|
الأيزيديون الأحبة يا جرحنا الجديد !!
مهند البراك
الحوار المتمدن-العدد: 4547 - 2014 / 8 / 18 - 10:43
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لم تهدأ جروح العراقيين المؤلمة و جرحاً يختلف عن جرح بمآسيه و عمقه و احزانه اللامحدودة، وهي ان لم تصب العرب بسنتهم و شيعتهم بمقتل كمكوّن و كوجود رغم عظم تضحياتهم، الاّ انها اصابت حدقات العيون من قوميات الشعب العراقي، الثانية الكردية و اقلياته الدينية و القومية من المسيحيين باطيافهم، الكرد الفيلية، اليهود، الصابئة المندائيين، التركمان، الشبك، و اخيراً الأيزيديين . . الذين بمجموعهم و عيشتهم معاً و تفاعلهم الحي ببعضهم شكلوا و يشكلون جوهر الروح العراقية . . بعد ان ساهموا جميعاً برجالهم و نسائهم في معارك الشعب و قدّموا آيات البطولات و التضحيات في الازمنة الحديثة من اجل التحرر و الكرامة و من اجل التآخي القومي و الديني و الحقوق القومية و الثقافية و مواجهة العنصرية، وقد اسهم الأيزيديون بقسط كبير في نضالاتهم تلك . . بل و اذا مابرز الروائي الكردي الايزيدي الشهير عرب شمّو (1) بكتابه " قلعة دمدم " مفخرة التأريخ الكردي . . فقد برز عدد من خيرة البيشمركة الأكراد و قادتهم الميدانيين من الأيزيديين الكرد في النضال ضد دكتاتورية صدام الدموية من اجل الديمقراطية و الحقوق القومية العادلة لكردستان العراق . . بشهادة معارك جبل كاره الشهير و وقوفهم بوقت مبكر بوجه السلطة، بعيد الأنهيار المؤسف للثورة الكوردية عام 1975 بسبب الاتفاقات الدولية . . و بلمحة تأريخية سريعة . . بعد فرهود اليهود عام 1951 و الإسقاط المؤلم لجنسيتهم العراقية كانت الضربة العنيفة التي وُجّهت الى الأقليات هي انقلاب شباط 1963 الذي اضافة الى انتقامه من طموح الشعب و ممثليه، انتقامه الهائل من افراد الأقليات الذين واجهوا الظلم المضاعف على يد بعثيي انقلاب شباط العفالقة . . ثم تصور الناس ان المآسي الكبيرة انتهت و بقيت المظالم، التي بدأت بالإفلات من عقالها بجريمة تهجير الكرد الفيليين عام 1969 بهجوم العسكريين على بيوتهم وسوقهم بملابسهم بشاحنات لرميهم خارج الحدود، فيما تواصلت الضغوط و مصادرة حقوق الأخوة المسيحيين . . و استمر ذلك متواصلاً و متراكماً . . و كانت قمة الجرائم . . مأساة حلبجة التي دُكّت بالأسلحة الكيمياوية، و حملات الأنفال سيئة الصيت بعشرات آلاف الضحايا المدنيين، التي وجّهت الى الكرد و كردستان و التي وجّهت ضمن من وجّهت بقسوة اشدّ اليهم . . ما وجّهته الى الكرد الايزيديين، حيث قتلت عوائل قرى بكاملها بشيبها و شبابها و نسائها و اطفالها . . ان المظالم التي واجهتها القوميات و الأديان الثانية في العراق في الحقبة الأخيرة جرت، رغم ان تلك القوميات و الأديان عاشت و بنت و عمّرت طيلة قرون في ظل الخلافات ـ جمع خلافة ـ الإسلامية المتتالية التي لم تواجه فيها محناً غير مألوفة لزمانها، بدلالة انها واصلت الوجود و واصلت عباداتها الله بقناعاتها رغم انواع الإعتصام و الآلام و الكفاح من اجل الوجود، عند الشدائد . . الاّ إنها تواجه اليوم عصابات داعش المجرمة التي تكفّرها و تلصق بها عبادة الشيطان وهي منه براء فهي تعبد الله الأحد، في مسيرة انتقامية مبنية على ديدن داعش في الكذب الذي وصل الى درجة اعلانهم بأن القرآن المتداول مُحرّف و بدأوا في تغيير القرآن ذاته . . و يرى متخصصون بأن المجرمون الأغبياء و منظّريهم قد لايفهمون ولا يستطيعون فهم الديانات الأخرى و لا آليات مفاهيمها في عباداتها كـ (آخر)، لأنهم لايستطيعون العيش مع (الآخر) فيكفّروه و يحاولوا ان يقتلوه و يمثّلوا به . . في عصرنا الذي تجاوز تلك الحروب و المسالخ البشرية التي دارت في العالم في عصور مضت . . حتى صار البعض يذهب الى ان الحق صار و كأنه لايمكن الحصول عليه إلا بحدوث كارثة حقيقية ، او مأساةٍ مُرّوِعة تهزُ العالمَ هّزاً . . و هو ما يجري الآن على يد داعش التي تسببت بسقوط آلاف القتلى الإيزيديين من فُقراء سنجار (شنكال) وقُراها، مئات السبايا من النساء والصبايا الإيزيديات ليجري بيعهن في سوق النخاسة، و مئات الأطفال الذين ماتوا عطشاً وجوعاً، اضافة الى مئات الآلاف من المُشردَين الإيزيديين في أصقاع الأرض . . في جريمة مروّعة من جرائم الإبادة الجماعية، فاقت الجرائم التي واجهتها منهم الأديان و المعتقدات الأخرى، على آلامها الشديدة . و يفكّر آخرون بالم كما لو ان عموم الأكراد احتاجوا عمليات قذرة كعمليات الأنفال التي تسببت بهجرةٍ مليونية ومئات آلاف الضحايا الكرد . . ليتحرّك الضمير و الرأي العام و القوى العظمى في العالم لنجدتهم، و يرى مثقفون و كتّابٌ اكراد و بأسف الى ان الأيزيديون الكرد الأصليون، على ذلك القياس، كأنما هم بحاجةٍ الى مأساةٍ مُرّوعة " كي نلتفتُ نحنُ بَني جلدتهم إليهم، وحتى تنتبه الدُنيا لهُم قليلاً " على حد تعبيرهم . . في وقت لاتزال النقاشات فيه حامية في البنتاغون هل يرسلون نجدات انسانية عاجلة للأيزيديين ام لا ؟؟ . . و الوقت يمر و يهلك عشرات و مئات جدد منهم، من الجوع و العطش على جبال سنجار . . و يطالب الأيزيديون اليوم كما تتناقل وكالات الأنباء و مواقع التواصل الشخصي . . اضافة الى المساعدات الإنسانية، يطالبون بحماية دولية، لإستحالة العودة الى مدنهم و قراهم بعد الآلام و الجروح الهائلة التي قد لاتعالج بسهولة، و بعد ان سادت انواع الروايات و الوشايات عن المسببين و المتواطئين مع المجرمين و الأسباب (2) . . و ما تثيره من ثارات و محن قد لاتنتهي . .
18 / 8 / 2014 ، مهند البراك ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1. عرب شاميلوف (1897-1978) من كبار الروائيين الكرد العالميين له روايات عديدة اشتهرت منها (قلاي دمدم) . 2. اصدر السيد مسعود بارزاني امراً باعتقال المسؤولين عن منطقة سنجار للتحقيق معهم، و وعد بعقوبات قاسية بحق المذنبين و سيجري اعلانها .
#مهند_البراك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحكومة الجديدة و اهمية دور الجماهير !
-
الوحدات القذرة داعش (1)
-
المالكي لايريد (اعطائها) لغيره !
-
عن (داعش) و مواجهتها 4 و الاخيرة
-
عن (داعش) و مثيلاتها . . (3)
-
عن (داعش) و مثيلاتها . . (2)
-
عن (داعش) و مثيلاتها . . (1)
-
في معنى حكومة انقاذ !
-
من اجل تفعيل (الصحوات) السنيّة !
-
معاً بوجه داعش !
-
في احداث الموصل . .
-
حكومة انقاذ بعد تغريب الدولة عن الشعب
-
من اجل ان لا ينقسم العراق !
-
هناك . . عند الحدود (16) الاخيرة
-
هناك . . عند الحدود (15)
-
هناك . . عند الحدود (14)
-
هناك . . عند الحدود (13)
-
هناك . . عند الحدود (12)
-
هل عادت انتخابات الفوز ب 99,9 %
-
هناك . . عند الحدود (11)
المزيد.....
-
-رأيت نفسي كجارية جنس-.. CNN تتحدث مع ناجيات من اعتداءات مزع
...
-
أعنف هجوم منذ سقوط الأسد.. قتلى وجرحى بانفجار سيارة مفخخة في
...
-
هل يمكن أن تطبع الجزائر مع إسرائيل؟ - مقابلة مع لوبينيون
-
تحقيق عسكري: فشل خطير في منظومة القبة الحديدية خلال الساعات
...
-
السعودية والإمارات ضمن الخيارات لاستضافة قمة بوتين وترامب
-
أطويلٌ طريقنا أم يطولُ.. نتنياهو يتجنب العبور فوق الدول المم
...
-
مظاهرات ألمانيا الحاشدة ضد اليمين.. أسبابها وخلفياتها!
-
أدلة على فيضان هائل أعاد تشكيل البحر الأبيض المتوسط
-
تأثير غير متوقع لمسكنات ألم شائعة على الذكاء وسرعة التفكير
-
منظومة -غراد- الروسية تستهدف مواقع تمركز القوات الأوكرانية
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|