صادق الازرقي
الحوار المتمدن-العدد: 4562 - 2014 / 9 / 2 - 20:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يتبق على انقضاء المهلة التي منحها الدستور لتشكيل الحكومة العراقية سوى ايام قليلة، ولم ترشح حتى الآن انباء عن قرب حسم الملف، و لا نعرف بالتحديد ماذا يريد المتفاوضون؛ الذين لم تزل لغة البغضاء وتوتير الاجواء هي السائدة بينهم، وكأنهم غير معنيين بمقتل عشرات العراقيين يوميا، و لا بالأزمات المتلاحقة ابتداء بأزمة الكهرباء وليس انتهاء باقتطاع اجزاء واسعة من البلد من قبل المسلحين، الذين يبدو اننا لسنا بصدد الخلاص السريع منهم الا بتدخل خارجي، بعد ان عجزت الجبهة الداخلية عن توفير التضامن المطلوب لتوجيه البنادق صوب عدو حقيقي؛ بدلا من انشغال السياسيين بالصراع العقيم بشأن المغانم التي تجلبها لهم الحقائب الوزارية.
برأيي ان الحل الاصوب لإنقاذ البلد من محنته، هو المسارعة الى تشكيل حكومة من الشخصيات المستقلة المختصة في مناحي الحياة المتنوعة ومنها الاقتصاد و الخدمات والامن وغيرها، ومن الواجب الا نشغل انفسنا بالبحث في الدفاتر العتيقة عن هوية هؤلاء الدينية او القومية او المذهبية؛ اذ ان البحث في هكذا امور وتمثلها يشكل عقبة كأداء، تطيح من دون رحمة بعملية اعادة بناء البلد، التي يطمح اليها الجميع، وبمثل تلك التصنيفات التي جرى في ضوئها تشكيل الحكومات السابقة، ضيعنا مقاييس العدالة الاجتماعية والانسانية؛ وبالنتيجة منحنا قوى الارهاب مسوغات مجانية لإدامة سطوتها برغم انها لا تستهدف المسؤولين المحصنين، بقدر ما توجه هجماتها نحو الناس العزل، لقد ضيعنا بسوء ادارتنا وجهل سياسيينا معظم الايجابيات التي تمخضت عن التغيير في 9 نيسان 2003.
ان اللجوء الى حكومة المختصين المستقلين ـ ولنسمها التكنوقراط ـ وهو الحل الذي تلجأ اليه دول كثيرة لاسيما في الاوقات الحاسمة من حياة شعوبها، يوفر جملة اشياء لا غنى عتها لتحقيق ما يطمح اليه السكان.
ان اول الاشياء الايجابية التي تحققها حكومة المستقلين، هو ان تلك الحكومة ستكتسب الشرعية المطلقة من لدن السكان، الذين سيتعاملون مع وزراء محترمين مختصين من ذوي الخبرة الحياتية والعلمية، وسيوجه ذلك حالة الانحدار النفسي التي يعاني منها الشارع العراقي الى الضد منها، لأنه سيقلل من الاحتقان وحالة العداء التي تفرضها وزارات ومناصب وتعيينات المحاصصة.
ان العراقيين الذين خبروا طيلة السنوات العشر الماضية من التغيير، التعامل مع وزراء فاشلين سعوا لخدمة كتلهم ورؤسائها، سيرون وزراء جددا ببرنامج حكومي جديد. وثاني الاشياء التي سيكسبها السكان من وزراء مختصين مستقلين هو تأثير ذلك على الصعيد الامني، اذ ان تلك الحكومة ستلقى احترام المؤسسة العسكرية، التي ستتكرس مهنيتها انطلاقا من ان الحاكم ووزراءه لا يمثلون كتلة او طائفة بل نهجا وطنيا فاعلا؛ وذلك سيرفع معنويات قوى الجيش والشرطة التي ستتجه الى الدفاع عن المؤسسات الجديدة، و تتكون بهذا دولة حقيقية ينحصر بيدها السلاح ويتعزز حكم القانون الحقيقي.
#صادق_الازرقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟