أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء الشكرجي - التقليل من فداحة مجزرة سپايكر جريمة















المزيد.....

التقليل من فداحة مجزرة سپايكر جريمة


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 4557 - 2014 / 8 / 28 - 23:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التقليل من فداحة مجزرة سپايكر جريمة
ضياء الشكرجي
[email protected]
www.nasmaa.org
كلما أردت الكتابة عن مجزرة سپايكر كان هناك أكثر من سبب يجعلني أؤجل الكتابة، وهي الآتية:
1. تكاسل رغم كل التفاعل الوجداني الصادق والعميق مع هذا الحدث المروع، أُدانُ عليه أيّما إدانة، وأحكم بسبب على نفسي، ولا أرضى أن يقبل مني أي عذر أو تبرير.
2. خجل من الكتابة عن حدث بهذا الحجم، لأني تأخرت في الكتابة فيه، فيما لم يكن مسموحا لي أن أتأخر عنه.
3. خشيتي أن يقال إني أكتب بسبب قدري الذي لا خيار لي فيه، أني أتيت إلى الحياة من بيئة مذهبية، ينتمي إليها ضحايا هذه المجزرة، التي يشعر قلمي بقزمه أمامها، وكلماتي بخجلها عن التعبير عن مدى كارثيتها.
وأبدأ من خلفيتي التي تمثل قدري الذي لم يعد رشدي يسمح لي أن أخضع له من غير مراجعة، واختيار حر، لا تقرره الصدفة، ولا القدر، ولا أبي أو أمي رحمهما الله. وقد كتبت في 12/01/2013 مقالتي تحت عنوان «أفتخر أني لست شيعيا ولا سنيا»، والذي بينت فيها أني أرى أنه «من حق إنسان شيعي ما أن يقول "أفتخر أني شيعي"، إذا لم يكن متعصبا ضد السنة، كما إن من حق إنسان سني ما أن يقول "أفتخر أني سني"، إذا لم يكن متعصبا ضد الشيعة»، لكن هذا لا يسلبني حقي في التعبير عن عدم الانتماء إلى أي من الطائفتين.
لكن قراري الحر والواعي بتخليَّ عن انتمائي للشيعة، والذي لا يعني تحولي بالانتماء إلى السنة، إلا بما يكون انتمائي إليهما بمقدار انتمائي للمسيحي والصابئي والإيزيدي والبهائي، كعراقيين، أو بانتمائي إليهم بمقدار انتمائي للمجتمع الإنساني. أقول قراري هذا لا يبرر لي اتخاذ اللامبالاة تجاه ما يجري ضد المكون الشيعي الذي لم أعد أنتمي إليه، كما هو تضامني بكل مشاعري تجاه ما حصل ضد أهلنا المسيحيين وأهلنا الإيزيديين على أيدي جزّاري المنظمة الإرهابية العالمية «الدولة الإسلامية»، «داعش سابقا»، رغم أني لست إيزيديا ولا مسيحيا.
جريمة «سپايكر» من الصعب مقارنتها بجريمة أخرى، مع إن الجرائم، لاسيما الطائفية هي مدانة ومستنكرة وممقوتة، سواء ذهب ضحية جريمة ما ألف قتيل بريء، أو عشرة قتلى أبرياء. فالجريمة هي الجريمة، ولكن مقارنة جريمة ضحيتها 1700 مع جريمة ضحيتها 70 هي بمثابة الظلم ضد ضحايا الجريمة الأولى وذويهم المفجوعين. إني آخر من يقيس فداحة الجريمة بانتماء ضحاياها الديني أو المذهبي. نعم ربما عبرت بشكل خاص عن تعاطفي مع المسيحيين والإيزيديين، فيما أصابهم على أيدي الدواعش المسلوخين عن إنسانيتهم، لأنهما يمثلان الطرف الأضعف، كونهما الأصغر عددا في المجتمع العراقي، رغم إن عراقيتهما ترجع إلى الآلاف من السنين، ولكون وجودهم كله في العراق مهددا بالإبادة أو الإجلاء.
بكل تأكيد إن جريمة التفجير لجامع مصعب بن عمير، جريمة مستنكرة ومدانة، تستوجب كل التعاطف وبكل صدق مع ضحاياها وذويهم، لكن لا يمكن مساواتها بمجزرة «سپايكر»، بأي حال من الأحول، فليس من الإنصاف المساواة بين قتل 1700 وقتل 70، والقتل كله، وبقطع النظر عن عدد ضحاياه، هو أبشع جريمة يدينها كل ضمير إنساني. ولكننا وجدنا شيعة يساوون بين الجريمتين، إما خشية أن يتهموا بالطائفية، وإما لشدة معارضتهم لسياسيات القوى السياسية الشيعية، كما وجدنا سنة يساوون، إما لإبراز مظلومية مكونهم، وإما لإظهار أن ليس الشيعة وحدهم المستهدفون بالقتل الطائفي. ولست هنا بصدد مناقشة ما إذا كان مرتكبو جريمة جامع مصعب بن عمير هم الدواعش، إما بسبب عدم المبايعة للخليفة وللدولة الإسلامية، كما قيل، وإما لتأجيج الحس الطائفي أكثر مما هو عليه بين سنة العراق وشيعته، أو ما إذا كانت ميليشيات شيعية مرتبطة بإيران وراء هذه العملية الإرهابية.
وتبقى مهما قلنا لمجزرة «سپايكر» حجمها المتميز وبشاعة الطريقة التي نفذت بها، التي تفوق كل بشاعة. ولست هنا بصدد تحسين صورتي عند شرائح من الشيعة الذين طالما سمعت من البعض منهم من عاتبني، كوني أدين دائما السياسات الطائفية الشيعية عشرات الأضعاف بمقدار ما أشرت فيه إلى الطائفيين السنة. وبعض هؤلاء كان يبرر عتابه بأن الجرائم الطائفية السنية ضد الشيعة هي بعشرات المرات من الجرائم الطائفية الشيعية ضد السنة، وإن طائفية السياسيين الطائفيين من السنة أشد بكثير من طائفية السياسيين الطائفيين من الشيعة، وإن طرق القتل الطائفي السني هي على الأعم الأغلب أبشع وأشد قسوة من طرق القتل الطائفي الشيعي. لكني كنت وما زلت أقول، ومثلي كثيرون، إن سوء الأداء السياسي لقوى الإسلام الشيعية هو الذي أجّج الحسّ الطائفي أكثر عند الطرف الآخر، أو هو الذي أعطى المبررات لطائفية الطائفيين من الطرف الآخر، ولو كانت سياسة القوى الشيعية أكثر عقلانية وابتعادا عن الأداء الطائفي، لكسب كل عقلاء السنة وما أكثرهم للتفاعل إيجابيا مع العملية السياسية، ولما دفع بعض غير الطائفيين للاصطفاف مع الطائفيين، عندما رأوا الأداء الطائفي التهميشي من سياسيي الشيعة، ولسحب البساط من تحت أقدام الطائفيين منهم، ولعُزِلوا من قبل عقلاء ووسطيي مكونهم، ولو كان هؤلاء السياسيون قد اعتمدوا المواطنة لا الانتماء للطائفة، لما كان هناك مبرر لظهور الطائفية، سواء السياسية أو الدينية أو الاجتماعية.
ولا يهمني اليوم أن يتهمني البعض بأني عدت إلى شيعيتي، وأنا بريء من هذه التهمة براءة الذئب من دم يوسف كما يعبرون، وما انا بالذئب ولا بيوسف ولا بإخوته. بل أقول نعم، أنا شيعي، إذا ما تطلب الموقف التضامن مع الشيعة فيما يصيبهم من ظلم، كما إني سني عندما يظلم السنة، وأنا مسيحي عندما ينال الظلم المسيحيين، وهكذا فأنا إيزيدي وصابئي، وكردي وتركماني وآشوري وشبكي وفيلي وبهائي، عندما ينال أيا من هذه المكونات ظلم وترتكب بحقهم الجرائم، لا لشيء إلا بسبب هويتهم الدينية أو المذهبية أو القومية. أقول هذا بالرغم من أني لا يمكن لي أن أكون منتميا لأي ممن ذكرت، لأني لا أنتمي بعقيدتي إلى أي منهم، ولا أنتمي اجتماعيا لأي منهم إلا كمواطنين، لأني لا أؤمن إلا بهوية المواطنة، وقبلها بالهوية الإنسانية، لكني أكون واحدا من أي منهم، عندما يصابون بأذى، أو ينالهم ظلم، أو يكونون ضحايا لجرائم ضد الإنسانية.
وعندما تكون هناك جرائم تفوق غيرها حجما، أو من حيث بشاعة طريقة تنفيذها، فلا بد أن تكون الإدانة أكبر، والتعاطف أشد، والحزن أعمق. «سپايكر» جريمة متميزة بحجهما، وبشاعتها، وهكذا هي الجرائم التي ارتكبت مؤخرا في السنجار وسهل نينوى وتلعفر وغيرها. فقد نال أهلنا الإيزيديين وأهلنا المسيحيين وأهلنا التركمان الشيعة وضحايا «سپايكر» ما يستحق وقفة تضامن تتناسب مع حجم كل من تلك الجرائم. وهذا لا يسمح لنا باللامبالاة بما يصيب أو أصاب أهلنا السنة. فكلهم شعبنا. وقتل عراقي أو أي إنسان بريء جريمة لا تغتفر، فكيف بجريمة الإبادة الجماعية؟
انظروا إلى اليهود في العالم، فهم لا يسمحون أبدا من التقليل من حجم جريمة الهولوكوس التي ارتكبها النازيون في عهد مجنون العظمة، ومجرم الإبادة الجماعية، ومشعل نار الحرب العالمية الثانية، شبيه صدام، آدولف هتلر. وحسنا يفعل اليهود عندما لا يسمحون بالتقليل من فظاعة تلك الجرائم النازية بحقهم، لأن تقزيم جريمة عملاقة في حجمها وبشاعتها يُعدّ بحد ذاته جريمة. وهذا لا علاقة له بالسياسات اللاإنسانية المدانة لدولة إسرائيل ضد الفلسطينيين، والتي يدينها معارضو السياسة الإسرائيلية من الإسرائيليين اليهود من يساريين وعلمانيين، بل وحتى من أوساط يهودية أرثوذوكسية. نعم فالتقليل من حجم جريمة كبيرة، رضا بالجريمة، والرضا بجريمة مشاركة فيها.
واليوم المطلوب وقوف كل أحرار العالم ضد «الدولة الإسلامية»، ووقوف كل العراقيين الشرفاء، من سنة وشيعة ومسيحيين وإيزيديين وصابئة ولادينيين، وكرد وعرب وتركمان وآشوريين، وإسلاميين معتدلين وعلمانيين يساريين وليبراليين ووسطيين، كل عراقي شريف متحرق قلبه على العراق، ليختلف فيما يختلف فيه مع غيره، إلا في الموقف ضد «الدولة الإسلامية» (داعش)، وضد الإرهاب بكل ألوانه ودرجاته، وضد هدر الدم العراقي، بل هدر أي إنسان بريء على أرض العراق.
ونبقى نتطلع إلى عراق ديمقراطي علماني اتحادي، تتعايش فيه كل دياناته، ومذاهبه، وطوائفه، ومدارسه، وقومياته، وثقافاته، وفلسفاته، بمحبة وسلام، لا يختلفون إلا في الاجتهاد في تقديم كل منهم القدر الأكبر من الخدمة للوطن والمواطن، واعتماد الطريقة الأصلح والأنجح واتباع الرؤية الأكثر تحقيقا لتلك التطلعات، فيما فيه خدمة للوطن والمواطن والإنسانية.
28/08/2014



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل عدم تكليف المالكي إلغاء للانتخابات؟
- المحاصصة ضرر لا بد منه إلى حين
- نستبشر بحذر بتكليف العبادي
- المالكي يفتح أبواب نار جهنم على العراق
- لو حصل على الثالثة فلن يحصل على العاشرة
- بكاء ڤ-;-يان دخيل صرخة العراق للضمير الإنساني
- حزورة من سيكون رئيس الوزراء
- المالكي والخزاعي ولعبة التبادل وحديث المنزلة
- «الدولة الإسلامية» (داعش): التحدي الأكبر
- «ن» وما أدراك ما جريمة تهجير المسيحيين
- ليس مما هو أسهل من حسم الرئاسات الثلاث
- المخالفات الدستورية لمجلس النواب
- كفاكِ أيتها القوى السياسية الثلاث لعبا بمصير الشعب العراقي
- مجلس النواب وجلسته الأولى المخيبة للآمال
- آليات حل الأزمة العراقية الراهنة
- العراق إلى أين؟
- مقالة في ال (شپيغل) الألمانية عن أردوغان «القسيس والسلطان»
- وفاز المالكي ولو كره الديمقراطيون
- تعديلان دستوري وقانوني لمعالجة مشاكل انتخابية 2/2
- تعديلان دستوري وقانوني لمعالجة مشاكل انتخابية 1/2


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء الشكرجي - التقليل من فداحة مجزرة سپايكر جريمة