أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - محمد الحمّار - هل تصبح تونس وليبيا بلدا واحدا؟















المزيد.....

هل تصبح تونس وليبيا بلدا واحدا؟


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 4542 - 2014 / 8 / 13 - 20:42
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


تعيش تونس خلال هذه الصائفة على وقع موجة هجرة ليبية مفاجئة وغير منظمة، مما تسبب يوميا ومازال يتسبب في بروز مشاكل عديدة ومتنوعة، وفي تشكل مواقف لدى الرأي العام تتراوح بين رفض الهجرة وإدانة مقترفيها وبين القبول بها كأمر مقضيّ أو التهليل لها بصفتها فرصة للنفع المادي. أمام هذا المعطى غير المألوف، يحق التساؤل: هل أنّ هجرة الليبيين إلى بلدنا أمر إيجابي أم سلبي؟ و هل هنالك مخرج أفضل من مخرج آخر لتسوية الوضع الجديد الذي انجر عنها؟ وهل بالإمكان أن يستفيد الليبيون والتونسيون على حدّ سواء من هذه الهجرة؟ ومن أيّ باب تكون الاستفادة؟

لو بدأنا بوضع الهجرة في إطارها الإقليمي والدولي سوف يتبين لنا أنّها جاءت كنتيجة حتمية لجملة من الصراعات – الداخلية في كل من تونس وليبيا – باعتبار ما اصطلح على تسميته بـ"الربيع العربي" وأيضا كنتيجة لصراعات إقليمية تشمل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وتركيا فضلا عن إيران ومنطقة الشرق الأوسط – مصر وسوريا بالخصوص- والعراق والخليج العربي.

ثم إنّ هذه الحتمية عرضة للتوجيه نحو أهداف مختلفة. وقد تكون هذه الأخيرة إيجابية كما قد تكون سلبية بالنسبة لشعب تونس أو لشعب ليبيا أو لأيّ واحد من الشعوب المعنية بالصراع العام. لكن إيجابية التوجيه أو سلبيته تتوقف على تحديد الجهة التي ستقوم بالتوجيه. ولئن ثبت إلى حدّ الآن أنّ هجرة الليبيين إلى تونس مردّها الوضع الأمني المزدري وأنّ هذا الوضع جاء كنتيجة لـ"ربيع عربي" مسطر من طرف الجهة الامبريالية المدعومة من أطراف عرّابة فإنّ هذا لا يعني أنه يستحيل على أيّ جهة ثانية غير الجهة المريدة لـ"الربيع العربي" بأن توجّه المعطيات الجديدة – مثل حدث الهجرة الليبية- نحو ما تريده هي حتى يسفر التوجيه عن مخرجات إيجابية لتونس ولليبيا ولكل العرب.

في هذا الإطار أقول الحمد لله الذي جاء الوقت الذي لم يعد من الممكن الحديث فيه عن تدخل التونسيين في الشأن الليبي وعن تدخل الليبيين في الشأن التونسي. ها نحن أمام حتمية التناول "البرغماتي"، يوميا وربما في كل ساعة، للأوضاع العاجلة والمتغيرة. وهذا ليس بجديد إلا على من لا يدرك مدى المتانة التي كانت عليها العلاقات بين شعوب منطقتنا المغاربية والعربية عبر التاريخ. لقد كانت بلدانا مثل تونس والجزائر، أو تونس وليبيا، بلدا واحدا. وها أنّ هذه الأقطار مطالبة اليوم باستبطان الشعور الوحدوي من جديد. إنّ مراجعة التاريخ المشترك ومن ثمَّ العمل حسب متطلبات العيش المشترك كفيلة بالتكفل بالبقية.

لذا أعتقد أنّ من واجب التونسيين والليبيين مباركة هجرة الليبيين إلى تونس وأية موجة مماثلة. لكن هنالك شرط لا بدّ أن يتوفر لدى كل الفاعلين في مجل قيادة الرأي: البحث عن سبل الوحدة بين الشعبين المتكاملين ومن ثَم تحيّن الفرص لضمّ الشعوب الإقليمية الأخرى إلى نفس المشروع الوحدوي هو الضمانة لمناهضة مشروع "الربيع العربي" الفوضوي. كما أني أعتقد أنّ وجود مشروع ربيع عربي حقيقي من شأنه أن يجنب السياسيين والعامة في تونس السقوط في تصوير لوحة قاتمة لموجة الهجرة الحالية، وذلك بعيون منسلخة عن الثقافة الخصوصية، فرنكوفونية كانت أم متأمركة.

على صعيد متصل، ما من شك في أنّ حسن توظيف الهجرة الليبية واستقراء عوامل الوحدة التي تخفيها عملٌ متسقٌ مع روح العصر الراهن ومتطلباته التي من أهمها إرساء نظام حكم – على غرار الديمقراطية - يتسم بأكثر عدل و مساواة بين الناس. وفي هذا السياق نلاحظ أنّ التحولات السياسية في أوروبا وأمريكا بُعيد الحرب العالمية الثانية والتي آلت إلى إرساء نظام الحكم الديمقراطي لم تمكن هذا النظام من البروز في أمريكا فقط أو في فرنسا فقط أو في ألمانيا فقط أو في إيطاليا فقط. فهذه التحولات طالت العالم الأوروأمريكي دفعة واحدة، (عدا الكتلة الأوروبية الشرقية).

بالموازاة، هل أنّ عملية مشابهة للتحول السياسي في مجتمعاتنا ستكون عملية آلية تبدأ بتونس ثم تعمّ ليبيا وسائر المغرب العربي والشرق الأوسط بما يعني أنّ هنالك نموذج تونسي سيتبعه الآخرون؟ كلا، لن يكون هنالك نموذجا تونسيا لنظام حكم جديد إلا في صورة أنه إملاء امبريالي. في المقابل، من الممكن أن يكون هنالك نموذجا تونسيا للتصور وللإرشاد ولقيادة الرأي من شأنه أن يؤول شيئا فشيئا إلى نموذج لنظام الحكم يكون مشتركا في التصور وفي التبني بين سائر البلدان المغاربية والشرق أوسطية والخليجية.

بكلام آخر، لا تونس بمفردها ولا ليبيا ولا الجزائر ولا المغرب ولا موريتانيا ولا مصر ولا السودان ولا أيّ مجتمع شرق أوسطي أو خليجي، بمفرده ودونما تفكير وتخطيط وتنسيق مع الآخرين، بقادر على أن ينجح في التحول السياسي نحو نظام أكثر عدلا ومساواة، ولا في سلك الطريق إلى التقدم العلمي والتكنولوجي وتحقيق الازدهار الاقتصادي والاجتماعي.

لنعد إلى واقع الهجرة الليبية اليومي ولنرَ ماذا بإمكان السلطة في تونس أن تفعله – عاجلا - لكي تحوّل المساوئ إلى مزايا، ولكي تتهيأ التربة للإنجازات الآجلة. في هذا السياق، وأمام توافد إخواننا الليبيين على أرضنا وأمام المضايقات والتضييق والمزايدات التي أصبحت تعاني منها فئات من الشعب التونسي جراء هذه الموجة من الهجرة غير المنظمة، نطالب حكومة المهدي جمعة بأن تتخذ إجراءات عاجلة لحماية التونسيين والليبيين، من بينها نذكر:

الرقابة المشددة على أسعار المواد الغذائية مع إعطاء الأولوية للتونسيين.
تنظيم قطاع تأجير الشقق والبيوت مع تغليب منطق الأولوية للتونسيين على منطق قانون العرض والطلب.
منع بيع الشقق والبيوت وسائر العقارات إلى الليبيين إلى حين تقنين عمليات البيع والشراء حسب مقتضيات العيش المشترك بين الشعبين الاثنين.
تخصيص الفنادق السياحية لإيواء المهاجرين الليبيين بمقابل يحدد بالاتفاق بين الحكومة وأصحاب الفنادق
إدماج الشباب المدرسي الليبي طبقا لخطة محكمة تشترك في إعدادها جميع الأطراف المعنية.
الضرب بشدة على أيدي المتلاعبين بالذوق العام وبالأخلاق العامة من تونسيين وتونسيات وليبيين وليبيات ممن تسوّل لهم أنفسهم تجاوز الحرية الفردية لدوس الحرية العامة إن بالعربدة والتسكع أم بممارسة الفواحش و الرذيلة في الأماكن العمومية والمناطق السكانية.
إحداث ضريبة مالية تدفع شهريا أو ثلاثيا من طرف كل فرد ليبي أو عائلة ليبية بعنوان الإذن بالهجرة مقابل خدمات تسديها الدولة التونسية للمهاجرين على غرار الإدماج المدرسي والعناية الصحية والانتفاع بالدعم على المواد الأساسية وسائر المرافق العامة التي يتمتع به التونسيون.

بالنهاية وفي انتظار تصحيح النظرة إلى الهجرة عموما وإلى هجرة الجيران الليبيين على الأخص، نرجو من الله العلي القدير أن يعين شعوبنا على تهدئة المناخ المتوتر تارة والمضطرب طورا والكارثي أحيانا الذي يسود منطقة المغرب العربي والشرق الأوسط، وأن يهدي الجميع إلى الانخراط في مشروع الوحدة والتحرر الأكبر.



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تكون اللغة أفضل من الناطقين بها
- في الاختلاف الإسلامي المسيحي ومستقبل العالم
- في الرد على طرح سامي ذويب: حتى نتطور مع إتباع ملتنا
- إعادة تأسيس اليسار التونسي؟
- اليهود يحجون إلى تونس والتونسيون يدفعون الضريبة
- لو نعيش يوما واحدا بلا عقلية المؤامرة
- إذا التقى الانحراف العقائدي مع الانحراف اللغوي!
- قطار تونس يسير على جانب واحد من السكة
- تونس: الميزانية الاشتراكية البديلة في ميزان الشخصية الوطنية
- أليس من الحتمي أن تكون لتونس روابط ثورجية؟
- هل الإسلام السياسي مؤهل للتكيف مع العصر؟
- الإسلام والديمقراطية في مفترق الطرقات
- النموذج التونسي و التضييق على حرية التعبير والصحافة
- تونس: الفصل 38 أم الزنزانة رقم 38؟
- التديّن بالإسلام بين الحقيقة والأوهام
- ما قيمة نموذج تركي أمام قرآن عربي؟
- هل يجيب القرآن عن سؤال -لماذا اللغة هامة؟-
- النمذجة كوسيلة ابستمولوجية لإدارة الأزمة في تونس
- حتى يكون مهدي تونس منتظرا
- في انتظار عثور تونس على حكومة


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - محمد الحمّار - هل تصبح تونس وليبيا بلدا واحدا؟