الخوف من الارتباط ... كيف تتغلّب عليه؟

ماريا خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4552 - 2014 / 8 / 23 - 11:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

يخشى كثيرون الارتباط وقد يمضون حياتهم من دون أن يقدموا على هذه الخطوة. وقد يرافق هذا الخوف بعضهم حتى لو أقدموا على تلك الخطوة. كيف يصبح الإرتباط فوبيا تلاحق الفرد فيعجز أحياناً كثيرة عن السيطرة عليها؟ وكيف يواجهها ويتغلّب عليها وهل الأسباب معروفة؟ تعلّم معي عزيزي كيف تتغلب على فوبيا الإرتباط المزعجة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دعني أولاً أعرّف الفوبيا وهي خوف شديد يصل إلى حدّ الخوف المرضي ويسمى أيضاً الرُهاب. قد يخاف الفرد من أشياء، من مواقف، من حشرات أو حيوانات، من أوضاع معينة. يعتبر العلم أن لا مبرر منطقي للفوبيا كما قد يرجع سبب حدوثها إلى خلل في رد الفعل الطبيعي على الخوف.
الخوف من الارتباط هو التهرب من الشراكة على المدى الطويل أو الزواج. ويدعى أيضاً فوبيا الارتباط. الشخص الذي يعاني من هذه المشكلة ليس قاسي القلب بل يتشوّق إلى الأمر الذي يخشاه وهو "الحب والتواصل". وهذا التناقض يجعل الشخص الخائف من الإرتباط يدخل في دائرة مفرغة، تبدأ بالسعي إلى إقامة علاقة جدّية ثم إلى رفض الانتقال بهذه العلاقة إلى المستوى التالي، أي الارتباط. وتأثير هذه العملية مدمّر على الصعيد العاطفي.
لماذا الخوف من الإرتباط؟
ما هي الأسباب التي تجعلك تصاب بفوبيا الإرتباط؟ إن معظم الذين يخافون من الإرتباط يخافون من الاشياء التالية:
- الخوف من الفرص التي يمكن أن تضيع
- الخوف من اتخاذ قرار غير سليم
- الخوف من الوقوع في فخّ الخروج منه صعب
وقد يولّد الخوف من الارتباط إحساساً يمكن أن يؤثر في نواح كثيرة من الحياة منها المهنة، الحياة الاجتماعية والخاصة. كما يمكن أن يجعل من القرارات البسيطة أمراً صعباً للغاية.
إشارات إلى أنك تخاف من الارتباط
إطرح على نفسك الأسئلة التالية، إن كان جوابك نعم فهذا يعني أن كل إشارات الخوف من الإرتباط متوفّرة لديك:
• هل تفسد بنفسك الجهود التي تبذلها لإيجاد الشريك المناسب؟
• هل تنهي علاقاتك قبل أن تصبح جدّية؟
• هل لديك لائحة بمواصفات تعجيزية لا يمكن أن تتوفّر في أحد؟

أنواع الخوف من الارتباط
وتتخذ هذه الفوبيا أشكالاً وأنواعاً عديدة فأي نوع من أنواع فوبيا الإرتباط تعاني منه؟
- الخوف من الفشل: بسبب علاقة الأهل غير الناجحة، علاقات سابقة غير مشجعة، مثالية مفرطة في الحياة لا تقبل أي خلل وتضخم كل مشكلة، خوف من فقدان السيطرة على حياتك.

- الخوف من الخيانة: يكون ذلك بسبب تجربة سابقة مؤلمة، تجربة من هذا النوع ضمن العائلة عشتها أثناء طفولتك أو في ما بعد، عدم تقدير لذاتك، الاقتناع بأنك غير مؤهل للحب ولا تستحقه لذلك لا بد أن تتعرض للخيانة.

- الخوف من الترك: بسبب مشاكل نفسية مرتبطة بطفولة صعبة بسبب علاقة الأهل السيئة، تجارب سابقة مؤلمة، تجنب الشعور بالوحدة.

- الخوف من التعلق: بسبب عدم القدرة على الإلتزام والارتباط، جرح عاطفي سابق بعد تعلق قوي بالشريك، التعلق يعني الاعتماد على الآخر بطريقة ما والخيبة قد تكون الحصيلة.

كيف تتخلص من ذلك؟
إذا كنت تخاف من الارتباط اطرح على نفسك الأسئلة التالية:
• هل تعتقد أنك لا تملك ما يجعل علاقة جدية في حياتك تنجح؟
• هل تخاف من أن يتركك الشريك؟
• هل تخاف من المجهول؟
• هل تخاف من أن يؤذيك الشخص الذي وثقت به؟
• هل تزعجك فكرة الارتباط بشخص واحد مدى الحياة؟
• هل هذا الشخص مناسب لك؟
• هل لديكما أنت والشريك القيم نفسها والأولويات نفسها؟
• هل تتواصلان بشكل صادق؟
• هل يمكنكما كثنائي أن تحلا مشاكلما بهدوء؟
إذا أجبت بنعم على معظم هذه الأسئلة فأنت تبني أساسات متينة لارتباط ناجح. إليك آلية التغيير التي تساعدك في التخلّص من فوبيا الإرتباط:
• اعترف أنك تعان من هذا الخوف ولا تعيش حالة نكران.
• شارك أفكارك مع شخص تثق به.
• اكتشف سبب هذا الخوف الموجود في لاوعيك.
• اكتشف نوع هذا الخوف
• تحدّث مع شريكك في هذه المخاوف.
• إمنح نفسك الوقت الكافي لحلّ هذه المشكلة.
• اعرف نفسك جيداً وحدد أهدافك وأحلامك.
• خذ الوقت الكافي لتعرف رؤية شريكك للمستقبل.
• تحدّث في هذا الموضوع مع أخصائي.
• التنمويم المغنطيسي هو أحد العلاجات الناجحة.

طرق لتخطّي أنواع الخوف
لا تبقى مكتوف الأيدي وكن على ثقة أنك إذا أردت يمكنك تخطي كل أنواع الخوف من الإرتباط مهما كانت متجذّرة في نفسك. إليك هذه الطرق التي تساعدك في ذلك:
1. واجه خوفك لتصبح أقوى: كلما واجهت خوفك تكتسب ثلاث حسنات هي: القوة والشجاعة والثقة بالنفس. إذا واجهت أي شيء يخيفك وأدركت أنك تغلّبت عليه ستتخلص من مخاوف كثيرة في حياتك.
2. مواجهة خوفك قد تكون أبسط مما تتصوّر: في أحيان كثيرة حين تقرر المواجهة تكتشف أن ما كان يخيفك إنما هو وهم كبير.
3. قم بخطوات عملية: الجمود يولّد الشك والمزيد من الخوف. لا تنتظر حتى تأتيك الشجاعة للمواجهة. تحرّك لأنك كلما فكرت أكثر خفت أكثر.
4. الخوف يعتمد أحياناً على معلومات خاطئة: قد ينشأ الخوف أحياناً عن توهّم أو تفسير غير دقيق أو غير منطقي للأمور. أعد النظر في الأمور التي تخيفك وحاول أن تفكر بطريقة مختلفة.
5. لا تتعلّق بوهم الأمان: تجنّب الخطر ليس على المدى البعيد أكثر أماناً من مواجهته. الأمان غير موجود في الطبيعة والحياة مغامرة كبيرة.
6. كن فضولياً: الفضول يغلب الخوف لأنه يجعلك أكثر انفتاحاً على الأمور المثيرة في الحياة فلا تركّز على مخاوفك. الفضول عادة تكتسبها مع التمرين والوقت.
7. لا تفصل نفسك عن الكون: إذا كنت ترى نفسك في كل الأشياء وكل الأشياء في نفسك فلن يخيفك أي شيء. كلما أخافك شيء إبحث عن السبب العميق في داخلك. عد إلى البدايات لتعرف ما الذي أنشأ هذا الخوف وتحرّر من السبب الأصلي لتتحرر من خوفك.

تمرين بسيط يحررك من خوفك
قد يكون هذا التمرين مسلياً إلا أنه يساعدك في تحديد أسباب مخاوفك لمعرفة المكان الذي يجب أن تبدأ منه لحل المشكلة. هيا قم بإجراء التمرين لقد قمت به قبل ذلك وأفادني كثيراً! مهلاً لا تبدأ بقراءة التمرين قبل أن تجلب ورقة وقلماً.
1. اكتب كلمة ارتباط على ورقة وارسم حولها خطوط تصلها بكلمات أخرى لها علاقة برأيك بموضوع الارتباط. قد تكتب الكلمات التالية: ملل، اختناق، خطر... لا تحاكم نفسك على هذه الأفكار. تابع كتابة كل ما يخطر ببالك من كلمات.
2. أرسم دائرة حول الكلمات التي تثير فيك شعوراً قوياً. بذلك تحدد المخاوف الحقيقية التي لديك من الإرتباط.
3. قرر أن تتقبل نفسك تماماً كما انت واعلم أنك لست غير طبيعية لكن مشاعرك سببها جرح في نفسك.
4. أغمض عينيك وركز على الكلمات القوية التي اخترتها لبعض الوقت وراقب إن كنت ستتذكر أي حادثة أو موقف من الماضي.
5. حاول أن تتخذي قراراً بخصوص هذه الذكرى.
6. افتح عينيك واكتب بعض السطور عن هذه الذكرى والقرار الذي اتخذته بشأنها.
7. ركز على كل سطر كتبته لبعض الوقت حتى يبدأ الخوف من هذه الأفكار يتبدّد.
8. استرخي أكثر فأكثر ولا تنسى أن تتعامل مع نفسك طوال هذا التمرين بمحبة ولطف وقبول تام لأن هذه العناصر هي مدخلك إلى النمو.


في النهاية، صحيح أن الخوف من الارتباط متجذّر في تجارب الماضي إلا أن تخطّي هذا الخوف ممكن خصوصاً إذا كانت العلاقة قائمة على الحب. والحب خيار وليس شعوراً. تذكر أن الارتباط بشخص ما لا يعني فقدان حريتك وهويتك وتذكر أيضاً أن ليس كل العلاقات مصيرها الفشل. الارتباط بشخص تحبه يوفّر لك طرقاً جديدة للنمو فردياً وثنائياً.
وآمن دوماً أن الخوف هو أعظم القيود في حياتنا، هو الذي يمنعنا من أن نتفتّح ونبلغ أقصى إمكانياتنا وطاقاتنا . الخوف هو العدو الأول. كيف نغلبه؟ باكتشاف حقيقته ومواجهته.

#ماريا_خليفة (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات