|
حذاري من الإنزلاق !
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4556 - 2014 / 8 / 27 - 13:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الغالبية العُظمى من الكُرد ، أينما وُجِدوا .. يتمنون أن تزول الخلافات الحادة ، بين الأحزاب السياسية الكردية الرئيسية ، المتنفذة . ويطمحون ان تتوَحَد جهود مُقاتِلي هذه الأطراف ، للوقوف بِوجه الأعداء المُشترَكين . ولكن في الوقت الحاضر ، كما أرى .. لا تعدو هذه الأفكار ، عن كونِها مُجّرَد أُمنِيات ، وتحويلها الى واقعٍ على الأرض ، في الأشهُر أو حتى " السنوات " القادمة ، أمرٌ في غاية الصعوبةِ ، للأسَف . للأسباب التالية : * الخلافات الموجودة بين الأحزاب الكردستانية الرئيسية ( الديمقراطي / الإتحاد / العُمال وفروعه ) .. ليستْ بنت اليوم .. بل هي قديمة ، ومعظمها مُفتَعَلة ومُصطنعة مِنْ قِبَل ، دول الجوار ( إيران / تركيا / سوريا ، وبالطَبع العراق أيضاً ) .. هذه الدول ، التي طالما رَعَتْ وإحتضنتْ قيادات هذه الأحزاب ، لسنين طويلة . حكومات ومُخابرات هذه الدول ، تعامَلَتْ لعقود من الزَمَن ، مع " الملف الكُردي " ، وفق مصالحها الآنية والإستراتيجية . والقيادات الكردستانية ، كانتْ تدركُ " غالباً " ، بأن البُلدان الراعية ، تتلاعب بهم وتستخدمهم ، لمصالحها .. لكن هذه القيادات ، كانتْ ( ولا تزال الى حدٍ ما ! ) تنساقُ ، لسببَين : الأول والأهَم .. لأنها تستفيد مادياً وتحصل على إمتيازات ومكاسب ضخمة ، حزبية وشخصية . والثاني ، لأنها تّدَعي بأنها مُجبَرة ولاتملكُ خَيارات أخرى . * هنالك ، عدا الأحزاب الثلاثةِ أعلاه ، عشرات الأحزاب الكردستانية الأخرى ، في الأجزاء الأربعة ، بعضها عريق والآخَر جديد . لكن الفاعلةَ منها ، هي في الواقع ، أما إمتداد للأحزاب الثلاثة أو ان تأثيرها ونفوذها واضحٌ وكبيرٌ ، عليها . وإذا كان الحزب الديمقراطي الكردستاني ، هو الحزب الأُم ، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، ومنهُ تفرعتْ الأحزاب الأخرى .. إلا ان حزب العمال الكردستاني ، في العقود الثلاثة الأخيرة ، قَد أصبحَ هو صاحب التأثير الأعظم ، على الأحزاب الكردستانية " الفاعلة " ، في كُل من سوريا وإيران ، إضافةً الى ساحتهِ الأصلية ، أي تُركيا . * هنالك فرقُ ، بين الحزب الديمقراطي من جهة ، والإتحاد الوطني وحزب العُمال ، من جهةٍ أخرى . فالقرار في الديمقراطي ( مركزي ) بإمتياز ، فإذا قالَ السيد مسعود البارزاني ، قالَ الحزب . بينما ليستْ هنالك ، حالياً ، قيادة واضحة في الإتحاد الوطني ، بعد غياب الطالباني عن الساحة ، علماً ان جناح السيدة هيرو أحمد ، هو الأكثر نفوذاً كما يبدو . وكشفتْ الوقائع خلال السنة الأخيرة ، المدى الواسع ، لنفوذ إيران ، على الإتحاد الوطني الكردستاني . في حين ان حزب العُمال الكردستاني ، حيث زعيمه أوجلان قابع في السجن منذ خمسة عشر سنة ، فأن مراكز القرار ، مُتوزعة عملياً ، بين قنديل وبين الداخل التركي . وحتى في قنديل ومُلحقاتها شرقاً أي كردستان ايران وغرباً أي كردستان سوريا ، فأنهُ هنالك إتجاهان ، الأول بقيادة " مُراد قَريلان " ، والآخر بقيادة " جميل بايك " . وعلى الرغم من التكتُم المفروض على آلية تنظيم حزب العُمال .. إلا أنه من الواضح ، ان علاقة جميل بايك ، وثيقة مع النظام الإيراني ، وبالتالي ، صِلاته جيدة مع الإتحاد الوطني أيضاً . في حين ان مُراد قريلان ، له علاقات لا بأس بها ، مع الحزب الديمقراطي ، وهنالك نوعٌ من التنسيق بينهما . ومن جانبٍ آخَر ، فأن الأحزاب الرديفة لحزب العُمال في تركيا ، والتي فرضتْ نفسها ، ديمقراطياً من خلال الإنتخابات ، وباتتْ تحكم العشرات من البلديات .. فأن لها أيضاً مواقفها ، التي لاتتطابق أحياناً ، مع مواقف أوجلان أو قنديل . إذن .. وعلى الرغم ، من المرجعية المعنوية الجامعة ، لأوجلان .. فأن هنالك مراكز قُوى داخل حزب العمال وفروعه . ومن الجدير بالذكر ، ان حزب الإتحاد الديمقراطي ، ووحدات حماية الشعب " القريبَين من حزب العمال " ، المُسيطرة على معظم بلدات ومُدن كردستان سوريا .. علاقتهُ مُتوتِرة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني . فإذا عرفنا ، ان الديمقراطي ، لهُ علاقة وثيقة شُبه إستراتيجية ، مع حزب الحرية والعدالة الحاكم في تركيا .. لن يكون من الصعب ، إكتشاف السبب في العلاقة الشائكة ، بين الإتحاد الديمقراطي ( الذي هو جُزءٌ من مشروع حزب العُمال ) ، وبين الحزب الديمقراطي ( المُنخرِط في علاقة بعيدة المدى ، مع تركيا ) . * سقوط سنجار بيد داعش في 3/8/2014 ، أدى الى تداعيات خطيرة ، تُنذِر بعواقب وخيمة ( إذا إستمرتْ ولم تُعالَج بِحِكمة ) .. وأقصُد بالذات : التواجُد المُتصاعِد لمُقاتلي حزب العمال ووحدات حماية الشعب ، في جبل سنجار : 1- لعبتْ وحدات حماية الشعب ، دوراً مركزياً ، في إنقاذ آلاف الهاربين المُحاصَرين على جبل سنجار ، وتسهيل عبورهم الى الجانب السوري . 2- إشتركتْ هذه الوحدات ، الى جانب البيشمركة ، في معارك كثيرة ضد داعش ، في مُحيط ربيعة وزُمار . 3- هرعَ مقاتلي حزب العمال أي الكريلا ، الى جبل سنجار ومحيط سنوني ، قادمينَ من قنديل ، لمُساندة وحدات حماية الشعب ، ولتأمين وحماية المنطقة الحدودية مع سوريا . حيث ان المسافة بين جبل سنجار ، والقامشلو وغيرها من المُدن مثلاً ، لاتتعدى الستين كيلومتراً فقط . أي ان وقوع جبل سنجار بيد داعش ، يُشكِل ضربة ماحقة لحزب العمال ، ويُسهِل على داعش ، مُهاجمة الكانتونات . عليهِ فأن حزب العمال ووحدات حماية الشعب ، تعتبران جبل سنجار ، منطقة في غاية الأهمية الإستراتيجية ، بالنسبة لها . 4- كما يبدو ، فأن وحدات حماية الشعب ، والكريلا .. لم يكُن هدفها فقط ، إنقاذ النازحين الإيزيديين المُحاصَرين على جبل سنجار .. ولا مُساندة البيشمركة ، لتحرير سنجار وتخليصها من قبضة داعش ، فحسب . إذ ان مُقاتلي حزب العمال [ حسب تجارُب العشرين سنة الماضية ] لاينسحبونَ " إختيارياً " من منطقةٍ أستَولوا عليها ! . أي بمعنى : من السذاجةِ الإعتقاد ، ( بعد تحرير سنجار في المستقبل القريب كما اتوقَع ) ، ان حزب العُمال سينسحب ببساطة ، ويُسّلم جبل سنجار والمناطق الأخرى المتواجِد فيها ، الى البيشمركة او الجيش العراقي . وإذا لم ينسحب ، فكيف سيتعامل البيشمركة مع الأمر ؟ [[ هذه هي المخاوِف الحقيقية التي أتوقعها ]] . وبالفعل فأنه يتم الآن تدريب شباب من إيزيديي سنجار ، على يد حزب العمال ، وتهيئتهم رُبما ، لإعلان كانتون سنجار في المُستقبل القريب ! . وإذا إستمر هذا السيناريو الى مداهُ المرسوم ، فأنه سيُشكِل بُؤرة خطيرة ، قد يكون من تداعياتها الكريهة ، عودة الإقتتال بين ، الديمقراطي المدعوم من تُركيا ، وحزب العُمال !. 5- لو حصلَ ذلك ، فأنه سينسف كُل الجهود المبذولة ، لإستقرار المنطقة ، ويُدخلنا في متاهاتٍ لاتُحمَد عُقباها .. فلا أقليم كردستان سيتطور وينمو ، ولا عملية السلام في تركيا ، ستتقدم الى أمام . ................. كُل المساعي ، يجب أن تُبذّل ، من جميع الخّيرين .. منذ الآن ، لنزع فتيل الصراعات ، وتقريب وجهات النظر ، وإيجاد مُشتركات ومصالح عُليا .. ولا سيما بين الحزب الديمقراطي الكردستاني ، وحزب العُمال الكردستاني . إذ ان الخلافات ، هي بين هذَين الحزبَين أساساً .. والخلافات مع الأطراف الأخرى ثانوية ويُمكن إحتواءها . أعتقد ان هُنالك العديد ، من العُقلاء في قيادتَي الحزبَين ، الديمقراطي والعُمال .. بحيث يستطيعون ، تدارُك الأمر ، وإطفاء الجمرات قبل تحّولها الى نارٍ مُستعِرة .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تُوّزَع مجاناً .. ليستْ للبيع
-
قَد تابَ وأنابَ
-
لماذا ولِمَنْ أكتُب ؟
-
شّتانَ بين ، معركة هندرين و ( لا مَعركة ) سنجار !
-
مأثرة ( قاسم ششو ) ورفاقه الأبطال
-
الإيزيديون .. حقيقة في مُنتهى القَسوة
-
إعادة البناء .. الترميم والإصلاح
-
أحزاب : العُمال / الديمقراطي / الإتحاد .. ليست إرهابية
-
من وَحي الكارثة
-
إصابة المالكي ، بإنهيارٍ عصبي
-
تحريرُ - مخمور - ، فاتِحةُ خَير
-
بَطَلَين مِنْ هذا الزَمان
-
حذاري من الوقوع في مُستنقَع الشوفينية
-
أحسنُ رَدٍ كُردستاني ، على داعِش
-
العَجز عن تفسير ما يجري
-
الشعبُ مع البيشمركة ، أقوى كثيراً من داعش
-
على هامِش أحداث سنجار
-
إقترابات ، مما حصلَ في سنجار
-
سنجار .. معركة الحضارةِ ضد الهَمَجِية
-
النازحين .. وأحفادي ، هُم السبب في كُل المشاكِل
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|