هيثم خوري
الحوار المتمدن-العدد: 4551 - 2014 / 8 / 22 - 09:14
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
لم يكن يوم 21 آب / أغسطس من عام 2013 يوماً اعتيادياً في حياة السوريين. في ذلك اليوم استيقظ آلاف السوريين، في عشر بلدات من ريف دمشق، في منتصف الليل يملؤهم الذعر من جراء أصوات انفجاراتٍ مدوية، أدركوا حالاً أنها صواريخ الأسد تدك بلداتهم، لم تكن هذه هي المرة الأولى بالطبع، ولكن في هذا اليوم كان دويها أعظم بكثير. شيء آخر كان مختلفاً أيضاً هذه المرة، فوراً بعد الانفجارات، بدأ سكان هذه المناطق يشعرون بأنهم مرضى، مع شعور بالتخريش في عيونهم وأنوفهم ومجاريهم التنفسية، تطور هذا فيما بعد لدى كثيرين منهم إلى شعور بالوهن والإقياء والاختناق، وكثيرون فقدوا وعيهم، ثم ماتوا، لا شك أنهم تألموا كثيراً قبل أن يموتوا، لا شك أن قلوب أهاليهم قد تمزقت، وهم يشاهدونهم يفارقون الحياة اختناقاً. وصل عدد المصابين إلى أكثر من 10.000 شخص، وعدد القتلى إلى أكثر من 1400، أغلبهم من النساء والأطفال. لم يكن صعباً على الأهالي إدراك أنهم وقعوا ضحية هجوم كيماوي بغازات سامة.
كنا قد اعتدنا على إجرام نظام الأسد خلال الأربعين سنة الماضية، خصوصاً منذ 2011، ولكن إجرامه هذه المرة فاق كل تصور. كما فاق تحديه للمجتمع الدولي وسخريته منه كل تصور، فهذا الهجوم حدث بعد ثلاثة أيام فقط من وصول لجنة الأمم المتحدة الخاصة باستخدام الأسلحة الكيماوية إلى دمشق للتحقيق في ضربات كيماوية أخرى قام بها النظام. منع النظام اللجنة من الوصول إلى مكان الضربات الأخيرة في الوقت المناسب بحجة أن تفويضها لا يتضمن التحقيق في هذه الضربات، وعندما صدر قرار عن مجلس الأمن يسمح لها بالتحقيق، كانت معظم الأدلة قد تبخرت، أو تم العبث بها من جانب النظام عبر قذائف الهاون التي انهمرت في ظهر اليوم نفسه على المناطق عينها المستهدفة بالكيماوي. كما أن القرار حدد مهمتها بالتحقق من وقوع الهجوم فحسب من دون تحديد من هو الجاني. ثم عندما تأكدت اللجنة من حدوث الهجوم، اكتفى مجلس الأمن بإصدار قرارٍ بتفكيك مخزون النظام من السلاح الكيماوي من دون فرض آليات لمعاقبة الفاعل. طبعاً، كل هذا بسبب صراعات جيوسياسية، لا تلعب فيها الأخلاق أي دور.
فهل مجرد نزع سلاح الجاني كافٍ لتحقيق العدالة؟ الجواب، طبعاً، لا. إن ما حدث فعلاً اجهاضٌ للعدالة. اليوم هناك مجرم ما زال طليقاً يتابع جرائمه، وهناك ضحايا لم يستطع المجتمع الدولي أن يكون وفياً لهم. لهذا، نحن السوريين جميعاً، سنظل نتذكر هؤلاء الضحايا، سنبقى دائماً أوفياء لأرواحهم، علينا أن نبذل كل جهدنا لتقديم الجاني إلى المحاكمة أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم إبادة جماعية.
#هيثم_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟