سعدون الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 4552 - 2014 / 8 / 23 - 23:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لماذا غدرت داعش بحلفاءها الأكراد؟ و لماذا تدًخلت الولايات المتحدة بقوة _ و لا زالت _ لصالح الأكراد لإنقاذ أربيل من السقوط المؤكد بيد وحوش داعش, بعد الهروب المخزي لقوات البيشمركة أمام قوات داعش, كما هربت قبلهم قطعات الجيش, بمؤامرة إشتركوا هم فيها!و سقوط الكثير من القرى و المدن التي كانت تحت سيطرة البيشمركة, سقوطها بيد داعش؟؟ إذ تركت قوات البيشمركة وراءها مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء العُزًل تحت رحمة الهمج الداعشيين. الذين إرتكبوا أبشع المذابح و المجازر بحق الرجال و الأطفال خاصة و " سبوا " النساء لإغتصابها ثم ذبحها فيما بعد. و لقد أوغلوا _ بصورة خاصة _ في مجازرهم هذهِ, بحق الكفرة اليزيديين و الشيعة, سواء أ كانوا عربآ أم كردآ أم تركمانآ. و كان العالم كله و معه الولايات المتحدة, يتفرجون على آلاف الضحايا من المدنيين العزل, الذين قامت قطعان داعش الهمجية بتصفيتهم. و لم تتحرك ضمائرهم و ضمائر الرأي العام العالمي, الذي ينتظر العرب عبثآ, إلتفاتة عطف و رحمة منه, لنصرتهم و لنصرة قضاياهم, منذ أكثر من خمسة و تسعون سنة و حتى اليوم!! و لكن هذا الضمير العالمي _ هو و الحكومات الأمريكية المتتالية و الغربية _ يهتزً لكل جنديٍ إسرائيلي يقتل أو كل جندي أسرائيلي يختطف ( هذه طبعآ حوادث نادرة جدآ ), من قبل الأرهابيين الفلسطينيين أو اللبنانيين, و يغضب جدآ هذا الضمير! إذ يصمت الرئيس الأمريكي, هو و الرأي العام العالمي و الأمريكي, و هو يرى المجازر الوحشية التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين في غزة. و تقتل المئات, حتى وصل الرقم الى ألفي شهيد و أكثر من ثمانية آلاف جريح, خلال القصف الأسرائيلي لغزة. و الذي إستمر أمام أنظار العالم كله, أكثر من الشهر. لم تترك فيه إسرائيل بناية في غزة إلا و قصفتها أو دمًرتها على رؤؤس الأطفال و النساء. قصفت المستشفيات و لم يتحرك الضمير العالمي!! و قصفت مدارس الأنروى التابعة للأمم المتحدة, و لم يتحرك الضمير العالمي أو الرئيس الأمريكي!! بل إن ما يسمى بالأمين العام للأمم المتحدة, أدان أهل غزة و حركة حماس. و لكن عندما أعلن الجيش الأسرائيلي, بأنه من المحتمل أن يكون أحد الجنود الأسرائيليين المشاركين في عملية تدمير غزة, قد وقع أسيرآ بيد حماس. يخرج الرئيس الأمريكي بسرعة و بنفسهٍ لا بناطقهِ الرسمي, ليطالب حركة حماس بأطلاق سراح الجندي الأسرائيلي فورآ و دون شروط؟؟!! لم يتحرك الضمير العالمي و الأمريكي, أمام الحصار الذي تعرًض له الشعب العراقي لأكثر من عقدين و راح ضحيته مئات الآلاف من الأطفال العراقيين, نتيجة الأمراض و سوء التغذية. و لم يتحرك الضمير العالمي للمجازر التي أرتكبها _ و لا زال يرتكبها _ الأرهاب الذي جلبه الأمريكيون معهم, بحق الشعب العراقي. منذ لحظة دخول الغزاة الأمريكيين الى العراق و حتى هذه اللحظة! بل إن الأمريكيين مهًدوا الأرض للأرهابيين بتدميرهم الدولة العراقية, بكل ركائزها. و أوعزوا لعملاءهم في الخليج و الأردن و تركيا و أقليم كردستان, لدعم قوى الأرهاب بالأموال الطائلة و السلاح و التدريب و الحماية. و تسهيل عبورهم و عبور الدعم المادي و البشري لهم, عبر أراضي و مياه و أجواء هذه الدول, سواء في طريقها الى العراق في بداية الأمر أو الى سوريا و العراق معآ فيما بعد. و تو فير الملاذ الآمن لها, في حال تعرًضها لهزيمة على يد قوات أحدى هاتين الدولتين. ثم أنسحب الأمريكيون فجأة. و تركوا العراق و شعبه فريسة للأرهاب, و رفضوا تسليح و تقوية جيشه الذي تم إنشاءه على أنقاض الجيش العراقي السابق, الذي تمت تصفيته من قبل الأمريكان, بعد إحتلال العراق. و لذلك فليس غريبآ أن ترفض الولايات المتحدة الأستجابة لنداءات الحكومة العراقية لها, من أجل الدعم و الأغاثة و ذلك بعد غزو داعش للعراق. رفضت الحكومة الأمريكية بقوة, مدً يد العون و التدًخل لحماية بغداد بعد إنهيار القوات العراقية ( الكردية و من أهالي نينوى و تكريت ), المتواجدة في نينوى و بقية المدن الشمالية, من خارج إقليم كردستان. إذ تم إقتسام شمال العراق خارج كردستان, بين قوات البيشمركة الكردية و قطعان داعش الهمج و مغول العصر. و ذلك حسب الخطط و الأتفاقات التي تمت في أوقات سابقة, بين أطرافٍ دولية و عربية. إذ تم عقد العديد من الأجتماعات في عاصمة الدواعش الخونة عمان. إشترك فيها ممثلوا العميل الأرعن البرزاني و ممثلوا داعش. و بحضور ممثلي كل من: الولايات المتحدة و إسرائيل و الأردن و تركيا و المملكة الوهابية السعودية و إمارة قطر و بعض الشخصيات الحزبية و القبلية من المناطق السنية العراقية. و هذا المخطط هو ترجمة للقناعة الأمريكية و الغربية, بأن الأسلام قد أصبح يشكل خطرآ داهمآ على العالم غير الأسلامي. فأصبح الهدف هو تشويه صورة الأسلام أولآ. و ذلك بتحويله الى فكر أرهابيِ منبوذ في الأرض. جنبآ الى جنب مع تدمير طاقات و مقدرات البلاد العربية و تمزيقها إربآ. و إعادة شعوبها مئات من السنين الى الوراء. و تركها تغرق في غياهب التخلف و الجهل و العصبية الدينية و البدوية. و من أجل تحقيق ذلك لابد من تشويه صورة الأسلام في قلوب و عيون الشعوب التي تؤمن به. و ان يكون العرب و المسلمين حطبآ للمجازر التي سترتكب لتحقيق هذا الهدف و هذا المخطط. لذلك تم إنشاء داعش, بعد فشل القاعدة في تنفيذ المهمة. و قاموا بعزل القاعدة و تهميشها. بعد تمزيقها الى منظمات أرهابية متعددة. أبرزها داعش و النصرة في العراق و سوريا. و منظمات أخرى في الدول العربية و الأسلامية. أشير هنا للطرفة, بأن حماة القاعدة و داعش " الأشقاء " الأردنيون, بذلوا أقصى الجهود للوساطة بين داعش و النصرة لحل الخلافات بينهما و توحيدهما فيما بعد. و لكن فشل " الأشقاء " الأردنيون في مساعيهم الحميدة تلك. كما فشل الظوهري و القرضاوي قبلهم!! و قامت داعش بأرتكاب المجازر بحق قوات النصرة في سوريا. و لا شك فأن عملاء أمريكا الأذلاء في الأردن, لا يبادرون لمثل هكذا وساطة, دون ضوء أخضر من سادتهم الأمريكيين و الأسرائيليين. أنا أعتقد بأن الأسلام سيتعرض في نهاية المطاف الى هزةٍ قوية في قلوب و نفوس أعداد كبيرة من العرب و المسلمين, إذا ما أستمر هذا المخطط في زخمه الحالي. و سيكون مصيره في نهاية المطاف مثل مصير الكنيسة المسيحية التي حكمت أوروبا بالحديد و النار و لقرون كثيرة و منذ الحروب الصليبية و حتى بداية الثورة اللوثرية البروتستانتية. إذ حكمت الكنيسة المسيحية أوروبا, بأسلوبٍ وحشي دموي شبيه بأسلوب القاعدة و داعش اليوم, في العالم العربي و الأسلامي. فقامت الثورات الدينية و الشعبية, جنبآ الى جنب مع الثورات الصناعية التي إجتاحت غرب أوروبا. و تم عزل الكنيسة و البابا تدريجيآ. حتى أصبح البابا و الكنائس الكاثوليكية و الأرثدوكسية على حدٍ سواء, مجرد أشباح لا تأثير لها. لا يرتادها إلا نفر قليل من الطاعنين في السن في المناسبات الدينية و أيام الآحاد. بل فُتح الباب لأنشاء المئات من المذاهب المسيحية و ضاعت سلطة الكنيسة الروحية كما ضاعت سلطتها المادية على أتباعها. و هكذا نرى بوادر هذا المخطط تظهر نتائجها في النفوس. إذ أصبح الناس يرتجفون لسماع التكبيرة الأسلامية المعروفة: " الله أكبر الله أكبر .. تكبير ", بدل إثارة الخشوع في النفوس كما هو معتاد. إذ أرتبطت هذه التكبيرة في مخزون ذاكرة الناس مع صور الجرائم و المذابح الوحشية التي يرتكبها مجرموا داعش و غيرها من منظمات القاعدة, بحق الأبرياء في سوريا و العراق. فهم _ أي الداعشيون _ يرددون تكبيرة الله أكبر بشكل جماعي, في كل مرة يقومون بها بتصفية ضحاياهم من المقاتلين الأسرى أو من المدنيين العزًل من النساء و الرجال و الأطفال, من المسلمين الذين ليسوا على نهجهم. و بشكل وحشي لا يطيقه أي بشر في هذه الأرض, من أي ملة أو دين كان. و ذلك بأطلاق النار عليهم أو بذبحهم. أو أثناء أسر ( سبي ) نساء و أطفال المسلمين من غير فكرهم الوهابي. بينما يربط البعض بين هذه المشاهد الوحشية و بين مذابح الترويع التي أرتكبها الهمج المغول. و آخرون يقولون, بأن ما ترتكبه هذه المنظمات الأرهابية هو محاكات لما فعله السلف الصالح في التأريخ العربي الأسلامي. من المذابح بحق المشركين و سبي نساءهم و غنيمة أملاكهم و ديارهم! و نرى كذلك كيف أختفت فكرة وحدة العالمين الأسلامي و العربي. فبعد أن كان البعثيون و القوميون و الناصريون, يحاولون إقناعنا, بأن الوحدة العربية أصبحت قاب قوسين أو أقرب, أصبح النضال اليوم يرتكز للحفاض على الوطن أو الأقليم أو القبيلة. و بدل التأريخ المشترك و الدين المشترك و المصالح المشتركة و اللغة المشتركة و الجغرافيا المشتركة, التي قيل بأنها تجمع العرب مع بعضهم, أصبح الحقد المشترك و النفاق المشترك و التكفير المشترك و الغدر المشترك و الخيانة المشتركة, هي القواسم التي تجمع العرب, بدولهم و طوائفهم و قبائلهم. فهنيئآ للعرب هذه المشتركات!! و بعد أن أعلن الأمين العام لحزب البعث " الرفيق " عزة الدوري بأنه و حزب البعث يقفون صفآ واحدآ مع داعش و دولة الخلافة التي أعلنتها, فعلى العرب أن ينتظروا تحقيق وحدة الأمة العربية و يحققوا رسالتها الخالدة, خمسة آلاف و خمسة مئة وخمسة و خمسون سنة و بضعة أشهر على أقلِ تقدير!! نستنتج من كل ما سبق, بأن ضرب الأمريكان لداعش, هو لتصحيح مسارها. بعد أن تخطًت ما أتفق عليهٍ. حسب قول أحد المسؤؤلين الغربيين!! و ليس حماية للعراق أو للعرب. بينما جاءت " نصرة " الحليف البرزاني, مجرد دفاع عن حجر من أحجار المخطط, " بغى " عليه حجر آخر " داعش ". هل من المنطق, و الأقمار الصناعية الأمريكية, تستطيع قراءة أرقام السيارات, ناهيك عن طائرات الأستطلاع الأمريكية التي تمسح أجواء دول المنطقة, هل من المنطق أن لا ترى قوافل قوات داعش التي تمتد لمسافة عشرات الأميال في الصحراء المكشوفة و على طريقة جيوش المسلمين في العهود الغابرة, أو جيش المعتصم بالله الذي كان أوله في العمورية في بلاد الأفرنج ( وسط تركيا ), و آخره في سر من رأى. و ذلك " نصرة " لتلك المرأة المسلمة, التي صرخت في عمورية الأفرنج " وا معتصماه ", مع الفارق الكبير جدآ بين الحالتين ؟؟ سواءآ في الساعات الأولى لغزو العراق من قبل الدواعش أو بعد ذلك؟؟ و لماذا لم تتدًخل أمريكا لنجدة العراق, و هي التي تتحمل المسؤؤلية الأخلاقية في حمايته. إذ هي التي أحتلت العراق و دمرته و عبثت به. و هي التي تعهدت فيما بعد بحمايته؟؟ ثم من أين هذه الأسلحة المتطورة و العربات الحديثة التي بحوزة داعش و التي غزت بها العراق, و كانت تحارب بها في سوريا, و منذ أكثر من ثلاث سنوات خلت؟؟ و هل يتجرأ آل سعود أو عثمانيوا أردوغان أو أعراب الدوحة أو ملك البدو الأردنيين على دعم ومساندة داعش و النصرة, دون إذن و توكيل أمريكي؟ و هم الذين تحيط بهم القواعد الأمريكية مثلما يحيط " السوار المعصم ". و أي أغبياءٍ سيصدقون أكذوبة إن الثوار هم الذين أحتلوا شمال العراق و ليس داعش؟؟ أو إن أعضاء مجلس الأمن مقتنعون بالقرارات التي أصدروها, بحظر التعامل مع داعش و النصرة أو تقديم الدعم لها أو تطبيق الحظر على بعض قادتها, بعد أن أتضحت الأمور تمامآ؟؟!! أما الضغط الأمريكي و غير الأمريكي على المالكي ثم إسقاطه, فهو لأن الأمريكان يريدون أن يكون الجميع في المنطقة العربية _ كما في غيرها من الدول الضعيفة في العالم _ عملاء خالصين لهم و دمى, كل ينفذ ما يوكل له من دور. في مخطط الفوضى الخلاقة و تدمير دول و شعوب المنطقة. فالأمريكان يغارون من أي شريك لهم, يتقاسم معهم ولاء عملائهم, و لو كان رب العالمين! فما بالك إذا كان هذا الشريك هو الشرير المشاكس إيران؟؟!!
#سعدون_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟