أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طيب تيزيني - معركة التنوير العقلاني














المزيد.....

معركة التنوير العقلاني


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 4562 - 2014 / 9 / 2 - 09:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تتعاظم مخاطر المتشددين في العمق، كما في السطح، وتتحول تهديداتهم الإجرامية الجدية إلى لهيب ينتقل من مكان إلى آخر، محدثاً ما أصبح تهديداً فعلياً في أوساط كل أتباع الأديان والعقائد والأيديولوجيات الراهنة، دون استثناء. ويبرز الإسلام في المقدمة من ذلك، نظراً لبروز مجموعة أو مجموعات إسلامية تعلن الحرب الشاملة على المسلمين «المنحرفين» وغير المسلمين، كما نسمع عن المسيحيين والإيزيديين وغيرهم.

والحق أن تيار التشدد ذاك لم يقتصر على المسلمين، بل ظهر في التيارات الدينية المتعددة الأخرى وأحدث ظاهرة راحت تبدو كأنها من طبيعة تلك التيارات أو من طبيعة الفكر الديني والنزعات الأيديولوجية الدينية المتطرفة بشكل عام. والأمر يتسع ليشمل تيارات وظاهرات ونزعات تنحدر من المنظومة الذهنية في مختلف الميادين، وهذا أمر طبيعي، فالجميع قد يخطئ ويرتكب تجاوزات في النظر إلى الأشياء، ولما كان الخطأ والتجاوز والانحراف والتشدد من طبيعة الأشياء، خصوصاً في بعض المجتمعات العربية المحكومة بنظم حكم استبدادية قاسية، فقد كان ضئيلاً أن تواجه في المجتمعات المذكورة حالات متنورة منفتحة وقابلة للحوار والنقد.


يقول ماركس إن انحطاط العالم الإنساني يتناسب طرداً مع ازدياد قيمة عالم الأشياء، ونلاحظ أن بعض الشعوب العربية اعتقدت أنها ستملك «اللبن والعسل» حين تلتقي بشعوب الحضارة الجديدة، الغربيين، واكتشفت أن ذلك اللقاء تمّ حقاً بين الفريقين، ولكن عبر السلاح، يداً بيد مع استخدام شامل لاستراتيجية التخليف والظلامية.

ها هنا نواجه حالة تاريخية هي من قبيل المفارقة: الغرب تحول إلى الظلامية، وعمل على تكريسها عربياً وعلى النحو الاستراتيجي البراغماتي، أي الذي ليس له وجه واحد وإنما القابل لكل الأوجه، بما فيها أوجه الظلامية الإجرامية الراهنة «داعش». إن الغرب الراهن جدير بأن يُدرس كنموذج حيّ وفعال وغبي لتدمير العرب بأيدي العرب. فلقد ضرب الجميع بالجميع، وبقيت أوهام انتصار الغرب على للعرب، وهو بهذا لم يحقق النصر، وظل يراهن على تجاوز الهزيمة التاريخية، التي راحت تزمن وتتعفن وتُطيح بما تبقى من آمال.

هكذا وُجد «داعش» وصُنع أميركياً بمادة عربية تشترك في تصنيفها معنا ومن ضدنا، ويراد لـ«داعش» أن يظهر كما لو أنه آخر الفصول، ولكن أول الفصول لم ينته. إن الغرب الذي راهن دائماً على إذلال العرب وتدمير أمنياتهم الشرعية التاريخية، هو غير الوجه الآخر من الغرب، وجه النهوض والتنوير والتقدم المتضامن مع العالم العربي تضامناً لا يذهب مع الريح، بل كان يمكن أن تتأسس على أيديه التاريخية إمكانات ليست هينة على طريق التحرر العربي. والعلة كلها تتأسس على الغرب من النمط الوحشي الجهنمي، الذي كان دأبه أبداً أن يبتلع الآخر العربي والشرقي عموماً.

أما الإضاءات التي نشأت هنا وهناك في الغرب فقد أطيح بها، مع إحكام هيمنة هذا الغرب، خصوصاً بعد أن استفرد بالعالم مع دخوله عصر العولمة الرأسمالية، بديلاً عن العالم كله. ولنتفحص بعض الإضاءات التاريخية العربية (الإسلامية) ولنلاحق حالاتها الآن. قال ولي عهد المملكة المتحدة الأمير تشارلز فيليب، في محاضرة له، واضعاً يده على المرحلة الغربية الانتقالية من عصر ما قبل الرأسمالية الغربية الإمبريالية ثم العولمية: «إننا في الغرب ننظر في تاريخنا إلى الإسلام فنراه مصدراً للتهديد. إن رؤيتنا للإسلام ناقصة.. وفي الوقت نفسه لا يجوز أن تنزلق أفكارنا بالاعتقاد بأن التطرف ليس وقفاً على الإسلام فحسب، بل هو موجود في صلب الأديان الأخرى، ومنها الدين المسيحي، ولكن بما أننا رأينا في الإسلام منافساً للغرب كآخر بنظام ثقافته ومجتمعه، فقد تجاهلنا تأثيره الكبير في تاريخنا. إن الإسلام جزء من ماضينا ومن حاضرنا.. لقد ساعد الإسلام على تكوين أوروبا المعاصرة، فهو جزء من تراثنا، وليس شيئاً مستقلاً بعيداً عنا».

هكذا، تتضح الأمور، حينما يتم الالتزام بالتاريخ والحقيقة الموضوعية، إن الأمير وضع يده بدقة على مرحلة عظيمة من التاريخ البريطاني اقترنت بتاريخ الإسلام، وهذا ما ينبغي الانطلاق به في شراكة حضارية ثقافية ليس مع بريطانيا فحسب، وإنما كذلك مع الغرب عموماً، إنما ضمن رؤية عقلانية تنويرية، ولكن كذلك إنسانية تنويرية عالمية، تتجاوز ظلامياتنا!



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا..هل باتت «أم الكوارث»؟
- تنوير إسلامي مبكر
- أسئلة في التداول الراهن
- سوريا ومرحلة الصَّوملة !
- القضية الفلسطينية.. و«الربيع العربي»
- حُطام عربي حقاً.. ولكن!
- العرب.. النهضة والإصلاح الثقافي
- خسائر الشعب السوري
- غياب حُسن الجوار!
- أطفال سوريا في بلدان الاغتراب
- ثلاثية التقسيمية والطائفية والثأرية!
- العلمانية والسياسة والدين
- الشعب الفلسطيني والمشروع الإسرائيلي
- أين مجلس الأمن والمحكمة الجنائية؟!
- سوريا الجديدة.. خطوات التأسيس
- تلويث الدين بالسياسة
- ثلاثة أعوام على المخاض السوري
- سوريا ويوم المرأة العالمي
- من سوريا إلى أوكرانيا
- سوريا: جدلية تاريخية ورؤية تعاقبية


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طيب تيزيني - معركة التنوير العقلاني