أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مبارك أباعزي - العلمَانية الجُزئية والعلمَانية الشامِلة














المزيد.....

العلمَانية الجُزئية والعلمَانية الشامِلة


مبارك أباعزي

الحوار المتمدن-العدد: 4557 - 2014 / 8 / 28 - 08:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بدأ الكاتب الراحل عبد الوهاب المسيري حياته الفكرية اشتراكيا، يساري الهوى والفؤاد، وانتهى إسلاميا اشتراكيا في آخر حياته؛ فبعد أن جاب تاريخ الفكر وأشبعه بحثا وتمحيصا، عاد لينظر إلى كل شيء بمنظار النسبية والانتقاء، ففي النظرية الماركسية ينتقي أشياء ويترك أخرى، وإلى الإسلام ينظر بمنظار جديد ليس لا بسلفي ولا معتدل، لهذا فهو في اشتراكيته لا يرضي أحدا من الاشتراكيين، وفي إسلاميته لا يقنع أي طرف من الإسلاميين، لأن وجهة نظره لا تقترب في كل الأحوال من أي تنظيم من التنظيمات الإسلامية. أما تعامله مع العلمانية التاريخية فقد أفضى به إلى التمييز بين العلمانية الشاملة، والعلمانية الجزئية التي اعتبر نفسه من المؤيدين لها.
إن رجلا من طينة عبد الوهاب المسيري لا يمكن إلا أن نأخذ طروحاته الفكرية بكثير من الجدية، نظرا لباعه الطويل في التحليل النقدي لمعظم النظريات الغربية، وانخراطه المبكر في الإنتاج الفكري والأدبي بشكل متفرد فيه من الخصوصية الكثير. ولعل اهتماماته المتشعبة باليهودية والإسلام والفلسفة ومناهج النقد والأدب وغيرها، وله في كل هذه المجالات إنتاج وفير ومهم، هو ما أضفى على فتوحاته الفكرية تلك الرصانة التي لم يعرف بها إلا نفر قليل من المفكرين الجادين.
وقد اعتبر الباحث في كتابه "العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة"، المنشور في جزءين، أن مفهوم العلمانية يجب أن يتجدد من خلال التجربة الحقيقية للناس، لا من خلال ما تتيحه المجلدات والمعاجم والمصنفات، ولكي يبلغ مراده اختار تقديم فهم خاص للعلمانية وهو ما أفهمه بـ"الدنيوية"، محاولا طمس المفهوم الأعمق والجدير بالاهتمام، وهو إيقاف التدخل المستمر لرجال الدين في أمور الناس الدنيوية، الأمر الذي أفضى به إلى حشر العولمة والتغريب والتشيؤ والتفكيك والمادية وغيرها في التراث العلماني. ورغم أن كل هذه المفاهيم والنظريات كان لها الدور الفعال في إخراج العلمانية إلى الوجود، إلا أنها لا تمثلها تمثيلا سليما، فالمجالات هنا تختلف في العمق، وتلتقي في السطح.
فإذا عرضنا على أي علماني أصيل النص التالي: "فصل كل القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية عن كل جوانب الحياة العامة في بادئ الأمر، ثم عن كل جوانب الحياة الخاصة في نهايته، إلى أن يتم نزع القداسة تماما عن العالم"، وهو التعريف الذي قدمه عبد الوهاب المسيري للعلمانية الشاملة، فلن يجد فيه ما يؤمن به من القيم الإنسانية التي تتيحها العلمانية للإنسان الفرد والإنسان الجماعة، ولعل ما يظهر أن المسيري خلط الأوراق، وقدم قراءة خالية من أي صلابة علمية، وهو ما فعله أيضا حين انتقد التفكيكي قائلا إن تشتت اليهود هو ما جعل جاك دريدا يعتقد بتشتت المعنى في النص لأنه يهودي الديانة.
وقد تكون كل مصائب هذا الزمن مشينة فعلا، وقد نحاربها جميعا، ولكن لا يجب أن يتم ذلك تحت غطاء العلمانية، فليست الأخيرة النظام المعرفي الوحيد الذي يمكن أن يكون مسؤولا عن هذه الآفات، إذ كيف نلوم العلمانية في ذلك، وننسى الرأسمالية مثلا، وهي النظام الاقتصادي الذي ولد التشيؤ، ولماذا لا نلوم العولمة التي حولت العالم إلى أداة استهلاكية لا تستفيد منها سوى الدول الاقتصادية الكبرى؟
لهذا كله أظن أن المسيري أخطأ هذه المرة، ورغم أن تصنيفه هذا للعلمانية فيه الكثير من الجرأة الفكرية، إلا أنه في كل الأحوال مبادرة قُيّد لها النجاح، ويبقى لنا القول بأن ما سماه بالعلمانية الشاملة، يجب أن نبحث له عن اصطلاح آخر غير هذا، لأنه يبعد عنا العلمانية كما نعرفها. ومع ذلك، يكفينا أن الباحث يؤمن بجدوى العلمانية الجزئية، أي العلمانية كما نفهمها نحن، ونعني بها مجموعة مبادئ، مثل فصل الديني عن السياسي، وحرية المعتقد، وفسح الحريات، وأحيانا قد ندمج ضمنها فصل الفن عن السياسة لأنه يثير العواطف مثله في ذلك مثل الدين.
[email protected]
https://www.facebook.com/abaazzi



#مبارك_أباعزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديموقراطية والعلمانية: مظاهر التداخل
- محمد خير الدين: القادم من أقاصي الكلمة
- إنصَافاً للأدَب الأمَازيغِي الحَدِيث
- العلمانيةُ ضرورةٌ مغربيةٌ
- موسم الهجرة إلى -الشام-!
- قضية فلسطين بين الإنساني والإديولوجي
- المهدي المنجرة.. أبدا اعتذاركم إليه لن يصل
- أسَاليبُهم في صنَاعَة الاخْتِلاف
- النقد الأدبي الأمازيغي
- سيكولوجيا المثقف
- نقادُ الدينِ ومِحَنُهُم (7)
- نقادُ الدينِ ومِحَنُهُم (6)
- نقادُ الدينِ ومِحَنُهُم (5)
- نقادُ الدينِ ومِحَنُهُم (4)
- نقادُ الدينِ ومِحَنُهُم(3)
- نقادُ الدينِ ومِحَنُهُم (2)
- نقادُ الدينِ ومِحَنُهُم (1)
- تباين العقلي والميتافزيقي في دعاوى الإعجاز العلمي
- ثقافةُ المنْعِ في الخِطَاب الدِيني
- التكفير والتقتيل.. لعلك تفهم يا أبا النعيم


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مبارك أباعزي - العلمَانية الجُزئية والعلمَانية الشامِلة