أبو العز الحريرى: عندما يكون النضال ديناً للوطن

محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 4557 - 2014 / 8 / 28 - 01:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

هو رجل عرك الحياة واشتبك مع السياسة، أصقلته التجارب وأكسبته صلابة تليق بأولى العزم، لاأحسبه استراح يوماً منذ عرفته فى السبعينيات مناضلاً شاباً، كان وظل يتوهج حياة ويتدفق نشاطاً ويمتلؤ بأمل التغيير والإصلاح والثورة، لم تنل منه الزنازين ولاظلم الحكم وعسف السلطة، خرج كل مرة أصلب مما كان، ولم يقعده إلا المرض وهو الذى لم يكن يستريح إلا بين الناس ووسط الجماهير.
فى رمضان الماضى تلقيت مكالمته التليفونية فى مساء متأخر، كان كعادته صلباً يسأل عن أصدقائه ومحبيه ورفاق نضال حرص دائماً على إشراكهم فى كل عمل يستهدف صالح الوطن ومصالح الجماهير، ولطالما جاءتنى مكالماته ليطلعنى على آخر مستجدات الإسكندرية وتحركاته الوطنية ويطلب مشاركتى وعدم التغيب عن ساحة العمل العام فى الإسكندرية. هو لم يكن إلا صديق على البعد يحرص على التفتيش عن قواسم مشتركة مع كل المناضلين والسالكين فى محراب الوطن. كان يعرف خريطة الوطن السياسية كما يعرف أصابع كفيه، ولم يكن تخدعه المزايدات بينما يعمد للب القضايا وقلب الأشياء.
عرفت أبو العز الحريرى شاباً بسيطاً يمتلؤ غضباً وثورة فى بداية السبعينيات، عامل مثقف فى شركة الغزل والنسيج، ودارس منتسب للجامعة، بدأ عصامياً ولايزال، كان مرشحاً عن مقعد العمال فى دائرة كرموز التى جيش نظام السادات ضده لإسقاطه، وكان على الضفة الأخرى من دائرته الدكتور القاضى وكمال أحمد مرشحى دائرة العطارين واللبان، وحمدى مرسى دائرة محرم بك، ومحمد البدرشينى دائرة غربال، كانوا رموزا سكندرية من اليسار المصرى الأصيل على تنوعات أفكاره من الناصرية للإشتراكية للماركسيه. كنا لانزال نتلمس طريقنا فى جامعة الإسكندرية: عاطف جلال رحمه الله، عبدالعزيز عمار، محمد عباس رحمه الله، يونس عبادى، ومحمود بيرم، وآخرين يجمعنا نادى الفكر الناصرى مع حمدين صباحى وماجد جمال الدين وطارق النبراوى، وحمدى ياسين ومحمد عبد الله رزة، وبهاء شعبان من القاهرة. رأينا فى أبوالعز والقاضى وكمال أحمد والبدرشينى مناضلين ضد سياسات الإنفتاح وضرب تحالف قوى الشعب العاملة والتوجه الرأسمالى لنظام السادات وتقكيك القطاع العام وتغيير التركيبة الإجتماعية للطبقة الوسطى وسحقها لصالح هندسة هرم اجتماعى جديد تربطه مصالح مباشرة بالولايات المتحدة الأمريكية وهيئة المعونة لخلق رأسمالية مزيفة متوحشة على غرار الكومبرادور الدولى المعادى لأيدلوجيات اليسار والطبقات الفقيرة من العمال والفلاحين. كنا فى ذلك الوقت نتشبث بكل عمل نضالى لايزعزع الأرض من تحت أقدامنا ولايجعلها تميد بأفكارنا فى الإستقلال الوطنى والحرية والعدالة الإجتماعية التى أسس لها جمال عبد الناصر. كنا نعكف فى منزل عاطف جلال نعد اللافتات والمطبوعات والمنشورات والملصقات طوال النهار ثم نقوم بجولة المرور على الدوائر الإنتخابية، والمسيرات والمؤتمرات وكم تعرضنا للضرب والسحل والعنف، وتعرض الحريرى للإغتيال أكثر من مرة، وعندما نجحت هذه المجموعة المحترمة بفضل أول إنتخابات نزيهة نسبياً أجراها ممدوح سالم وزير الداخلية ورئيس الحكومة الأسبق، لم يتوانى السادات فى حل المجلس للخلاص من صداعهم ومعهم المستشار ممتاز نصار عن البدارى وخالد محى الدين عن كفر شكر وكمال الدين حسين، الدمرداش العقالى، وإبراهيم شكرى. ولن أكتب لك عن مسيرة أبو العز الحريرى فذلك موجود على الإنترنت، لكنى أضع أمامك صفحات من تاريخ مناضل عبر العصور، أبداً لم يساوم على مبدأ ولم يحاول المواءمة أو اعتماد أنصاف الحلول, وأذكر أنه قبل انتخابات 2000 عقد الأستاذ عصام السعدنى المحامى لقاء جماهيرياً بمقر الجمعية الوطنية برمل الإسكندرية حضره أ. مصطفى بكرى ومحافظ الإسكندرية عبدالسلام المحجوب وكان أبو العز وكمال أحمد والبدرشينى ضمن من حضروا لقاء محدودا فى مكتب عصام السعدنى المحامى مع المحافظ وبكرى والمناضل الكبير رأفت نوار شيخ محامى الإسكندرية وزمرة من رموز الإسكندرية زكريا قطب وعبدالرحمن الجوهرى وجمال أبوالفضل ومحمد بدير ومحمد خليل وزمرة من الشباب والمثقفين، وكان أبوالعز صريحاً وواضحاً كعادته فى نقد تجربة مبارك وتوجهات سياساته.
أبوالعز الذى لم يهادن أو يجامل حتى المجلس العسكرى كان فى مقدمة صفوف 25 يناير و30 يونيو ولم تسلم أسرته: الزوجة وأبنائه هشام وهيثم نشطاء الثورة ولا كل من ذكرته وشخصى من تنكيل السلطة والإخوان لكنه تحمل بشجاعة الرجال، واليوم نشكر الرئيس السيسى لسؤاله عن أبوالعز ونتمنى أن ينال تكريماً عاجلاً من الدولة قبل فوات الأوان. أدعوا له وصلوا من أجله.

#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات