أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - وليد يوسف عطو - انغلاق الايديولوجيا















المزيد.....

انغلاق الايديولوجيا


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 4558 - 2014 / 8 / 29 - 12:15
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


يقول الاستاذ كريم مروة السكرتير السابق للحزب الشيوعي اللبناني جوابا عن مصير الشيوعية بعد سقوطها في الاتحاد السوفياتي مامفاده:الشيوعية لم تمت ولن تموت بصفتها مجموعة قيم ومثل تختص بالبحث في الحرية والمعرفة والتقدم والاشتراكية ,شانها في ذلك شان كل الرسالات السماوية والارضية وكل العقائد والنظريات الاجتماعية والفلسفية . واما الذي مات فهو الشكل الملموس لنقل تلك القيم والمثل من التجر يد الى الواقع .
معنى هذا الكلام بحسب المفكر علي حرب في كتابه :

(اسئلة الحقيقة ورهانات الفكر : مقاربات نقدية وسجالية ) - ط 2- 2012 - الناشر : دار مدارك للنشر – دبي – الامارات العربية المتحدة .

ان الذي مات في الشيوعية هو نمط تحققها في التاريخ . اي ماديتها وتاريخيتها , وان الذي بقي هو مثاليتها , اي ماتشترك به مع العقائد الدينية او مع الفلسفة الطوباوية .
يعلن كريم مروة تمسكه بالجانب المثالي , اي بما ادعت الماركسية نقضه ومحاربته , ويتبرا في المقابل من الجانب المادي الواقعي .
ان الذي اكسب الماركسية سمعتها هو ادعاؤها بامكانية تحقيق المباديء السامية استنادا الى مشروع ايديولوجي ,فكري وعملي , وسمي باسماء مختلفة .. فكر علمي ,مادية تاريخية ,اشتراكية علمية .

ان الذي اعطى الماركسية سمعتها هو سعيها الى تغيير العالم وفق دكتاتورية البروليتاريا والحزب الثوري والعنف الثوري واستنادا الى الحتمية التاريخية وزعمها القبض على قوانين التاريخ والاجتماع .
يقول علي حرب ان للماركسية بعدها المثالي في شكل ايديولوجية ذات طابع طوباوي , حالم , بل في شكل لاهوتي عندما يتم التحدث عن نهاية التاريخ بزوال الطبقات الاجتماعية وانتهاء الصراع الطبقي بمنطق المسيح المنتظر والمخلص في اليهودية والمسيحية وفي الاسلام والذي سيحقق العدالة الاجتماعية .وككل نظرية فلسفية ذات طابع ماورائي يقوم على اختزال الواقع او استبعاده وتغييبه . غير ان الماركسية- الشيوعية فشلت لهذا السبب بالذات . اي لكونها طوباوية , لاهوتية, مثالية . ولو كانت حية ومعاشة , تاريخية وواقعية لما اخفقت .

الحي لايبقى هوهو , بل يتغير ويختلف ويتباين مع ذاته .ولهذا لاينجح الا المنخرط في صناعة الحياة والتاريخ , القادر على النمو والتفتح , وعلى التطور والتجدد .
ومع ذلك ,والكلام للمفكر علي حرب , فان فشل الماركسية لايعني بالضرورة موتها . لان الذي يفشل يلجا الى آلية دفاعية لتبرير فشله بطريقة مخادعة , وخلع صفات التعالي والكمال والعظمة والعصمة .اي صفات الالوهة على الافكار والنظريات التي تؤول عند التطبيق الى الفشل او الاخفاق المدمر .وذلك بالفصل بين النظرية والممارسة او بين النموذج والتطبيق . والماركسيون في موقفهم هذا يشبهون الدعاة الاسلاميون الذين تنهض دعوتهم على الفصل بين الاسلام كرسالة ومعتقد وبين الدول التي حكمت باسمه .

تلك هي اللعبة التي يمارسها اصحاب الدعوات والايديولوجيات للتستر على ماآلت اليه مشاريعهم . انها آلية دفاعية حيث يقفز الايديولوجي على حقائق التاريخ لاستعادة عصر السلف الذهبي,محلقا في سماء الاوهام , واما ان ينقلب على ذاته , بنوع من البهلوانية الفكرية , كما يفعل الماركسي الذي يدافع عن انهيار الماركسية , بحشرها مع الرسالات السماوية والعقائد الغيبية . وفي كلا الحالتين يتم تحويل الواقع الى مجرد اسماء وشعارات .
من هنا يقوم الانفصام بين الفكر والواقع , او بين المعتقد والممارسات ,يجد ترجمته في حلول لاتحل مشكلة البتة , بل تزيد الاوضاع سوءا , والواقع تغييبا .

ان النموذج العقائدي يجد نفسه آزاء واقع لافبل له بمعرفته والسيطرة عليه , فاما ان ينزع في معالجته منزعا فاشيا ارهابيا , واما ان يقوم بحجب الحقائق عاملا على بناء نظام شمولي يحول البشر الى مجرد الات,ويقتل في الفرد شهيته الى المعرفة والعمل الخلاق .

هذا هو ثمن التطرف الايديولوجي :بناء طاغوت سلطوي ونشر امبريالية عقائدية حزبية .انه تاليه الافكار على نحو تسخر فيه الجماعات الانسانية لعبادة النصوص وخدمة العقائد .ذلك ان البشر في المنظومة العقائدية هم مجرد الات لا ذوات ,شهودعلى احقية الاصل وعصمته لا على ازمنتهم وامكنتهم . ولان النظرية في نظر العقائدي هي المعيار الثابت الذي ينبغي ان تقاس به الامور لا الحياة بتدفقها ومستجداتها . وهذه سمة يشترك فيها , على حد سواء,الاصوليون على اختلاف مشاربهم . من متدينيين ,الى قوميين وماركسيين .

فكل نظرية عقائدية تنتج الاصوليين العائدين لها . فهاجس الاصولي اكان اسلاميا ام ماركسيا ام انجيليا هو الايمان بشمولية الاصل والتمسك به , دون النظر الى تطور الاحداث ,ودون الاعتراف بواقع الحياة وتغيرها .

هذا هو مال الايديولوجيات المنغلقة على نفسها والاصوليات المتحجرة . انها تفضي الى عكس ماتدعو اليه وتطالب به .اي تؤول الى طعن الاصول والخروج على المعتقدات التي تدين بها , مع زعم الثبات عندها والمحافظة عليها , ولكن بعد ان يدفع الناس الثمن خرابا ودمارا , حروبا وكوارث .

ان الاقتتال هو قدر البشر عموما .فالانسان سفاك للدماء وقاتل .غير ان ذوي العقائد المغلقة اشد سفكا للدماء من سواهم .
من هنا سعي الماركسي الى تجميل ماركسيته بخلع الطابع المثالي عليها وحشرها مع الرسالات السماوية التي كان الماركسيون يحاربونها .باعتبارها(افيون الشعوب)ليس حجة تحتج بها الماركسية, ولا هو ستر لعورة الشيوعية التي كشفت الاحداث عنها . والذي يفعل ذلك يغفل عن حقائق صارخة تفيد ان المثل العليا والمباديء السامية والرسالات السماوية والعقائد الروحانية هي سيف ذو حدين .

هكذا فان محاولة تلميع الشيوعية بالجمع بينها وبين مضاداتها واخواتها في آن ,الايديولوجيات الدينية , لاينفي التهمة عنها بل يثبتهاويؤكدها ولا يستر عورتها , بل يزيدها انفصاما .

ان الموقف من الشيوعية كما عبر عنه كريم مروة يكشف لنا عن نموذج المثقف العربي الذي يتقن فن التبرير ويؤثر النوم على القناعات .فان هذا المثقف بدلا من ان يقوم بفحص سلاحه ونقد ايديولوجيته باسسها وثوابتها , لاعادة صياغة واقعه بلغة جديدة وعقلانية فاعلة , نراه يعود بنا الى الور اء , الى المثاليات والروحانيات التي حاول ماركس التحرر منها ووقع هو نفسه ,مع ذلك فريستها .

يبقى ان ماركس فكر وانتج معارف في شان واقعه . وهو بكونه مفكرا , كان يفكر بحرية ومرونة ,فغير وبدل , وطور وجدد كما هو شان كل مؤسس . اما تباعه فانهم عاجزون عن التفكير المثمر بقدر ماهم اسرى تعاليمه ومواقفه.

ان لكل تاسيس بعده الابداعي . ومحاكاة الابداع في مجال الفكر ثمنها الاختزال والتبسيط ,او الزيف ا والضحالة .وتلك هي مشكلة كل مؤسس مع اتباعه ومقلديه .



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في نقد الحقيقة
- جذور المعجزة اليابانية - ج 2
- جذور المعجزة اليابانية
- لنصنع ليبراليتنا
- اوهام الايديولوجيا
- المثقف هو وسيط وليس بقائد
- هجرة محمد الى المدينة
- الاسلام بين الجامع والمسجد
- الاغتراب في الثقافة
- فتح الستارة عن حجاب المراة
- نحو مجتمع اسلامي علماني
- نهاية دولة لينين
- دبلوم في الخطيئة
- الجنس والكبت الجنسي
- نحو وطن عالمي كوني - انساني
- الانقلاب والثورة ينفيان الديمقراطية
- زعماء العالم النموذجيون
- الانساق الثقافية المعمارية - الجنسية
- تاثير الجنس في الحركات الاسلاموية التكفيرية
- الجنس بين الاثارة وشحة الامكنة


المزيد.....




- النهج الديمقراطي العمالي يدين الهجوم على النضالات العمالية و ...
- الشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب تدين التصعيد ا ...
- -الحلم الجورجي-: حوالي 30% من المتظاهرين جنسياتهم أجنبية
- تايمز: رقم قياسي للمهاجرين إلى بريطانيا منذ تولي حزب العمال ...
- المغرب يحذر من تكرار حوادث التسمم والوفاة من تعاطي -كحول الف ...
- أردوغان: سنتخذ خطوات لمنع حزب العمال من استغلال تطورات سوريا ...
- لم تستثن -سمك الفقراء-.. موجة غلاء غير مسبوقة لأسعار الأسماك ...
- بيرني ساندرز: إسرائيل -ترتكب جرائم حرب وتطهير عرقي في غزة-
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال ... دفاعا عن الجدل --(ملحق) دف ...
- اليمين المتطرف يثبت وجوده في الانتخابات الرومانية


المزيد.....

- طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و ... / شادي الشماوي
- النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا ... / حسام عامر
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ... / أزيكي عمر
- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - وليد يوسف عطو - انغلاق الايديولوجيا