع في خطاه، و قد أدرك َ بعد دقائق َ أنه في وسط الغابة ِ التي تسبق ُ المرفأ، هذا المكانُ موحش ٌ لكنه أقصر ُ من طريق السيارات ويمكنُ أن يجتازه في أقل َّ من ساعة، شعر َ بعيون ٍ في الظلام فأسرع أكثر، علت حشرجات ُ حناجر َ غير ِ آدمية فبثت فيه رعبا كاد أن يشله عن الحركة، فاقتلع َ رجليه من الأرض اقتلاعا ً و عدا كالمجنون.

لم يكن يرى أمامه إذا يمضي لكن وقع حيوان ٍ ما قد بدأ يتسارع ُ بجنون ٍ خلفه، ركض و تعثر و قام ثم أحسَّ أن المسافة َ تقترب ُ أكثر، و من شدَّة ِ خوفه وقع مرة ً أخرى، فأدار وجهه إلى مصدر الصوت و هو عاجز ٌ فوق تراب الغابة و سلط المصباح إلى أعلى حيث كان َ الذئبُ في وثبته المرعبة مُعلَّقا ً في الهواء للحظة، و قد ثبتت عيناه على فريسته و تشده قوة الوثب و الجاذبية ليهبط عليه لينهيه،،،،،

،،،، تجمد الزمان و بدا المكان غائبا ً و امتلكهُ الرعب و العجز، و أحسَّ بالموت ِ و نعته الخوفُ و العقل ُ و الجسدُ معا ً بالحماقة و نهشه ندم ٌ سريع ٌ و توثبت الحواس لاستقبال الرعب القادم في المخالب و الأنياب،،،،،،

،،،،، حتى إذا ما فتح فمه ليصرخ دوت طلقة ٌ حطمت صمت الموت، و سمع َ عواء الذئب ِ لكن خافتا ً ندهة َ موت ٍ لا زمجرة َ افتراس، و بدا له كأن جسد الذئب قد غير مساره حتى ثبت أمام عينيه سقوطه قريبا ً منه، ميتا ً و الدم ُّ يسيل ٌ من رأسه، لا حول له و لا قوة.

ماذا حدث؟ و قبل أن يفكر، و من بين الأشجار خرج ابوه بيده بندقيته التي طالما أطلقا منها سويا ً و هما يصيدان. تجمد غير قادرٍ على الكلام و لا يعرف ُ ماذا يريد أن يقول أو ما يجب ُ أن يصنع، فأقبل إليه أبوه و حمله بين يديه ثم مضى به نحو البيت.

"أبي" قال في صوت ٍ خافت.

"لا تخف، أنا هنا، و سنذهبُ إلى البيت، سيكون ُ كل شئ ٍ على ما يرام" أجاب الأب و هو يخطو أقرب نحو البيت.

---------------------------------------------------------------------------------

خاتمة: قد تبدو هذه القصة رومانسية ً كلاسيكية تختلط فيها الدراما بالحب، لكن كلا ً منا في الحقيقة ِ عطشان ٌ إلى هذه الحماية ِ مشتاق ٌ لها، و ربما أن الألوهة َ تعطي ضمانها في هكذا حكايات لكن الواقع يُكذِّبها دائماً.

فهل نحن وحيدون في الحياة؟ الجواب: لا، لكل منا من يحبه يسهر عليه، و إننا بأجمعنا هذا الصبي و ذلك الأب، نتبادلُ الأدوار، فإذا ما أدركنا مُشتركنا الإنساني الجامع، سكنا البيت، و قطعنا الغابة، و بلغنا المرفأ، و سافرنا، و نحن ُ لم نغادر الدار و لم نفترق أبداً.

من كان له عقل ٌ للفهم، فليفهم!



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الموت – قراءة رابعة، بوابة الانتقال.
- قراءة في جدلية ما بين المنظومة الدينية و الواقع- 2 – المقدس ...
- بوح في جدليات – 6 – ارتدي ثيابك َ لقد تأخرنا.
- وباء السلفية التكفيرية – 5- التركيب الإجرامي للتكفيري ج 4
- الضربات الأمريكية لداعش.
- وباء السلفية التكفيرية – 4- التركيب الإجرامي للتكفيري ج 3
- وباء السلفية التكفيرية – 3- التركيب الإجرامي للتكفيري ج 2
- وباء السلفية التكفيرية – 2- التركيب الإجرامي للتكفيري ج 1
- بوح ٌ في جدليات – 5 – جارنا و الأفعى.
- في الموت – قراءة ثالثة، من العبثية حتى الحتمية.
- من وحي قصة حقيقية - يا سادن الحبِّ.
- في الموت – قراءة ثانية من حيث الموقف الإنساني الواعي.
- غزة - 4 - بقلم الملكة رانيا
- وباء السلفية التكفيرية و ضرورة الاستئصال.
- غزة - 3 – أربعة أطفال و قذيفة.
- في الموت – قراءة أولى كأحد وجهي الوجود.
- غزة – 2 – إستمرار جرائم الحرب الإسرائيلية و ردود الفعل الشعب ...
- غزة – وضاعة استباحة الحياة و ازدواجية الاعتراف بالحق الإنسان ...
- قراءة في اللادينية – الإلحاد كحركة دينية مُجدِّدة.
- من سفر الدين الجديد – الفصل الأول - آمر لي مارهو


المزيد.....




- ‌‏وزير الدفاع السعودي: التقيت قائد الثورة الاسلامية بتوجيه م ...
- المسيحيون يحتفلون ببدء أسبوع الفصح من الفاتيكان إلى القدس
- روسيا ترفع حركة طالبان من قائمة المنظمات الإرهابية
- عيد الفصح في بلدة سورية تتحدث لغة المسيح: معلولا بين ندوب ال ...
- ماما جابت بيبي..أضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي الفضائية على ...
- في عيد الفصح اليهودي.. استباحة كاملة للأقصى غابت عنها ردود ا ...
- لليوم الخامس مئات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى +في ...
- بعد الكشف عن خلية -ال16- هل هي بداية نهاية الإخوان المسلمين ...
- رأي.. بشار جرار يكتب عن إحباط الأردن -مخططات إرهابية لجماعة ...
- لماذا يقتحم المتطرفون المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي؟


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الربضي - بوح في جدليات – 7 – أبي أنا ذاهب.