|
الحركة الآشورية السورية بين السلطة والمعارضة
سليمان يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1283 - 2005 / 8 / 11 - 08:56
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
. الحركة السياسية الآشورية السورية بين السلطة والمعارضة بفضل الأمن والاستقرار النسبي، الذي نعم به آشوريو سوريا، بعد ترسيم الحدود مع تركيا عام 1923وخلاصهم من نير الاستعمار العثماني (التركي) الذي أودى بحياة أكثر من ثلثي (الآشوريين السريان) طيلة فترة حكمه للمنطقة، تمكنوا من لملمة جراحهم والعودة إلى مسرح الحياة واعادة بناء كيانهم الثقافي والاجتماعي، من خلال اقامة العديد من الجمعيات الثقافية والنوادي الاجتماعية والمدارس الخاصة التي سمح بها في اطار هامش الحريات الدينية في سوريا، و قد شكلت تلك المؤسسات الأرضية الخصبة والبيئة المناسبة لانطلاقة العمل القومي الآشوري المنظم وتأسيس أول تنظيم سياسي آشوري في سوريا عام 1957وهو (المنظمة الآثورية الديمقراطية) التي تشكل اليوم أحد الفصائل الأساسية في (الحركة السياسية الآشورية). لم تكاد تثبت (الحركة السياسية الآشورية) في سوريا أقدمها على الأرض، حتى جاء حكم الوحدة مع مصر عام 1958 الذي أجهض التجربة الديمقراطية الفتية و قضى على الحياة الليبرالية في سوريا بإلغائه جميع الأحزاب وممارسة الاستبداد على القوميات الغير عربية، إذ فرض حصاراً حقيقياً على المؤسسات الآشورية/ السريانية/الكلدانية.وقبل أن تكتمل فرحة الشعب السوري بالعودة الى الحياة الليبرالية بعد سقوط نظام الوحدة عام 1961ورفع غطاء الاستبداد عنه ،جاء انقلاب حزب (البعث العربي الاشتراكي) على السلطة في آذار عام 1963 ليقوم بمصادر الحريات السياسية واحتكار السلطة وليبقي الشعب السوري تحت حكم قانون الطوارئ.وقد عانت الحركة السياسية الآشورية في ظل حكم البعث، كسائر الأحزاب والقوى الوطنية السورية الأخرى، من شتى أشكال القمع والاستبداد السياسي والفكري، حيث تعرض نشطاءها للملاحقة والاعتقال ونفيهم من مكان عملهم الى محافظات أخرى، وأعادت سلطات البعث فرض الحصار على المؤسسات الآشورية،التي أقيمت في الثلاثينات من القرن الماضي، والتضييق على نشاطاتها. هذه الأوضاع السياسية الصعبة التي أحاطت بالآشوريين وحركتهم السياسية، أجبرتها على الانكفاء على ألذات والتحرك بحذر شديد على الساحة السياسية،كما دفعت بآلاف العائلات الآشورية السريانية الكلدانية الى الهجرة من سوريا باتجاه لبنان والدول الأوربية. لا شك،أن إحقاق الحقوق القومية والديمقراطية للشعب الآشوري السوري، يرتبط بمدى تقدم كل من العملية الديمقراطية والحريات السياسية ومسالة حقوق الإنسان في سوريا، فهذه قضايا مازالت غائبة عن الحياة السورية.لكن هذه الظروف السياسية الصعبة التي أحاطت، ومازالت تحيط،بالحركة الآشورية والتي أعاقت تطورها ونموها، لا تعفيها( كحركة سياسية) يمتد عمرها قرابة نصف قرن من الزمن، من مسئولية إخفاقها في أبراز (الحالة الآشورية) الى الراي العام السوري باعتبارها (مسالة وطنية) سورية، وبقاءها هي كـ (حركة سياسية) معزولة عن بقية القوى الوطنية الأخرى، فقد كان لـ ( الحركة السياسية الآشورية) الكثير من الأخطاء والتقصير في أدائها السياسي،من أبرز هذه الأخطاء، فكرياً:تمحور خطاب الحركة الآشورية حول الداخل الآشوري متجاهلاً الآخر السوري وتركيزه كثيراً على المسائل التاريخية والقضايا الاجتماعية والتراثية ، على حساب القضايا السياسية والحقوق الأساسية للآشوريين ومعاناتهم،كما اتسم فكرها القومي بالضعف والضبابية اعتمد بالدرجة الأولى، على الشعور القومي مهملاً جانب الوعي، وهو الأهم في السياسة،كان فكراً مبنياً على تصورات وتأملات معينة هي أقرب الى الرومانسية القومية من الواقعية السياسية، فكراً منفصلاً عن الواقع،وفي احياناً كثيرة متناقضاً مع هذا الواقع. سياسياً:افتقرت الحركة الآشورية لبرنامج سياسي واضح الأهداف والتصورات حول المستقبل الآشوري في سوريا، كما أنها افتقرت الى آليات عمل فعالة واستراتيجية قومية، لتواجه مشكلات الواقع الآشوري المأزوم( أزمة الهوية، واشكالية التسمية) والتقدم نحو (الحقوق الآشورية).لقد طرحت الكثير من الأسئلة حول الموضوع الآشوري ، لكن من غير أن تقدم أجوبة محددة وواضحة على هذه التساؤلات.كما أنها (الحركة السياسية الآشورية) أخطأت كثيراً برضوخها التام لمحاذير وتهديدات السلطة وابتعادها عن قوى المعارضة الوطنية و عدم انخراطها في حركة التغيير الديمقراطي في سوريا، التي تسعى لبناء نظام سياسي ديمقراطي تعددي ، الذي في ظله فقط يمكن حل مسألة التعددية القومية والسياسية في سوريا وحصول الآشوريين على حقوقهم.لا شك،بدأت(الحركة السياسية الآشورية) في السنوات الأخيرة استدراك هذا الخطأ، بفتح الحوار مع مختلف قوى المعارضة السورية في الداخل ومد الجسور معها، وبدأت تظهر وتتواجد في العديد من فعاليات الحراك السياسي والثقافي الذي تشهده الساحة السورية، وهي اليوم تطمح لتصبح جزء من الحركة الوطنية السورية، لكنها ما زالت مترددة في الدخول ضمن تحالفات سياسية مع قوى المعارضة السياسية، هذا التردد يعود بالدرجة الأولى الى الخشية من قمع ومعاقبة السلطات السورية، وبالدرجة الثانية الى عدم وضوح موقف ورؤية (المعارضة السورية) ذاتها من مسالة (التعددية القومية) في سوريا عامة ومن الموضوع الآشوري وحقوق الآشوريين خاصة. فالحركة الآشورية السورية تنظر بعين الى سلطة قوية وقمعية تخشاها، وبالعين الأخرى الى معارضة ضعيفة مشتتة تثير الشكوك حولها وبقدرتها على أن تكون بديلاً ديمقراطياً للنظام القائم واقامة مجتمع تعددي ديمقراطي ليبرالي علماني في سوريا. ترى شخصيات عديدة في (الحركة السياسية الآشورية) أن نتائج وقرارات المؤتمر الأخير لحزب البعث الحاكم، جاءت مخيبة للآمال،خاصة بالنسبة لقانون الأحزاب والحريات السياسية والإعلامية، فما أوصى به المؤتمر ((على أن لا تكون الأحزاب العاملة في سوريا ذات هوية أثنية أو دينية أو مناطقية))جاء مجحفاً بحق القوميات الغير عربية، وخاصة (الآشورية)، باعتبارها أقدم المكونات أو القوميات السورية وأكثرها أصالة وعمقاً في تاريخ وحضارة سورية،كما أنها أقرب الى (الـقومية الثقافية)من (الـقومية الإثنية أو العرقية) فهي تضم من مختلف الأديان والعقائد السورية، لهذا ترى الكثير من الأوساط السياسية والثقافية الآشورية أنه من الخطأ أن ينظر للحركة الآشورية السورية على أنها مجرد حركة أثنية أو طائفية، وإن كان غالبية أعضائها من المسيحيين الآشوريين(سريان/كلدان)، فهي لا تأخذ من دين العضو وعقيدته شرطاً لقبوله في صفوفها وهي لا تمتنع عن انضمام أي شخص سوري يؤمن ويعتقد بان (الهوية الآشورية/السريانية/الكلدانية) هي جزء ومكون أساسي من الهوية الوطنية لسوريا.
سليمان يوسف يوسف... كاتب سوري.... مهتم بمسألة الأقليات. [email protected]
#سليمان_يوسف_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المستقبل السياسي لمسيحيي سوريا
-
لبنان الرسالة يهتز من جديد
-
البعث السوري مدد ولايته حتى اشعار آخر
-
فوبيا التغيير في سوريا
-
تسونامي كردية في القامشلي وغزو عربي لأسواق المدينة
-
من يروج لفكر محظور في سوريا
-
مخاطر استمرار اختطاف الشيخ الخزنوي في سوريا
-
بشار الأسد والفرصة التاريخية
-
بداية النهاية لحكم البعث في سوريا
-
تركيا الملطخة بدماء الأرمن والآشوريين، هل ستدخل الاتحاد الأو
...
-
أنشودة الحياة والحرية في نيسان
-
آشورييوا سوريا، وهواجس الخوف في عيد الأكيتو
-
الأزمة اللبنانية تحدث تغيراً في خطاب المعارضة السورية
-
هل ستحسم الأزمة الراهنة خيارات الشعب اللبناني
-
آشوريوا المهجر، ما قيمة الوطن من غير حقوق
-
من أجل اصلاح الدولة السورية
-
قراءة غير سياسية للحرب في العراق
-
رؤية آشورية للأحداث الخيرة في الجزيرة السورية
-
حوادث الحسكة والتصريحات المخالفة للمحافظ
-
في سوريا حزب الأغلبية الساحقة يخش الديمقراطية
المزيد.....
-
آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد
...
-
الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي
...
-
فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
-
آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
-
حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن
...
-
مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
-
رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار
...
-
وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع
...
-
-أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال
...
-
رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|