|
الاقتصاد الفلسطيني بين النهوض والهيمنة
انس بواطنة
الحوار المتمدن-العدد: 4555 - 2014 / 8 / 26 - 13:45
المحور:
الصناعة والزراعة
الاقتصاد الفلسطيني بين النهوض والهيمنة . يشكل موضوع الاقتصاد حافزاً للعديد من الدارسين والباحثين في جميع ارجاء المعمورة وهدفاً للنقاش والبحث منذ بدء البشرية وحتى الوقت الراهن ،بل ان البعض يعتبر ان الاقتصاد هو اساس الصراع بين الامم، وارتبط مفهوم الاقتصاد بشكل متواصل ومستمر بالسياسة واتفق الباحثين ان هناك نموذجين من الاقتصاد السياسي احدهما قائم على اقتصاد السوق الحر وهو النمط الذي تطرحة الدول الغربية والتي تسيطر على 85% من الناتج الاجمالي في العالم فيما يرى تيار أخر ان الاقتصاد السياسي مرتبط بالعدالة الاجتماعية وهو النمط الذي ارتبط بالافكار الماركسية والدول الشرقية والعالم الثالث والتي بالكاد تسيطر على 15% من الناتج الاجمالي العالمي ، وشكل انهيار الاتحاد السوفيتي في مطلع التسعينيات تزايداً في سيطرة وهيمنة التيار الاول على العالم عبر الشركات متعددة الجنسيات وسياسة البنك الدولي والهيمنة السياسية. الاقتصاد الفلسطيني : شكل الاحتلال الاسرائلي عبر سياساتة وممارساته سبباً اصيلاً لبنية اقتصادية قائمة على اساس التشوهات والاختلالات والهشاشة عبر جعلها للاراضي الفلسطينية سوقاً استهلالكية وايدي عاملة رخيصة تعمل من اجل خدمتها وتبعدها عن اهم مصادر الاقتصاد الفلسطيني وهو القطاع الزراعي حيث رفعت اسرائيل في العام 1988 عدد الأيد العاملة الفلسطينية لديها الى 110الف عامل بعد ان كان العدد في العام 1970 م عشرون الفا فقط . لا بمكن الحديث عن بنية اقتصادية فلسطينية في ظل الاحتلال الاسرائلي فالاحتلال منع بناء نظام اقتصادي فلسطيني مستقل وشكل احد اهم المعوقات الرئيسة للتطور والتنمية وهنا لابد من المرور على معوقات تنمية الاقتصاد الفلسطيني : • تقسيم الاراضي الفلسطينية الى مناطق (أ-ب-ج) من خلال اتفاقية اوسلوا وغياب السيطرة الفلسطينية على الارض والموارد اضعف امكانية الحديث عن اقتصاد فلسطيني مستقل . • الانقسام الجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة خلق حالة من عدم التكامل بين عناصر الانتاج والاستهلاك وتزايد هذا العامل مع الانقسام السياسي البغيض في العام 2007. • السيطرة الاسرائلية الشاملة على المعابر والحدود والموارد والماء . • اعتبار ان الظام الاقتصادي السائد في الاراضي الفلسطينية هو اقتصاد السوق الحر والذي نص علية القانون الاساسي الفلسطيني في المادة (21)، الامر الذي انعكس سلباً على المنشات الفلسطينية البسيطة مثل مصانع الاحذية والملابس والمواد الغذائية من خلال عدم قدرتها على منافسة البضائع الاجنبية ولذلك ترى ان البضائع الصينية والتركية وغيرها تغزوا الاراضي الفلسطينية مما لعب دورا سلبيا في حماية هذة المنشات ودعمها للصمود على الارض . • يعتبر الطابع السائد في الاقتصاد الفلسطيني طابع اقتصادي قائم على اساس الاستهلاك والخدمات بعيداً عن الطابع الصناعي والزراعي الذي يؤسس نحو تنمية اقتصادية مستدامة .
لقد لعبت هذة المقومات في بناء نظام اقتصادي فلسطيني هش مرتبط بالاحتلال وغير قادر على التقدم والتطور وشكل الاساس للسمات الخاصة بالإقتصاد الفلسطيني وهي على النحو التالي : • الفجوة الواسعة في ميزان التبادل التجاري الفلسطيني بين الصادرات والواردات: ففي الوقت الذي بلغت فيه قيمة الواردات 4.5 مليار خلال العام 2011 فقد بلغت قيمة الصادرات 759 مليون وهنا يظهر حجم العجز في التبادل التجاري بمعدل 3.7مليار دولار وكانت هذة النسبة قد تزايدت بمقدار 8% عن العام 2010 وما زالت في تزايد حيث بلغت 5.3 مليار دولار في العام 2012. • الفقر والبطالة: حيث بلغت نسبة البطالة في الاراضي الفلسطينية للقوى العاملة 23.9 % اي ما يعادل 271 الف عاطل عن العمل منهم 152 الف في الضفة الغربية و119الف في قطاع غزة ويلاحظ ان النسبة الاعلى من البطالة في صفوف النساء حيث بلغت 51.6% ويلاحظ ان نسبة الشباب المتعطلين عن العمل بلغت الثلث من معدل البطالة وان نسبة الشباب المتعطلين عن العمل ممن يحملون الشهادات من دبلوم فأعلى بلغت ما يقارب 30% من معدل البطالة وفق احصائيات 2013، وهذا يقودنا الى ان النسبة الاعلى من البطالة تقع ضمن فئات الشباب المتعلمين الامر الذي يثير تساؤلات خطيرة عن مستقبل الاقتصاد الفلسطيني ؟ واي مستقبل مفترض في ظل غياب الكفائات العلمية ؟، وفيما يتعلق بالفقر فتشير الاحصائيات الصادرة عن الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني ان اكثر من ربع السكان يعانون من الفقر حيث بلغت نسبة الفقر في الاستهلاك الحقيقي 25.8% ( خط الفقر القومي ) وحوالي 12.9% من الافراد يعانون من "الفقر المتقع" مع العلم ان خط الفقر القومي لاسرة مكونة من خمسة افراد 2293 شيقل بينما خط الفقر المتقع لنفس عدد الافراد من الاسرة 1832 شيقل . • غياب قانون التامينات الاجتماعية والضمان الاجتماعي وتزايد الانتهاكات بحق العاملين في الاراضي الفلسطينية : في الوقت الذي نرى بعض ملامح لاقتصاد فلسطيني قائم على اساس الخدمات والاستهلاك والبناء وبالرغم من القوانين التي تشجع الاستثمار للقطاع الخاص الا انة لا يوجد حتى اليوم قانون خاص بالضمان الاجتماعي والحماية من البطالة والتامينات الصحية تضمن حياة الانسان بكرامة حيث ان العاملين في القطاع الخاص لا يملكون الضمان الاجتماعي على غرار العاملين في القطاع العام وتشير الاحصائيات الى تزايد حجم الانتهاكات في سوق العمل الفلسطيني حيث ان 78.7% من العاملين في القطاع الخاص لا يحصلون على تقاعد /مكافئة نهاية الخدمة ، وان 77.8% لا يحصلون على اجازات سنوية مدفوعة وان 60.6% لا يحصلون على اجازة الامومة وان فقط 26.7% من العاملين في القطاع الخاص يعملون وفق اتفاقية عمل مكتوبة وتشير الاحصائيات ايضاً ان عدم تطبيق قانون الحد الادنى من الاجور يسلب من العمال 64 مليون شيقل شهريا على الرغم من ان الحد الادنى للاجور 1450 شيقل فقط . • التبعية الاقتصادية من خلال برتكول باريس الاقتصادي 1994: يعتبر برتكول باريس الاداة التي تسيطر اسرائيل من خلالة على الاقتصاد الفلسطيني حيث ان الاستيراد والتصدير مرتبط بالجانب الاسرائلي كما ان القيمة المضافة والضرائب يجب ان ترتبط بالجانب الاسرائلي واعتبار ان عملة الشيقل هي العملة الرئيسية في الاراضي الفلسطينية ومنع اصدار عملة فلسطينية لعبت دور اساسي في عدم القدرة على بناء اقتصاد فلسطيني حيث ان حجم الضرائب على الصاردات لم تساعد على حماية المنتج المحلي وتعزيزة في مقابل المنتج الخارجي بل زادت التبعية التجارية لاسرائيل ، وتشير الاحصائيات ان 86% من اجمالي الصادرات تذهب الى اسرائيل او من خلالها وان 73% من الواردت تاتي من اسرائيل او من خلالها وبلغ عجز التبادل التجاري لعام 2012 نحو 5.3مليار دولار ، كما ان الالتزام بمعدلات الجمارك والضرائب الاسرائلية على الفلسطينين أدى الى تزايد تكاليف الانتاج على الفلسطينين الامر الذي انعكس سلباً في قدرة المنتج الفلسطيني على منافسة المنتج الاجنبي وادى ذلك لارتفاع اسعار المنتجات الفلسطينية ومساواتها بالقيمة الشرائية بالمنتجات الاسرائلية مع انخفاض مستوى الدخل بين الطرفين ففي الوقت الذي يعتبر ان الحد الادنى للاجور في فلسطين 1450 شيقل يعتبر الحد الادنى للاجور في اسرائيل 4000 شيقل في الوقت الذي تتشابة فية اسعار السلع ، كما ان تولي اسرائيل لجباية الضرائب الفلسطينية مقابل رسوم تحصيل 3% جعلت ميزانية الحكومة الفلسطينية مرهونة بيد الحكومة الاسرائلية والتطورات الميدانية والدولية للقضية الفلسطينية ، كما ان عدم وجود عملة فلسطينية جعل الاقتصاد الفلسطيني بيد اسعار الصرف الخارجية والذي يؤثر في اسعار الشراء من الخارج ويزيد من التضخم وارتباط العمال الفلسطينين برواتبهم بعملة الشيقل الاسرائلي يجعل رواتبهم في تاكل مستمر في ظل تراجع القيمة المصرفية للشيقل . • الاعتماد على المنح الخارجية : يعتبر الاعتماد على المنح الخارجية احد الاشكال الرئيسية التي تشكل احد روابد الدخل في الاقتصاد الفلسطيني حيث ان السلطة الفلسطينية تعتمد بشكل اساسي في تسديدي رواتب العاملين لديها ونفقات الحكومة المختلفة من خلال المساعدات الخارجية وهذا يجعل الاقتصاد الفلسطيني عرضة للانكسار والفشل في تنفيذ خططة المستقبلة المرتبطة بالتمويل الخارجي لما في الاقتصاد والسياسة من تشابك وترابط ، كما أن مؤسسات المجتمع المدني في الاراضي الفلسطينية تعتمد بالدرجة الاساسية على التمويل الخارجي وهذا يجعل العاملين فيها عرضة للفصل والطرد في حالة غياب التويل . سبل واليات للنهوض بالواقع الاقتصادي الفلسطيني : - التحرر السياسي والاقتصادي من اتفاقية باريس لعام 1994م والتي جعلت الاقتصاد الفلسطيني مرتبط وخاضع للاقتصاد الاسرائلي دون وجود اي شكل من اشكال التشابة بينهما في القيمة والنمط . - تعزيز الاعتماد على المنتج المحلي ومحاربة المنتجات الخارجية والاسرائلية على وجة الخصوص من خلال حملات المقاطعة والحماية الجمركية لبعض المنتجات الوطنية . - بناء استراتجية وطنية فلسطينية للنهوض بالاقتصاد الوطني مكونة من القطاع الخاص والحكومة والعمال والاكاديمين وجميع الجهات المختصة وذلك من اجل تعزيز المنتج الوطني. - محاربة الفساد والمحسوبية . - تعزيز مبادئ الشفافية والرقابة . - تشجيع القطاع الخاص ورجال الاعمال الفلسطينين في الداخل والخارج والعرب على الاستثمار بالتوازن مع حماية حقوق العمال وتحسين واقعهم واقرار قوانين للحماية الاجتماعية والتامينات . - تقليل الاعتماد على المنح والمساعدات الدولية . - الاستثمار في الزراعة والاعشاب الطبية وانشاء صناديق للتعويض المزارعين عن خسائرهم والكوارث التي يتعرضون اليها . - تشجيع الاستثمار في المنشات الصغيرة وبناء التعاونيات الزراعية والتجارية وتعزيز ثقافة الحديقة المنزاية .
أن الاقتصاد الفلسطيني ما زال هشاً يعاني من الضعف والتشوه والاختلال ليس قادراً على الصمود وتحدي الصدمات الكبيرة ومرتبط باستمرار الأمن والأمان في الاراضي الفلسطينية ويعاني من التجزء وغياب التكامل بين اطرافة الجغرافية والسياسية مما يجعلة صيدا سهلاً للاقتصاد الاسرائلي الا ان هناك محاولات بين الفينة والاخرى نحو تطوير وتحسين واقع الصناعات في الاراضي الفلسطينية ولكن ذلك ليس كافيا فالاقتصاد الفلسطيني ليس مسؤولية الحكومية فقط وانما مسألة مجتمعية بحته بحاجة نحو تعزيز ثقافة سياسية قائمة على اساس المشاركة ووقف سياسة التعامل مع المنتجات الاسرائلية وتعزيز مبادئ المقاطعة لحماية المنتج الوطني الفلسطيني . انس بواطنة – مركز الديمقراطية وحقوق العاملين.
#انس_بواطنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني
...
-
إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش
...
-
تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن
...
-
الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل
...
-
تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
-
بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
-
تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال
...
-
-التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين
...
-
مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب
...
-
كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة
المزيد.....
-
كيف استفادت روسيا من العقوبات الاقتصادية الأمريكية لصالح تطو
...
/ سناء عبد القادر مصطفى
-
مشروع الجزيرة والرأسمالية الطفيلية الإسلامية الرثة (رطاس)
/ صديق عبد الهادي
-
الديمغرافية التاريخية: دراسة حالة المغرب الوطاسي.
/ فخرالدين القاسمي
-
التغذية والغذاء خلال الفترة الوطاسية: مباحث في المجتمع والفل
...
/ فخرالدين القاسمي
-
الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي- الجزء ا
...
/ محمد مدحت مصطفى
-
الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي-الجزء ال
...
/ محمد مدحت مصطفى
-
مراجعة في بحوث نحل العسل ومنتجاته في العراق
/ منتصر الحسناوي
-
حتمية التصنيع في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
تبادل حرّ أم تبادل لا متكافئ : -إتّفاق التّبادل الحرّ الشّام
...
/ عبدالله بنسعد
-
تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الطريقة الرشيدة للتنمية ا
...
/ احمد موكرياني
المزيد.....
|