|
أنكساجوراس . والحجر الأسود
حسام المنفي
الحوار المتمدن-العدد: 4547 - 2014 / 8 / 18 - 09:38
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في القرن الخامس "ق . م" أنكر الفيلسوف اليوناني -أنكساجوراس- (500-428 ق . م ) الطبيعة الإلهية للأجرام السماوية ، وذهب إلى القول بأن القمر والشمس ليسا إلهين كما كان يعتقد الأثينيون في ذلك الوقت ، وقد قال على الشمس إنها مجرد كتلة متوهجة من المعدن أكبر من بلوبونيز كلها (وهي شبه الجزيرة التي كان يقطنها الأسبرطيون) وقال على القمر . إنه مكون من تراب ، وليس له ضوء خاص به ، وإنما هو يعكس ضوء الشمس . وبالقمر وديان وتلال وربما يكون مسكونا . وقد كان يوجد في أثينا في ذلك الوقت عند نهر يسمى نهر الماعز . -حجر أسود- كان يعتقد الأثينييون أنه قد هبط من السماء ، وأن الألهة قد قذفت به إلى الأرض، وربما كانوا يقدسونه ويتبركون به لهذا السبب كما يفعل كثيرا من المسلمين اليوم في موسم الحج عندما يتمسحون ويتبركون ويقبلون بكل ما أوتوا من سذاجة -الحجر الأسود- الملقى بجوار الكعبة ظنا منهم أن الله قد اقتطعه من الجنة ليرسله إليهم ، كأن الله بعد أن فرغ من خلق ملايين بل مليارات المجرات والنجوم والكواكب جلس على عرشه ليرسل إلينا أحجارا نتمسح بها كالبلهاء والمغيبيين ، رغم أن -القرءان- في أيات كثيرة كان يندد بكفار قريش لأنهم كانوا يعبدون ألهة مصنوعة ومنحوتة من الحجارة ، ورغم ذلك فإن المسلمون يقدسون هذا الحجر الذي لا ينفع ولا يضر ، بل هو مجرد حجر قد "أصبغت" عليه الأساطير والخرافات التي لا يمل فقهائهم ومشايخم من ترديدها وترويجها ، هالة من القداسة المزيفة . ونعود إلى -أنكساجوراس- الذي كان ينتقد و يسخر دائما من تلك السخافات التي كانت تتردد على مسامعه كما يتردد على مسامعنا اليوم ونحن في العقد الثاني من القرن 21 خرافات وأساطير أكثر سذاجة وسخف مما كانت تتردد في أثينا منذ أكثر من 2500 سنة . وقد أثار -أنكساجوراس- حفيظة كهنة المعابد الأثينية بأراءه وانتقاداته الاذعة التي طالت ذات الألهة وصفاتها وقدراتها وهي أقدس وأشرف ما لدى الأثينيين ، وبطبيعة الحال كان الكهنة يكسبون وينتفعون عن طريق تفسير أسرار السماوات وعجائبها كما يتربح وينتفع اليوم كهنة الأسلام الذين يطلقون على أنفسهم اعتسافا دعاة الى الله وما هم إلا دعاة الجهل والفتنة والكراهية (والله بريء مما يفعلون) . ومنذ هذه اللحظة قد شيع عن -أنكساجوراس- أنه كافر ، ملحد ، زنديق . يسخر من الألهة وينفي عجائب قدرتهم ويقدح في معتقدات الناس فما كان لهم إلا أن قدموه لمحكة اثينا التي حكمت عليه -بالإعدام- ثم خفف الحكم إلى -النفي-لأنه كان صديق شخصي للقائد -بركليز- في ذلك الوقت . يقول الدكتور مراد وهبة :ولم يطق ملاك الحقيقة المطلقة مثل هذا القول الذي قال به -أنكساجوراس- لإعتقاهم أن كل ما هو سماوي فهو إلهي ، وأن من يتناول مثل هذه الأمور بإسلوب علمي فهو مجرم في حق الدولة . واتهم بالإلحاد فاضطر إلى مغادرة أثينا حيث كان يقيم ويتفلسف . وهكذا سقط -أنكساجوراس- ضحية للتعصب الديني كما سيسقط بعده بثلاثين عاما تقريبا نتيجة لهذا التعصب ذاته -سقراط- الذي أعدم لا لشيء إلا لأنه كان يفكر وينتقد ويتسائل ويتششك . وأخيرا سأضع أمامكم بضع كلمات قد قالها أحد تلامذة أنكساجوراس عندما كان يتحاور مع شاب كان يدعي أنه يدافع عن الألهة وكان يعتقد أنه يتكلم على لسانها وأنه أوتي الحق المطلق وأنا من موقعي هذا أوجه هذه السطور القلائل لؤلئك الذين يتكلمون نيابة عن الله سبحانه وتعالى ويظنون أنهم احتكروا الحقيقة المطلقة بل ذهبوا في غيهم أكثر من هذا فهم يقتلون ويذبحون ويسرقون بل ويغتصبون النساء والأطفال ثم يضعون توقيع الله سبحانه أسفل هذه الجرائم البشعة (تعالى الله عما يصفون ) .يقول هذا الشاب وكان يدعى فيلينس وهو كان يتكلم عن ألهة أثينا بالطبع : إنك تتحدث كأنك تألف الألهة ألفة كبرى . هل رأيت إلها قبل اليوم ؟ هل لمست إلها ؟ هل تستطيع أن تخبرني بحادث واحد في الحاضر ولا أقول في الماضي ، لا يمكن أن تعلله بالإسباب الطبيعية ؟ ======================================= *انظر كتاب "ملاك الحقيقة المطلقة" للدكتور مراد وهبة . *انظر كتاب "تاريخ الفلسفة اليونانية من منظور شرقي" للدكتور مصطفى النشار "الجزء الأول" السابقون على السوفسطائيين . *انظر كتاب "تاريخ الفلسفة الغربية" لبرتراند رسل . المجلد الأول . *انظر كتاب " سقراط . الرجل الذي جرأ على السؤال" لكورا ميسن . الهيئة المصرية العامة للكتاب .
#حسام_المنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلم والدين بين الفكر القديم والفكر الحديث
-
نظرية المعرفة من منظور فلسفة ابن سينا
-
الغزالي واهدار قيمة العقل
-
العقل في فلسفة ابن رشد
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|