أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حامد الحمداني - خياران أحلاهما مـُر















المزيد.....

خياران أحلاهما مـُر


حامد الحمداني

الحوار المتمدن-العدد: 333 - 2002 / 12 / 10 - 12:05
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


                     

يمر شعبنا العراقي هذه الأيام في محنة كبرى ، وأي محنة أشد وأقسى من الاختيار بين خيارين أحلاهما مُـرٌ ، فإن شنت الولايات المتحدة الحرب بدعوى إسقاط النظام الصدامي ، وتدمير إسلحة الدمار الشامل ، واحتلت بجيوشها الجرارة العراق وأقامت حكومة عسكرية برئاسة جنرال أمريكي فتلك مصيبة ، وإن بقي النظام الصدامي جاثماً على صدور العراقيين فالمصيبة أعظم  .
لم يعد شعبنا العراقي قادراً على تحمل هذا النظام الذي ابتلاه بالويلات والمصائب والمآسي التي لم يشهد لها مثيلاً من قبل ، بدأً من الحرب التي شنها ضد الشعب الكردي مروراً بحملة التهجير وسلب الأموال والأملاك لمئات آلاف المواطنين بحجة التبعية الإيرانية !! ، ثم تلا ذلك الحملة المجرمة على القوى السياسية الوطنية التي جرى تصفية الألوف من كوادرها ومنتسبيها ، وبوجه خاص الحزب الشيوعي ،وحزب الدعوة والقوى القومية ، ولم يسلم من بطش هذه السلطة الغاشمة حتى قادة حزبها حيث اعدم صدام ثلاثة وعشرين من قادة حزبه بدعوى مؤامرة مزعومة لصالح سوريا .
ولم يكد يستتب الأمر للنظام الصدامي حتى بادر إلى شن الحرب على الجارة إيران دون مبرر ، بل تنفيذاً لمخطط أمريكي كان هدفه الأول والأخير إنهاك البلدين الجارين الذين يمثلان القوة المؤثرة الكبرى في منطقة الخليج ، وتدمير البنية التحية لاقتصادهما ، وإغراقهما بالديون لكي يتم للولايات المتحدة الهيمنة المطلقة على بلدان الخليج الغنية بالنفط وتأمين موارد النفط لأمد بعيد، وهذا ما أفصح عنه هنري كيسنجر في مذكراته بقوله في وصف تلك الحرب :[ أنها الحرب التي أردناها أن تستمر أطول مدة ممكنة ولا يخرج أحد منها منتصراً ]، وكانت الولايات المتحدة تقدم المساعدات والأسلحة والمعلومات عبر أقمارها الصناعية التجسسية إلى كلا الطرفين كي تستمر الحرب طيلة ثمان سنوات ، ولولا انتقال تلك الحرب إلى مياه الخليج وما دعي آنذاك بحرب الناقلات لما أقدمت الولايات المتحدة على المبادرة لإصدار قرار من مجلس الأمن بوقف تلك الحرب كي لا يتأثر انسياب النفط إليها والى بقية الدول الغربية .
لم يكن لشعبنا أي ناقة أو جمل ، كما يقول المثل ، في تلك الحرب التي دفع فيها من دماء بنيه أكثر من نصف مليون شاب ، ناهيك عن عشرات ألوف المعوقين والأيتام و الأرامل .
 لقد خرج العراق من تلك الحرب مثقلاً بالديون محطم الاقتصاد ، وتفتق ذهن صدام أن يعوض عن تلك الخسائر الجسام  بمهاجمة الكويت والاستحواذ على نفطها ، وجرى نصب فخ له من قبل الولايات المتحدة  لتشجيعه على دخول الكويت بغية تدمير القوة العسكرية للعراق والتي كان لها الدور الأكبر في بنائها بالتعاون مع الدول الغربية الأخرى بالإضافة إلى الاتحاد السوفيتي ، بعد أن انتهت تلك الحرب ، وأصبح صدام يمثل خطراً على أمن الخليج . وهكذا شنت الولايات المتحدة وحلفائها حرب الخليج الثانية  ،والتي سميت بحرب الثلاثين دولة ، فحلت بالبلاد الكارثة الكبرى ، تدمير شامل لبنيته التحتية ، الاقتصادية منها والاجتماعية والصحية والتعليمية ، وكان الحصار المجرم الذي تم فرضه على شعب العراق دون حكامه والمستمر منذ عام 1991وحتى يومنا هذا ، والذي يمثل أشنع أنواع الحروب ، وكان من نتائجه انهيار البنية الاجتماعية للمجتمع العراقي ، وحل الفقر والجوع والأمراض ، وانمحت عادات وقيم وتقاليد اجتماعية رائعة لتحل مكانها عادات وقيم وتقاليد على النقيض منها تماماً تلك التي  فتكت ولا تزال تفتك وتنخر بمجتمعنا العراقي .
هذا ما جناه الشعب العراقي من هذا النظام ، سجون ، وقتل ،وحروب دموية ، وفقر مدقع ، وأمراض لا أول لها ولا تالٍ ، وتزوير لإرادة الشعب وسلبه كامل حقوقه وحرياته ، في حين كان يمكن أن يكون شعبنا اسعد شعوب الخليج قاطبة لولا ابتلائه بهذا النظام الكريه .
ونعود للحرب التي تزمع الولايات المتحدة شنها على العراق لغرض تدمير أسلحة الدمار الشامل ، إسقاط النظام ، وبودي أن أتساءل هل أن الولايات المتحدة تهدف من وراء حربها حقاً تحرير شعب العراق ، وإنقاذه من ظلم النظام الصدامي ؟ وتتحمل التضحيات الجسام من أرواح أبنائها بالإضافة إلى تكاليف الحرب التي تقدر  بمئات مليارات الدولارات لسواد عيون الشعب العراقي ؟
ورب قائل يقول إن مصالح شعبنا في إسقاط النظام الصدامي  تتفق مع مصالح الولايات المتحدة المتوخات من هذه الحرب ، وللوهلة الأولى تبدو المسألة مجرد توافق مصالح ، ونحن لا نعارض توافق المصالح بين الشعوب ، لكن علينا أن ندرس بإمعان هل أن ماسنحققه من مصالح نتيجة هذه الحرب تتجاوز السلبيات والأضرار التي ستحيق بشعبنا ووطننا ، لو كانت الايجابيات تتفوق على السلبيات لكنت أول المصفقين لهذه الحرب التي تخلصنا من أعتى نظام فاشي عرفته الانسانية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، ولانحنيت إجلالاً للولايات المتحدة على جهادها في سبيل تحرير الشعوب !! لكن التجارب التي مرت بها العديد من الشعوب لم تعطنا بصيص أمل في مستقبل أفضل فالولايات المتحدة لا تزال تؤيد وتساند العديد من الأنظمة التي تضطهد شعوبها وتسلبهم كامل حقوقهم وحرياتهم لأن هذه الأنظمة محسوبة عليها ولنا من الأنظمة العربية خير مثال على ذلك .
ثم لما ذا الحرب سبيلاً أوحداً لإسقاط النظام ؟ وهل هناك سبيلاً آخر لتحقيق هذا الهدف يجنب شعبنا ويلات ومآسي  لا يعلم بها إلا الله ، ولم يعد شعبنا يتحمل المزيد من الحروب فقد كفاه حروباً دامت عشرات السنين دون انقطاع .
إن الولايات المتحدة إن هي حقاً تريد إنقاذ شعبنا من جور النظام الصدامي ، من دون أن تلحق الأذى والخراب والدمار بالعراق ، شعباً ووطنناً ، فإن أمامها طريق ثالث يجنب العراق وشعبه الويلات والمآسي ، وبنفس الوقت كفيل بإنهاء النظام الدكتاتوري الصدامي البغيض باللجوء إلى الأمم المتحدة و تسعى لإصدار قرار جديد من مجلس الأمن ، وتحت البند السابع ، يلزم النظام العراقي باحترام حقوق وحريات الشعب ، وإلغاء كافة القوانين التي أصدرها النظام ، والمخالفة لكل الأعراف والقوانين الدولية وشريعة حقوق الإنسان ، وإلزامه إجراء انتخابات حرة ونزيهة بإشراف صارم من الأمم المتحدة ،وتأمين حقوقه وحرياته الديمقراطية ، كما أن عليها أن تسعى لتفعيل محكمة الجنايات الدولية ، والعمل على إحالة مجرمي الحرب الذين مارسوا أشنع الجرائم بحق الشعب العراقي ، عرباً وأكراداً وسائر الأقليات الأخرى، وخلال أكثر من ثلاثة عقود ذاق خلالها شعبنا الأمرين .
أنني  شديد الإيمان أن شعبنا لو تسنى له التعبير بحرية وفي انتخابات حرة ونزيهة لما نال هذا النظام الكريه واحد بالألف من السكان . إن ما سمي بالبيعة لرأس النظام يوم أول أمس هو تعبير صارخ عن مدى استهتار النظام بحقوق وحريات الشعب ، فهل من يدلني على رئيس دولة في العالم أجمع نال أصوات بنسبة 100% سوى صدام حسين  أليس هذا دليل صارخ على عمق المهزلة التي يجري تنفيذها في عراقنا الجريح ؟
أيتها الشعوب العربية ، أيتها الشعوب في العالم أجمع ، أيتها الحكومات الديمقراطية شرقية وغربية ، ياهيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن ، يامنظمات حقوق الإنسان نناشدكم الوقوف إلى جانب شعبنا المذبوح ،افعلوا كل ما في طاقتكم من أجل تخليصه من حكم الطاغية وزمرته القتلة ، وجنبوه مآسي ومصائب الحرب ، فقد كفاه ما قاسى عبر عشرات السنين .

 



#حامد_الحمداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار المتمدن عام من النجاح والتطور ،وأمل بالمزيد
- ناقوس الخطر يدق أبواب العراق!!
- في الذكرى الخمسين لوثبة تشرين المجيدة عام 1952
- لماذا أُجهضت الانتفاضة ؟
- أضواء على انتفاضة آذار المجيدة
- واقع الأسر، وتأثيره على تربية الأطفال
- أمريكا وعالمها الجديد!!
- أهداف الهجوم الأمريكي المرتقب على العراق
- الأسرار الخفية وراء انقلاب 17 تموز 1968
- هذا هو الطريق نحو عالم جديد
- الأهداف الخفية وراء الهجوم الأمريكي المرتقب على العراق
- انقلاب 8 شباط 1963 الفاشي
- في ذكرى وثبة كانون المجيدة عام 1948:
- الهجوم الرجعي في الموصل وهجمة الاغتيالات
- أضواء على محاولة انقلاب العقيد الشواف
- هل يستحق (نيبول) جائزة نوبل ؟


المزيد.....




- أنور قرقاش بعد إطلاق النار في سلطنة عُمان: لا مكان للعنف في ...
- إدانة السيناتور بوب مينينديز في اتهامات بالفساد تشمل تلقى رش ...
- غوارديولا وكلوب على رأس المرشحين لقيادة إنجلترا خلفا لساوثغي ...
- -لا انسحاب من السباق ومن واجبي إنجاز هذه المهمة-.. رسالة باي ...
- الحرائق في ألبانيا دخلت أسبوعها الثالث.. تستعر وتتمدد
- بعد ترشيح ترامب له لمنصب نائب الرئيس.. مذكرات جي دي فانس تتص ...
- إسبانيا.. إصابات في حادث انقلاب حافلة ركاب في برشلونة
- -وجبة قاتلة- تكشف بعض أسرار عبادة التماسيح في مصر القديمة
- -حزب الله- يعلن قصف كريات شمونة بعشرات صواريخ -الكاتيوشا- (ف ...
- سيارتو: العالم يتابع باحترام مهمة أوربان بشأن السلام في أوكر ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حامد الحمداني - خياران أحلاهما مـُر