أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - ج4/ العنف العراقي عند باقر ياسين: شتائم بالجملة ضد الشعب الضحية/ج 4 من9















المزيد.....

ج4/ العنف العراقي عند باقر ياسين: شتائم بالجملة ضد الشعب الضحية/ج 4 من9


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 4553 - 2014 / 8 / 24 - 18:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


علاء اللامي*
توقفنا عن نشر أجزاء هذه الدراسة لأسباب تتعلق بالتطورات السياسية المهمة في العراق و منح الأولوية لمتبعتها ونعود إلى مواصلة نشرها كلما تسنى لنا ذلك.
يصلح كتاب "تاريخ العنف الدموي في العراق" لمؤلفه باقر ياسين ليكون نموذجا مثاليا على القراءات المتعسفة واللاعلمية لظاهرة العنف الجماعي والاجتماعي عموما وفي العراق بوجه خاص، إلى درجة ساوى فيها المؤلف، في مدخل الكتاب، بين النار الأزلية في شمال العراق وهي ظاهرة طبيعية تحدث نتيجة احتراق الغاز الطبيعي المتراكم قريباً من سطح الأرض في منطقة نائية في شمال العراق وبين ما سماه (نار العنف والتطرف وسفك الدماء) دون أن يفوته التذكير بأن هذه النار العُنْفيّة العراقية عمرها خمسة آلاف سنة!
بعد مسرد الكتاب نلقي نظرة على الإهداء لنجد المؤلف يهدي كتابه إلى (الأبرياء الذين سيسحقهم العنف الدموي في الأيام والسنين القادمة)، والمغزى لا يخفى على أحد فصاحب الكتاب مطمئن ولا يطرف له جفن للحكم المسبق القائل بأن ظاهرة العنف قد تمكنت من هذا الشعب "العراقي" طوال خمسة آلاف سنة، وأن المستقبل محكوم بهذا العنف الذي سيسحق الناس في الأيام والسنوات القادمة، وليس عبثاً أن يطلق المؤلف فيما بعد ولعدة مرات تشبيهاً يعبر بوضوح عن فكرته حول "العنف العراقي" فيصفه بعبارة ركيكة أنه "قدر إلزامي" وربما قصد "قدرا محتوما"!
إن الإحالة النفسية الأولى التي نسجلها من اسم الكتاب وبقرينة النعت غير الضروري علمياً في مفردة "الدموي" في العنوان والإهداء والمدخل، تعني أن المؤلف، وبالتالي كتابه، يصدران عن حكم مسبق، ذي قيمة معيارية سالبة على الصعيد القِيّمي بحق الشعب العراقي، وإنّ هذا الحكم المسبق وتلك القيمة المعيارية نامية وراسخة بالنوع و بدليل الدم وتفاصيل الحادث العُنفي والتكرار على امتداد صفحاته.
نعود إلى مسرد الكتاب المحتوي على ما يقرب من مائة وخمسين تفصيلا أو عنواناً داخلياً وقد صيغ هذا العدد الهائل من العناوين بنفس الطريقة التي خرجنا منها بالإحالة النفسية السابقة. فبعد تمهيد إنشائي عنوَنه المؤلف بذات النوع المعبر والمنحاز معيارياً، يقول " تمهيد لخمسة آلاف سنة من العنف الدموي". نقرأ الفصل الأول المخصص كما يقول عنوانه، لأحداث "العنف الدموي في وادي الرافدين منذ فجر السلالات 3000 ق.م حتى الاحتلال الفارسي 539 ق.م." وهذا هو العنوان الداخلي الرئيس وهذه أدناه مجموعة أمثلة من العناوين الداخلية في هذا الفصل ( بلاد الرافدين تاريخ عريق يبدأ بالعنف التصادمي. صراع إبادة بين دول فجر السلالات. الشواهد المبكرة للعنف الدموي في مملكة أور. مملكة لكش تسحق أور. الغوثيون ينشرون الخراب والخوف. التدمير ولابتلاع يتواصل بين ممالك وادي الرافدين. بابل تدمر دولة أشنونا. تدمير آشور ونينوى. احتلال أورشليم وسبي اليهود 598ق.م.)
ثم تتكرر الخلاصة المعروفة والحكم المسبق واللاتاريخي في آخر عنوان فرعي، و ليس مصادفة ربما إنه جاء مباشرة بعد ذاك الخاص بما سماه المؤلف (احتلال أورشليم والسبي اليهودي) فتقول الخلاصة: أرض الرافدين ساحة للعنف الدموي.
إن عناوين الفصول التالية ليست أقل عُنفية واستفزازية وانحيازا لحكم المؤلف كهذا العنوان الاستفزازي والمهين في الفصل الثالث والذي يشتم ضحية العنف " أهل العراق" وليس الجلادين من حكام أجانب و غزاة عابرين فهو يقول: ( أهل العراق: التطرف والبصيرة العمياء ) بل إنها سترتقي درجات على الصعيد التلذذي، خصوصاً حين سيستعمل المؤلف عبارات ذات دلالات معينة كعناوين فرعية من قبيل:
- إحراق مائة رجل.
- ذبح أربعمائة راهبة نصرانية.
-يسحل جثة أخيه. يقتل ابنه.
- مات مسموما. قتلوه رفسا.
-كحله بمسمار محمي.
- سحقت خصيتاه.
ونكتفي بهذا المقدار المثير للغثيان. و نحن هنا، لا نشكك بوقوع هذه الحوادث أو للدقة أغلبها، فلا يوجد تاريخ لجماعة بشرية يخلو من أمثالها، وتصفح سريع لصفحات الحوادث في الجرائد اليومية في هذا البلد أو ذاك تثبت ما ذهبنا إليه، ولكننا أردنا التأشير على مواطن الأحكام المسبقة والتي إذا ما مزجت بانعدام المنهجية وحضور النظرة الذاتية السطحية لبعض المتعالمين واللاهثين خلف التأليف من أجل الشهرة، أو المدمنين على جلد الذات المازوخي ، تحولت إلى مزيج متفجر ينسف تاريخ أسراب الملائكة نفسها وليس العراقيين فقط!
لا يشجع أيضاً على حسن الظن، مع إننا ندرك أن العلوم والكتب العلمية لا ينتجها حسن الظن فقط، الظرف التاريخي المأساوي السائد الذي يعيشه الشعب العراقي فمنذ عقدين تقريباً وهذا الشعب ضحية لعنف همجي مجنون يشنه ضده الغرب الإمبريالي المقود بالتحالف "الإنجلوأمريكي" معبراً عنه بالحصار الغذائي والدوائي الشامل والقصف والقتل والتدمير بالصواريخ والطائرات يومياً تقريباً انتهى باجتياح واحتلال شامل وتدميري. دون أن ننسى ما عاناه هذا الشعب من عنف رهيب آخر مارسته دكتاتورية صدام حسين والتي حكمت البلاد لثلاثة عقود تقريباً،وانتهت بتحويله إلى شبكة من المقابر الجماعية التي كشف النقاب عنها بعد هزيمة النظام أمام المحتلين. و تجربة حكم المحاصصة الطائفية المتخلف الذي أنتج مئات المجازر وسنوات عديدة من الاقتتال الطائفي وانتهى هذه الأيام إلى مذبحة فظيعة ومفتوحة يرتكبها التكفيريون في عصابات داعش وحلفاؤها.
يبدأ المؤلف باقر ياسين مقدمة كتابه بالكلمات التالية في محاولة لتسويق ما يظنها بديهية لا تحتاج إلى نقاش (قد يكون من النادر أن يذكر العراق وأهل العراق في حديث من الأحاديث بين الناس، دون أن تذكر ظاهرة العنف والدموية اللصيقة بتاريخ هذا الشعب وهذه البلاد. ص15).نضع أيدينا هنا على ثلاث مصادرات ينطوي عليها هذا الكلام.
أولا، يخلط الكاتب عن عمد بين وجود حيثية العنف كظاهرة حقيقية في تاريخ كل الشعوب ومنها الشعب العراقي، وبين صفة أو سُبَّة "الدموية" ذات المنحى الإنشائي القيمي والتي سيكررها الكاتب مئات إنْ لم يكن آلاف المرات في طول وعرض كتابه. وهدفه من وراء عملية الخلط هذه هو مزج النتائج بالأسباب لإرغام القارئ على التسليم بقناعاته الفاسدة علمياً.
ثانياً، يستعيض الكاتب عن التحليل العلمي والتساؤل المنهجي القائم على علم التاريخ العام أو أحد فروعه أو علم النفس المجتمعي أو علم الاجتماع أو أي علم آخر قد يكون سمع به أو عنه، يستعيض عن كل ذلك بكلام وأحاديث المقاهي والشائعات وما دخل في عداد البداهة رغم لا منطقيته ولا عقلانيته من قبيل "بديهيته قرن الثور الذي تستند إليه الأرض" أو "المصريون شعب من الراقصين والراقصات يجمعهم الدف وتفرقهم العصي" أو "أهل الشام تجار ومتاجرون يبيعون السمك في الماء والولد في بطن أمه" وغير ذلك مما يدخل في باب الفولكلور الشعبي ولكنه لا يخلو من بصيص من الحقيقة وقد حول باقر ياسين هذا البصيص إلى أكذوبة أو لنقل إن الأمر لا يخلو من جذر واقعي جرى تشويهه بقسوة ولأسباب معينه، وقد قلنا "من قبيل" دون أن نقصد أن الكاتب أورد هذه الأمثلة في كتابه.
ثالثاً، مصادرة الحق الطبيعي في ميدان الفكر والثقافة والعلوم في الاعتراض والتساؤل من خلال قسر وقمع غير مباشرين بحيث يغدو المعترض وحامل التساؤل كالخارج على الجماعة "الناس" أو على الناطق باسمهم "صاحب الكتاب" ناسياً بأن ضحيته "الشعب العراقي" جزء من هذا "الناس" ولا بد لهذا الشعب أن يرفض وصفه بالشعب العنيف والدموي وصفات أخرى كررها الكاتب عشرات المرات من مثل: (الغدر والتقلب والنفاق وخيانة العهود والعصيان والخذلان وبقية الأحكام الاتهامية البغيضة ص102 ) وكما في قوله بأن الشعب العراقي صاحب نفسية (مفعمة بالتشفي واللؤم والحقد والشماتة. ص321).إن منطق التعميم الوصفي الذي يعتمده المؤلف لا يساعدنا في الحقيقة على مقاربة جوهر الظاهرة بل هو يخلطها عن قصد أو عن غيره بأعراضها وبتصوراته الذاتية عنها ما يجعل فهمها بعمق أمرا أقرب إلى المحال.
يتبع قريبا في الجزء الخامس وفيه نناقش موضوعة " كلام الناس" وحيثيات الفولكلور الموروث للشعوب وتأثير حيثيات العنف المرتكب على المخيال الجمعي للشعوب وهل أن الشعب العراقي (صاحب نفسية مفعمة بالتشفي واللؤم والحقد والشماتة) كما يكتب باقر ياسين على ص 321 من كتابه ؟ و ما موقف المنهجيات العلمية من كل هذا الهراء؟
*كاتب عراقي



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيهما أدق: إقناع أم اقتلاع المالكي؟
- مجرم نعم.. لكنه وسيم!الانقلاب على دستورهم
- تكليف العبادي/ ماذا حدث بعد منتصف الليل ؟
- ج2/ فرانكشتاين بغدادي يلتهم جائزة -بوكر/ 2 من 2
- دلالات خطاب منتصف الليل للمالكي
- ج1/ قراءة في السياق :فرانكشتاين بغدادي يلتهم جائزة -بوكر/ 1 ...
- لا تغيير الخيول خلال المعركة!
- ج3/ الغربيون والجذور التاريخية لوصم العربي بعار العنف /3من9
- العنف الفردي و الجماعي في سرديات علم النفس الكلاسيكي / 2من9
- عودة الى باقر ياسين وكتابه: العنف لغةً واصطلاحاً وسياقاً / 1 ...
- بشرى سارة: أطماع تركيا في الرافدين أصبحت عدوانا بموجب القانو ...
- ج2/ الحرب الإعلامية والحلول المطروحة
- ج1/ شروط كيري وأحلام المالكي
- خلط فكري وانتهازية سياسية في بيان حازم صاغية
- هل يجرؤ المالكي؟ نصف الانتصار على داعش في طرد الخبراء الأمير ...
- الافتراءات الطائفية المتبادلة و صمت العرب السنة على ضم كركوك
- هدوء عسكري يسبق عاصفة تقسيم العراق
- بين المطلك و اليعقوبي والوقف السني
- كيف نفذ انقلاب الموصل وما مضاعفاته؟
- حين شكلوا مجلس بريمر للحكم سقطت الموصل والعراق


المزيد.....




- في دبي.. شيف فلسطيني يجمع الغرباء في منزله بتجربة عشاء حميمة ...
- وصفه سابقًا بـ-هتلر أمريكا-.. كيف تغير موقف المرشح الذي اختا ...
- كوبنهاغن تكافئ السياح من أصدقاء البيئة بالطعام والجولات المج ...
- بوتين خلف مقود سيارة لادا أثناء وصوله إلى افتتاح طريق سريع ب ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لقصف مواقع تابعة لقوات كييف باستخد ...
- إسرائيل.. شبان من الحريديم يعتدون على ضابطين كبيرين في الجيش ...
- ماذا تخبرنا مقاطع الفيديو عن إطلاق النار على ترامب؟
- إصابة 3 إسرائيليين في إطلاق نار في الضفة الغربية، والبحث جار ...
- مؤيدو ترامب يرون أن نجاته من الموت -معجزة إلهية-
- جو بايدن: أخطأتُ بالدعوة -لاستهداف- دونالد ترامب


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - ج4/ العنف العراقي عند باقر ياسين: شتائم بالجملة ضد الشعب الضحية/ج 4 من9