أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - في وداع أليسار إرم














المزيد.....

في وداع أليسار إرم


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 4542 - 2014 / 8 / 13 - 20:47
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


توفيت في 29 تموز أليسار إرم، الفنانة والشاعرة والكاتبة السورية المقيمة في ويلز بالمملكة المتحدة.
أليسار المتحدرة من دمشق كانت تعيش بكل معنى الكلمة في عالم من الفن والموسيقا والكلمات. معرفتها بالموسيقا الكلاسيكية لا تضاهى، وبالشعر الانكليزي، وبتاريخ الفن الإسلامي، وبالأساطير اليونانية والعربية. ولها عن الأساطيرالعربية كتاب منشور بالانكليزية، اللغة التي تكتب بها بتمكن بالغ، شعرا ونصوصا نثرية مميزة.
أليسار التي عاشت مستقلة ووحيدة في بيت على البحر في ويلز تعيش ما تفكر وتكتب. سمت نفسها أليسار على اسم ملكة قرطاج الفينيقية، وتكنت بلقب إرم، تينا بإرم ذات العماد التي ورد ذكرها في القرآن.
عاشت وحيدة؟ لا، كان لأليسار أصدقاء كثيرون. جارها البحر أولهم. مفكرون وفنانون وشخصيات أسطورية مثل كانط وغوخ وبروميثيوس وسيزيف وبياتريس دانتي. ويشرفني أني كنت أحد هؤلاء الأصدقاء الذين اهتمت أليسار بأمرهم وعملهم دون سابق معرفة. كانت تقرأ ما أكتب وتعلق عليه، وبإيقاع تصعب مجاراته.
صديقها أيضا هو البوم (الذي سميُته نسمى)، وقد أوكلته بأمر حمايتي حين كنت في سورية. ويبدو أنه لم يقصر.
كان أليسار تتدبر أمر أن يبقى وقتها ممتلئا دوما. تكتب شعرا، ومقالات، وتشكل أشياء من السيراميك، وترسم. ألوانها زاهية وقوية، مع حضور كبير للأزرق في أعمالها.
كان أكثر ما يثير غضبها تقريرات رعناء عن التاريخ والثقافة والدين يرسلها جزافا متوترون كارهون. لم تكن متعصبة لشيء، لكن ضيق الأفق والجهل كانا يثيران حنقها.
تابعت أليسار الثورة منذ البداية، وكتبت على مدونتها وصفحتها على فيسبوك نصوصا ومتابعات صدرت عن روح بالغة الصفاء. ولعل أكثر ما أوجع قلبها مصير التراث العمراني الإسلامي وقبل الإسلامي الذي كانت على معرفة ممتازة به. وعن هذا التراث في حلب نشرت الجمهورية نصا وحيدا لها http://therepublicgs.net/?s=%D8%A3%D9%84%D9%8A%D8%B3%D8%A7%D8%B1+%D8%A5%D8%B1%D9%85&submit.x=4&submit.y=8.
كان آخر ما نشرته على مدونتها شيئا عن حلب أيضا. قالت إن قصف قوات النظام للمدينة بصواريخ سكود والبراميل المتفجرة قد ألحق أذى بالغا بالتراث العمراني للمدينة، وإن لتبادل القصف بين قوات المعارضة وقوات النظام قد تسبب بأذى إضافي.
وكأنما كانت تشعر بقرب رحيلها، قبل وفاتها بخمسة أيام كتبت على صفحتها على فيسبوك ما يشبه وصية بغزة: مهما يكن ما يقع لنا، حتى ونحن نستلقي محتضرين، حتى والعالم كله قد تخلى عنا، حتى وآلامنا الرهيبة تغمرنا، حتى وسورية يجري تحطيمها وردّها إلى مواد أولية، تبقى غزة مسؤوليتنا، غزة تبقى مسؤوليتنا، غزة تبقى مسؤوليتنا.
غاب عنا هذا المزيج النادر من الرومنسية والشجاعة والتكرس والخيال والحب. الملكة أليسار رحلت عن عالمنا فجأة بعد مرض قصير. رحلت كما رحل أبناء سورية طوال أربعين شهرا، وكما يرحل أطفال سورية وغزة، الذين رثتهم بقصدة جميلة بالانكليزية قبل أيام غيابها الأخير.
إن كان لي أن أنادي الأطفال
إن كان لي أن أمد روحي بين أرض تتداعى وسماء تتلألأ
إن كان لي أن أمد روحي بلطف وأزين السماء
بورود حمر وورود بيض
بطيور زرق وفراشات تتغير ألوانها
بمروج أخضرها متقدٌ
لو كان لي، لو كان لي
لناديت الأطفال
من تحت الحطام
من تحت الأنقاض
عميقا من تحت الإسمنت والفولاذ المكسّريْن
لو كان لي أن أناديهم
لينهضوا سالمين معافيين
لينهضوا، لينهضوا
ثم لأقودهم إلى سجادة الزهور
تمتد عاليا عاليا
إلى البوابات الشامخة لمدينة النور
زرقاء هنا، ذهبية هناك
فضية من أعلى، لازوردية متموجة من أدنى
وملتمعة من اليمين
لو كان لي، لو كان لي
أن أسمع، وأنا أصغي، الضحكات الطفلية
ترن في أرجاء مدينة النور
من النجمة البارقة إلى البركة المتلامعة
من القمر الكهرماني إلى البرج المتلألئ
لو كان لي لو كان لي
هل كانوا سيغفرون لي؟

وداعا يا جلالة الملكة. لقد كنت بحق إحدى عظيمات سورية الحزينة.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ساقان قويتان للانحطاط: تهميش العدالة وتغييب الواقع
- من أجل مفهوم لحركة تحرر وطني سورية جديدة
- تفكك الدولة السلطانية والتحرر السوري
- أخلاق مقابل لا أخلاق أم صراع بين أخلاقيات؟
- من البعث إلى داعش، عالم مشترك
- مملكة إسرائيل ومملكة الأسد في مواجهة عالميهما الثالثين
- عن المثقف والثورة
- بناء القضية السورية
- عن -هامش-، وعن -بلدنا الرهيب-/ حوار
- خلافة داعش: تبقى، على ألا تتمدد
- المنابع الإسلامية السنية للطائفية في سورية
- الخلافة، الخليفة، و-خلافو-
- ثلاثة أشكال للطائفية في المشرق
- فراس
- -تغيير المجتمع-: ثلاث تصورات وثلاث تيارات
- قضية مخطوفي دوما الأربعة ومواقف تشكيلات المعارضة السياسية
- سميرة الخليل
- القضية الأخلاقية ضد اختطاف سميرة ورزان ووائل وناظم
- حول تغطيات إعلامية غربية ل-ما يجري في سورية-
- من مثال الدولة إلى المقاومات الاجتماعية


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - في وداع أليسار إرم