تشظي أم تجديد ؟ في ضوء مقالة الدكتور كاظم حبيب

دانا جلال

الحوار المتمدن-العدد: 1283 - 2005 / 8 / 11 - 11:44
المحور: القضية الكردية
    

في دراسة التاريخ الإنساني تتراجع البدائل ومساراتها التي كانت مطروحة حينها ليصبح الخيار الذي صنع التاريخ بعد ان فرض نفسه مادة للبحث والتحليل ، ولا يقتصر تأثير الخيار المنتصر على شكل تطور الحدث ونتائجه اللاحقة بل يتعداه إلى استحالة وضع فرضيات البدائل التي كانت مطروحة وتأثيراتها حال نجاحها ، لذا نجد ان البدء ب( لو ) الافتراضية في دراسة التاريخ تصبح غير منطقية بالرغم من ضرورتها لوضع القوانين العلمية لمادية التاريخ .
ويعتبر ( لو ) الافتراضية في تأريخ الثورة الروسية 1917 الأكثر جدلا على الصعيد العالمي وخاصة بعد انهيار المعسكر الذي ما كان اشتراكيا ألا بهذا القدر أو ذاك .
( فلو لم يكتشف لينن مفهوم الحلقة الأضعف في سلسلة النظام الرأسمالي ومن ثم تضخيمه للعامل الذاتي للقيام بالثورة الاشتراكية وترك الأمور لبليخانوف في انتظاره التاريخي لحين نضوج الظروف الموضوعية للثورة ، فهل كانت الأحداث ستأخذ منحى مغايرا، لا على صعيد روسيا القيصرية آنذاك ، بل على الصعيد العالمي أسلوبا للإنتاج وتاريخا للأيديولوجيا ؟.
وعلى صعيد التاريخ الثوري لليسار العراقي وبالذات الحزب الشيوعي العراقي ( حشع ) فأن وضع خيارات أل (لو ) المتعلقة بالتعامل مع المسألة الكوردية تتراجع لقدرة الحزب على تعامله الصائب تجاه قضية الشعب الكوردي العادلة ، ويمكن اعتبار طروحات الشهيد جمال الحيدري ( 1925-1963 ) بوضع صيغة جديدة للعمل التنظيمي للشيوعيين الكوردستانيين من خلال إنشاء الفرع الكوردي للحزب والذي تطور لاحقا إلى ( مكتب إقليم كوردستان / ملك ) ومن ثم الحزب الشيوعي الكوردستاني ( حشك ) تطبيقا خلاقا لمفهوم ( التحليل العيني للوضع العيني ).
لقد إدراك الحزب الشيوعي العراقي جوهر الخصوصية الكوردستانية والمتمثلة بمصادرة ابسط الحقوق القومية وما ينتج عنها من ضرورة قيام الشيوعيين الكورد ستانيين بمزج نضالهم القومي و الطبقي في جدلية العام والخاص ، والذي لابد ان ينسحب على خصوصية وضع الكورد خارج الاقليم الكوردستاني ضمن العام قوميا.
وهنا يبرز السؤال الذي يعتبر بحد ذاته إجابة مباشرة لسؤال طرحة صديق شعبنا الكوردي الدكتور كاظم حبيب في مقالته (لكي لا تتشظى وحدتكم ولكي لا تخسروا قضيتكم .. الكرد الفيلية ) . فمن منطلق الحرص على وحدة القوى الديموقراطية بما فيها الحركة التحررية القومية الكوردية ،يسلط الدكتور الضوء على مدى مشروعيه الحزب الكوردي الفيلي ، والذي نعتبره شكلا جديد للتنظيم يجمع الكورد خارج الاقليم الفيدرالي مع الاعتراف بإشكالية الاسم الذي تم تجاوزه عمليا في النظام الداخلي للحزب الكوردي الفيلي العراقي ، حيث يؤكد الحزب في المبادىْ على :-
1- يقوم الحزب على أساس قومي جغرافي، وطني، ليبرالي ، ديموقراطي ، ويضم جميع الكورد الذين يعيشون خارج إقليم كوردستان العراق.
ان السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو ( هل ان الخصوصية الجغرافية الذي يعيشه الكورد خارج الأقاليم الفيدرالي وما ينتج عنه من اختلاف في المطالب الآنية والمستقبلية إضافة إلى التباين في مستوى التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والمزاج الجماهيري وطبيعة الأحزاب الموجودة ليست بكافية لإيجاد صيغ جديدة للعمل السياسي في تلك المناطق وخاصة بعد ظهور المد الديني في مناطق الوسط والجنوب العراقي ؟ .
ان سقوط الصنم وتطور الأحداث ونشوء ظروف موضوعية جديدة قد مهد الطريق لخطاب سياسي كوردي جديد تأخر إعلانه بغية يجاد صيغ خلاقة للعمل التنظيمي تضمن وحدة الشعب الكوردي من جهة ويتلائم مع خصوصية الكورد خارج الإقليم ومطا ليبهم القومية والوطنية . ولكن غياب أية مبادرة جعل من الكورد خارج الإقليم يعملون وضمن تحليلهم العيني لوضع عيني جديد إلى إنشاء أحزاب قومية ديموقراطية تمارس نشاطها في المركز الوطني والطرف الكوردستاني لتضع بدايات مرحلة جديدة في الفكر السياسي الكوردي لا على صعيد كوردستان الجنوبية فحسب بل لتكون بداية مرحلة جديدة تتعامل مع تحولات المركز والهامش كوردستانيا ووطنيا .
الجزء الثاني ( الهامش والمركز .. حركية الموقع جغرافيا وسياسيا )

#دانا_جلال (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات