|
الى الوراء درّ ، من اعطى هذا الايعاز لداعش
تيلي امين علي
كاتب ومحام
(Tely Ameen Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4552 - 2014 / 8 / 23 - 10:15
المحور:
القضية الكردية
الحراك العربي الجماهيري ضد انظمة الاستبداد والدكتاتورية او ما سمّي بالربيع العربي، حققق اهدافه في عديد من البلدان العربية ومنها تونس ومصر واليمن وليبيا . وكان الحراك السوري المتمثل بالجيش السورى الحر على وشك اسقاط نظام بشار الاسد ، فقط سقطت مدن مهمة وعديد من القطعات العسكرية وبات الثوار يقاتلون داخل دمشق نفسها ، وحتى داخل المنطقة التي ينتمي اليها الاسد طائفيا ، اي منطقة العلويين في اطراف اللاذقية ، وانشق عن النظام العديد من رموزه وقادة الجيش والوزراء والدبلوماسيين ومن ابناء الطائفة العلوية نفسها . ورغم المساندة القوية التي قدمتها الجمهورية الاسلامية في ايران ، ومشاركة حرسها الثوري وكتائب حزب الله اللبناني القتال الى جانب جيش النظام السوري ،بات سقوط النظام العلوي الطائفي مسألة وقت . وتغيّرت المعادلة وموازين القوى خلال اشهر ، وذلك عندما برزت على الساحة السورية ، جبهة النصرة ، اواخر عام 2011، والتي كانت فرعا من داعش . تنامت قدرات هذه الحركة سريعا في سوريا بعد مسرحية هروب الاف من سجناء ابو غريب المنتمين للحركة بتواطء من الحكومة الشيعية في بغداد ، والتي سهلت لها ايضا عملية تهريب اموال البنك المركزي . كان الهدف المعلن لجبهة النصرة وداعش هو مساندة اهل سوريا السنة والقضاء على الحكم العلوي الطائفي والذي ارتكب مجازر رهيبة بحق السنة الذين يشكلون اغلبية الشعب السوري . لكن على عكس ذلك قاتلت جبهة النصرة الجيش السوري الحر وفصائل المقاومة السنية الاخرى ومنها الفصائل الكردية ، والحقت بها اضرار فادحة وشلّت قدراتها في مقارعة نظام بشار واسقاطه . في شهر نيسان من عام 2013 ، وبعد ان انزلت جبهة النصرة ضربات موجعة بالجيش السورى الحر ( المتكون اغلبيته من السنة ) واضعفت قدراته ، واخرجت القوى الكردية من القتال ضد النظام ، للاكتفاء بالدفاع عن مناطقها المحررة ، اعلن ابو بكر البغدادي دمج جبهة النصرة والدولة الاسلامية في العراق في حركة موحدة باسم تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام ( داعش ). لم تختلف مهمة داعش عن مهمة جبهة النصرة ، وهي توجيه بنادقها الى اهل السنة في سوريا ، ودخل التنظيم في معارك شرسة مع الجيش الحرالسوري ومع القوات الكردية التي سيطرت على مناطق الكرد في سوريا واقامت حكما ذاتيا ، بينما ابتعد الخطر عن النظام السوري واخذ يعيد تنظيم قواته ويكسب المعارك ويحقق المكاسب على الارض ، كما لم يعد المجتمع الدولي متحمسا لاسقاطه وتسليم حكم سوريا لمنظمة ارهابية . في منتصف العام الجاري ، اطمأن التنظيم على ما يبدو على نظام الاسد والحكم العلوي الذي استقر نسبيا ، وسيطر على اغلبية المواقع التي كان قد خسرها لصالح الحركة السنيّة في الشام . بينما وجد التنظيم ان الحكومة الشيعية في العراق تعيش مأزقا حقيقيا بسبب طائفيتها ومظالمها تجاه السنّة وعلمائهم ورغبتها في تشييع العراق عنوة ، وجد ان اهل السنة قد فقدوا الثقة بامكانية قبول الامر الواقع والرضوخ لحكومة المالكي واصرارها على تركيعهم ، فانخرطوا في حراك عام للمطالبة بحقهم في المواطنة والمساواة والمحافظة على معتقداتهم واحترام رموزهم المذهبية . كما رأى التنظيم ان اقليم كردستان يخوض صراعا سياسيا مع حكومة المالكي ويوفر للسنة الملاذ والدعم للمطالبة بحقوقهم ، وان كل ذلك قد يؤدي الى الاطاحة بحكومة المالكي وتفقده الامل بالولاية الثالثة . بذريعة مساندة السنّة ودفع شرّ الحكم الشيعي عنهم ، اقتحم التنظيم محافظة الموصل في لمحة بصر وانسحب الجيش العراقي مخلفا ورائه مستودعات تضم اسلحة متطورة لجيش كامل ، وهي عملية تثير الشبهات حول من يدعم داعش ويوفر له السلاح والعتاد والهمرات الامريكية . اعلن التنظيم ان هدفه من الدخول الى العراق هو اسقاط الحكومة الشيعية التي تظلم السنّة ، وقال انه سيزحف على بغداد ويهدم المراقد الشيعية في كربلاء والنجف وسامراء . واستطاع ان يكسب الى جانبه بعض القوى السنية وعشائرها التي تعاني من اعتداءات جيش المالكي وميليشياته الطائفية التي تقتل اهل السنة على الهوية طيلة السنوات الماضية . لكن التنظيم خدم حكومة بغداد الشيعية بامتياز ، فبعد ان فقد المالكي دعم حلفائه الشيعة ( المجلس الاعلى والتيار الصدري ) بصورة خاصة ، والاهم الاشارات والتلميحات التي صدرت عن مرجعية السيستاني بضرورة التغيير في الحكومة ، رأت هذه الجهات الشيعية ان الوقت غير مناسب لاشعال صراعات شيعية - شيعية ، حتى ان المرجعية افتت بوجوب الانخراط في الجهاد الكفائي الى جانب قوات الامن الحكومية وباركت على نحو ما ، الميليشيلت الطائفية التي شكلها المالكي للانقضاض على اهل السنّة بتهمة مساندة داعش . لم تضر داعش بالشيعة ، انما جعلت المناطق السنّية ميدان حرب ، وقضت الحكومة الشيعية على البنية التحتية فيها ، وشددّت من اجراءاتها القمعية . كما انها قاتلت الحركات السنية المسلحة ودعت الى مبايعتها ، ونتيجة لذلك خفّت المقاومة السنية للحكومة الشيعية ، واصبح المالكي ممسكا بابواب بغداد والمنطقة الخضراء ، وتزوّد بالسلاح المتطور بذريعة محاربة الارهاب وعقد صفقات ضخمة . ولمّا لم يبق من خصم للحكم الشيعي الاّ حكومة اقليم كردستان والتي احتضنت قادة السنة المعارضين ، وطلبت من الحكومة الشيعية الرجوع الى الدستور والاتفاقيات واحترام حقوق المكونات العراقية . لم تنفع كل الضغوطات التي مارستها الحكومة الشيعية ، لوقف كردستان عن مطالبتها بالتمسك بدستور العراق والاتفاقات الوطنية وضرورة حكم العراق بالتوافق بين مكوناته ، ولجأت حكومة المالكي الى اكثر الوسائل خبثا وهو قطع رواتب الموضفين وحصة الاقليم من الميزانية ، كما لم تنفع ضغوطات حلفاء الحكومة الشيعية الاقليميين لكبح جماح الكرد وثنيهم عن استعدادهم لاجراء استفتاء بشأن تقرير مصيرهم ،في حالة مواصلة الشيعة سياستهم الطائفية الفاشلة . لذا كان لا بّد من اخافة الكرد والتاثير عليهم للتقرب من الحكومة الشيعية وطلب مساعدتها العسكرية في مواجهة داعش . وهكذا تلقت داعش الايعاز ( الى الوراء در ). وبغتة اعلنت الحرب على كردستان وهاجمتها من كل المحاور . ممن صدر هذا الايعاز ؟ طبعا ممن له مصلحة في دعم التوجهات الطائفية لحكومة المالكي والحكم الشيعي بصورة عامة ، وممن يتحكم في السياسة الداعشية ويسيّرها . ولكن هل حققت اللعبة الكارثية هدفها ؟ نقول لا ونعم . لا ، لان الرئيس الكردي فؤاد معصوم قاوم الضغوطات والتهديدات الجدية بصلابة ، واسقط المالكي ، احد اللاعبين الاساسيين ، بضربة على الرأس بامتناعه عن تكليفه بولاية ثالثة واخرجه من المشهد السياسي وما يتبعه من محاسبة ومحاكمات عن جرائم خطيرة . ونعم ، لان حكومة كردستان وجدت نفسها في مواجهة ( دولة) مدججّة بالسلاح المتطور ، ونزح اليها ما يقارب من مليون شخص . وكان عليها طلب مساعدة الحكم الشيعي بسبب احتياجها الشديد الى المعونات الانسانية والعسكرية ، وامتناع المجتمع الدولي من تلبية احتياجاتها الا عن طريق بغداد وبالتنسيق معها ، وربما تكون مضطرة لقبول بعض التنازلات بعد كل هذه الخسائر التي لحقت بها .
#تيلي_امين_علي (هاشتاغ)
Tely_Ameen_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عذرا سميح قاسم
-
من يشنق المالكي في العيد القادم ؟
-
كردستان على مرمى النيران ومن واجب الجميع الدفاع عنها
-
صفقة أفشلها الرئيس محمد فؤاد معصوم
-
الحكومة الاتحادية ستخسر القضية امام محكمة تكساس
-
تمزّق العراق والسلاح الروسي لن يجديه نفعا
-
آغاى نجاح محمد علي : التضليل لن يفيد سيّدك المالكي
-
دعاة استقلال كردستان يتسابقون للتوظيف في بغداد
-
مطلوب كردي تافه لرئاسة العراق
-
الطالباني في كردستان .. مرحبا به ولكن
-
تركيا الحديثة او تركيا الاتحادية عضو الاتحاد الاوربي
-
الرجل فقد صوابه .. انه يهذي
-
دعوا المالكي يسير بهذه الدولة نحو حتفها
-
كيري عرّاب المالكي
-
رسالتان فاشلتان من المالكي الى جهال الشيعة ، واخرى ناجحة
-
مشروع دستور اقليم كردستان بين التعديل والاقرار
-
من سيقضي على دجال بلاد الشام .. عيسى بن مريم أم المهدي المنت
...
-
عن اي عصر يتحدث السيد العلوي؟
-
الكورد الشيعة في قيادة الاتحاد الوطني هل يوجهون بوصلته ؟
-
على نفسه ونظامه جنى بشار
المزيد.....
-
الأمم المتحدة: الدعم السريع احتجزت شاحنات إغاثة في دارفور
-
RT ترصد خروج الأسرى من معتقلات إسرائيل
-
جماعة حقوقية في بنغلاديش تتهم الحكومة بالفشل في حماية الأقلي
...
-
وسط تواجد مكثف للجيش الإسرائيلي.. لحظة وصول الدفعة الثالثة م
...
-
-القسام- تبث مشاهد تسليم الدفعة الثالثة من الأسرى الإسرائيلي
...
-
الأمم المتحدة: الدعم السريع احتجزت شاحنات إغاثة في دارفور
-
مبعوث ترامب: صفقة الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة يتقدمان بشك
...
-
وصول 9 معتقلين أفرج عنهم الاحتلال إلى قطاع غزة
-
نتنياهو يطالب الوسطاء بضمان سلامة الأسرى
-
أحد أقدم الأسرى الفلسطينيين.. ماذا تغيّر في غياب محمد فلنة؟
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|