|
الكرد وتشكيلة الحكومة الجديدة ... فراق أم وفاق ؟!
هفال زاخويي
الحوار المتمدن-العدد: 4556 - 2014 / 8 / 27 - 13:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
القضية الكردية في العراق هي قضية قديمة جديدة ولها جذورها التاريخية ومحطاتها وتداعياتها الخطيرة وقد أخذت هذه القضية بعد الغزو العراقي للكويت عام 1991 أبعاداً دولية معروفة ، ومن ثم أخذت شكلاً آخر بعد انهيار النظام الديكتاتوري السابق على أيدي القوات الأميريكية في نيسان 2003 ، إذ غدا الكرد طرفاً مهماً ومؤثراً في المعادلة السياسية العراقية بالإضافة الى المعادلة السياسية والإقتصادية الإقليمية والدولية بخاصة بعد ان نجحت عمليات التنقيب عن النفط وتم التأكد من وجود كميات هائلة من النفط في هذا الإقليم ... ولكن هل سارت الأمور على ما يرام ؟! وهل نجحت القيادات الكردية على جميع المسارات وهل استطاعت ان تتعامل وفق المعطيات والمستجدات المتسارعة والخطيرة دوماً وهل كان الأداء السياسي الكردي في العراق ومازال ناجحاً ومؤثراً؟! سؤال مطروح دوماً في أذهاننا ، ولنا على ذلك ملاحظات ، والأجوبة التي نحملها في مقابل هذا السؤال يحمل بين طياته الكثير من الملاحظات والمؤاخذات ، في حين ان الأجوبة لدى المتحزبين والنفعيين جاهزة في علب الماكياج ، او على برامج الفوتوشوب التي ظلت قادرة على اخفاء الحقائق ولو لحين. دون أدنى شك فان الحالة الكردية في العراق ما زالت قضية كون ان هناك الكثير من المشاكل عالقة بين بغداد واربيل وهي مشاكل بالطبع مهمة وخطيرة أيضاً لكن قابلة للحل عبر التفاوض ومن خلال تبني ثقافة (المساومة...!) في التفاوض مع بغداد ، وقد يستغرب البعض بخاصة أصحاب العقائد الثورية وحملة الأقلام الثورية من مفردة (المساومة) التي استخدمتها ، لكني أراها حالة متطورة في العمل السياسي والدبلوماسي وحل المشاكل لتفادي الحروب وويلاتها وكذلك تفادياً للتعقيدات، والوصول الى الحلول (المعقولة) ان لم اقل الحلول (المثالية). ان القيادات السياسية الحالية الكردية هي ذات القيادات التي قادت الثورة الكردية سواء في ايلول 1961 والى اذار 1975 ، ومن ثم في ايار 1976 وصولاً الى نيسان 1991 ، هذه القيادات ما زالت صاحبة نفس الإيديولوجيا القومية التي أدارت الثورات المسلحة انطلاقاً منها واقصد (الإيديولوجيا القومية) ، وبالطبع ما زالت تقف على ذات الأرضية التي كانت واقفة عليها ، مع فارق التغير الحاصل في العالم برمته ونمطية التعاطي مع الحدث وكذلك دخولها في حالة خطيرة من البيروقراطية وصعودها الى الأبراج العاجية والمعزولة عن الواقع... ومن جديد أقول ولكن هل نجحت هذه القيادات السياسية الكردية في أن تتعامل مع بغداد محققة نجاحاً استراتيجياً على مجمل الساحة العراقية عموماً والساحة الكردستانية خصوصاً ...؟! سؤال آخر وبحاجة الى النبش في أرشيف مسيرة العلاقات بين بغداد وأربيل منذ 2003 والى الآن ، وبخاصة العلاقة بين الأحزاب الكردية والأحزاب الشيعية . الآن وبعد تنازل المالكي وتخليه عن فكرة الولاية الثالثة بفعل المواقف المحلية والاقليمية والدولية ، وتكليف حيدر العبادي بتشكيل حكومة (شراكة وطنية) ، بدأت المفاوضات بين الأطراف لتشكيل الحكومة ، والكرد كطرف مهم وفاعل شكلوا وفداً تفاوضياً وهو الآن متواجد في بغداد حاملاً معه وثيقة المطاليب الكردية ، وهذا الوفد يتألف من الطيف السياسي الكردي المتنوع ، ولكن هل ندرك حيثيات التفاوض ؟ هل نعلم ما الذي يجري ويدور ؟ هل المعلن يتطابق مع المخفي ؟ هل المفاوضات عصية أم تسودها المرونة ؟ هل هناك أخذ وعطاء أم هناك تصلب ؟ وما الى ذلك من أسئلة تدور في الذهن ، ولا نلقى لها إجابات بسبب ثقافة حجب المعلومات المعروفة في مجتمعاتنا ولدى قياداتنا السياسية بشتى تلاوينها ، فالرأي العام غير المتشكل الى الآن في العراق مازال بعيداً عن البحث عن الأجوبة والمطالبة بها كونه رأي يتمايل مع ميول الطائفة والعرق والحزب والقبيلة ولا يؤثر قيد شعرة على القرار السياسي ، نظراً لان القادة المحركين لا يأبهون بالجماهير مطلقاً ، وهذا بحث آخر يدخل في اطار تعقيدات سايكولوجية الجمهور . من خلال المتابعة وكذلك من خلال لقاءاتي واتصالاتي المستمرة مع شخصيات سياسية وقريبة من مصادر القرار ، وعلى علم ببعض التفاصيل ، ومنهم من أفنى عمره في الثورتين الكرديتين (ايلول 1961 وايار 1976) ، ومنهم من هو يعتقد بأن الحل مازال يكمن داخل العراق ،كما ان منهم اصدقاء وزملاء من الكتاب والمتابعين، فقد توصلت ومن خلال هذه اللقاءات والاتصالات والمتابعات الى ان هناك خلل يسود المشهد ، وهناك ثغرات بل قد تكون أخطاء لدى القيادات الكردية بخصوص التفاوض الحالي ، وأول هذه الحالات التي لاحظتها هو غياب القيادات من الصف الأول ، أليس من الجدوى أن يتصدر القادة المحركون المشهد ولو لمرة واحدة في بغداد ، أليس من الضرورة بمكان مثلاً أن نرى السيد رئيس اقليم كردستان والذي هو رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني ، وكذلك السيد نوشيروان مصطفى زعيم حركة التغيير ، والسيدة هيروخان عقيلة الرئيس العراقي السابق مام جلال ، اضافة الى القادة الآخرين من قادة الأحزاب السياسية الكردية وهم في زيارة الى بغداد كمحاولة لإذابة جدار الجليد بين بغداد وأربيل ، كي يفتحوا صفحة جديدة ويساهموا في ترميم العلاقات المتدهورة خصوصاً بين التحالف الوطني الشيعي والأطراف الكردستانية ، تلك العلاقات التي تدهورت منذ بدايات 2012 ومن ثم تفاقمت كثيراً بداية 2014 على خلفية المشاكل النفطية والمالية بين بغداد وأربيل وما صاحب ذلك من قرارات خاطئة للسيد نوري المالكي بخصوص قطع الرواتب والمعاشات عن موظفي اقليم كردستان ، ثم تفاقمت الحالة نحو الأسوأ حتى وصلت الحال الى قطيعة شبه تامة بين اربيل وبغداد بعد سقوط الموصل ومناطق سنية أخرى بأيدي تنظيم داعش والتنظيمات المسلحة الأخرى ووصلت الحال الى تبادل اتهامات خطيرة للغاية بين مسؤولي العاصمتين (بغداد وأربيل)، إذ شكلت هذه الاتهامات سابقة خطيرة بين الطرفين . وبعد سقوط سنجار (وما نتج عنها من مأساة رهيبة للمكون الإيزيدي) وسهل نينوى ومناطق اخرى في مخمور بأيدي تنظيم داعش الإرهابي ، تدخلت اميريكا بجهدها الجوي لضرب مجاميع داعش وتم تسليح قوات البيشمركة من قبل اميريكا ودول غربية اخرى ، مما ساهم هذا الأمر في بدء صفحة جديدة من التنسيق بين بغداد واربيل لمواجهة خطر داعش الداهم ، وتوالت التطورات السياسية الى ان وصلت الحال الى تكليف الدكتور حيدر العبادي ، وها هو الآن يجري مباحثات صعبة مع المكونات والتيارات السياسية العراقية لتشكيل حكومته التي ستواجه تلالاً من المشاكل والتركات الثقيلة اولها الفساد المالي والاداري ومن ثم الملف الأمني وتداعياته، والولاءات الحزبية والميليشيات المسلحة ، والتوازن في القوات المسلحة ، ومعالجة الترهل في مؤسسات الدولة ، وهذا بالطبع بحاجة الى همة وارادة واخلاص ومتسع من الوقت بشرط تكاتف جهود جميع الأطراف. ما يبدو مهماً من وجهة نظري في الفترة الحالية هو ان تكون المطاليب الكردية التي يحملها المفاوض الكردي في حقيبته قابلاً (للمساومة ) وهنا اقصد ان واقعية المطاليب ومشروعيتها واحقيتها لا تضفي ضعفاً على المفاوض ومن اية جهة كانت ان خضعت (للمساومة ) فالمساومة شرط مهم من شروط انجاح المفاوضات وتجاوز العقبات والعراقيل ، وحتى نكون أوضح ونتجنب الغموض فالقصد هنا مثلاً : بمقدور الكرد المطالبة بالمناطق المستقطعة من كردستان لضمها الى الإقليم مع رفع حصة الإقليم من الميزانية بسبب الزيادة الحاصلة في عدد السكان نتيجة انضمام بعض المناطق مقابل ترك ملف النفط والواردات بيد الحكومة الاتحادية التي يجب ان تتبنى مبدأ التوزيع العادل للثروات وحسب النسب السكانية . هنا يأخذنا الأمر الى الحالة المتطورة لبناء الدولة المدنية العصرية ، ففدرلة العراق وانشاء الأقاليم بناء على بعض الخصوصيات من شأنه تقليل التوتر والحيلولة دون اقحام البلد في حرب أهلية طاحنة يبدو دوماً شبحها ملوحاً في الأفق ، ويهدد بها قادة الطوائف بخاصة الطوائف الدينية وأحزاب الاسلام السياسي ، فقيام الأقاليم على اساس الفيدراليات ذات الصلاحيات الواسعة مع تبني مبدأ التوزيع العادل للثروات وهذا هو الأهم بسبب من ان اكثر من نسبة 75% من الصراع الحالي في العراق هو صراع على السلطة والثروة ، وتبقى نسبة 25% هي صراعات غبية وحمقاء على أساس طائفية مقيتة ومفاهيم معومة يتم من خلالها خداع الجمهور . عودة الى عنوان المقال أقول: ان المؤشرات الدولية والإقليمية المعلنة والمعروفة ذاهبة باتجاه رفض تقسيم العراق ، مما توميء الى رفض فكرة انفصال كردستان على المدى القريب عن العراق ، في حين ان مؤشرات أخرى تفيد بأن هناك رغبة غربية لإقامة كيان كردي (الدعم العسكري والحماية الغربية لكردستان نموذجاً) وهذا بالطبع ما لايمكن الإعتماد عليه كلياً بخاصة انه في الكثير من الأحداث لم تكن قراءات وتأويلات القيادات السياسية الكردية صائبة فيما يخص المواقف الدولية ، لذلك أرى انه من الخطأ بمكان ان تتأرجح هذه القيادات السياسية بين الرغبة في الاستقلال وتقرير المصير من خلال اجراء استفتاء ، وبين البقاء كشركاء مع بغداد لإدارة العراق على أسس جديدة في ذات الوقت، فبرؤيتي يجب أن تتضح الصورة ويتوضح المشهد ويحسم القرار . لا شك ان المكون الكردي عانى كثيراً بسبب المظالم القومية ومن قبل اغلب الأنظمة العراقية التي حكمت العراق منذ 1921 (تأسيس الدولة العراقية) والى 2003 ، لكن بعد سقوط النظام الديكتاتوري السابق أصبح الكرد شركاء في ادارة العراق بعد انفصال شبه تام منذ 6 نيسان عام 1991(عملية بروفايد كومفورت) ... لكن بسبب من التركات الثقيلة وبروز ثقافة الإقطاعيات السياسية والتدخلات الفجة والسافرة للدول الأقليمية ، وعدم قدرة القادة المحركين ومن جميع المكونات على ترسيخ وتجذير ثقافة الحلول الديمقراطية وايمانهم بمبدأ فرض الرأي ، وعدم امتلاكهم الثقافة الكافية والكفاءة الكافية لإدارة دولة مركبة ومعقدة بسبب التنوع الإجتماعي والقومي والديني والمذهبي ، وعدم إيمان زعماء الإقطاعيات السياسية بثقافة العدالة الانتقالية وثقافة التسامح والاندماج وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان ، كل هذه الأمور جعلت من مجمل القضايا عالقة والمعضلات قائمة ومتجذرة ومستفحلة، ومنها القضية الكردية ، بالطبع هذا الذي ذكرته لا يطرح منه الأخطاء السياسية التي ارتكبتها القيادات السياسية الكردية أيضاً واول هذه الأخطاء عدم وضوح الرؤية المستقبلية ، ومن ثم اهمال الرأي العام العراقي غير الكردي وبخاصة العربي وجعله معزولاً عن المحيط الكردي بسبب الفشل الإعلامي الكردي وضعف الخطاب الإعلامي الموجه لدى الأحزاب السياسية الكردية التي تمتلك مؤسسات اعلامية غير ذي جدوى كونها قابعة في محليتها الضيقة. • رئيس تحرير صحيفة الأهالي الليبرالية العراقية
#هفال_زاخويي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق ... صفحة أخرى ...ضرورة الشروع في تحقيق العدالة الإنتق
...
-
رسالة مفتوحة إلى رئيس اقليم كردستان السيد مسعود بارزاني المح
...
-
العراق ...إنفراج في الأفق بعد التوافقات على توزيع الغنائم ال
...
-
الموازنة الإتحادية للعراق ورواتب إقليم كردستان ...!
-
غياب جلال طالباني وتخلخل المعادلة السياسية العراقية
-
الإقطاعيات السياسية في العراق والطبقة الجديدة
-
فشل الإسلام السياسي في تجارب الحكم الحديثة
-
اصحاب الأقلام السلطوية والخطابات الإنشائية
-
فساد وإرهاب ... توصيفات وطنية
-
أزمة الرأي العام في العراق...المشكلة الحالية نموذجاً
-
الأمن شماعة لتعليق المشاكل في العراق...عقد شركة نوروزتيل مثا
...
-
القائد التاريخي ... أم المدير الأمين ... ايهما الأفضل؟
-
أصدقاء الشعب الكردي أم أصدقاء النظام السياسي الكردي؟
-
بوق مرزوق
-
نيجيرفان بارزاني والمعارضة الكردية... كل ديمقراطية تسقط بإخت
...
-
من حقي كمواطن أن اطالب مام جلال بالإستقالة من منصبه
-
ساسة العراق ... من المربع الأول الى الحلحلة واللملمة واللصلص
...
-
في هذا العراق لا أثق بالساسة ... كل الساسة
-
أحداث زاخو بأقليم كردستان...قراءة مغايرة
-
الرئيس مام جلال في طهران ...أين البروتوكولات والاعراف.؟!
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|