|
السوريون بين خطابات الساسة وتصرفات الشارع التركي
ماجد ع محمد
الحوار المتمدن-العدد: 4557 - 2014 / 8 / 28 - 14:04
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
" أنا سأقول الذي عليَّ قوله وأنتَ اعمل ما عليكَ فعلهُ" تُذكرنا التصريحات الايجابية والخطابات المعسولة لأغلب الساسة في تركيا حيال السوريين الفارين من وجه الموت، وتضاربها مع ما يحدث في الشارع التركي ضد اللاجئين كل فترة، بالوقفات المشكورة والإنسانية للكريلا مع اخوانهم البيشمركة والأيزيديين في اقليم كردستان والتصريحات الاستفزازية والعدائية في الوقت نفسه لمسؤولي حزب العمال الكردستاني ضد كردستان العراق. مع أن المنطق يقول بأنه لا بد لنا من الإقرار بأن تصريحات المسؤولين الأتراك منذ بداية الصراع في سوريا كانت ولا تزال تُثلج القلوب فيما يخص احتضانهم للهاربين من وجه آلة قمع النظام السوري، وموقفهم المشرف من التدفق اليومي لمئات اللاجئين السوريين الى تركيا، ولا شك بأن أغلب السوريين كانوا ممنونين وهم يسمعون الكلمات المعبرة التي تفوه بها كل من رجب طيب أردوغان ووزير خارجية تركيا أحمد داوود أوغلو في عدة مناسبات، لكن المحير في الأمر أنه كلما كثرت الخطابات المعسولة من خلال وسائل الإعلام التركية للمسؤولين الأتراك، كلما تلتها موجة جديدة من العنف والاعتداءات على اللاجئين السوريين، وكان آخرها مقتل عائلة سورية مؤلفة من ثلاثة أشخاص داخل منزلها في مدينة أنطاكية التركية، وحسب التحقيقات الأمنية فقد بيّنت التحليلات الأولية للجثث بأن السوريين الثلاثة، وهم رجل وامرأتان قد قُتلوا برصاص مسدس تم إطلاقه على رؤوسهم، هذا حسب ما نشره موقع عكس السير نقلاً عن وسائل إعلامية تركية، وحيال هذه الازدواجية التي تُمارس بحق السوريين، فتشعر كمتابع لأنباء الحوادث المتكررة بالتوازي مع الطلات التلفزيونية للمسؤولين وكأن ثمة حالة من حالات الفصام تعيشها تركيا بين أقوال الساسة في الفضاء وتصرفات الدهماء على الأرض، مع أنه للإعلام تأثير مهم على المواطن التركي حسب الدراسات الإعلامية، حيث يقول الكاتب فكري شعبان بهذا الخصوص في مقالةٍ له بعنوان "نشأة العلمانية في تركيا" بأن لوسائل الإعلام في تركيا تأثير كبير على الشارع التركي وتوجهاته، وكما هو معروف أن الإعلام يعد القوة الرابعة إلا أن في تركيا نقول إن الإعلام هو القوة الأولى في البلد حسب قول فكري، وإذا كان الجيش يُذكر قبل الإعلام في الحفاظ على العلمانية، فإن الذي يقف وراء تأليب العسكر على الحكومات هو الإعلام، وهذا ما حدث مع حكومة أربكان عام 1997 حيث هاجمتها وسائل الإعلام وألبت العسكر عليها وصورت للناس أن الجمهورية في خطر ما أثار حفيظة الجيش ودعا بعض الوزراء من حزب الطريق القويم إلى الاستقالة من الحكومة، وبما أننا في مضمار التأثير الكاسح للإعلام، فلماذا يا ترى لا يأخذ المواطن التركي بآراء سادته من خلال منطوقاتهم عبر وسائل الاعلام، إذ من المفروض أن يكون لرأي الساسة المختارين وقعهم على سكان البلد، بينما نرى فيما يخص خطابات الأقطاب وردود أفعالها على الشارع وعلاقتها باللاجئين السوريين تكاد تكون معدومة، إذ وكأن لا قدرة للساسة على لجم الحنق الجماهيري حيال تعاملهم السيء مع اللاجئين، أم ثمة ازدواجية ما تُمارس من دون أن يشعر بها الطارئون على البلد؟ مع أننا قد لا نبرئ في الوقت نفسه ساحة كل السوريين من التجاوزات ومخالفة القوانين في الدولة المضيفة وعدم مراعاتهم لخصوصية البلد، بما أن كل واحدٍ منهم جلب معه كل الأمراض التي توارثها من ثقافة البعث الفاسد حتى النخاع، وبما أن السوري كان يعيش في ظل عصابة وليست دولة، ونعرف ويعرف الجميع بأن السوري مُثقل برواسب الحكم الغاشم، وربما حمل معه بعض شوائبه أينما حل، ولكن أليس من المفرض أن تعمد الحكومة التركية الى إيجاد حلول لهذه الإشكالية؟ أي أن تحاول تجسير الهوة بين أقوال الساسة وأفعال مواطنيها، وباعتبار أن السوري كائن غير منضبط وفوضوي ولا يراعي أعراف وقيم المجتمع التركي، فلماذا لا تلجأ الحكومة التركية الى نشر كتيبات أو ملصقات أو منشورات تحض السوريين على الالتزام بما جاء فيها من بنود ومعايير؟ لكي يكون السوري القادم من البوادي على الأقل معرفة مسبقة بأخلاقيات وعادات البلد المضيف، وذلك حتى لا تتعارض ممارساته مع ثقافتهم السمعية والبصرية، وهو التصرف الذي عادة ما تلجأ إليه بعض الحكومات الغربية حتى قبل أن يطأ اللاجئ أراضيها، حيث أن أول ما يقومون به وبالتوازي مع تأمين المأوى والطعام والشراب، هو تعريف اللاجئ بثقافة وعادات وتقاليد البلد الذي سوف يستضيفهم، وذلك حتى يكون هذا الغريب على بينة من أمر طبيعة عيش سكان البلد وعادات أناسهم، ولكن وللأسف فلا الدولة التركية سعت الى ذلك للتخفيف من المشاحنات والمشاجرات المتكررة بين أفراد الشعبين، ولا الحكومة السورية المؤقتة لها مساهمات تُذكر في هذا المجال رغم قبضها وصرفها لملايين الدولارات باسم السوريين، ورغم أن كل فروع ومكاتب حكومة المنافي موجودة في تركيا، ثم أليس على الجهات الأمنية المحلية أن تصدر تعميمات بحق كل من يخالف قراراتها سواءً أكان المخالف سورياً أم كان تركياً، إلا اللهم إذا كان هناك طرف ثالث هو الذي يساهم بتأجيج الفتن وإشعالها حتى تنفجر، علَّه يصل عندئذٍ الى غاياته من خلال إهانة السوريين ويصل وقتها الى مراده من فوق معاناتهم، وهو ما لمح إليه مدير أمنيات مدينة غازي عنتاب التركية عند اجتماعه بمدير شعبة الأجانب وممثل الائتلاف والحكومة السورية المؤقتة، على خلفية المظاهرات والاعتداءات التي طالت السوريين في غازي عنتاب، حيث قال المدير حينها بأن هناك جهات معينة تعمل حالياً ضد مصلحة السوريين والأتراك معاً لذلك يجب قطع الطريق أمامها لمنع تخريب المجتمع أو الإضرار بالتعايش السلمي بين الشعبين السوري والتركي، فمن هي تلك الجهات يا ترى؟ ولماذا لا تعمل الحكومة على فضحها؟ وهل حقاً هناك طرف ثالث يريد خلق البلبلة التي قد تدفع بالسوريين الى مغادرة المدن التركية؟ أم ثمة مستبطنات ما وازدواجية في خطابات الساسة الأتراك الذين ربما مثل مواطنيهم ضاقوا ذرعاً بسوريا والسوريين على حدٍ سواء؟ فاستساغ بعض الساسة فكرة مضمونها: نحن سنقول ماعلينا قوله وأنتم افعلوا ما عليكم فعله، وذلك من خلال اللجوء الى استراتيجية البوح بكل ما هو إنساني ومشرف ومحط تقدير ـ من خلال وسائل الإعلام المؤثر ولكن من دون أن يلقى المواطن التركي أي تأثير من تلك الخطابات والتصريحات المنطلقة عبر الأثيرـ ومن ناحية أخرى الإنطراب لدوي الأحداث المتكررة هنا وهناك، أو ربما الحض على سوء التصرف وممارسة الهمجية على السوريين الذين تركوا ديارهم خوفاً من قذائف النظام السوري وبراميله المتفجرة، ليقعوا مجدداً تحت رحمة وتهديد عصي وسكاكين مواطني الدولة التركية.
#ماجد_ع_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هي شنكال
-
لو كنتُ يزيدياً
-
عبدو خليل: يُحشر السُرَ مع التساؤلات في قبوِ بارون
-
هل يُعيد حزب الاتحاد الديمقراطي تجربة حلب في كوباني؟
-
وزير شؤون الجنس والأدب
-
أفي القضايا الكبرى نكايات؟
-
الفحيح النخبوي
-
الثورة والتغيير من قلب أوروبا
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية
/ هاشم نعمة
-
من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية
/ مرزوق الحلالي
-
الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها
...
/ علي الجلولي
-
السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق
...
/ رشيد غويلب
-
المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور
...
/ كاظم حبيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟
/ هوازن خداج
-
حتما ستشرق الشمس
/ عيد الماجد
-
تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017
/ الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
-
كارل ماركس: حول الهجرة
/ ديفد إل. ويلسون
المزيد.....
|