أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد ابداح - الملابس الْمُستعارة لا تُدْفئ















المزيد.....

الملابس الْمُستعارة لا تُدْفئ


محمد ابداح

الحوار المتمدن-العدد: 4544 - 2014 / 8 / 15 - 00:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الملابس الْمُستعارة لا تُدْفئ
تعد الأزمة الصومالية من أعقد القضايا السياسية في القرن الأفريقي، فمنذ سقوط نظام محمد سياد بري، عام 1991 ‏م، تصاعدت الدراما السياسية الدامية في الصومال، فلا يمكن تصور اندلاع الحروب الأهلية فيها مصادفة ، بل نتيجة سيناريوهات أحكمت فصولها ، ففي الوقت الذي سقطت فيه ‏حكومة مقديشو عام 1991‏م فإن الرئيس الإثيوبي آنذاك (منغستو هيلا) أعلن أنه حقق للأمة الإثيوبية ما لم يحققه أي رئيس إثيوبي من قبل، وهو إغراق الصومال بحرب أهلية( )، والأمر ليس بعيداً عما يحدث في اليمن وسوريا وليبيا ولبنان، لكن الفرق يتجلى في أشكال الأيدي الخفية وأهدافها ووسائلها، فما يحدث في الصومال يعيد للأذهان نظرية المؤامرة، فقد أدت النزاعات الداخلية المدعومة أمريكياً وغربياً، لإسقاط كافة محاولات تجنب النزاعات الأهلية المسلحة في الصومال، منذ عام 1977م وحتى اليوم، وثمة عامل آخر أشد خطورة على الصومال وكافة الدول العربية، وهو تدعيش صورة الإسلام( )، وعليه فإن ما يجري في الصومال وفي العالم العربي والإسلامي من كارثة الشرق الأوسط الجديد، يعود للفتن المدفوعة الأجر بإسم الدين.
فمنذ أن سيطر اللواء محمد سياد بري على مقاليد الحكم عام 1969‏م، باشر بفرض الماركسية، والتي قوبلت برفض شعبي، فلجأ النظام العسكري للقوة العسكرية المفرطة، وأعدمت قوات الأمن الصومالي عام 1971‏م العديد من العلماء الصوماليين البارزين ، فكانت النتيجة إسقاط النظام.
وبعد فمن ذا الذي يملك مفتاح حل الأزمة الصومالية العويصة ، إن المشكلة الصومالية ليست كما يتصورها بعض المحللين السياسيين من أنها مجرد صراع قبلي ، فالقضية أكبر من ذلك، وثمة عوامل داخلية وخارجية، فالسياسات المتخبطة، للحكام المتعاقبين في الصومال، أدت في مجملها إلى انهيار الاقتصاد الوطني ، وتعميق النعرات القبلية، وخاصة ما بعد 1977 ‏م، وقد اعتمدت تلك الحكومات الحلول الأمنية الكارثية، والتي طالت كافة شرائح المجتمع الصومالي ، فضلاً عن أن الثوابت الأساسية التي انطلقت منها السياسة الخارجية الصومالية تجاه ‏تعاملها مع المعايير الدولية في العالم، لم تراعى المصالح الوطنية بقدر ما كانت تبحث عن مصالحها الخاصة، وشاهد ذلك، استيراد التجربة الاشتراكية، ومحاولة اسقاطها قسراً على مجتمع محافظ ، وبالوقت الذي فرضت القيادة الصومالية على شعبها تلك ‏الأفكار المستوردة، تلقت هي ذاتها، طعنة من حليفتها الاستراتيجية موسكو، حيث قطعت الأخيرة دعمها للصومال إبان حرب أوجادين( )، وبذات الوقت قدمت دعماً عسكرياً هائلاً لأثيوبيا ، وقد أثار ذلك حفيظة القيادة الصومالية آنذاك، فطوت مقديشو صفحة العلاقات الاستراتيجية مع الاتحاد السوفييتي السابق واتجهت إلى الولايات المتحدة الأمريكية بوساطة ملك السعودية، عرّاب الخليج في القرن العشرين.
ففي 12يوليو 1977‏م ، قام الرئيس الصومالي السابق محمد سياد بري ، بزيارة جدة، وبعد أقل من أسبوعين وعدت إدارة كارتر- في 26 ‏يونيو 1977‏م بتقديم دعم عسكري للصومال، بيد أن تلك الوعود قد تحولت لنفق مظلم وممل، فسلكت إدارة البيت الأبيض نفس نهج موسكو، ولم تقدم شيئاً ، فكانت المأسآة صومالية من جديد.
ومن هنا يظهر خطر الشعارات الجوفاء التي يرفعها أغلب القادة العرب، يطلقون خطب الولاء والإنتماء والعروبة، عبر وسائل الإعلام المحلية والدولية ، وليس لهم من الوطنية إلا مفرقعات الأعياد الوطنية ، وملخص القول أنه لدينا في الوطن العربي بدائل عن نموذج الثورة الفرنسية، والانتفاضات الشعبية في العالم الإسلامي ضد الاستعمار الأوروبي في بدايات القرن العشرين المنصرم، وهي المؤامرات والانقلابات العسكرية وآخرها الإنقلاب العسكري بجمهورية مصر العربية ، بقيادة (السيسي) مطلع العام 2014م، وهي بدائل كلاسيكية يلجأ إليها اللاهثون خلف المال والمناصب، وما يحدث الآن في العالم الإسلامي خير شاهد على ذلك، حيث نرى التراجع الكبير للقيادات السياسية التي رفعت في بداية عهدها الشعارات الثورية، ولكنها اليوم تمتهن العمالة، وتغلب مصالحها الشخصية ورفاهيتها على حساب شعوبها.
إن المشكلة الصومالية تزداد تعقيدا يوما بعد يوم، ولا يعرف حتى الآن من ذا الذي يملك العصا السحرية لاحتواءها، ولكن قد تأتي الرياح بما لا تشتهي بوارج السياسة الأمريكية، فجدار الفتنة الفولاذي بين القبائل الصومالية ينصهر أمام حقيقة المصير المشترك، ورغم تلك المحن التي تمر بها الصومال، لا يزال المواطن الصومالي ( العربي- للتذكير) يمارس حياته اليومية على هذه البقعة الجغرافية الساخنة ، وفي ظل غياب المؤسسات الدستورية، يشهد اقتصاد القطاع الخاص تقدماً وتطوراً عجيباً، وخاصة في مجال الاتصالات والتجارة، ويعتقد من لا يتابع مجريات الأحداث في الصومال عن قرب، أن الشعب الصومالي يعيش تحت رحمة المدافع ،ولا يعلم بأن أغلب المناطق باستثناء العاصمة) مقديشو) تنعم بالأمن ، كما تشهد الساحة الصومالية نهضة تنموية وعلمية، ولكن رغم كل ذلك فإن ما ينقص الصومال هو غياب الدولة، أي المشكلة سياسية في جوهرها، ودور المجتمع الدولي غائب تماماً وبشكل مريب.
ودليل ذلك، القضايا المشابهة للقضية الصومالية في قارة أفريقيا السمراء وغيرها نجد أنه تم احتواؤها إقليمياً ودولياً، وما حدث في البحيرات العظمى في وسط أفريقيا والحرب الأهلية في سيراليون في الفترة 1991 ‏م - 2001 ‏م، والنزاع المسلح في ليبيريا ، بالإضافة إلى الصراع العسكري بين إرتيريا وإثيوبيا عام 1998 ‏م، كل تلك القضايا الساخنة وغيرها قد تمت معالجتها واحتواؤها، ولكن المشكلة الصومالية لم تجد حتى الآن حلاً ، رغم كثرة مبادرات الحمل الكاذبة، والتي ترمي لإنهاء الأزمة الصومالية.
لقد ساهم ضعف الدور الإيجابي الفاعل للدول العربية والإسلامية حيال القضية الصومالية، في تعقيدها، ومع انهيار النظام الصومالي عام 1991م والتغيرات الجذرية في المنظومة السياسية الدولية، عقب سقوط الاتحاد السوفييتي، وتسابق دول العالم للدخول في حظيرة واشنطن طمعاً وخوفاً، عزز الهيمنة الأمريكية على العالم، فكان ذلك إيذانا بدخول مرحلة جديدة، تتجلى صورها اليوم في كل من افغانستان والعراق وسوريا واليمن ومصر وتونس وليبيا وغيرها، ومن ناحية ثانية، فقد وضع العرب القضية الصومالية في آخر جدول أعمالهم في ظل متغيرات إقليمية ودولية وثورات ومؤامرات ، جعلت الحاكم العربي في ترقب وحذر وشك دائم، أمنياً وسياسياً وعسكرياً، وغني عن ذكر تداعيات تلك الأمور على سقف الحريات العامة في الوطن العربي.
ويبدو أن عدوى النأي بالنفس على الطريقة اللبنانية تجاه الثورة السورية، شملت كافة العلاقات العربية المتبادلة، ومنها قضية تقسيم السودان، وتحديداً الجنوب السوداني، فبعد أن اتخذت القيادة السودانية قرارها القاضي بإعطاء الجنوبيين حق تقرير المصير والذي جاء في إطار اتفاقية الخرطوم للسلام عام 1996‏م، بسبب الظروف السياسية والعسكرية التي واجهت حكومة الخرطوم بدعم سافر من الولايات المتحدة الأمريكية استيقظت الدول العربية من غفلتها المزمنة، فتمزق السودان للأبد، ولن تنفع المحاولات العبثية لبعض عواصم الدول العربية المعنية بالملف السوداني، في الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية، مهما بذلت من الجهود الدبلوماسية الرامية إلى وقف الزحف الصهيوني لبلادهم، ومن غريب الأزمة السياسية العربية ، أن الدول العربية قاطبة عاجزة عن أن تعلن موقفا سياسيا واضحا تجاه ‏ما يحدث في الصومال والسودان، تماماً كما هو موقفها تجاه ما حدث في غزة، عام 2014 أثناء العدوان الصهيوني الدموي على أهل غزة.
وهذا الضعف العربي أدى لانفراد الدول الأفريقية بملف الصومال مما أجج الصراع فيها، وحيث أن الدول العربية عموماً، تعاني من مشاكل سياسية واقتصادية وأمنية مزمنة، فلن تستطيع أن تلتفت ولو بطرف عينها إلى الأزمة الصومالية، ناهيك عن حلها!.
ومع كل هذا وذاك فإن دول غرب أفريقيا قد استطاعت أن تحل العديد من مشاكلها الداخلية، فقط لتوفر الإرادة السياسية الجادة لذلك، فقد تم حل الخلاف بين سيراليون وليبيريا، ومشكلة البحيرات العظمى في روندا والكونغو الديمقراطية (زائير)، بالإضافة إلى ذلك فإن منظمة الوحدة الأفريقية استطاعت نزع فتيل الأزمة العسكرية بين أسمرا، وأديس أبابا عام 1998‏م، حيث وقع البلدان اتفاقية وقف إطلاق النار في الجزائر، ولكن لاعزاء للصومال، ومن المؤكد إن القيادات السياسية العربية الحالية، قد تلقت العديد من الحقن الشرجية السياسية في عواصم صنع القرار الدولي، كواشطن ولندن وباريس وغيرها، ومثال ذلك قادة العراق الجدد عقب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003م، تلك المجموعة السياسية من القادة العرب الحاليين ، لا شك أنها تحمل سياسات ليست في صالح الشعوب العربية، بل وليست في صالحها ايضاً.
‏كما أن الدور التاريخي المشبوه للولايات المتحدة الأمريكية في كافة مراحل الأزمة الصومالية كان ذو طبيعة مزدوجة منذ شرارتها الأولى، ففي بداية انهيار الحكومة المركزية في الصومال كانت عناصر مخابراتها تنسق مع المعارضة الصومالية المسلحة والدول المعادية المجاورة للصومال للتخلص من نظام محمد بري بغية القضاء على الأنظمة التي صادقت الدب الروسي ، وبعد انهيار الحكومة المركزية الصومالية عام 1991‏م، حاولت الولايات المتحدة الأمريكية بكل صدق تعقيد الأزمة الصومالية ، وليس احتواؤها كما تفعل الآن في كل من أفغانستان، والعراق، وفلسطين، وتحقيقاً لهذا الغرض لجأت واشنطن، بأدواتها الدولية كالأمم المتحدة، لإصدار قرار دولي يسمح لها بنزهة عسكرية عام 1993م، في الصومال، دعتها زوراً وبهتاناً ( حملة الأمل)، والتي بدأتها بقصف جوي عشوائي للأحياء الشعبية في العاصمة مقديشو ، فقتلت الآلاف من المدنيين الأبرياء فسقطوا ضحية حملة الأمل تلك، والتي أوهمت بها أمريكا الشعب الصومالي بنيتها تخليصهم من الأزمة الشاملة، وقد منيت نخبة الجيش الأمريكي في الصومال بخسائر فادحة نتيجة تلك المغامرة العسكرية، فجعلتها تخرج ذليلة خالية الوفاض.



#محمد_ابداح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أعلم ولا أدري !
- العقل العربي
- الخلافة الراشدة
- فقه النزاعات الطائفية العربية
- الحدود العربية جغرافية أم فكرية !
- أنتِ فايروس !
- أخبروني حين أحببتكِ
- أرجوحة القمر
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحقوق المبتورة/ الجزء الرابع
- فك النحس وعدم التوفيق
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحقوق المبتورة/ الجزء الثالث
- دعيني
- قرية بيت دجن الفلسطينية
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحقوق المبتورة/ الجزء الأول
- قرية لفتا الفلسطينية
- دعوها فإنها مأمورة !
- الأشياء الخفية
- سقوط إسرائيل
- النفط العراقي من كردستان العراق لإسرائيل وأمريكا !
- عقود النكاح في الجاهلية


المزيد.....




- القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل- ...
- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد ابداح - الملابس الْمُستعارة لا تُدْفئ