أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسام المنفي - محنة -ابن رشد-














المزيد.....

محنة -ابن رشد-


حسام المنفي

الحوار المتمدن-العدد: 4554 - 2014 / 8 / 25 - 10:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


"قد كان في سالف الدهر قوم خاضوا في بحور الأوهام . وأقر لهم عوامهم بشفوف عليهم في الإفهام . حيث لا داعي يدعو إلى الحي القيوم . ولا حاكم يفصل بين المشكوك فيه والمعلوم . فخلدوا في العلم صفحا ما لها من خلاق . مسودة المعاني والأوراق . بعدها من الشريعة بعد المشرقين . وتباينها تباين الثقلين . يوهمون أن العقل ميزانها . والحق برهانها . ذلكم بأن الله خلقهم للنار . وبعمل أهل النار يعملون ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم . ألا ساء ما يزرون . ونشأ منهم في هذه السمحة البيضاء شياطين إنس يخادعون الله والذين أمنوا وما يخادعون إلا أنفسهم وما يشعرون . يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون" هذه الفقرة جزء من "المنشور" الذي أصدره خليفة المسلمين "المنصور" في "الأندلس" في أواخر القرن الثاني عشر الميلادي وتقريبا في عام 1196م قبل وفاة "ابن رشد" بعامين ، وكان الهدف من هذا المنشور القضاء على الفلسفة في الأندلس كما كانت نهاية الفلسفة في بغداد والمشرق العربي على يد الإمام الغزالي عندما ألف كتابه "تهافت الفلاسفة" الذي كفر فيه فلاسفة اليونان وتلامذتهم من الفلاسفة العرب وعلى رأسهم الفرابي وابن سينا .
وبما أن "الأفكار" ليست لها وطن ولا عقيدة ولا ملة ولا عنوان . أي أن المنتجات الفكرية والثقافية ليست ملكا لإحد وليس حكرا على أحد فهي ملك للإنسانية جمعاء . ففي حين أصدر الخليفة المنصور في قرطبة منشور تحريم الفلسفة والعمل بها وحتى قرائتها واصدر قراره بنفي "ابن رشد" إلى مدينة "اليسانة" (بلدة قريبة من قرطبة) بتهمة الكفر والزندقة واحراق بعض كتبه في المنطق والفلسفة في ساحات قرطبة ، كانت في ذلك الوقت بلدان مثل فرنسا والمانيا وغيرهما من البلدان الأوروبيا تستعد لإستقبال أفكار هذا الفيلسوف العقلاني المستنير التي أنارت أفكاره سماء الفكر المسيحي منذ بداية القرن الثالث عشر وحتى عصر النهضة الأوروبي وظهور المذاهب الفلسفية الحديثة على يد ديكارت وبيكون وغيرهما . ولم يأتي عام 1230م إلا كانت كتب ابن رشد قد ترجمت من العربية إلى العبرانية ثم بعد ذلك إلى اللاتينية وذلك بفضل تلامذة ابن رشد اليهود . فإن أوروبا في العصر الوسيط لم تتعرف على فلسفة "أرسطو" كاملة إلا بفضل كتب ابن رشد التي كانت تحتوي على شرح مفصل لمذهب أستاذه "أرسطو" بجانب أرائه وأفكاره الخاصة ، فمن المعروف أن الفكر المسيحي في القرن الثالث عشر الميلادي قد اصطبغ بصبغة "أرسطية" خالصة عندما مزجا ( ألبرت الكبير والقديس توماس الأكويني) فلسفة "أرسطو" باللاهوت المسيحي ، وهذا الفضل يرجع إلى المعلم والشارح الكبير "ابن رشد".
ولكن ما الذي حصدناه من احراق الكتب واضطهاد المفكرين والفلاسفة إلا :الجهل ، والتخلف ، وتزيل قطار الحضارة الإنسانية المعاصرة . ما الذي جنيناه من تحريم حرية الفكر ، واحلال العقائد الدوجماطيقية مكان الشك والنقد إلا : التعصب ، والتطرف ، وعدم قبول الأخر المختلف . ما الذي عاد علينا نحن العرب من اغتيال عقولنا عمدا إلا : التخلف في العلوم ، والسياسة ، والإقتصاد ، والإنحطاط في الفنون والثقافة وفي الأخلاق أيضا . ألسنا مذنبون أيضا في حق هذا المفكر الكبير عندما أهملنا أفكاره وفلسفته واتجهنا نحو المذاهب والأفكار الظلامية المتخلفة التي تنشر الجهل والخرافة وتنثر بذور التكفير والإقصاء والعنصرية في عقولنا وضمائرنا . يقول الدكتور عاطف العراقي "لقد ظلم ابن رشد في حياته . وبعد مماته . اتجه العرب نحو فكر اناس قاموا بتوزيع شهادات التكفير ، من أمثال الغزالي وابن تيمية وأنصار البتروفكر ، في الوقت الذي قامت فيه أوروبا بلإستفادة من كل ما كتب ابن رشد . أليس هذا من مصائب الزمان وسخرية القدر . يحارب العرب مفكرهم العربي الذي كان قاضيا للقضاه ومؤلفا في الطب والفلسفة وغيرها من الغلوم ، يهمل العرب دروس مفكر شامخ لم ينقطع عن القراءة والتأليف إلا ليلة وفاة أبيه وليلة زواجه .
=========================================
*انظر كتاب "ابن رشد وفلسفته" للأستاذ فرح أنطون . تقديم الدكتور مراد وهبة .
*انظر كتاب "أثر ابن رشد في فلسفة العصور الوسطى" للدكتورة زينب محمود الخضيري .
*انظر كتاب "الفيلسوف ابن رشد ومستقبل الثقافة العربية" للدكتور عاطف العراقي .



#حسام_المنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قتل الحلاج . وتحريم الفلسفة
- هيباتيا . شهيدة التعصب الديني
- مبحث في الجانب الأبستمولوجي -نظرية المعرفة- في الفلسفة الحدي ...
- سقراط . الرجل الذي جرؤ على السؤال
- أنكساجوراس . والحجر الأسود
- العلم والدين بين الفكر القديم والفكر الحديث
- نظرية المعرفة من منظور فلسفة ابن سينا
- الغزالي واهدار قيمة العقل
- العقل في فلسفة ابن رشد


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسام المنفي - محنة -ابن رشد-