أوسلو : ديسمبر 2002
في منطقة جنين منعت سيدة فلسطينية حامل من التوجه إلى المستشفى من أجل الولادة مما تسبب في موت الجنين في بطنها وكان ذلك على أحد حواجز جيش الاحتلال الصهيوني في جنين, ثالث أيام عيد الفطر المبارك الحالي الموافق السابع من كانون الأول 2002. ثم لا تعتقدوا انه الجنين الأول الذي يموت أو يولد ميتا على حواجز الاحتلال, بل هناك العشرات من الأجنة الذين قتلهم الاحتلال وهم في بطون أمهاتهم. كأن أطفال فلسطين يخيفونهم قبل ولادتهم, أنه الرعب الذي يلازم الإرهابيين أينما وطأت أقدامهم وحيثما حطت دباباتهم.
في نابلس شطرت قوات الاحتلال الصهيوني المدينة إلى شطرين من خلال إقامة بوابة حديدية ضخمة وسط المدينة جعلتها عمليا مقسومة إلى غربية وشرقية على غرار بيروت العاصمة اللبنانية أيام الحرب القذرة والدموية التي استباحت لبنان حكما وشعبا بكل تلا وينهم. وحصل هذا التقسيم في اليوم الثاني لعيد الفطر الحالي الموافق السادس من ديسمبر 2002. لقد جاءت هذه البوابة لتكون ملازمة ومرافقة للسور الحديدي والواقي والجدار الفاصل والعازل الذي بدأ الكيان الإرهابي بإقامته على أراضى الفلسطينيين المصادرة والمحتلة بهدف فصل أراضي ال48 عن أراضي أل 67 ومن أجل جعل المناطق الفلسطينية كانتونات وغيتووات محاصرة ومخنوقة و مغلقة وتبقى تحت رحمة الاحتلال ومستوطنيه الذين يحيطون بها من كافة الجهات.
يعتقد قادة إسرائيل الآيلة إلى السقوط بأن هذا الجدار سوف يحميهم ويقيهم خطر الهجمات الفدائية وتسلل الفدائيين الفلسطينيين إلى مناطق ال48 حيث التجمعات الصهيونية الكبيرة المقامة على وفي مدن الفلسطينيين الذين قتلوا أو تشردوا بفعل الاحتلال الصهيوني لبلادهم وديارهم سنة النكبة الكبرى عام 1948. على الاحتلال الصهيوني الشنيع أن يتعلم من تجربة سور برلين الشهير, هذا السور الذي تحطم بفعل الجماهير الألمانية التي كانت ترفض ذاك السور وتلك السياسة التي تعزل البشر كما الحيوانات في أقفاص مغلقة أو في حدائق عامة كبيرة لا تدري من الدنيا وما يدور حولها سوى ما تبثه الدعاية الإعلامية للحكومة والدولة. أن سياسة الأنظمة المغلقة لم تجد نفعا في أوروبا والعالم أجمع, لأن السياسة الوحيدة القادرة على ضمان حياة الدول والشعوب في سلام ووئام, هي سياسة المحبة والجوار الحسن واحترام الآخر وعدم التعدي والاعتداء على الجيران وأصحاب الأرض الحقيقيين, أما ماعدا ذلك فيصب في خانة الحرب والعداء والعنصرية البغيضة التي تمارس أصناف من الابتزاز العرقي والتعامل العنصري الممنهج والمنتظم والمنظم من قبل جماعات ومؤسسات وجيوش ومجتمع وكيان كلهم نتاج ولادة قيصرية لعملية تصهين عالمية رعتها ونسقتها عقول توسعية أشرفت منذ البدء على تجهيز الحركة الصهيونية من اجل السيطرة على بلاد فلسطين و إقامة دولة يهودية عرقية صهيونية عنصرية, تمارس الإرهاب والتفرقة والأعمال غير الإنسانية بحق الفلسطينيين, لأنها ترى في تلك الممارسات ضرورة من أجل بقاءها وتفوقها واستمرارها على تلك الشاكلة في تلك الأرض المغتصبة. على الجهة الأخرى و في ردود الأفعال على مذبحة مخيم البريج في قطاع غزة المحاصر بشكل خانق وجنوني, حاول الاتحاد الأوروبي التعبير عن إدانته الشديدة للعملية الحربية الإسرائيلية في المخيم المذكور حيث حصدت عشرة قتلى وعشرات الجرحى من المدنيين الفلسطينيين لكن إدانته بقيت خجولة بحكم خوفها من الضغوطات الصهيونية والأمريكية. فحاولوا التعبير في بيانهم عن إفراط إسرائيل في استعمال القوة العسكرية ضد الفلسطينيين. مع أنهم أنفسهم وصفوا عملية الخليل التي استهدفت الجنود الصهاينة بالعمل الإرهابي الحقير.. هؤلاء الأوروبيين ومعهم كذلك بابا الفاتيكان وبابا الأمم المتحدة السيد كوفي أنان, عليهم توخي الحذر والتزام الحياد واستعمال الكلمات المنتقاة في مواقفهم مما يدور ويحدث في الشرق الأوسط. كما عليهم تجنب الوقوع في فخ الدعاية الصهيونية الحكومية وغير الحكومية, كما حصل معهم أخيرا يوم كذب عليهم وعلى العالم أجمع الوزير نتنياهو المعروف بدجله وكذبه وخداعه, حيث قال أن العملية في الخليل استهدفت المصلين وهي بالأصل استهدفت الجنود والعسكريين ولم تتعرض للمصلين مع أنها كانت تستطيع التعرض لهم. وجاءت ردود فعل هؤلاء مثيرة للجدل من حيث المضمون والكلمات والحدة والانحياز, حتى أنهم لم يكلفوا أنفسهم الاعتذار من الفلسطينيين على مواقفهم وكلماتهم السيئة التي لا تليق بمراكزهم السياسية والروحية والعالمية.
أننا أيها القراء الكرام في عالم تحكمه القوة والناس مع القوي شئنا أم أبينا,وبما أننا من المعسكر الأضعف الذي يقف مضطرا في مواجهة المعسكر الأقوى والأعنف, وجب علينا أذن شحذ الهمم ونزول الوديان وتسلق الجبال وصعود القمم, من أجل التواصل في الكفاح والنضال مع مشروعية جهادنا وعدالة قضيتنا ومظلومية شعبنا. ولا يهمنا إن كانت أمريكا راضية عنا أم غاضبة علينا لأنها اتخذت لنفسها موضعا في المعسكر المعادي لنا ولقضايانا الملحة والمعاصرة, من العراق حيث تروج لنفسها على أساس أنها منقذ البلد والشعب من براثن النظام الحاكم,حتى فلسطين حيث يراق الدم العربي بشكل دائم ومستمر بتشجيع أمريكي,بسلاح أمريكي و بمباركة من البيت الأبيض بلا تأنيب ضمير أو دواع للردع. إن سيد البيت الأبيض بوش الابن,المهدي المنتظر لبعض الذين يحلمون بمناصب هامة على حساب الأرض والأمة, منقذ العراق من شعبه, يبرر قتل النفس التي حرم الله قتلها, ويتفهم دوافع إسرائيل من وراء قتل الفلسطينيين ومهاجمتهم لأنهم هم الذين يمارسون العنف والإرهاب ضد إسرائيل المسالمة, وبوش ليس وحده من يردد هذا الكلام المعيب والمسيء والوقح أعلى درجات الوقاحة, بل هناك بعض من يدعون أنهم عربا يؤيدونه في تحليله ومواقفه ومنهم من يرددها كلما جاءت الفضائيات ببرنامج عن مشكلة العراق أو فلسطين. العالم الذي يخاف أمريكا يخاف إسرائيل أيضا, ولكي يرضي هذا العالم أمريكا وإسرائيل فأنه يفعل ويعمل طعنا بالأضعف, وكلنا نعرف أن الضعفاء هم العرب في فلسطين والعراق أولا.. أيها الحكام, أيتها الدول!! هلموا فباب النفاق مفتوح على مصراعيه, وباب الدجل وبيع المواقف أيضا مفتوح لكل عاطل عن العمل والتفكير , لكل فاقد للأشياء التي أخذها ولم يعطها, لكل من يدعي التغيير وهو نفسه عليل وبحاجة لأعادة فك وتركيب. أنه الزمن الأمريكي بكل قذارته والعجز العربي بكل حثالته.. أعمال الشيطان مبررة و للقيام بممارسة نفس الشيء مع إسرائيل الصهيونية الإرهابية الخارجة عن كافة قوانين العالم والدنيا والحياة, بحيث لازالت تعيش في عصر الوحوش من أتباع يهوشع وشارون,يجب علينا هزيمة أمريكا أولا.
أرجو من الله العلي القدير أن يهدي بعض حملة الأقلام العرب من الأقحاح والعربان والمستعربين والعاربة وكل من كافح وجاهد و أيضا من توخى الفرار والهرب إلى الأمام حيث عالم المعارضات المتسلحة بالنزعة الحضارية الفالتة والأخرى الديمقراطية التي جعلتنا نحن العرب خارج دائرة الحلم والمعرفة والتجربة أن يكفوا شر أقلامهم عني ويبعدوها كما التجني عني وعدم اتهامي بما لسته وبما أصبح لصقة جاهزة عند بعضهم مثل لصقة معاداة السامية عند اليهود. هناك منا من هم ضد أمريكا لأنها ليست بالدولة الصديقة, فهي لم ولن تكن يوما ما صديقة لنا أو لكم, هي تنظر لوضع بلادنا من زاوية المصلحة فقط ومصلحتها تقتضي احتلال العراق على غرار بعض الدول الأخرى, كما أن مصلحتها تقتضي السماح لإسرائيل بذبح الفلسطينيين كيفما شاءت وأينما كانوا. ومصلحتها ترفض العرب دينا ودنيا وحضارة, ومع هذا هناك منا بعض البشر من العاقلين منهم ومن السكارى يطبلون للمهدي الأمريكي المنتظر ويتهمون من يعاديه بالرجعية والعيش في أزمنة القومية العربية البائدة والدعاية الثورية الرافضة من زمن عبد الناصر وجبهات الرفض وغيرها,لقد أصبحت معاداة أمريكا تهمة عند البعض تجعل رجعيا ومتمسكا بإرث الماضي وغيبيات العروبة والقومجية المرتحلة بكل زمانها. تصوروا أن بعض المعارضين للنظام في العراق يعتقدون أن بإمكانهم بعد احتلال العراق من قبل أمريكا إخراجها من العراق بمجموعة أعمال نوعية, مع احترامنا لتفكير هذا البعض لكنا نذكره بأن لأمريكا حسابات غير حساباته وهو ليس أكثر من وريقة صغيرة سوف تستعملها أمريكا ثم ترميها. لقد فات هذا البعض أن أمريكا لم تأت من أجل عيونه ولا من أجل أن تجعل النساء العراقيات يرقصن فرحا لا ألما كما الطير الذي يرقص مذبوحا من الألم.
نحن نعتقد أن مجيء الاحتلال الأمريكي إلى بلادنا بشكل علني ورسمي سوف يفتح على أمريكا أبواب جهنمية جديدة هي بالغنى عنها فعلا. لكن أمريكا سوف تأتي وحساب العمر سيأتي معها, وحساب الضمير يبقى يلازم أصحابه حتى القبر, إنها فرصة لمن لازال ضميره مرتاحا أن يتركه مرتاحا بدلا من أن يلوثه بوسخ أمريكا القادم لا محالة.
أنه العيد بالأحمر كفناه في فلسطين وبالأحمر يكفنه أيضا شعب العراق المحاصر انتقاما من نبوخذ النصر وصلاح الدين وجنود الجيش العراقي المدفونين قرب مخيم جنين في فلسطين.