|
النساء تحب الله أكثر
محمود جرادات
الحوار المتمدن-العدد: 4546 - 2014 / 8 / 17 - 00:53
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في دراسات غير رسمية، تعنى بإحصائيات حول اللادينية في العالم و في دول مختلفة، يلاحظ فرق كبير في نسبة اللادينيين بين الذكور و الإناث ، في حين تبغ نسبة الذكور ما يتراوح بين 72-77% ، تبلغ حصة الإناث اللادينيات ما يتراوح من 23- 28% ، ما يعني ببساطة، أن أمام كل انثى لا تعتنق أي دين في العالم، يوجد 3 ذكور يشاركونها هذا الاعتقاد. في الوقت الذي ينقسم فيه العالم بالتساوي تقريباً بين الذكور و الإناث . فرق كبير مثل هذا ، بالتأكيد لم يأتِ من فراغ ، بل له أسبابه التي تجعل الأنثى بصورة عامة، أكثر ميلاً للإعتقاد و الإيمان بدين ما ، و أكثر ميلاً و اعتقاداً بوجود خالق يسير الكون، و قد يبدو هذا الأمر غريباً، خاصة و نحن نعلم أن الأديان أتاحت من الحقوق و حرية التصرف للذكور ما لم تتحه للإناث، فالأنثى في معظم الأديان إن لم يكن كلها، مضطهدة مقموعة . و رغم عدم وجود دراسات رسمية توضح بشكل قاطع أو بدرجة كبيرة، أسباب هذا التفاوت ، فسأحاول هنا ، باختصار و باجتهاد شخصي ، البحث في هذا الموضوع . و حسب رأيي فإن تفسير هذه الظاهرة يقع ضمن الأربع نقاط التالية : 1- الأبوية : نفسياً ،يمثل الأب ، بالنسبة لأبنائه، مصدراً للأمان و الحماية و في نفس الوقت يمثل مصدر العقاب ، إن هذه النظرة النفسية التي ذكرها فرويد في كتابه (الطوطم و التابو) تبدو إلى حد بعيد صحيحة ، فالأب هو الحامي و هو المعاقب في نفس الوقت. لكن و لما كان الأب البشري ذو قدرات محدودة قياساً إلى الطبيعة، و غير قادر على حماية أبنائه في العديد من الظروف و المواقف ، فقد ابتدع الإنسان أباً أكبر و أقوى من الطبيعة، و افترض أنه الخالق و المسير للكون ، حتى يحس بالأمان في وجود هذا الأب الكبير، و الذي أيضاً إضافة إلى دوره في الحماية، يمارس دور العقاب ضد أبنائه (مخلوقاته) إذا خرجوا عن طاعته . يميل الإنسان مع تقدمه من مرحلة الطفولة الضعيفة إلى مرحلة الشباب القوي، إلى ممارسة دوره باستقلالية بعيداً عن السلطة الأبوية ، حيث يبدأ شعور الكيان الفردي المستقل بالتبلور شيئاً فشيئاً، و معه تبدأ نزعة التمرد و عدم الحاجة إلى الحماية الأبوية و عدم تقبل العقاب. لأسباب لن نخوض فيها الآن ، نزعة التمرد عند الذكور تفوق تلك الموجودة عند الإناث تجاه الأب ، و يمكن ملاحظة ذلك بسهولة في حياتنا اليومية ، فالأنثى تبقى محتفظة برزابط عائلية أبوية حتى و لو تعرضت لسوء المعاملة . يمكن إسقاط ذلك ببساطة على علاقة الإنسان بالإله (المفترض) و الذي كما ذكرنا، ليس سوى أب كبير يمتلك من القدرات و السلطة ما يفوق الأب البيولوجي و ما يفوق الطبيعة برمتها ، و كما أن الذكور أكثر تمرداً على الأب البيولوجي مقارنةَ بالإناث ، فهم أيضاً أكثر ميلاً للتمرد على الأب (الأكبر) .
2- المازوخية : كنت قد ذكرت في مقدمة المقال، أنه قد يبدو غريباً أن تميل الإنثى للدين أكثر من الذكر، رغم أن الأديان قد اضطهدتها و احتقرتها و وضعتها في مكانة أدنى ، البديهي أن ترفض الإناث الدين أكثر من الذكور . السؤال الذي يطرح نفسه هنا : هل تستمتع الأنثى باضطهاد الدين لها ؟؟ هناك اتجاه كبير في علم النفس يميل لإعتبار الأنثى أكثر عرضة للمازوخية بينما يميل الذكر للسادية ، فرويد قالها منذ مئة عام : المازوخية صفة أنثوية. هناك العديد من علماء النفس من قام بتجارب و استدل بملاحظات و ممارسات ، ربما تبدو عادية (مثل ممارسة الجنس) ، لكنها عند التحليل النفسي ستبدو ممارسات مازوخية ، تميل نحو الإستمتاع بالألم و الإهانة و الإضطهاد، و استدلوا على ذلك باستمتاعها بالجنس العنيف ، و الولادة، و تحمل أعباء الأسرة ، و تقبلها لمشاكل شريكها و انفعالاته. و معظم هذه الدراسات توصلت إلى أن المرأة تحمل في داخلها من المازوخية أضعاف الرجل ، رغم وجود أبحاث أخرى تفند هذا الإدعاء ، و تعتبره ناقصاً و خدَاعاً ، خصوصاً من تلك المؤسسات المهتمة بحقوق المرأة و ما إلى ذلك .
3- نزعة المخاطرة : كثير من الدراسات الإقتصادية و الإجتماعية تربط بين الميل إلى المخاطرة و المغامرة بالجنس، فقد وضحت هذه الدراسات ميل الرجل الغريزي لممارسة دور المخاطر أكثر من المرأة ، سواءاً بممارسة هوايات خطيرة أو تلك المتعلقة بالمخاطر الإقتصادية، في حين تميل المرأة إلى التحفظ الإقتصادي و ممارسة النشاطات الهادئة. ما علاقة نزعة المخاطرة بالدين ؟؟ إن ما يحمله الدين في طياته من وعود بالثواب و العقاب ، يجعله أشبه بعملية مخاطرة مؤجلة . أو ما يمكن أن نسميه (رهان باسكال) : إذا آمنت قد أكسب السعادة الأبدية ، لكن إذا لم يكن إيماني صحيحاً فلن أخسر أي شيء ، في المقابل لو كفرت (دينياً) قد أعاني العقاب الأبدي و في أحسن الظروف لن أكسب أي شيء . الأمر أصبح يشبه رهاناً آمناً من طرف واحد ، هنا ستميل عقلية المرأة إلى التحفظ و اختيار المسلك الآمن (الدين) أكثر من المخاطرة بفقدان كل شيء و التعرض للعقاب الأبدي (المحتمل) حسب هذا الرهان الذي لم نخوض في تفنيده في هذا المقال .
4- الضغوط الإجتماعية و القانونية في المجتمعات المحافظة، و خصوصاً المجتمعات المسلمة و الهندوسية و بعض المجتمعات المسيحية (مثل الدول العربية) ، سيبدو من الصعب اجتماعياً أن تمتلك المرأة المضطهدة بفعل المجتمع ، القدرة على إنكار الدين المكتسب بفعل الوراثة، بما قد تتعرض له من مشاكل و اضطهاد إضافي يصل حد القتل أو الإيذاء العنيف ، الحرمان من الأطفال ، خاصة مع وجود قوانين تقف بشكل فاضح و مقرف ضد إمكانية تغيير الشخص لدينه أو تركه كلياً . و رغم اعترافنا بأن هذه المشاكل ستصيب الذكور و الإناث ، إلا أن قدرة الرجل على التكيف معها في ظل هذه المجتمعات أكبر من قدرة المرأة ، و هنا تميل المرأة (لا شعورياً) إلى نبذ كل ما يمكن أن يعكر صفو حياتها (المعكرة أصلاً) و ستكتفي بالقدر الأقل من الضرر و الحرمان الذي تكيفت عليه مع مرور الوقت.
#محمود_جرادات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحضارة الإسلامية : الميت لا يعود إلى الحياة
-
التحرش الجماعي بين الكبت الجنسي و علم النفس
-
الكبت الجنسي في خدمة العنف الديني
-
خروجاً من الدفاع السلبي
-
المتمرد : قراءة في متاهة كامو الخالدة
-
الإسلام و العلمانية : خرافة التوافق
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|