أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميثم الجنابي - الأهمية الفكرية للمرجعية-8 من 9















المزيد.....

الأهمية الفكرية للمرجعية-8 من 9


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 1285 - 2005 / 8 / 13 - 12:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن انجاز المساعي الروحية والأعمال السياسية من جانب المرجعية الشيعية كما تناولتها في المقالين (السادس والسابع) يفترض استكمالهما بتنفيذ خمس مساهمات كبرى في ميدان الفكر. بمعنى ضرورة تكامل المساعي الروحية والأعمال السياسية والمساهمات الفكرية بالشكل الذي يجعل المرجعية قادرة على المساهمة الفعلية في واقع وآفاق الانتقال المرتقب إلى الديمقراطية في العراق.
إن انجاز هذه المهمات بوصفها كلا واحد هو الوحيد الذي يكفل للمرجعية الشيعية في العراق إمكانية المواكبة الفعلية للحداثة والمعاصرة، ومن ثم المساهمة الحقيقة في إعادة تفعيل الطاقة الروحية والسياسية والفكرية للعراق. والمقصود بالمساهمات الفكرية الخمس الكبرى هنا هي:
أولا: المساهمة في إرساء أسس الرؤية الاجتماعية والمدنية الفاعلة. إن وضع حصيلة المساهمات النظرية الرامية إلى إرساء الأسس الروحية والسياسية للدولة العراقية الجديدة يفترض من الناحية العملية المساهمة الفعالة للخروج على تقاليد الانعزال عبر تعميق وتوسيع المحتوى الاجتماعي للأفعال السياسية، وكذلك تفعيل الأبعاد السياسية في النشاط الاجتماعي. فهي العملية القادرة على كسر قيود ونفسية الغيتو الشيعي الذي حاولت السلطات الاستبدادية فرضه كأسلوب للتحكم بالعراق. وبالتالي البرهنة على أن العراق هو تشيع لتاريخه الذاتي، وان هذا التاريخ من حيث مضمونه الحقيقي والمتسامي هو تاريخ التشيع، وانه حامل حقيقة التراث الإنساني والحقاني والوجداني والأخلاقي في العراق. فهو إذن ممثل الكلّ العراقي. ولكنه تمثيل عراقي – ثقافي، لا طائفية فيه، لان روحه هو العدل والإحسان والحرية ومقارعة الظلم والطغيان. وهي أبعاد ينبغي تثويرها الدائم عبر إشراكها الفعال في النشاط الاجتماعي والسياسي والحقوقي. وهو تثوير ممكن فقط من خلال الرؤية العقلانية المستندة بدورها إلى منظومة فكرية تقر بالبدائل المتنوعة والاحتمالات غير المتناهية.
ثانيا: المساهمة في بناء منظومية الفكر. وذلك لما في المنظومة بحد ذاتها من قيمة ضرورية بالنسبة للاعتدال النظري والعملي، ومن ثم بالنسبة لترسيخ وتعميق وتوسيع الأبعاد العقلانية فيهما. لان المنظومة هي الوحيدة القادرة على صنع أسلوب المساهمة الفعالة في تجذير وتعميق الوعي الذاتي، بوصفه شرط ومقدمة الوعي العقلاني الشامل والفعال في الظروف الحالية للعراق. فهو يساعد الحركة السياسية والاجتماعية على تجاوز جزئية الرؤية والأحكام. بمعنى عدم الوقوف عند حدودها. ولا يعني ذلك نفي قيمة الأحكام الجزئية. على العكس أنها الأكثر أهمية من الناحية العملية والتطبيقية. بل يمكن القول بان الأحكام الجزئية هي الصيغة العملية الوحيدة الممكنة للأحكام العامة والشاملة والكلية. إلا أن الوقوف عندها في ظل العملية القلقة وغير المستقرة لانتقال المجتمع والدولة والثقافة من التوتاليتارية والدكتاتورية والطائفية إلى المجتمع المدني والدولة الشرعية والحكومة الديمقراطية، يعني إمكانية استنهاض القوى المخربة القديمة.
فمن وجهة النظر الفلسفية يمكننا الإقرار بان الوجود منظومة والمجتمع منظومة والدولة منظومة والإنسان منظومة. بل الحياة والموت منظومة، والكون وكل ما فيه منظومة. فهي أسلوب الوجود المستديم والحيوي للأشياء. كما انه أسلوب تحقيق السعادة. ونستطيع الجزم، بان الرؤية المنظومية هي أحد الشروط الضرورية لتأسيس العقلانية والاعتدال. كما انه لا عقلانية ولا اعتدال بدون منظومة. بل أن فشل كل التجارب العربية المعاصرة وفي العراق بشكل خاص، في ميدان الاقتصاد والسياسية وبناء الدولة والمجتمع والعلم والثقافة والتكنولوجيا هو بسبب غياب رؤية منظومية ذات قواعد عملية متناسقة في خدمة التقدم الاجتماعي. من هنا ضرورة المنهجية المنظومية في الرؤية والفعل، بمعنى التزامها بالعقلانية والاعتدال والعمل ضمن فكرة الاحتمالات المتنوعة والبدائل العديدة تجاه كل ما يخص المصالح الجوهرية والكبرى للدولة والمجتمع. وهي منهجية ذات قيمة عملية فائقة في الظرف الراهن للعراق من اجل المرور السليم والهادئ في مرحلة الانتقال العاصفة هذه.
ثالثا: المساهمة في تأسيس منظومة الاحتمالات المتنوعة والمختلفة. ففي مراحل الانتقال عادة ما تندفع إلى الأمام وتستحوذ على الفكر السياسي والعملي بشكل عام مختلف أنماط ونماذج الراديكالية والغلوّ. وهي ظاهرة لها ما يبررها بعد سقوط الأنظمة التوتاليتارية والسلطات الدكتاتورية. وبما أن التوتاليتارية تتعارض تعارضا تماما مع نفسية وذهنية الاحتمال، من هنا أثرها غير المباشر في ردود الفعل المحتملة تجاهها. وهي ردود لها ما يبررها أيضا. إلا أن خطورتها المدمرة تقوم في إمكانية تحولها صوب المستقبل وليس الماضي فقط. من هنا أهمية منظومية الفكر بالنسبة للرؤية العقلانية والمعتدلة. أما تحقيقها العملي فيفترض تحويلها إلى منظومة احتمالات دائمة، لأنها الوحيدة القادرة في مراحل الانتقال على تسويغ المعنى السياسي للبدائل وضرورتها الحياتية بالنسبة للدولة والمجتمع. وهي صيغة لابد من جعلها مرجعية عملية ضرورية في العراق المعاصر. وذلك لأنها تستطيع أن تعطي لفكرة منظومة الاحتمالات إمكانية وحق تجسيد العدالة والنظام، بوصفهما قيما جوهرية في التشيع، كما تستطيع أن تعطي لفكرة الاحتمال إمكانية تحقيقها الدائم للحرية والإبداع في مختلف الميادين. وفي هذا تكمن ضمانة التطور الاجتماعي والسياسي العقلاني للدولة والمجتمع والثقافة.
رابعا: المساهمة في تأسيس ذهنية البدائل العقلانية والإنسانية. ولا يمكن تجسيد المهمات الواقعية القائمة أمام ما أسميته بتأسيس منظومة الاحتمالات المتنوعة دون تأسيس ذهنية البدائل العقلانية. وهي ذهنية تفترض الإقرار بالاجتهاد الدائم المقرون بإشكاليات المعاصرة. بعبارة أخرى، إن مضمون الاجتهاد الدائم هو مضمون المعاناة الفعلية للحركات الاجتماعية والسياسية الشيعية في تقديم البدائل العقلانية، أي العمل حسب منطق وقواعد معاصرة المستقبل. وهي قواعد ومنطق يفترضان على الدوام وحدة الرؤية العقلانية والواقعية تجاه الإشكاليات وآفاق حلها. بمعنى أن يكون البديل العقلاني هو البديل الواقعي. ولا معنى لحدود البديل الواقعي في العراق المعاصر سوى إعادة بناء هويته الوطنية ودولته العصرية ومجتمعه المدني ونظامه الديمقراطي الاجتماعي. فهي المقدمة التي تجعل من الممكن استدامة التطور الواقعي المتجانس لكل قواه ومناطقه وميادينه. وفي هذا يكمن مضمون العقلانية الواقعية في ظروف العراق الحالية. وفيها أيضا تنتظم قيم الحرية والحق في مشروع الرؤية العلمية عن الدولة والمجتمع والثقافة. بحيث تكون الدولة هي وحدة الحق والنظام، والمجتمع هو وحدة الحرية والعدالة، والثقافة هي وحدة الحرية والإبداع. أما الحصيلة العملية لذلك فهي صناعة الشروط الضرورية لمستقبل متراكم في تجارب المجتمع وقواه الفكرية والسياسية.
خامسا: المساهمة في توليف المستقبل المتراكم في الفكر الحر. لقد أشرت سابقا في مجرى تعميم الأفكار المتعلقة بتحقيق الأهمية الروحية والسياسية للمرجعية إلى استنتاجين وضعت الأول منهما تحت مطلب "السعي في رسم تفاؤل المستقبل"، والثاني تحت مطلب "العمل من اجل تراكم الشرعية والحق بوصفها ضمانة التفاؤل بالمستقبل". ومنهما جرى صياغة مطلب "المساهمة في توليف المستقبل المتراكم في الفكر الحر". ولا يعني ذلك في الحالة المعنية سوى الاستظهار النقدي الجزئي والمنظومي لحصيلة الرؤية المتراكمة في الاجتهادات والمشاريع المتعلقة بحل إشكاليات ومهمات ومطالب ما سميته بالأهمية الروحية والسياسية والفكرية لتأسيس فكرة وعمل المرجعية في ظروف العراق الحالية.
إن تحقيق المهمات الكبرى القائمة أمام المرجعية الشيعية في العراق كما وضعتها في ما أسميته بالأهمية الروحية والسياسية والفكرية للمرجعية هو الذي يعطي للمرجعية الشيعية في العراق أهميتها التاريخية بوصفها قوة هائلة في إرساء أسس الاعتدال الاجتماعي والسياسي، وخلية فاعلة كبرى في المجتمع المدني العراقي اللاحق. وهي نتيجة لا تضمن في ذاتها أية مفارقة لعلاقة الديني وبالدنيوي في العراق. فالمرجعية الشيعية هي "فاتيكان" العراق، ومن ثم لها تاريخها وقدرتها على الفعل الروحي والسياسي والفكري في آفاق التقدم المدني والاجتماعي للعراق، ولكن فقط في حال الاندماج الواقعي والعقلاني والفعال بالعملية المعقدة لإعادة بناء مقومات الانبعاث الروحي والسياسي والفكري نفسه للعراق.



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاهمية السياسية للمرجعية 7 من 9
- الأهمية الروحية للمرجعية 6 من 9
- المرجعية الشيعية ومرجعية التقليد - الواقع والآفاق 5 من 9
- المرجعية الشيعية - الفكرة والتاريخ الفعلي 4 من 9
- فلسفة المرجعيات في التراث العربي الإسلامي3 من 9
- مرجعية الروح المتسامي ومرجعية النفس السيئة 2 من 9
- فلسفة المرجعية والمرجع في العراق1 من 9
- الديمقراطية في العراق - خطوة إلى الأمام
- الفدرالية القومية في العراق - خطوة إلى الوراء
- النخبة السياسية في العراق – الهوية المفقودة
- هل العراق بحاجة إلى مساعدات؟
- جنون الإرهاب الوهابي - خاتم الإرهاب التوتاليتاري 4 من 4
- جنون الإرهاب المقدس – الحنبلية الجديدة 3 من 4
- جنون الإرهاب الأصولي – تحطيم العدل والاعتدال 2 من 4
- جنون الارهاب السلفي – إيمان مشوه وبصيرة حولاء-1 من4
- الجمهورية العراقية الرابعة – الاحتمالات والابعاد المجهولة
- هل العراق بحاجة إلى مرجعيات دينية؟
- الأغلبية المعذبة ومشروع البديل الوطني في العراق
- إشكالية الهوية العربية للعراق – مشكلة الجهل والرذيلة
- المثقف العراقي – المهمة الشخصية والمسئولية التاريخية


المزيد.....




- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...
- 40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة ...
- “فرحة أطفالنا مضمونة” ثبت الآن أحدث تردد لقناة الأطفال طيور ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميثم الجنابي - الأهمية الفكرية للمرجعية-8 من 9