أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نضال الربضي - في الموت – قراءة رابعة، بوابة الانتقال.















المزيد.....

في الموت – قراءة رابعة، بوابة الانتقال.


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4561 - 2014 / 9 / 1 - 21:28
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في الموت – قراءة رابعة، بوابة الانتقال.


--------------------------------------------

أما نفوس الصديقين فهي بيدالله فلا يمسها العذاب
و في ظن الجهال أنهم ماتوا و قد حسب خروجهم شقاءً
و ذهابهم عنا عطبا ً أما هم ففي السلام
و مع أنهم عوقبوا في عيون الناس فرجاؤهم مملوء ٌ خلوداً
وبعد تأديب ٍ يسير لهم ثواب ٌ عظيم لأن الله امتحنهم فوجدهم أهلا ً له

(سفر الحكمة، الإصحاح الثالث الآيات من الأولى حتى الخامسة)
--------------------------------------------

قدمت ُ في المقالات الثلاثة السابقة قراءة ً في الموت من حيث أنه النهاية البيولوجية المطبوعة في الجينات البشرية بحتميتها التي لها شكل نهاية ٍ واحد ٍ مشترك ٍ بين جميع البشر، ثم مضيت ُ إلى تبيان ِ أثر هذا الموت على وعي الإنسان و تشكيل ِ نظرته إلى الحياة ِ و بنيته النفسية و تفاعلاته، ثم أوضحت ُ بعدها كيف يصطدمُ الموت ُ بعثيته ِ و تأثيراته مع الوعي لتجعله يرفض لا منطقها فيعمل َ على إيجاد ِ منطق ٍ يستطيع فهم الموت ِ من خلاله، هذا المنطق الذي هو المنظومة ُ الدينية ُ التي يكون فيها الكائن ُ الإلهي أبا ً محبَّا ً حاميا ً و واهبا ً للخلود ِ ضامناً، لتستمرَ الحياة ُ سرمدية ً إلى ما لانهاية، حتى تتحقق الطمأنينةُ النفسية التي تستثيرها غريزة ُ البقاء الرافضة ُ للموت.

أنظرُ اليومَ في مقالي هذا في ما تقدمه المنظومة ُ الدينية من وقاء ٍ ضد عبثية ِ الموت، و كيف تستطيع ُ أن تخلق َ طمأنينتها العاملة َ في نفوس المؤمنين، و كيف تجد ُ حلولا ً للمتناقضات ِ التي تُبرزها خبراتُ الحياة، و كيف تُلطِّفُ من رهبة اللحظة ِ الحتمية ِ القادمة بل و أحيانا ً تجعلها طموحا ً يُسعى إليه و يُنتظرُ بشوق.

في مفهوم ِ الروح
-----------------
في آزمنة ٍ سحيقة ٍ ما قبل التاريخ المُدوَّن و منذ عشرات آلاف السنين، رأى الإنسانُ الأوَّلُ فقيده الذي اختطفه الموتُ في الحُلم، خفق قلبه و اضطرب في نومه، و فرح و اشتاق و تفاعل معه لبرهة، شاهده يأتي إليه و يمضي عنه، حاول أن يخاطبه فلم يجبه و مضى، قام من نومه و قد أذهلته الرؤيا في المنام، نعم إن فقيدي حي لم يمت، موجود ٌ هو بينما جسده مدفون، كيف؟ لا بدَّ أن وجوده الجوهري أمرٌ مفارق ٌ لجسده، شئٌ يعيش في جسده و يجعل جسده يعيش، ثم يقرر أن يفارق الجسد َ في لحظة ليصبح حرَّاً، إن فقيدي ليس الجسد، لكن الجسدَ مسكنُه، لذلك فقيدي حي، و هو يحبني ما زال، و قد أتى ليخبرني بحبه، و يعلمني ما لم أعلم، ليفتح عيني على المعرفة، ليقول لي أنني أنا أيضا ً وجود ٌ يسكن في جسد، و أن هذا الوجود سيخرج يوما ً ليلاقيه، نعم انا و جميع من أحب و كل مجموعتي.

هكذا وُلدت فكرة الروح لدى الإنسان الأول من رحم الألم و المعاناة والقسوة النفسية لاختطاف الموت لمن يحب، حينما ازدحم الجسد بالتفاعلات الكيميائية و أصبحت شحنات الكهرباء تتعب الأعصاب و تضغطُ على مراكز الوعي في الدماغ، حين اختلط الوعي باللاوعي بالزمان و المكان أثناء النوم، هكذا عرف الإنسان الأول رؤيا المنام لفقيده، فترجمها على أنها حقيقة يُوحى بها من الفقيد الحي، الموجود على شكل ٍ آخر، جوهري، غير قابل للفناء، مُستتر يختار الظهور، أسميناهُ عبر الأجيال: روحا ً.

الطمأنينة ُ بسبب الروح
-------------------------
إن استحقاقات ظهور فكرة الروح عظيمة ٌ من حيث قدرتها على صياغة إدراك الفرد لمحيطه و توقعات المستقبل، و أشكال تفاعلاته مع الآخرين في المجموعة؛ فإن من شأن الإيمان بخلود الفقيد أن يُهدِّئ من عواصف الصدر الثائرة، هذه العواصف التي ترفض ُ عبثية الموت و حتميته و كل الآلام التي يأتي بها غياب ُ الفقيد، خصوصا ً الإحساس بالمظلومية و التعرض للغدر و الاستهداف من قوَّة ٍ مجهولة انتهكت حياة الفرد و سرقت أحبَّاءه.

و لقد اخترت ُ أن أبدأ المقال بالنص السابق من سفر الحكمة لأنه يختزنُ في كلماتِه جميع المعاني التي تُفسِّرُ التمسُّك َ الهوسي للمؤمنين بمنظومتهم الدينية التي يصحُّ أن نصِفها -و نحن محقُّون تماما ً- بأنها منظومة ٌ نفسية ٌ استباقية ٌ و دفاعية ٌ في ذات الوقت، فنحن هنا نرى المؤمن َ مطمئنَّا ً أن فقيده الذي شاهده يموت ُ ألما ً مُرتاح ٌ الآن، في يد الألوهة، في سلام ٍ و دعة، يمحو الإيمان بهم الصورة َالأخيرة َ التي شاهده عليها، فلقد زالت و حلَّ مكان عنفها اللحظي المحدود وداعة ٌ مُستمرة غير محدودة تضمن عدم تكرار ذلك الموت.

كما نرى ردَّة َ الفعل الأشهر لدى جنسنا البشري و هي الإنكار، مُتجلية ً في أقوى صورها العقلية عند البالغين، حينما يُصبحُ قبول حقيقة ِ الموت ِ حماقة ً مقابل الحكمة ِ العظيمة ِ التي ترى أن هذا الموت هو في الحقيقة ِ بداية ُ الحياة الخالدة، و أن شقاءه الفُجائي العنيف ليس عبثية ٍ لكن جزءا ً من خطَّة ٍ أزلية تضمن ُ السلام َ الخالد أو الخلودَ في سلام.

و تمتدُّ الحكمة لدى المؤمن ليرى أن الألم و الشقاء و المرض و الحادث النَّازل َ هو اختبار ٌ و تطهير، يُثبتُ نجاحُه في الأولِ جدارتَه بالخلود الذي سيقدمه له إلهه، بينما يقوم ُ الثاني بتنظيفه من آثار الضعف ِ و الهوان ِ و الأخطاء ِ و الخطايا التي اقترفها بحق هذا الإله و ضد مشيئتِه، فتتجلى الحكمة ُ كلُّ الحكمة ِ في الموت كأداة ٍ للـ "التطور النوعي للحياة" من شكل ٍ إلى شكل ٍ آخر، فيصير ُ مفهوما ً، و مقبولا ً، و مرغوبا ً، و مطلوبا ً، يُنتظرُ و يُرجى و يُرحَّب ُ به.

الحنين لاستعادة ِ الجسد
------------------------
على الرغم ِ من الإيمان بالروح و تساميها عن و على الجسد، إلا أن الطبيعة َ البشرية َ لا بدَّ أن تكون لها الكلمة ُ الفيصل ُ في تحديد عناصر التأثير ِ و أثرها على الفرد، فإننا نعقلُ بأدمغتا و نشعرُ بأجسادنا، و نطبِّقُ إرادة النفس بالأعضاء، فلا وجود َ لنا بغير المادة و ما وعينا إلا تجليات ٌ للمادة من خصائصها و صفاتها و مقدرتها، و لا يستطيع ُ المؤمن مفارقة َ هذه الحقيقةِ حتى لو شاء، لأن مشيئته لا شأن لها بقوانين البيولوجيا و الكيمياء و السيالات العصبية و منظومة عمل ِ الجسد، و لذلك َ يبقى حنينُه لأخصِّ ما في وجودِه قويَّا ً طاغيا ً يصيغ ُ إيمانَه ليقول َ أنه مُشتاقٌ لجسدهِ مُحبٌّ له، لا يريد أن يفقده حتى لو كان ذا روح ٍ خالدة، فكان أن اخترع البشرُ مفهوم ُ القيامة ِ و الحساب َ و الثواب َ و العقاب، لا فقط من باب العدل و العدالة كما يظهر لكن أيضا ً من باب ٍ أوسع هو بابُ الشَّوق ِ لهذه الحياةِ التي لا يعرفُ غيرها، فجعل َ لنفسهِ -و كما حييَ هنا بجسد- حياة ً أخرى يحيى أيضا ً فيها بجسد، لكن دون ألم ٍ أو دموع ٍ أو ضعف ٍ أو أمراض َ أو نوازلَ يعجز عنها، أي أنَّه ُ جعل من أمنيتِهِ الطفولية ِ البدائية ِ الأولى أسمى حقيقة ٍ يمكن ُ الوصول ُ إليها و هي الخلود، و شكَّل وجوده الخالد في نفس شكل وجودِه الأول مع جسده دون مفارقة!

عقلنة ُ الرُّوح ِ و الحنين للجسد مُستـَـتبـَعينِ من النص الديني
--------------------------------------------------------
تحتلُّ فكرة ُ "يوم القيامة" جزءا ً عظيما ً في الشعور الديني لدى المؤمن، فهوَ يُعِدُّ حياته كلها لهذا اليوم، و يصيغُ كلَّ أشكال تفاعلاته الحياتية مع نفسه فيما يفكر فيه أو يمنع نفسه عنه، و مع عائلته و مجتمعه على أساسها، و يحدِّدُ خياراتِه و يقومُ بردودِ أفعاله، و يؤطِّرُ فضاءه الواسع باختياره، لكي يكون َ مُبرَّرا ً و مقبولا ً في ذلك اليوم، حتى إذا ما عادت روحُه ُ للاجتماع بجسدِه ضمن ضمانا ً تامَّا ً أن موته الأول في الدنيا هو موته الأخير، و أن ألمه و شقاءه قد ذهبا إلى غير رجعه، و أن أفعاله و أقولَه في تلك الدنيا هنَّ شهادة ُ الجودة و ختمُ الصلاحية و تذكرةُ العبور إلى شكل ِ الوجود ِ الخالد ِ الكامل ِ الذي اشتقاه هناك.

و لهذا الغرض أتى الإنسانُ بنصوصِه الدينية لتخدمَ هذا الإيمان، فجعل للقدرة ِ الإلهية خطَّة ً و مشيئة ً تقبل ُ بحكمتها و بصيرتها وجود َ الشرِّ في العالم، لكنها تجازي في العالم الآخر ِ بأضعاف ٍ مضاعفة ٍ منه، يكتوي بعذابها الجسد ُ الذي أخطأ و الروح ُ التي سكنت الجسد الخاطئ، و لعلَّنا نفهم هذه النظرة َ أكثر لو نظرنا في الآية السادسة ِ و الخمسين من سورة ِ النساء "كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا ً غيرها ليذوقوا العذاب"، إنها رغبة ُ الإنسان ألا يمرَّ الشرُّ و الأذى الموجودان في العالم دون حساب، إنها رفضُ العبثية ِ و البحث ُ عن معنى ً لكل الألم الدنيوي بتفاسير َ لا تعرف ُ أن تفسر الألم إلا بالألم و لا تقدرُ أن تجد له ُ من شفاء ٍ سوى بمزيد ٍ منه، تجزيهِ بمثله و أكثر، تحقيقا ً للعدالة و انتقاما ً لا يعرفُ الرحمة.

لكنَّ الإنسان َ وقف َ حائرا ً أمام الآلية ِ التي ستتمُّ بها عملية عودة ِ الروح ِ لجسدها الذي اندثر َ و تحلّلَ في التراب، فتصوَّر هذه الآلية َ كخلق ٍ جديد، من يدِ خالق ٍ أوَّل َ، صنع مرَّة ً و سيصنعُ من جديد، و لعلَّ النَّصَّ الأبرز و الأدبي الأجمل الذي نستطيع أن نرى فيه عقل َ الإنسان البدائيِّ و هو يعمل، هو ما سجلَهُ لنا سفر حزقيال في الإصحاحِ السابع و الثلاثين منه في آياتِه التالية من الأولى إلى الرابعة ِ عشرةَ التي تتحدثُ عن نفسها و لا تحتاج ُ إلى شرح ٍ مني:

-----------------------------------

1 كَانَتْ عَلَيَّ يَدُ الرَّبِّ، فَأَخْرَجَني بِرُوحِ الرَّبِّ وَأَنْزَلَنِي فِي وَسْطِ الْبُقْعَةِ وَهِيَ مَلآنَةٌ عِظَامًا،
2 وَأَمَرَّنِي عَلَيْهَا مِنْ حَوْلِهَا وَإِذَا هِيَ كَثِيرَةٌ جِدًّا عَلَى وَجْهِ الْبُقْعَةِ، وَإِذَا هِيَ يَابِسَةٌ جِدًّا.
3 فَقَالَ لِي: «يَا ابْنَ آدَمَ، أَتَحْيَا هذِهِ الْعِظَامُ؟» فَقُلْتُ: «يَا سَيِّدُ الرَّبُّ أَنْتَ تَعْلَمُ».
4 فَقَالَ لِي: «تَنَبَّأْ عَلَى هذِهِ الْعِظَامِ وَقُلْ لَهَا: أَيَّتُهَا الْعِظَامُ الْيَابِسَةُ، اسْمَعِي كَلِمَةَ الرَّبِّ:
5 هكذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ لِهذِهِ الْعِظَامِ: هأَنَذَا أُدْخِلُ فِيكُمْ رُوحًا فَتَحْيَوْنَ.
6 وَأَضَعُ عَلَيْكُمْ عَصَبًا وأَكْسِيكُمْ لَحْمًا وَأَبْسُطُ عَلَيْكُمْ جِلْدًا وَأَجْعَلُ فِيكُمْ رُوحًا، فَتَحْيَوْنَ وَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ».
7 فَتَنَبَّأْتُ كمَا أُمِرتُ. وَبَيْنَمَا أَنَا أَتنَبَّأُ كَانَ صَوْتٌ، وَإِذَا رَعْشٌ، فَتَقَارَبَتِ الْعِظَامُ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى عَظْمِهِ.
8 ونَظَرْتُ وَإِذَا بِالْعَصَبِ وَاللَّحْمِ كَسَاهَا، وبُسِطَ الْجِلْدُ علَيْهَا مِنْ فَوْقُ، وَلَيْسَ فِيهَا رُوحٌ.
9 فَقَالَ لِي: «تَنَبَّأْ لِلرُّوحِ، تَنَبَّأْ يَا ابْنَ آدَمَ، وَقُلْ لِلرُّوحِ: هكذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَلُمَّ يَا رُوحُ مِنَ الرِّيَاحِ الأَرْبَعِ وَهُبَّ عَلَى هؤُلاَءِ الْقَتْلَى لِيَحْيَوْا».
10 فَتَنَبَّأْتُ كَمَا أَمَرَني، فَدَخَلَ فِيهِمِ الرُّوحُ، فَحَيُوا وَقَامُوا عَلَى أَقدَامِهِمْ جَيْشٌ عَظيمٌ جِدًّا جِدًّا.
11 ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا ابْنَ آدَمَ، هذِهِ العِظَامُ هِيَ كُلُّ بَيتِ إِسْرَائِيلَ. هَا هُمْ يَقُولُونَ: يَبِسَتْ عِظَامُنَا وَهَلَكَ رَجَاؤُنَا. قَدِ انْقَطَعْنَا.
12 لِذلِكَ تَنَبَّأْ وَقُلْ لَهُمْ: هكذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا أَفتَحُ قُبُورَكُمْ وأُصْعِدُكُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ يَا شَعْبِي، وَآتِي بِكُمْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ.
13 فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ عِنْدَ فَتْحِي قُبُورَكُمْ وَإِصْعَادِي إِيَّاكُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ يَا شَعْبِي.
14 وأَجْعَلُ رُوحِي فِيكُمْ فتَحْيَوْنَ، وَأَجْعَلُكُمْ فِي أَرْضِكُمْ، فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ وَأَفْعَلُ، يَقُولُ الرَّبُّ».

-----------------------------------

و لقد أيَّدت المسيحية ُ هذا التصوُّر التوراتي في لوحة ٍ جمالية ٍ فريدة وصفها بولس في رسالته الأولى إلى أهل تسالونيكي في الفصل الرابع في الآيات من الخامسة عشرةَ و حتى السابعة ِ عشرة، في ما نصُّه:

"اننا نقول لكم هذا بكلمة الرب اننا نحن الاحياء الباقين الى مجيء الرب لا نسبق الراقدين، لان الرب نفسه بهتاف بصوت رئيس ملائكة و بوق الله سوف ينزل من السماء و الاموات في المسيح سيقومون اولا، ثم نحن الاحياء الباقين سنخطف جميعا معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء و هكذا نكون كل حين مع الرب"

و صدَّقهما القرآن حينما وصف َ ببلاغة ٍ هذه العملية َ بقوله المُختصر في الآية الثامنة ِ و السبعين من سورة ِ يس "و ضرب لنا مثلا ً و نسي خلقه قالَ من يحي العظام َ و هي رميم".

خاتمة
------
في مقابل ِ المنظومة ِ الدينية ِ التي تحنُّ للدعة و الراحة و السلام و استمرارية ِ الحياة و تطلبُ استدامتها و خلودها في الروح و القيامة و مفاهيم العدالة ِ و الثواب و العقاب، ضد عبثية ِ الوجود و حتمية ِ البيولوجيا و الجينات، نجد ُ أن المنظومة َ اللادينية تقبل ُ وجودَ هذه العبثية و تفهم القوانين الطبيعية َ كما هي، و لذلك فإنها لا تقول ُ ما لا تعلم و لم تختبر و لم تجرِّب و لم يكشف عن نفسه من أمور الألوهة ِ و الروح و سواها من الغيبيات، و هي بذلك مُتَّسقة ٌ مع الطبيعة ِ البشري، و لذلك قادرة ٌ على فهمها كما هي، و التَّعرُّف ِ على خصائصها و التفاعل ِ الصادق ِ الناضج ِ المسؤول معها، و تطويعها، و صياغة ِ الحياة ِ بناء ً على ما هو موجود ٌ اليوم و الآن و ما تحتاجه المجتمعات و ما تتوصل ُ إليه من حلول ٍ لمشاكلها و أليات ِ إشباع ٍ لحاجاتها و استراتيجيات ٍ مستقبلية لضمان استمرار أجيالها، فتضمن ُ تلك المنظومة سعيا ً ناجحا ً نحو فهم الحياة ِ و الدنيا و تحقيق السعادة الفردية و التآخي الإجتماعي على أُسس حقيقة واقعية تُعطي الحياة َ معناها الأجمل و الأنقى و الأصفى، و ترتقي بجنسنا البشري نحو وعي ٍ و إدراك ٍ أسميين حقيقين غير مفارقين للواقع و بتحرُّر ٍ تام من عبودية خوف الموت و ما يترتب عليه من نتائج َ تشوه وعينا و تُفسد فطرتنا و تجنى على إدراكنا و ماهيتنا.



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في جدلية ما بين المنظومة الدينية و الواقع- 2 – المقدس ...
- بوح في جدليات – 6 – ارتدي ثيابك َ لقد تأخرنا.
- وباء السلفية التكفيرية – 5- التركيب الإجرامي للتكفيري ج 4
- الضربات الأمريكية لداعش.
- وباء السلفية التكفيرية – 4- التركيب الإجرامي للتكفيري ج 3
- وباء السلفية التكفيرية – 3- التركيب الإجرامي للتكفيري ج 2
- وباء السلفية التكفيرية – 2- التركيب الإجرامي للتكفيري ج 1
- بوح ٌ في جدليات – 5 – جارنا و الأفعى.
- في الموت – قراءة ثالثة، من العبثية حتى الحتمية.
- من وحي قصة حقيقية - يا سادن الحبِّ.
- في الموت – قراءة ثانية من حيث الموقف الإنساني الواعي.
- غزة - 4 - بقلم الملكة رانيا
- وباء السلفية التكفيرية و ضرورة الاستئصال.
- غزة - 3 – أربعة أطفال و قذيفة.
- في الموت – قراءة أولى كأحد وجهي الوجود.
- غزة – 2 – إستمرار جرائم الحرب الإسرائيلية و ردود الفعل الشعب ...
- غزة – وضاعة استباحة الحياة و ازدواجية الاعتراف بالحق الإنسان ...
- قراءة في اللادينية – الإلحاد كحركة دينية مُجدِّدة.
- من سفر الدين الجديد – الفصل الأول - آمر لي مارهو
- قراءة في جدلية ما بين المنظومة الدينية و الواقع– المعجزات و ...


المزيد.....




- بـ10 نقاط.. خلاصة مناظرة بايدن وترامب على CNN
- رغم إلغاء مشروع القانون المثير للجدل.. الكينيون يطلبون العدا ...
- ما هي المدينة الأكثر ملاءمة للعيش لعام 2024؟
- لا بايدن ولا ترامب.. ماسك يكشف عن -الرابح الأكبر- في المناظر ...
- 19 طالبا من جامعة ملبورن يواجهون التهديد بالفصل بعد مشاركته ...
- مقتل أربعة أشخاص بسبب اصطدام قطار بحافلة في سلوفاكيا
- شاهد: باندا تايوان الوحيدة تحتفل بعيد ميلادها الرابع: حلوة و ...
- أبرز لحظات المناظرة الرئاسية بين ترامب وبايدن
- 110 سنوات على مقتل ولي عهد النمسا، أو أشهر اغتيال في التاريخ ...
- الانتخابات الأمريكية والشرق الأوسط: تاريخ من الاستثناءات


المزيد.....

- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نضال الربضي - في الموت – قراءة رابعة، بوابة الانتقال.