وائل رضوان الناصر
الحوار المتمدن-العدد: 4560 - 2014 / 8 / 31 - 10:40
المحور:
سيرة ذاتية
رأيتُه ينزلُ درج البناية ، ينزلهُ كشخصٍ جاد ، يمشي خطواتٍ سريعة واثقة ، يقطعُ الشَّارع بغرورِ مراهقٍ و بعد مسافة الخمسين متراً يرمي كيس القمامة خارج الحاوية .
استوقفني هذا المشهد ، إنَّهُ مشهدٌ بسيطٌ متكرِّر في حياةٍ روتينيَّةٍ متكرِّرة ، أيُعقلُ هذا ؟
أنتَ تُجهدُ نفسكَ في أمرٍ قد شحذتَ الهمَّة له و حين تصلُ الهدف ، تسقط !
مشهدٌ عبرَني من سورية و ذهب معي إلى لبنان و استقرَّ معي أخيراً في الأردن ، في هذه الدول الثلاث يبدو تراكمُ أكياس القُمامة حول الحاوية كأنَّها تراكمات دول ، كأنَّها شهيَّة العربيِّ إلى ما لا يعرف .
هذا العربيُّ في هذه الدول الثلاث - التي قُدِّرَ لي زيارتها بفعل التراكم - يعيشُ مع زوجته التراكميَّة في بيتٍ تراكميٍّ سيُنجبُ أولاداً تراكميين في وطنٍ تراكميٍّ سيصلون إلى اللاشيء هدفهم التراكمي .
أجلسُ على مقعدٍ فوق الرَّصيف بعد شرائي قهوةً سادة تتراكمُ في فنجاني كتراكمِ يومي ، هذا الرَّصيف محطَّة استراحتنا التراكميَّة ، يتكرّرُ مشهدُ الحاوية يمرُّ الشرطيُّ بالذي رمى يُسَلِّمُ الرَّجلُ على الشرطيِّ سلاماً تراكميَّاً و يمضي فيمَ الشرطيُّ يغمزُ و يلمزُ و يهمزُ لفتاةٍ مرَّتْ أمامهُ بتراكميَّةِ أنثى و هوَ في غمزهِ و لمزهِ و همزهِ يُسَوِّي هندامهُ السُّلطويِّ بساديَّةٍ تراكميَّةٍ .
أشعرُ بتراكمِ الحنقِ في صدري ، أنهضُ ، أتراكمُ على نفسي و أمشي فوق الرَّصيف ... ذُهِلتُ .. ضربتُ نفسي بذهولي ، ثمَّة كتبٌ متراكمة في مشهدٍ فارغٍ من أيِّ تراكم ، سريعاً صَرَخَتْ بوجهي المتراكم كتبٌ متراكمة فوق الرَّصيف المتراكم في وطنٍ تراكميٍّ و قالتْ :
أنا فراغكم التَّراكميِّ تراكمتُ على نفسي بصورة هدف .
#وائل_رضوان_الناصر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟